صورة موضوعية
صورة موضوعية


فلسطين ..عدوان مستمر والأمل فى حل الدولتين

أسامة عجاج

السبت، 28 ديسمبر 2024 - 04:01 م


لن نقول إن ٢٠٢٤ عام الانكسارات العربية، فما يحدث فى ملف الصراع العربى الاسرائيلى يمثل مرحلة من نضال طويل قد تكون اسرائيل قد حققت فيه نجاحات بشكل مرحلى وحققت فيه انجازات تكتيكية ولكنه جولة من مواجهة طويلة مستمرة منذ ٧٥ عاما.

وفى هذا الملف حول حصار عام ٢٠٢٤ الذى يغادرنا بعد أيام قليلة محاولة لرصد ما يجرى على صعيد عدد من الدول العربية وكلها ملفات مفتوحة مثل ليبيا التى عانت كثيرا من الانقسامات الداخلية ولكنها بعد حوالى عشر سنوات تسير باتجاه تحقيق مصالحة وطنية، وكذلك السودان الذى يعيش مأساة إنسانية حقيقية بعد الصراع العسكرى بين قوات الجيش الوطنى السودانى وقوات الدعم السريع يدفع ثمنها الآلاف من المدنيين.. ولا يختلف الأمر عن بقية الساحات الخمس فى فلسطين حيث اسرائيل مستمرة فى عدوانها على قطاع غزة حيث نالت الى حد ما من قدرات المقاومة الفلسطينية.

أما فى لبنان فقد شهدت جبهات المواجهة هدنة من طرف واحد مع حزب الله ولكن الطريق انفتح امام تنفيذ القرار الدولى ١٧٠١ وفى سوريا التى سقط فيها نظام بشار الأسد فى مفاجأة العام فقد استثمرت إسرائيل تلك الظروف لإنهاء قدراتها..وكذلك الوضع فى العراق واليمن.
وهذه محاولة لمزيد من التفاصيل..

وكأن عام ٢٠٢٤ الذى يغادرنا غير مأسوف عليه لايريد أن يترك الشعب الفلسطينى سوى بمزيد من الألم وكانه لم يكتف بشلال الدماء الزكية التى سالت على كل البقاع الفلسطينية فى قطاع غزة والضفة الغربية ومدينة القدس وكأنه لايريد له حتى الفرحة المحدودة والبسيطة بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بعد اجتماعات ماراثونية شهدتها القاهرة بين كافة الفصائل للاتفاق على برنامج وطنى واحد لمواجهة التهديدات والتحديات الأصعب وغير المسبوقة التى تواجه القضية الفلسطينية فى ظل عدوان إسرائيلى هو الأطول والأشرس منذ أكتوبر من العام الماضى حيث يعيش مخيم جنين كابوسا صعبا من مواجهات عسكرية بين قوات الأمن الفلسطينى وكتائب سرايا القدس التابعة لتنظيم الجهاد الإسلامى والتى بدأت فى الخامس من ديسمبر الحالى فى تكرار لمشهد تم فى إبريل وفى سبتمبر الماضى حيث بدأت السلطة عملية أطلقت عليها «حماية وطن»، حيث تتحدث السلطة عن أن الهدف هو ملاحقة الخارجين عن القانون ونزع سلاحهم وبسط السيطرة على المخيم فى ظل مخاوف من السلطة من مخطط لنشر الفوضى فى الضفة وصولا إلى تقويضها وإعادة احتلالها وأنها لن تسمح بتكرار ماحدث فى غزة. وقال وزير الداخلية زياد هب الريح إن «الأجهزة الأمنية تسعى لدفع الشباب للالتزام بالقانون والبرنامج الوطنى الفلسطينى فى ظل التغيرات الراهنة فى المنطقة، بينما ترى الكتبية أن الهدف هو ملاحقة المقاومين ونزع سلاحهم وتقول إنه موجه للاحتلال الإسرائيلى وليس ضد السلطة الفلسطينية.

ولعل هذا التطور المحزن سيؤثر بالسلب على التوافق الذى سعت إليها مصر للانتهاء من لجنة إدارة قطاع غزة فور وقف إطلاق النار وحقق بالفعل نجاحا عبر التوصل إلى اتفاق حول كافة التفاصيل الخاصة بعملها وتشكيلها حيث ستضم مابين ١٠ إلى ١٥ عضوا من الكفاءات من المستقيلين تملك الخبرات والقدرات والتخصصات المتنوعة ومهماتها تقديم كافة أنواع الخدمات والاحتياجات لمواطنى القطاع ومعالجة آثار الحرب والإشراف على عمليات الإغاثة وتشرف على منافذ القطاع كما كان متبعا قبل أكتوبر ٢٠٢٣ وتشكيل صندوق دولى لإعادة الإعمار وهى تتبع النظام السياسى فى الضفة ولا يؤدى تشكيلها إلى فصل غزة عن باقى الاراضى الفلسطينية، مرجعيتها الحكومة والهيئات الرقابية التابعة للسلطة. وهى تنتظر توقيع الرئيس محمود عباس لبدء عملها بالتنسيق مع رئيس الحكومة الفلسطينية الدكتور محمد مصطفى.

ولم يختلف هذا العام عن سابقيه سوى فى ارتفاع حجم المأساة الإنسانية التى يعيشها قطاع غزة، حيث ارتفع عدد الضحايا إلى ٤٧ ألفا وعشرات الآلاف من الجرحى وآلاف المفقودين تحت الأنقاض واعتقال ١٢ ألفا مع نسف مربعات سكنية كاملة ومسح مناطق سكنية من على الخريطة فى مخيم جباليا ومدينة رفح. وقد وصل ركام الهدم إلى ٦٠ مليون طن تحتاج إلى عشرات السنين لمجرد إزالتها وعقود طويلة لإعادة الإعمار مع نزوح حوالى مليون و٩٠٠ ألف فلسطينى وتدمير هائل للبنية التحتية وانخفاض حاد فى الناتج المحلى فى الضفة وصل إلى ٢٣ بالمائة وفى قطاع غزة ٨٦ بالمائة و٩١ يعانون من انعدام الأمن الغذائى الحاد وخطر المجاعة مرتفع وقد كشف تقرير من البنك الدولى صدر منذ اقل من اسبوع عن ان العدوان يخلف أزمة غير مسبوقة. 

وقد تعددت المظاهر التى تدعو إلى الإحباط على الصعيد الفلسطينى خلال العام الحالى ومنها التراجع الواضح فى قدرات المقاومة الفلسطينية خاصة حركة حماس نتيجة استمرار المواجهات لأكثر من عام وثلاثة شهور واستخدام إسرائيل لكل قدراتها التدميرية فى هذا الإطار لدرجة أن الحركة لجأت خلال هذا الشهر إلى اتباع آليات جديدة فى المواجهة مثل استخدام أساليب تكتيكية جديدة مثل الطعن والعمليات الاستشهادية وهى آليات حرب العصابات ويعود ذلك إلى استهداف إسرائيل مخازن الأسلحة والصواريخ وتكشف التقارير أن حماس كانت تملك قبل العدوان الأخير مايزيد على ٦٠ ألفا من الصواريخ كما خسرت معظم الأنفاق، كانت اسرائيل تعتقد أن حماس أقامت أنفاقا بحوالى ٥٠٠ كيلو ولكن تقديراتها كانت خاطئة ووفقا لبعض التقارير فإن حماس خسرت ٧٥ بالمائة من قدراتها القتالية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد استمرت سياسات إسرائيل الاستيطانية خاصة فى الضفة الغربية فى ظل خطة جاهزة وقديمة تحت اسم «الحسم » تهدف إلى ضم الضفة والتى سبق أن أقرتها الحكومة الإسرائيلية منذ سنوات بدعم وموافقة الرئيس المنتخب ترامب لحسم الصراع استراتيجيا والذى سبق إعلانه أنه أعطى تعليماته لبدء الاستعدادات لفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة.

 وبتوافق مع عناصر اليمين المتطرف فى الحكومة ووزرائها مثل بن غفير وسموتريتش مع تكريس سياسة تسليح المستوطنين فى الضفة والقدس ويصل عددهم إلى ٨٠٠ ألف والذى ساهم فى زيادة اعتداءاتهم على المواطنين ومنازلهم وممتلكاتهم وآخر إجراء خطير ما قام به وزير المالية بيسلئيل سموتريتش حيث أعلن عن مصادرة ٢٣ ألف دونم من أراضى الضفة الغربية ويمثل الرقم الأكبر الذى يتم الإعلان عنه فقد وصل حجم ماصادرته إسرائيل منذ اتفاق أوسلو ٥٠ ألف دونم تنفيذا لخطة تعمل عليها إسرائيل أعدها المجلس الإقليمى للمستوطنات لإضافة أربع مدن جديدة وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على مناطق شاسعة. 

وقد ظهر واضحا أن العام الحالى الذى سينتهى بعد أقل من يومين من وجود صراع بين المجتمع الدولى وإسرائيل حول إقامة الدولة الفلسطينية باعتباره فى قلب إنهاء الصراع ففى ١٨ يوليو الماضى صوت الكنسيت على قانون يرفض إقامة الدولة الفلسطينية، كما أن هناك محاولة لتعديل قانون الاستفتاء الذى أقره الكنيست فى عام ٢٠١٠ والذى ينص على ضرورة توافر أغلبية ثلثى الأعضاء أو إجراء استفتاء عام قبل أى انسحاب أو تنازلات فى الضفة والمياه الإقليمية.

أما على الصعيد الدولى فاعتمدت الأمم المتحدة فى يوليو الماضى قرارا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية الدولة باعتراف ١٤٢دولة، كما بدأت الدول العربية تحركا متميزا منذ سبتمبر الماضى بالسعى إلى تحقيق إجماع دولى للاعتراف بالدول الفلسطينة بالتنسيق مع عدد من الدول الأوروبية حيث تم عقد اجتماع شارك فيه عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين بين مجموعة الاتصال العربية والإسلامية التى تم تشكيلها فى قمة جدة العام الماضى مع مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الاوربى جوزيب بوريل، ويبدو أن أوروبا تساهم بدور مهم فى هذا المجال فهناك ثلاث دول:إسبانيا والنرويج وأيرلندا سبق لها أن اعترفت بالدولة الفلسطينية فى ٢٨ مايو الماضى، وكانت السعودية قد دعت فى سبتمبر الماضى إلى إطلاق تحالف دولى لتنفيذ حل الدولتين عقد اجتماعا له فى العاصمة الرياض، وفى نفس الإطار فقد تم الكشف عن توافق فرنسى سعودى أثناء زيارة ماكرون للسعودية فى ٢ ديسمبر الحالى على ترؤس مؤتمر دولى فى نيوريورك فى يونيو القادم بشأن إقامة الدولة الفلسطينية وهو ما أكده مجلس الوزراء السعودى فى اجتماعه الأخير الأسبوع الماضى.




اقرأ أيضًا | عام المتغيرات الكبرى والملفات المفتوحة




 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة