صورة موضوعية
صورة موضوعية


أصلها مصرى:الأشغال اليديوية تراث من وحى التاريخ

إرث المحافظات منسـوج بأنامل مصرية.. وفتح أسواق جديدة ضرورة

سناء عنان- مدحت نصار- حسام صالح- علي الشافعي- محمود عمر- أبو المعارف الحفناوي- عفاف المعداوي- نادية البنا

الخميس، 19 ديسمبر 2024 - 04:23 م

الأشغال اليدوية التراثية تجسيد للهوية الثقافية والحضارية، حيث تنقل عبق الماضى برموزه وألوانه إلى الحاضر بأسلوب فريد وجذاب، فهى تتجاوز كونها مجرد أدوات تُصنع، إنها قطع فنية تروى حكايات الأجداد وتعبر عن مشاعر الأصالة والاعتزاز بالجذور، من المنسوجات الشعبية المطرّزة بدقة إلى الحُلى التقليدية المصنوعة من النحاس والأحجار الكريمة، تُعتبر هذه القطع هدايا تحمل بصمة متميزة، إذ تصنع بمهارة وإتقان يظهران روح الصانع وولعه بتراثه، وتشكل هذه الهدايا رموزًا عاطفية تُهدى للأصدقاء والأحباء فى المناسبات المختلفة كعربون للأصالة والمودة، بهذه الطريقة، تُتيح الأشغال اليدوية التراثية لمن يتلقاها فرصة للانغماس فى الثقافة واستشعار جماليات الماضى برؤية فنية معاصرة، مما يجعلها هدية ذات قيمة معنوية عالية.

النقش على النحاس والفضة هو أحد الفنون التقليدية المميزة فى مصر، حيث يمثل صورة من صور الإبداع اليدوى ويعكس تاريخًا طويلًا من الثقافة والمهارات الفنية، تطور هذا الفن على مر العصور ليصبح من أرقى الفنون الحرفية التى تبرز جمال الأدوات المصنعة وتلفت أنظار الزوار والسياح.

يعد النقش على النحاس جزءًا مهمًا من التراث المصرى، ويعتبر حى النحاسين فى قاهرة المعز نموذجًا لهذا الفن، يروى الحاج على إسماعيل، أحد حرفيى هذه المهنة، تفاصيلها مشيرًا إلى أن تاريخها يمتد لآلاف السنين، يُعرف النقش على النحاس بمرونته، حيث يمكن تشكيله وصقله للحصول على تصاميم معقدة وجذابة، وتستخدم هذه التقنية لصنع الأوانى المنزلية والأطباق والأباريق والمصابيح والتحف الفنية ذات الطابع الإسلامى أو الفرعونى، يُفضل النحاس لكونه تكلفة معقولة مقارنة بالفضة والذهب وسهولة تشكيله.

تبدأ عملية النقش بتقطيع النحاس إلى الحجم المطلوب ثم تسخينه ليتشكل بسهولة، بعدها، تُصمم النقوش باستخدام أدوات حادة لحفر أو زخرفة التصاميم يدويًا، وهو ما يتطلب دقة وتركيزًا كبيرين من الحرفى، يتم تلميع المنتج ليزداد بريقه وجاذبيته.

بالنسبة للنقش على الفضة، يوضح بيتر ميلاد أن هذا الفن يتسم بالفخامة والتكلفة العالية مقارنة بالنحاس ويستخدم فى صناعة المجوهرات والأدوات الدينية والأعمال الفنية الفاخرة، تعتبر الفضة معدنًا ناعمًا يمكن تشكيله بسهولة، ولكن يتطلب العناية الشديدة لمنع تلف القطعة، تُستخدم أدوات خاصة مثل المطارق الصغيرة والإبر الدقيقة للحصول على تفاصيل دقيقة ونقية، تُلمع القطع الفضية بمستحضرات خاصة لمنع الأكسدة وزيادة عمرها، مما يجعلها مقدرة بشدة كسمة للرفاهية والرقي.

يقول محمد الجبالى، أحد حرفيى النقش، إن تسويق هذه المنتجات يمثل تحديًا بسبب تكلفتها العالية وقلة الحرفيين الماهرين، تشهد الأسواق المحلية والدولية تزايد الاهتمام بالتحف اليدوية التى تعكس التراث والثقافة المصرية، تتوافر هذه المنتجات فى المعارض الفنية والمتاجر المتخصصة والأسواق الشعبية مثل خان الخليلى، حيث يستطيع السياح وهواة الفن اقتناء قطع تروى قصصًا عن الحضارة المصرية.

مع التقدم التكنولوجى، يعتمد العديد من الحرفيين على وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات الإلكترونية لتسويق منتجاتهم، مما يوفر لهم فرصة الوصول إلى جمهور أوسع مهتم بالتراث الفنى، يمكن للعملاء طلب القطع عبر الإنترنت ومتابعة عملية الإنتاج من خلال الفيديوهات والصور التى تعرض الحرفيين أثناء العمل.



طباعة الليزر :رحلة من الصين إلى الفيوم
فى عام 2000، تخرج إبراهيم عاشور ابن محافظة الفيوم فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف، رغم أن بإمكانه اتباع مسار والده الذى كان وكيلاً لمنطقة الفيوم الأزهرية، إلا أنه قرر الابتعاد عن الوظائف الحكومية التقليدية واتخذ خطوة جريئة بالسفر إلى الصين، وبدأت تتبلور فكرته فى استيراد تجربة جديدة تحمل الأمل والطموح لمدينته الفيوم.

فى الصين، جذبت فكرة طباعة الليزر على «الأكليرك» اهتمامه، وعاد إلى مصر بشغف وحماس ليبدأ مشروعه الخاص.. يوضح إبراهيم أن الأكليرك هو بديل آمن للزجاج، مصنوع من البلاستيك، ويتوفر بأحجام متنوعة، يتميز الأكليرك بخصائص تجعله الخيار الأفضل لكثير من التطبيقات، فهو أكثر أمانًا من الزجاج ولا ينكسر بسهولة، ويُستخدم فى أغراض متنوعة مثل الديكورات المنزلية واللوحات الإعلانية.. بعد عودته، أسس إبراهيم مشروعه، ليكون من أوائل من استخدموا تقنية طباعة الليزر على الأكليرك فى الفيوم، بدأ بإنتاج فوانيس رمضان، ثم توسعت منتجاته لتشمل الميداليات، الأكياس، والعلب الخشبية، ساهم المشروع فى توظيف خمسة شبان من أبناء الفيوم، ليكونوا معًا فريق عمل يسعى إلى تقديم الأفضل.

رانيا أكرم، إحدى أوائل المتعاونات مع إبراهيم، أشارت إلى أنها رفضت وظيفة حكومية لتعمل فى هذا المجال الجديد، قالت: لقد وجدت فرصة للإبداع هنا، مما مكننى من مواجهة تحديات الحياة براتب جيد، ومع مرور الوقت، تكوّن الفريق من خمسة أفراد يعملون بشغف وتفانٍ.



زينة البدو تختطف أنظار السائحين

جميلة سليمان محمد، التى تنتمى لقبيلة القرارشة الأصيلة، تعيش فى قرية الوادى التابعة لمحافظة جنوب سيناء، تكرس جزءًا كبيرًا من حياتها لإنتاج المشغولات اليدوية البدوية، حيث ترى أن هذا العمل لا يقتصر على كونه مصدر دخل لعائلتها، بل يسهم أيضًا فى الحفاظ على التراث البدوى الأصيل وسط التحديات الاقتصادية التى تواجه المنطقة.

فى منزلها البسيط بقرية الوادى، تعمل جميلة بإخلاص على إنتاج تشكيلة واسعة من المشغولات المستوحاة من الثقافة البدوية العريقة، تشمل هذه المنتجات الكليم الرائع الذى يحظى بشعبية كبيرة نظرًا لتنوع استخداماته فى فرش المقاعد البدوية وتزيين المنازل، يتميز الكليم بألوان زاهية وجذابة مستوحاة من الطبيعة، مما يعزز ارتباطه بالتراث التقليدي.

تحدثت جميلة عن العملية الدقيقة لصنع هذه المشغولات، تبدأ بشراء خيوط النولون الزاهية والجميلة، ثم تعمل يدويًا بطرق تقليدية على نسيج مخصص لهذا النوع من الحرف. يستغرق إنجاز الكليم الواحد حوالى خمسة أيام من العمل المستمر، كما تتفنن فى صناعة عقود بدوية بعناية من الخرز الملون وحقائب يدوية بألوان وتصاميم تجذب المشترين وتلبى أذواقهم.. بالإضافة إلى ذلك، تبدى جميلة استعدادها لتعزيز انتشار الأزياء البدوية المزخرفة بالزركشة والتطريز الدقيق، قامت بتصميم وارتداء هذه الأزياء بنفسها، وتقدم خدمات تفصيلها للراغبين بارتدائها.

تحدثت جميلة أيضًا عن واقع الحياة فى قرية الوادى، حيث تعيش العديد من السيدات الأرامل والمطلقات اللواتى وجدن فى هذه الحرفة وسيلة فعالة لزيادة دخلهن. لذلك أشارت جميلة إلى النجاح الذى حققته منتجاتها اليدوية، حيث لاحظت تزايد الطلب عليها منذ بدأت بعرض وبيع أعمالها عبر صفحة على منصة فيسبوك.




القراموص.. قلعة صناعة البردى

تشتهر قرية القراموص فى محافظة الشرقية بزراعة وصناعة ورق البردى، وقد نالت شهرة عالمية على مر السنين، سكانها من مختلف الأعمار نجحوا فى وضع اسم القرية على الخريطة السياحية فى مصر باعتبارها الوحيدة المتخصصة فى زراعة وإنتاج ورق البردى، وتصديره لدول عربية وأوروبية، أصبح أهل القرية كأنهم فنانون، حيث أبدعوا فى الرسم بمختلف أنواعه على ورق البردى الذى بات يمثل مصدر الدخل الرئيسى لهم.

يسرد سعيد طرخان، أحد أبناء القرية، قصة زراعة البردى بأنها بدأت فى عام 1976 بعد أن عاد د.مصطفى أنس من إحدى دول حوض نهر النيل ومعه شتلات البردى، قام بزراعتها على مساحة أربعة أفدنة، بعد نحو عام، بدأت الأعواد بالازدهار وبلغ إنتاج الفدان حوالى 40 ألف ورقة سنويًا، مما أسهم فى انتشار زراعة البردى بسرعة داخل القرية.

يوضح سعيد أن تصنيع ورق البردى يبدأ من حصاد النبات وتقطيع أعواده إلى شرائح طويلة، ثم نقعها فى الماء لتطريتها، تُنظف وتُبيّض الشرائح بمياه تحتوى على الكلور، ثم تُرص فى طبقات متقاطعة بين قماش وكرتون لامتصاص الماء وتجفيفها. بعدها، تُضغط الشرائح بالمكبس حتى تتحول إلى ألواح جاهزة للرسم والطباعة.

أكد دعم جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لهذه الصناعة بتوفير المعدات وتدريب النساء على أساليب التصنيع لتحسين أوضاعهن الاقتصادية، بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة وجمعية الأورمان، تقرر تقديم قروض ميسرة للعاملين فى صناعة البردى للحفاظ على هذا التراث الفرعوني.

أشار سعيد إلى أن منتجاتهم الفنية من لوحات إيزيس ونفرتيتى وكليوباترا وتوت عنخ آمون ومعبد أبو سمبل تحظى بشعبية بين السياح، تغزو هذه المنتجات الأسواق العربية، خاصة السعودية والجزائر وتونس.

صرح سعيد طرخان بأن كل أجزاء النبات تُستخدم بفعالية، من جذوره التى تدخل فى بعض الأدوية إلى رؤوسه التى تُستخدم فى باقات الأزهار. وعلى الرغم من أن الصناعة تتأثر بتغييرات حركة السياحة وأسعار المواد الخام، فإن القرية تحتفظ بروابط قوية للحفاظ على تاريخ وحضارة مصر القديمة وجعلت من القراموص مركزًا عالميًا لصناعة البردي.

أوضح المهندس حازم الأشمونى، محافظ الشرقية، أن المحافظة تعمل بجد للحفاظ على صناعة البردى بالتعاون مع اليونسكو لإدراجها ضمن قائمة التراث اللامادى، بالتنسيق مع فريق إيطالى ووزارتى الآثار والسياحة، تسعى المحافظة لتعزيز القيمة الفنية والأثرية لهذه الصناعة وتسويقها على مستوى العالم.



«الريزين».. روائع «الهاند ميد»

الحياة تضعنا أمام تحديات تقودنا إلى مواجهة أنفسنا، محاطة بالخيبات والإحباط وفقدان الطموح، مما يجعل البعض يصل إلى حافة الانسحاب من الحياة. هذا كان حال دعاء إبراهيم، التى لولا رعاية الله ودعم المقربين منها، لما استطاعت العودة للإبداع فى صنع أشكال مميزة باستخدام مادة الريزين. أعمالها الفنية، التى تتكون من قطع ديكور فريدة ذات طابع شخصى، لاقت ترحيبًا كبيرًا وطلبات مسبقة، وتميزت هذه القطع بلمسة جمالية تجعل من يقتنيها يشعر وكأنها صُنعت خصيصًا له، وكأنها تحمل جزءًا من روحه.

عاشت دعاء حياة هادئة فى السويس كأم لأربعة أطفال. فى عام 2022، تعرضت لحادث اضطرت معه لإجراء عملية جراحية لإزالة فقرتين من أسفل العمود الفقرى، على الرغم من تعافيها وقدرتها على الحركة، فإن الألم كان صعب التحمل أكثر مما كان عليه قبل الجراحة. بعد إجراء عملية غير جراحية إضافية بسبب خطأ طبى، فقدت قدرتها على استخدام قدميها واعتمدت على كرسى متحرك.

ذكرها زوجها بالأيام التى كانت تُبرع فيها بصناعة الحلى والإكسسوارات وتعلمت «الهاند ميد». استلهمت دعاء من تلك الأيام وقررت العودة إلى مجال الحرف اليدوية باستخدام الريزين، وهى مادة كيميائية شفافة تُستخدم بشكل واسع فى الديكور والإكسسوارات.. وصل فن دعاء إلى الخارج، حيث تلقت طلبات من مصريين مقيمين فى فرنسا وتركيا.

ورغم التنوع الثقافى والديكورى فى تلك البلدان، فإن بصمة دعاء الفريدة وجودة منتجاتها جعلتهم يفضلون أعمالها عن المنتجات الصناعية.


الزخرفة.. «جدارية» بإبداعات سكندرية

فى قلب شوارع الإسكندرية والزوايا الخفية، تقع ورشة بسيطة وهادئة لفنانة مبدعة تقدم الأعمال الفنية المختلفة مثل لوحات الفسيفساء والمرايا المزخرفة والآلات الموسيقية المتميزة، فى هذه الورشة، تقف أسماء تحمل قلمها وتترك بصمتها الفنية على ألواح الخشب بطول ثلاثة أمتار، بين فتات الخشب المتطاير حولها، تشرع فى عملية قياس الأبعاد المطلوبة، ثم تقطع الزوائد قبل البدء بعملية الصقل لتحسين السطح وإعادة الحيوية إليه، بعد ذلك، تقوم بلصق الأحجار الملونة لتنتج لنا أعمالاً فنية ذات طابع جديد ومميز.

خلال استراحتها بعد انتهاء العمل الإبداعى الجديد، تحدثت أسماء عن بداية رحلتها وكيف تحول اهتمامها إلى شغف حقيقى، استطاعت الحفاظ على التوازن بين شغفها بالزخرفة والتدرب على الآلات الموسيقية ودورها كأم لطفلين.

تخرجت أسماء فى كلية الفنون الجميلة وصنعت أول جدارية لها كمشروع تخرج، واستغرقت ثلاثة أشهر من العمل الدءوب والجهد الكبير، وتشعر بالفخر كلما نظرت إلى تلك الجدارية التى تحتفظ بها فى ورشتها.. استلهمت أسماء فكرة بدء عملها الخاص من تخصصها المبدع فى الفنون البصرية، حيث اتجهت إلى رسم اللوحات والمجسمات التجميلية لإضفاء لمسة فنية على الأماكن، وركزت اهتمامها على عناصر لها شعبية فى السوق وخصوصاً المرايا، وقررت استغلال موهبتها فى زخرفة المرايا بشكل مميز يلبى كل الأذواق.

فى بادئ الأمر، كانت تستخدم خامات جاهزة من الزجاج والمرايا، لكنها قررت لاحقاً إنتاجها بنفسها، مما أضاف قيمة فنية للعمل وزاد من إقبال الزبائن عليه، كما ساعدتها الدورات التدريبية التى تلقتها بجانب دراستها على تطوير مهاراتها اليدوية مما جعلها أكثر احترافًا واهتمامًا باختيار الخامات المناسبة لكل مشروع.

وأشارت أسماء إلى أن الأعمال الفنية غالباً ما تتطلب استثمارات كبيرة، وقد ينتج عنها خسائر أو إهدار للخامات إلى جانب التحديات المعتادة أثناء التنفيذ، إلا أن الطموح يشكل دافعًا قويًا لها للاستمرار رغم الصعوبات.

ومن ضمن العقبات التى تواجهها أسماء فى حرفتها التعامل مع الموردين الذكور بشكل أساسى فى سوق يندر فيه وجود النساء، مع ذلك حولت هذا التحدى إلى فرصة لاكتساب الخبرة وكيفية التعامل بالسوق بشكل مستقل وحذر.



«الودع».. فن التطريز تتوارثه الأجيال

سليمة الجبالى، من قبيلة الجبالى فى سانت كاترين، تحدثت عن الحرفة التقليدية البدوية التى تمتد جذورها لعدة قرون، كانت النساء البدويات يرتدين ملابس بيضاء قبل بروز القماش الأسود، وكان الودع يُستخدم قبل أن يحل محله الخرز، مع تطور الحرفة، بدأت النساء تزين ملابسهن السوداء بالخيوط والخرز والترتر، حيث تتميز كل قبيلة بنمطها الفريد، خاصة فى ملابس النساء.

أوضحت سليمة أن الحرفة بدأت بصنع الأطواق واللكمات والبراقع، المستوحاة من الطبيعة، بالإضافة إلى أكياس السكر التى كانت تصنعها النساء لأزواجهن لحمل الشاى والسكر أثناء رحلات الجبال، كما كانت هناك حقائب للرعاة تستخدمها الفتيات عند رعى الأغنام.. بدأت سليمة العمل مع خمس نساء مسنات على إعادة إنتاج الثوب البدوى التقليدى، ثم اتجهن لصنع أشياء أبسط مثل الأطواق وأكياس السكر والحقائب للحفاظ على التراث، لاحظت قلة الاهتمام بشراء هذه المنتجات خلال معرض فى المركز البريطانى بالقاهرة، مما دفعها إلى تطوير منتجات عملية تتماشى مع العصر.

نجحت سليمة فى صناعة مجموعة متنوعة من المنتجات مثل الستائر والشالات والملابس المستوحاة من التراث، توسعت فى عملها واستعانت بالنساء الكبيرات لتدريب وتعليم الفتيات الصغيرات.

وأشارت سليمة إلى الإقبال الكبير على المنتجات البدوية محليًا ودوليًا، خاصة فى ألمانيا وكوريا الجنوبية، حيث ركزت على ضبط تكاليف المواد الخام وضمان ربح مناسب للنساء المشاركات تقديرًا لجهودهن.. وأعربت سليمة عن شكرها للرئيس عبد الفتاح السيسى لدعمه معرض «تراثنا»، الذى ساهم بشكل كبير فى تسويق المنتجات من خلال توفير الإقامة والنقل للمشاركين.




الطرفوط.. سر جمال فتيات سيوة

تشتهر واحة سيوة، إحدى أبرز الواحات فى محافظة مطروح، بعاداتها وتقاليدها التى تعود إلى عصور قديمة، تقع هذه الواحة الخلابة جنوب غرب مدينة مرسى مطروح فى الصحراء الغربية لمصر، تتميز النساء فى الواحة بارتداء الزى السيوى التقليدى الذى يعرف بلهجة أهل سيوة باسم «الطرفوط»، بتصاميمه وألوانه البراقة، ويجذب هذا الزى اهتمام السياح العرب والأجانب وكذلك الزوار من مختلف محافظات مصر، الذين يفضلون اقتناءه لجمال ألوانه الزاهية التى تبعث على الأمل والتفاؤل.

فى سياق دعم وتمكين المرأة، أقامت محافظة مطروح وحدتين داخل مصنع الحرف اليدوية فى الواحة لتدريب الفتيات على أعمال الخياطة والتطريز باستخدام خامات محلية، يتم تنظيم دورات تدريبية مكثفة لتعليم عدد كبير من الفتيات فن الخياطة بعد توفير المستلزمات الضرورية، مما يساعدهن فى تحسين جودة منتجاتهن وترويجها بفعالية لتوفير دخل اقتصادى لهن ولعائلاتهن لمواجهة متطلبات الحياة.

ويوضح محمد بكر يوسف، رئيس مركز ومدينة سيوة، أن تدريب الفتيات لا يقتصر فقط على تطريز الزى السيوى بل يمتد إلى صناعة الكليم والسجاد البدوى والحوايا، وهى من أهم الحرف اليدوية لنساء البادية فى الصحراء الغربية التى كانت قريبة من الاندثار بسبب قلة خبرة الفتيات بها. تمتلك هذه الحرف تاريخًا طويلًا حيث كانت النساء البدو يقمن بصناعة الكليم وبيوت الشعر العربية من صوف الأغنام، وكان لها صدى واسع لعقود طويلة، على الرغم من بساطتها الظاهرية، إلا أن هذه الحرف تحمل تعقيدات كبيرة فى تصميمها وتنفيذها حتى ترقى لذوق المشترين.

ويعتبر مصنع الصناعات البيئية والتراثية فى الواحة الذى أُنشئ بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى مدرسة مهمة لتعليم الفتيات وحماية التراث البدوى للمشغولات اليدوية والمنسوجات وحفظ وإنتاج التمور، حيث يشهد إقبالاً كبيرًا من الزوار وضيوف الواحة.



«الفركة».. تخطف أنظار الأفارقة

منذ أكثر من نصف قرن، يمارس العم حسن فاوى، البالغ من العمر 68 عامًا، حرفة ورثها عن والده وجده فى صناعة الفركة فى مركز نقادة بمحافظة قنا، وتشكل هذه الحرفة مصدر رزق للعديد من الأسر، مع تصدير منتجاتها إلى السودان وبعض الدول الإفريقية.

يُعتبر العم حسن من بين أقدم العاملين فى هذه الصناعة بنقادة وأحد رموزها. وعلى الرغم من تراجعها مع مرور الزمن نتيجة التطور التكنولوجى، لا يزال عشاقها مصممين على الحفاظ على هذا التراث العريق، رغم إقبال الشباب على وظائف أخرى.. وسط مهنة يدويّة تتطلب دقة ومهارة، يجلس العم فاوى، يعمل بتركيز على نسيج الخيوط. وبالرغم من تقدمه فى السن، يصرّ على الاستمرار قائلاً: «الفركة تبقى لمن يعرف قيمتها». تعلّم المهنة من والده عندما كان فى الرابعة عشرة من عمره، وظل عليها لمدة 54 عامًا، مشيراً إلى التحديات التى تواجه استمراريتها بسبب التكنولوجيا الحديثة.

يواجه العمل فى هذه الحرفة تحديات عديدة مثل قلة الشباب المهتم بها وتفضيلهم لقطاعات أخرى كالعمل الحر أو السياحة، ويحاول العاملون القدامى الحفاظ على هذا الإرث رغم الصعوبات الموجودة.

يوضح العم فاوى أن المنتجات اليدوية ما زالت تلقى رواجًا بسبب جودتها العالية وطبيعتها المميزة، هذه المنتجات محبوبة فى مصر وتُصدَّر إلى السودان وإفريقيا.

تشكل الفركة جزءًا من زينة الرجال والنساء، حيث تُصنع من خيوط الحرير والقطن المصبوغة بألوان جذابة، تُستخدم لأغراض متعددة، منها الشال الذى يرتدى فوق الجلباب.. تبدأ عملية التصنيع بصبغ الخيوط فى وعاء ألومنيوم ضخم، ثم تُلف وتُعَالج عبر عدة مراحل وصولاً إلى النول الخشبى لإنتاج مختلف قطع الفركة، وبعد الانتهاء من التصنيع، تُباع المنتجات عبر تجار الجملة داخل مصر وفى المدن السياحية مثل شرم الشيخ والأقصر وأسوان.

أكد د.خالد عبد الحليم، محافظ قنا أهمية دعم الدولة للصناعات المحلية ومنها الفركة للحفاظ عليها من خطر الاندثار خلال الفترة الحالية.. أوضحت دراسة أجراها محمود عبود بجامعة جنوب الوادى أن هذه الصناعة مهددة بالاندثار بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام وقلة الزخم السياحى مقارنة بصناعات أخرى فى قنا مثل العسل الأسود والفخار، وتظل نقادة مركزًا مهمًا لإنتاج الفركة.

يشير الباحث إلى المنافسة الشديدة من الخارج واستخدام التقنيات الحديثة فى الصين والهند وبعض المناطق المصرية الأخرى، مما يجعل الناس يفضلون الأسعار الأرخص، حيث يُباع المستورد بـ20 جنيهًا بينما تُباع الفركة المحلية بـ35 جنيهًا نظرًا لجودتها ومشقة صنعها اليدوية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة