د. أيمن الرقب
د. أيمن الرقب


قضية ورأى

تبريد الجبهة اللبنانية

الأخبار

السبت، 30 نوفمبر 2024 - 07:52 م

بتجاربنا خلال سنوات من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلى والممتدة منذ أكثر من ستة وسبعين عاما، كان الاحتلال لا يذهب لطلب هدنة أو وقف لإطلاق النار فى أى جبهة إلا إذا تألم، وهذا ما شهدناه عشية انتصار الجيش المصرى على الاحتلال الإسرائيلى عام 1973م والتى تعامل حينها الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات بحكمة وذكاء وأنهى الحرب منتصرا فى توقيت خاطف وسريع.

الاحتلال الإسرائيلى الذى يخوض حربه الأطول على جبهتى غزة ولبنان رأى أن جبهة لبنان هذه المرة أصعب منها عام 2006م، فى حين جبهة غزة بالطبع أضعف وثبت الاحتلال أقدامه فى عدة مناطق من قطاع غزة دون وضع رؤية لليوم التالى لوقف الحرب على غزة، ولأنه ينفذ خطة متدرجة فى قطاع غزة وليس فى عجلة من أمره لا يعير خسائر جبهة غزة اهتماما كبيرا ويتماشى مع عاملين مؤثرين فى المشهد فى قطاع غزة أهمهما هو الرؤية السياسية لحكومة اليمين داخل دولة الاحتلال والتى ترغب فى استمرار الحرب لغايات فى نفس بنيامين نتنياهو، أما العامل الآخر فهو وجود الأسرى الإسرائيليين فى أنفاق قطاع غزة وأى استعجال فى احتلال قطاع غزة بشكل كامل قد يلقى هؤلاء الأسرى حتفهم حيث قتل منهم العديد خلال الحرب على غزة كان آخرها إحدى الأسيرات الإسرائيليات فى معارك شمال غزة.

أما فى الجبهة اللبنانية ورغم تلقى حزب الله ضربات قاسية مست بشكل كبير جناحيه السياسى والعسكرى إلا أن حزب الله تعافى بشكل سريع ووجه ضربات موجعة ضد الاحتلال ووصلت صواريخ الحزب والمقاومة إلى قلب عاصمة الاحتلال الإسرائيلى تل ابيب، كما أنه يخوض حربا برية منذ أكثر من شهرين دون تحقيق أى تموضع داخل لبنان ليفرض شروطه على حزب الله.

هذه دوافع موضوعية للوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن نتنياهو فى كلمته عشية الموافقة على المشروع الأمريكى لوقف الحرب فى لبنان أشار إلى ثلاثة دوافع دفعته للقبول بهذا المشروع هى التفرغ للحرب مع إيران، وإراحة جنوده وإعادة ترتيب صفوفهم وملء مخازن الجيش التى اقتربت من النضوب، ولتحميل مشهد موافقته على تبريد جبهة لبنان، قال الأهم هو فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة وأصبحت حركة حماس لوحدها فى هذه الحرب.

وحقيقة ما حدث هو ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطا بجانب توافر الرغبة لدى الاحتلال الإسرائيلى بتبريد جبهة لبنان بعد الفشل العسكرى الميدانى فى الاجتياح، الولايات المتحدة الأمريكية علقت إرسال الذخائر للاحتلال للضغط عليه للقبول بهذا الاتفاق قبل مغادرة الديموقراطيين البيت الأبيض، وهذا ما أشار به نتنياهو دون خجل عشية الإعلان عن قبول قرار وقف الحرب على لبنان، وأشار بعد ذلك بأن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب وعده بعدم إعاقة إرسال أى أسلحة أو ذخيرة فيما بعد.

الهدوء على جبهة لبنان رغم تهديد نتنياهو قد يكون دافعا مهما للرئيس جو بايدن لينهى فترته الانتقالية بإنهاء الحرب على غزة أو الوصول لهدنة بعد أن أصبح يدرك الآلية التى بمقدوره استخدامها ضد حكومة اليمين فى تل أبيب وتردد فى استخدامها من قبل، حيث إن رسائل وصلت لتل أبيب بأن إدارة جو بايدن قد تمرر قرارا فى مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطين خلال الأيام القادمة وما يوقف هذا التوجه هو القبول بهدنة لو مجتزئة لوقف الحرب على غزة، أو إنهاء الحرب والاستعداد لمشروع سياسى قادم سيقوده الرئيس المنتخب دونالد ترامب ويؤسس له القواعد الرئيس الحالى جو بايدن، وأتوقع أن ما يدور فى كواليس السياسة العربية والدولية هو التأسيس لوقف الحرب وطرح مشروع سياسى يهدئ الجبهة الفلسطينية لسنوات قادمة حتى لو كانت هدنة طويلة بين الشعب الفلسطينى والاحتلال الإسرائيلى يكون مركزها الأساسى هدنة فى قطاع غزة، وأتوقع أن نهايات هذا العام ومطلع العام القادم يحمل بشريات جيدة للمنطقة بإذن الله.
 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 

 

 

 

 

 

مشاركة