القاهرة الثمانية في عهد الحملة الفرنسية
القاهرة الثمانية في عهد الحملة الفرنسية


أصل الحكاية| تقسيم القاهرة الثمانية في عهد الحملة الفرنسية: نظرة تاريخية ومعمارية

شيرين الكردي

الخميس، 26 ديسمبر 2024 - 01:53 م

كانت مدينة القاهرة خلال الحملة الفرنسية (1798-1801) مدينة ذات أهمية استراتيجية وثقافية، وهو ما دفع القادة الفرنسيين إلى تنظيمها إداريًا وتقسيمها إلى ثمانية أقسام رئيسية. 

مثلت هذه الأقسام إطارًا لإدارة المدينة، وبرزت كمرآة تعكس تنوعها العمراني والاجتماعي، تضم كل قسم شوارع، حارات، وعطوفًا ذات طابع معماري فريد يعكس تطور المدينة عبر العصور الإسلامية المختلفة.

 يهدف هذا التقرير إلى استعراض هذه الأقسام، مع تسليط الضوء على معالمها الرئيسية ودورها في تنظيم حياة سكان القاهرة خلال تلك الفترة.

* القلب الحضري القديم

يشمل هذا القسم المنطقة المحيطة بمدرسة السلطان حسن، التي تعد إحدى روائع العمارة الإسلامية. يمتد ليضم شوارع مثل سوق السلاح وباب الوزير، بالإضافة إلى مناطق تاريخية كالسروجية والمغربلين، احتوى على 176 مكانًا متنوعًا بين الحارات والعطوف والدروب، مما يعكس الكثافة السكانية والحيوية التجارية لهذه المنطقة.

* مناطق المقابر والمعالم الدينية

يمتد القسم الثاني من مقابر السيوطي إلى السيدة نفيسة، ويشمل مناطق مثل عرب اليسار وقلعة الكبش. كان جامع أحمد بن طولون أحد أبرز معالمه، حيث يجسد عراقة العمارة الطولونية، تضم المنطقة 238 مكانًا، ما بين دروب وحارات، كانت تعج بالحياة رغم قربها من المناطق الجنائزية.

* مركز الحياة الاجتماعية والدينية

يشمل هذا القسم منطقة السيدة زينب ودرب الجماميز، ويحتوي على 293 مكانًا. كانت المنطقة تزخر بالبساتين والمزارع، مما جعلها مركزًا للحياة الاجتماعية والدينية. برز جامع السيدة زينب كرمز ديني وثقافي يجذب السكان من كافة أنحاء القاهرة.

* الميدان التجاري ومناطق الصناعات الحرفية

يضم القسم الرابع مناطق مثل باب الخلق وغيط العدة وعابدين، متجهًا غربًا حتى النيل. كانت هذه المناطق معروفة بورشها الحرفية وأسواقها النشطة، احتوى هذا القسم على 129 مكانًا فقط، لكنه كان محورًا للتجارة والصناعات التقليدية.

* المركز التجاري الرئيسي

يمتد من درب سعادة جنوبًا إلى الحسينية شمالًا، ويشمل حارات بارزة مثل الجودرية والغورية. احتوى هذا القسم على 452 مكانًا، مما يجعله الأكثر كثافة من حيث عدد الأماكن. كان هذا التنوع يعكس حيوية الأنشطة التجارية التي ميزت المنطقة، بما في ذلك أسواق الصاغة والبرك التي أضفت طابعًا مميزًا.

* منطقة بركة الأزبكية ومحيطها

ضم القسم السادس منطقة بركة الأزبكية، التي كانت مركزًا ثقافيًا وترفيهيًا بارزًا. شمل أيضًا مناطق مثل العتبة الزرقاء ودرب البرابرة. بلغ عدد الأماكن في هذا القسم 363 مكانًا، ما بين برك وبساتين وشوارع ذات طابع معماري فريد.

* القاهرة الفاطمية والمشهد التراثي

يضم هذا القسم المناطق الشرقية من القاهرة الفاطمية، بما في ذلك شارع المعز لدين الله. اشتهرت هذه المنطقة بطرزها المعمارية الفاطمية والعثمانية، وبلغ عدد الأماكن فيها 406 مكانًا. كان هذا القسم يعكس روح القاهرة القديمة، حيث تداخلت الأسواق مع المباني التاريخية.

* الحصن الجنوبي ومحيطه

يحتوي القسم الثامن على المناطق المحيطة بقلعة الجبل، مثل الحطابة وصحراء المماليك، كان جامع سارية الجبل أحد أبرز معالمه. امتدت حدوده شمالًا إلى شارع تحت الربع والدرب الأحمر، وبلغ عدد الأماكن فيه 407، ما بين شوارع وحارات، عاكسةً طابعًا مزيجًا من العراقة والتحصين العسكري.

تكشف أقسام القاهرة الثمانية في عهد الحملة الفرنسية عن تخطيط إداري ومعماري دقيق يهدف إلى تنظيم مدينة تعج بالحياة والتنوع، ساعدت هذه الأقسام في تسهيل إدارة المدينة، لكنها تركت أثرًا عميقًا في ذاكرتها التاريخية، حيث ظلت تلك المناطق شاهدة على التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها القاهرة، يمثل هذا التقسيم إرثًا تاريخيًا ومعماريًا يستحق الدراسة والتأمل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة