المهندس عاطف مصطفى أثناء حواره مع محرر «الأخبار»
المهندس عاطف مصطفى أثناء حواره مع محرر «الأخبار»


في الذكرى الـ 46 لرحيل قارئ الملوك

المهندس عاطف مصطفى إسماعيل: أبي لا يزال «السلطان».. وتلاميذه الأكثر شهرة

عبدالهادي عباس

الخميس، 19 ديسمبر 2024 - 09:26 م

تأثير كبير تركه صوت الشيخ مصطفى إسماعيل بين الأجيال التي عاصرته أو تلك التى تأثرت بأدائه النغمى في تلاوة القرآن الكريم؛ حيث كان قارئًا متفردًا تهفو إليه قلوب الملوك والعامة على السواء؛ إضافة إلى كونه صديقا مقربًا من الرئيس أنور السادات الذى كان يُقلده كثيرًا فى تلاوته الخاصة للقرآن الكريم.. فى هذه الأيام تحل الذكرى الـ 46 لرحيل «سلطان» القراء (17 يونيو 1905- 26 ديسمبر 1978)؛ وكان هذا الحوار مع ابنه المهندس عاطف مصطفى إسماعيل، الذى يحدثنا عن بعض تجليات والده فى دولة التلاوة المصرية:

◄ بعد كل هذه السنوات على وفاة الشيخ مصطفى.. كيف ترى تأثيره في الأداء القرآنى للأجيال اللاحقة؟

• أريد أن أبدأ معك بمقولة شهيرة قالها لى مدير معهد الموسيقى العربية الأسبق، د.فرج العنتري، قال لي: إن أباك سيد التلوين النغمى فى عصر الراديو؛ وهى شهادة مهمة من خبير قدير، توضح كيف كانت مكانة أبى الصوتية والأدائية عند كبار المتخصصين فى هذا المجال؛ إضافة إلى أن أبى أتقن المقامات وقرأ القرآن بأكثر من 19 مقامًا بفروعها وبصوت عذب وأداء قوي، وقد عُرف عنه أنه صاحب نَفَس طويل فى القراءة التجويدية، كما سجَّل القرآن الكريم كاملا مرتلا، وترك 1300 تلاوة لا تزال تبث عبر إذاعات القرآن الكريم؛ وكذلك ركّب فى تلاوته النغمات والمقامات بشكل استحوذ على إعجاب المستمعين، وكان ينتقل بسلاسة من نغمة إلى أخرى، ويعرف قدراته الصوتية بشكل جيد، وكيف يستخدمها فی الوقت المناسب؛ واستطاع أن يمزج بين علم القراءات وأحكام التلاوة وعلم التفسير وعلم المقامات وكان يستحضر القرآن فى صوته ويبثها فى أفئدة المستمعين لاستشعار جلال المعنى القرآني؛ إضافة إلى أنه كان أول قارئ يسجل فى الإذاعة المصرية دون أن يمتحن فيها، واختاره الملك فاروق قارئًا للقصر الملكي، وكرَّمه عبد الناصر، وأخذه السادات معه فى زيارته التاريخية للقدس.

◄ اقرأ أيضًا | من الدكة للعالمية.. أسرار الشيخ مصطفى إسماعيل

◄ البداية «ص»

◄ هل أثرت بدايات الشيخ مصطفى في أدائه.. ومن أين حصل على هذا التمكن في المقامات؟

• وُلد أبى فى قرية ميت غزال، مركز السنطة، محافظة الغربية فى 17 يونيو 1905، وحفظ القرآن الكريم ولمَّا يتجاوز الثانية عشرة من العمر فى كتّاب القرية، ثم التحق بالمعهد الأحمدى فى طنطا لتتم دراسة القراءات وأحكام التلاوة؛ ثم أتم الشيخ تلاوة وتجويد القرآن الكريم وراجعه ثلاثين مرة على يد الشيخ «إدريس فاخر».. وفى إحدى ليالى شهر رمضان سنة 1917، كان الشيخ إدريس يسهر فى منزل الشيخ مصطفى هو وابنه، فقال الشيخ إدريس لابنه: اقرأ ربعَا، وبعد أن فرغ ابنه من القراءة؛ قال اقرا يا مصطفى سورة «ص»، فرد عليه مصطفى إسماعيل: «دى طويلة يا سيدنا»، لكنه قرأها؛ وعندها شمل أهل البيت السرور وهنّأ الشيخ إدريس تلميذه الموهوب، وقرر جَده إسماعيل مكافأة الشيخ إدريس؛ حتى أتم الشيخ مصطفى تجويد القرآن وتلاوته بالقراءات العشر على يد الشيخ «إدريس فاخر» وعمره لم يتجاوز 16 عامًا.

◄ كيف جمعت تراث والدك من كل الدول التي زارها.. وهل توجد تلاوات لم تحصل عليها حتى الآن؟

• بالفعل انشغلت تمامًا بجمع تراث والدى بعدما عُدت من ألمانيا التى قضيتُ فيها أغلب عمري؛ بل وحتى فى زياراتى كنتُ دائمًا ما أتحدث مع والدى عن ضرورة جمع كل هذا التراث القرآنى من شركات الصوتيات لآخذ منه أسطوانات معى إلى ألمانيا؛ لكنه كان يرفض بحجة أنه مشغول دائمًا، وأنه إنما يقرأ القرآن لله؛ ولكننى بالفعل جمعتُ معظم هذا التراث من مصر ومن البلاد العربية والإسلامية التى قرأ فيها، وبذلتُ جهدًا كبيرًا فى ذلك وأنفقتُ أموالا كثيرة؛ غير أن كل ذلك لا يُساوى شيئًا أمام تسجيل واحد نادر يستمع إليه الناس فى كل العصور المقبلة؛ لأنه تراث مصرى وعربى وإسلامي، وليس تراثًا عائليا فقط؛ والحقيقة أن «سمّيعة» الشيخ مصطفى قد ساعدونى كثيرًا فى ذلك.

◄ مدرسة متفردة

◄ لماذا نرى الكثير من شباب القراء يُحاولون تقليد الشيخ مصطفى إسماعيل؟

• الشيخ مصطفى كان مدرسة كبيرة ومتفردة فى التلاوة وفى الأداء؛ وكل الشباب يريدون الوصول إلى هذا التمكن الكامل فى القراءة؛ ويكفى أن أقول لك إن أشهر القراء الآن على الساحة هم من هذه المدرسة؛ وعلى رأسهم القارئ الطبيب أحمد نعينع، والشيخ ياسر الشرقاوي، وعشرات من القراء فى مصر والدول العربية والإسلامية؛ وأريد أن أؤكد لك أن كثيرًا من الفنانين والملحنين والمطربين كانوا يحضرون حفلات أبي، وكنتُ أراهم كثيرًا معه، ليتعلموا منه؛ إضافة إلى أن الشيخ مصطفى كانت له علاقة خاصة جدا مع «السميعة» الذين كانوا يُسافرون خلفه فى كل البلاد؛ وكان هو يُبادلهم هذا الحب والاهتمام؛ فقد كان يكره القراءة فى الأستوديوهات ويقول لي: إن القارئ يُحب أن يتفاعل مع المستمعين، ويرى تأثير قراءته عليهم؛ خاصة إذا كانوا يفهمون جيدًا فى المقامات والقراءات.

◄ بقرار رئاسي

◄ ما قصة دفن الشيخ مصطفى إسماعيل في بيته وبقرار رئاسي؟

• زارنى أبى فى ألمانيا وعزمنا أحد الأمراء هناك فى قصر كبير، فوجد أبى أن هناك بعض المقابر الجميلة على مقربة من حديقة القصر، فأثنى على هذا الأمر ومدح جمال هذه المقابر وسأل الأمير عن ذلك، فقال إن كل جدوده مدفونون فى هذا المكان؛ وعندما توفى أبى أردت أن أحقق له هذا الأمر الذى استحسنه فشاورت أعمامى وأقنعتهم بذلك حتى وافقوا، وكان بيتنا بالقرية على ثلاثة أفدنة ويسمح بإقامة مقبرة تليق بالشيخ مصطفى؛ لكن المشكلة كانت فى رفض محافظ الغربية لذلك؛ فذهب عمى إلى الرئيس السادات فى استراحته بميت أبو الكوم، فأعطى أمرًا بتنفيذ كل ما تريده أسرة الشيخ مصطفى؛ بل إنه أرسل لوازم البناء والعمال إلى القرية، ولكننا شكرناهم فقد كنا بدأنا فى تجهيز كل شيء؛ كما قمتُ بتأسيس مسجد كبير فى المكان نفسه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة