سبيل نفيسة البيضاء
«سبيل نفيسة البيضاء».. تحفة عثمانية في قلب القاهرة التاريخية
الجمعة، 27 ديسمبر 2024 - 05:55 م
في حي الغورية بالقاهرة، وسط أزقة شارع المعز الجنوبي الذي ينبض بالتاريخ والعراقة، يقف سبيل نفيسة البيضاء شاهدًا على الدور البارز الذي لعبته المرأة في رعاية العمارة الإسلامية.
يتميز هذا السبيل بتأثره بالطراز العثماني الفريد، وبميزة استثنائية تُعرف باسم "السبيل الماصة"، مما يجعله من المعالم المميزة التي تجمع بين الإبداع الفني والابتكار الوظيفي.
ويعتبر هذا السبيل الخامس من نوعه الذي تُشيده امرأة في القاهرة، استمرارًا لتقاليد نسائية في تشييد الأسبلة، بدءًا من سبيل السيدة كلسن إلى سبيل أم مصطفى فاضل.
◄ الموقع والتاريخ
يقع سبيل نفيسة البيضاء في شارع المعز الجنوبي، بحي الغورية، أحد أعرق أحياء القاهرة الفاطمية. أُنشئ السبيل خلال العصر العثماني، ليكون شاهدًا على التطور المعماري الذي طرأ على الأسبلة في ذلك الوقت، حيث مزجت بين الجمال الزخرفي والوظيفة الخدمية المتمثلة في توفير المياه للمارة والسكان.
يُظهر السبيل تأثرًا واضحًا بالطرز العثمانية من حيث التصميم والهندسة، مع وجود نقوش وزخارف دقيقة تزين الواجهات. ما يميز هذا السبيل عن غيره هو اعتماده على تقنية "السبيل الماصة"، وهو نظام مبتكر يعمل على سحب المياه من الطبقات الأرضية العميقة، مما يبرز تطور الهندسة الهيدروليكية في ذلك العصر.
◄ دور المرأة في تشييد الأسبلة
يمثل سبيل نفيسة البيضاء علامة فارقة في دور المرأة الرائد في رعاية المعمار الإسلامي. فقد سبقه أربعة أسبلة أخرى شيدتها نساء في القاهرة:
1. سبيل السيدة كلسن
2. سبيل الست صالحة
3. سبيل رقية دودو
4. سبيل أم مصطفى فاضل
اقرأ أيضا| مهنة روت الظمأ لآلاف السنين.. حكايات السقا المصري
هذا التسلسل يُبرز كيف كانت النساء، خصوصًا من الطبقات الراقية، يسهمن في الأعمال الخيرية والإنشائية، ما يعكس الدور الفاعل للمرأة في المجتمعات الإسلامية.
◄ الأهمية التاريخية والثقافية
لا يُعد سبيل نفيسة البيضاء مجرد بناء أثري، بل هو انعكاس للحقبة العثمانية في القاهرة وازدهارها. كان السبيل جزءًا من شبكة خدمات عامة تقدمها الطبقة الحاكمة للمجتمع، تأكيدًا على قيم التكافل والرعاية. إضافةً إلى ذلك، يرمز السبيل إلى الأدوار المتعددة التي لعبتها المرأة في الحياة الاجتماعية والثقافية آنذاك.
رغم مرور القرون، لا يزال سبيل نفيسة البيضاء يحافظ على هيبته، لكنه يتطلب اهتمامًا مستمرًا من الجهات المختصة للحفاظ عليه كجزء من تراث القاهرة الإسلامي.
يظل سبيل نفيسة البيضاء أحد المعالم البارزة التي تعكس روعة الطراز العثماني ودور المرأة في العمارة الإسلامية. هذا السبيل ليس مجرد أثر تاريخي، بل هو قصة إنسانية وثقافية تُبرز كيف امتزج الفن بالخدمة المجتمعية في أبهى صورها.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة