جمال حسين
جمال حسين


يوميات الأخبار

مغامرة فى غرفة الإعدام !!

جمال حسين

السبت، 30 نوفمبر 2024 - 08:40 م

اقتادنى «عشماوى» إلى طبلية الإعدام وأدخل رقبتى فى حبل المشنقة، وهنا أُصِبت بالرعب وطلبت من زميلى المصور مراقبة «المقصلة» لأن شدها يُطير الرقاب !!

عائلات اختفت !!

«أوقفوا الجنازة وانتظروا قليلا حتى تدفنوا ابنتى مع اشقائها الثلاثة فهى الآن فى النزع الأخير».. هكذا صرخت أم فلسطينية فى المشيعين بعد قصف الطائرات الاسرائيلية لمنزلها فى الجليل وقتل كل أفراد أسرتها !!

ورغم أن هذا المشهد الذى نقلته شاشات التليفزيون كان مؤثرا للغاية فإنه تكرر كثيرا، فالإحصائيات الرسمية تؤكد أن ١٤١٠ أسر فلسطينية اختفت من الوجود وتم مسحها من السجل المدنى بعد قتل كامل أفرادها وأن ١٣٦٤ أسرة قتل جميع أفرادها عدا فرد واحد، وأن ٣٧٤٢ أسرة قتل جميع أفرادها عدا فردين.. هذا هو الحصاد المر لأكثر من ٧١٦٠ مجزرة ارتكبتها إسرائيل فى قطاع غزة خلال ٤٠٠ يوم من حرب الإبادة البشرية وسط صمت عالمى مريب وانحياز أمريكى أوروبى سافر.. ١٥٥ الف طن من المتفجرات القاها الجيش الإسرائيلى فوق رءوس المدنيين اسفرت عن ٤٥ الف شهيد و١٤٠ الف مصاب إضافة الى ١٣٠ مجزرة فى جنوب لبنان نتج عنها ٤ آلاف شهيد و١٦ ألف مصاب.. دمار شامل فى البنية التحتية يحتاج الى ٥٠ مليار دولار لإعادة الاعمار.. الأمم المتحدة أكدت أن القصف خلف ٥٠ مليون طن من الأنقاض قد يستغرق رفعها ١٥ عاما.

ورغم أن إسرائيل تتعمد التعتيم على خسائرها البشرية فإن الواقع يؤكد أن خسائرها البشرية جسيمة وهو ما تسبب فى انفجار الداخل الاسرائيلى واندلاع المظاهرات ضد نتنياهو.

والسؤال الان: هل يكون وقف اطلاق النار فى لبنان حافزا لوقف اطلاق النار فى غزة؟ أتمنى ذلك..

الواقع يقول إن إسرائيل لم تحقق أهدافها فى غزة ولا فى لبنان فلا هى حققت نصرا ساحقا ولا هى قضت على حماس وحزب الله.. أيضا لا حماس ولا حزب الله ألحقا بتل أبيب هزيمة نكراء تعيد ترتيب موازين الأمور، والنتيجة العادلة حتى الان -كما يقولون فى مباريات كرة القدم- تعادل بطعم الهزيمة لكل الأطراف، فالجميع خاسرون.

وجهًا لوجه مع عشماوى !!

تستهوينى المغامرات الصحفية منذ خطواتى الأولى فى بلاط صاحبة الجلالة.. اقتحمت مملكة المتسولين لمدة يومين بعد أن حوَّلتنى أنامل الماكيير السينمائى الشهير محمد عشوب إلى سبعينى مشوه الوجه بماء النار رغم أن عمرى فى ذلك الوقت لم يكن يتجاوز الخامسة والعشرين.. اقتحمت برفقة صديقى العزيز الكاتب الصحفى محمد البهنساوى أوكار الارهابيين فى بطن الجبل وداخل مزارع القصب بمحافظة المنيا رغم معارضة الكاتب الصحفى الكبير محمد حسن البنا رئيس تحرير الاخبار وقتها للفكرة خوفا على حياتنا وكنا هدفا لرصاص الإرهابيين لكن مدرعة الشرطة التى كنا نستقلها صدت طلقات الإرهابيين..
لكن المغامرة التى لن أنساها وأصابتنى بالرعب كانت دخولى حجرة الإعدام ووقوفى وجهًا لوجه مع عشماوى فوق طبلية الإعدام.. طالبته بأن يجسد علىَّ كل خطوات الإعدام عدا الخطوة الأخيرة وهى خطوة شد المقصلة التى تطير معها الرقاب !!

فى البداية عرضت الامر على عشماوى الذى طلب منى موافقة كتابية من وزارة الداخلية وبالفعل وافقت إدارة الإعلام والعلاقات وأرسلت الموافقة الى مساعد الوزير لقطاع السجون وتحدد موعد اللقاء داخل سجن الاستئناف المعروف باسم «سجن الإعدام» وهو اقدم السجون المصرية على الإطلاق حيث تم بناؤه عام ١٩٠١.. صباح اليوم الموعود توجهت الى السجن وأصبحت وجها لوجه مع عشماوى الشهير بـ «حسين قرنى» ذلك الرجل الضخم ذو الملامح القاسية والقلب الطيب.. رغم أنه عاش ٢١ عاما فى حجرة الإعدام وشنق بيديه ١٠٧٠ سجينا ليدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكثر من نفذ أحكاما بالإعدام على مستوى العالم.

فى البداية أجريت حوارا مطولا معه أكد خلاله أنه نفذ ١٠٧٠ حكما بالإعدام داخل ١٣ سجنا يوجد بها حجرة إعدام على مستوى الجمهورية.
قال انه أعدم الكثير من الإرهابيين منهم عادل حبارة الذى اغتال جنودنا فى رفح لحظة انطلاق مدفع الإفطار وشنق المتهمين فى حادث الفنية العسكرية وتفجيرات المتحف وحادث الأقصر.. كما أعدم عزت حنفى..

وعن أغرب المواقف التى صادفته قال إنه قبيل قيامه بشنق احد المتهمين فوجئ به يقول: «عايز أولع سيجارة» فقام بإبلاغ اللجنة المشرفة على تنفيذ الحكم والمكونة من وكيل النائب العام ومأمور السجن ورئيس المباحث والواعظ والطبيب الشرعى وتمت الاستجابة لطلبه واعطاؤه سيجارة وعندما انتهى من تدخينها تم شنقه.. كما انه قام بإعدام متهم ضخم يبلغ وزنه ١٨٠ كيلو جراما وشنق نجل أعز أصدقائه دون أن تهتز مشاعره !!

وعن الفنانين الذين شنقهم فى اعمال سينمائية قال انه أعدم كلا من فريد شوقى ويسرا وفيفى عبده وهانى سلامة وروبى لكن أصعب مشهد إعدام كان مع فريد شوقى لمقاومته الشديدة بينما جرح حبل المشنقة رقبة يسرا التى اندمجت فى الدور وأصيبت الفنانة روبى بالإغماء وسقطت على الأرض رعبا.
قلت لعشماوى: أريد أن تمثل علىَّ خطوات الإعدام..

سألنى: قلبك جامد؟ قلت: نعم.. قال: يلا بينا الى طبلية الإعدام.. وشرح لى مكونات الطبلية وأدوات الإعدام المكونة من حبل المشنقة المصنوع من التيل والحرير والمتصل ببكرة حديدية مهمتها تكسير عظام الرقبة اثناء الشنق وقال ان حبل المشنقة كان يتم استيراده من بريطانيا قبل أن يتم تصنيعه فى مصر.. ومجموعة احزمة جلدية وطاقية وجه مصنوعة من القماش الأسود..

بدأ عشماوى خطوات إعدامى الكاذب بتقييد يدى عند المعصم والكتف خلف ظهرى وشعرت أن عظام كتفى وظهرى تتحطم.. ثم قام بتقييد قدمى من أسفل بحزام محكم ووضع رأسى داخل طاقية من القماش الأسود الذى يفصلك عن العالم دون أى بصيص من ضوء، ثم اقتادنى إ لى طبلية الإعدام التى يتدلى منها حبل المشنقة وأدخل رقبتى فى حبل المشنقة وهنا أصبت بالرعب وطلبت من زميلى المصور الذى كان يصور كل هذه الخطوات أن يراقب المقصلة ويمنع أى أحد من الاقتراب منها لأنه لو قام أحدهم بشد المقصلة يفتح باب الطبلية من تحت قدمى وأسقط فى البئر وتكون النهاية التراجيدية..

طمأننى عشماوى ورئيس مباحث السجن وزميلى المصور بأن الأمر تحت السيطرة وانتهت مغامرتى على خير ومن يومها حرصت على صداقتى مع عم عشماوى ذلك الرجل الطيب الذى كان ينفذ حكم الله فى الأرض وكان مجرد ذكر اسمه تقشعر له أبدان القابعين داخل الزنازين الانفرادية مرتدين البدلة الحمراء يتمنون تجنب لقائه.

الشوربجى وتجديد الثقة

لم يكن قرار القيادة السياسية بتجديد الثقة فى المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيسا للهيئة الوطنية للصحافة لولاية ثانية من قبيل الصدفة ولم يأت ذلك من فراغ بل كان تقديرا لنجاحه فى الولاية الأولى وانعكاسا لجهوده فى دعم وتطوير المؤسسات الصحفية القومية التى تعيش ظروفا اقتصادية صعبة كادت تعصف بوجودها وحاضرها ومستقبلها..

تجديد الثقة فى الخلوق عبدالصادق الشوربجى الذى لم يغلق باب مكتبه أمام أى زميل على الاطلاق حتى يستكمل خطة تطوير شاملة بدأها فى المؤسسات الصحفية القومية وبدأت تؤتى ثمارها لتعود لها الريادة.. تجديد الثقة فيه منفردا يضاعف حجم المسئولية الملقاة على عاتقه لإحداث طفرة تنموية تمكن المؤسسات من أداء دورها ورسالتها الوطنية.. نريد حلولا جذرية لكل المعوقات خاصة ملف الديون والضرائب التى كان مسكوتا عنها لعقود طويلة.. نريد زيادة الدعم المالى للمؤسسات والنظر فى ملف الأجور لتنهض المؤسسات وتقوم بدورها الوطنى على خير ما يرام.

لم يكن مستغربا أن تسود الوسط الصحفى والإعلامى حالة من السعادة والتفاؤل بمجرد إعلان أسماء رؤساء الهيئات الصحفية والإعلامية الثلاثة.. الجميع يأملون تغيير الواقع الى الأفضل..

ننتظر من المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة أن يستمر فى سياسة التطوير والتحديث والرقمنة لمواكبة العصر وأن يطور البشر قبل الحجر..

أستبشر بتعيين المهندس خالد عبدالعزيز رئيسا للمجلس الأعلى لتنظيم الاعلام وأثق أنه يستطيع إعادة الاعلام المصرى الى عصره الذهبى.
أما الكاتب الصحفى أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ستنتظره مهمة إعادة ماسبيرو لسابق مجدة.

الفرصة مواتية للإصلاح والانطلاق، والدولة تدعم ذلك لأنها تستحق إعلاما قويا يعبر عنها ويدافع عن قضاياها باعتباره القوة الناعمة الأكثر تأثيرا.
 

 

 

الكلمات الدالة

https://contact.eg/newsletter/?lang=ar

 

 

 

 

 

 

مشاركة