الطفل محمد سامى خلال عمله على عربة الطعام
الطفل محمد سامى خلال عمله على عربة الطعام


أحلام «نجم المنشية» والطفل محمد.. طالب نهارًا وشيف مساءً

عفاف المعداوي

السبت، 28 ديسمبر 2024 - 07:53 م

بين أزقة منطقة المنشية فى الإسكندرية، يبرز وجه صغير مبتسم، يحمل فى يديه طبقًا مليئًا بالسندوتشات، ليست فى «لانش بوكس» ليوم مدرسى طويل، إنما للزبائن الذين يلتفون حوله يوميا، فى أكثر مناطق الإسكندرية زحامًا وصخبًا.

إنه محمد سامى، الطفل البالغ من العمر 12 عامًا، الذى لا يملك سوى أحلام كبيرة وطاقة لا حدود لها، برغم صغر سنه، فهو ليس طفلًا عاديًا إنما نجم عربة طعام بسيطة تقف على ثلاث عجلات، تشع منها رائحة الكبدة والسجق الطازجة التى يجذب بها الزبائن يوميًا.

اقرأ أيضًا | ريادة مصرية فى الغزل والنسيج وتوجيهات رئاسية باستمرار التحديث

يرتدى محمد ملابس «الشيف» بفخر، كأنه يعلن للعالم أن هذا المكان هو مملكته، ويقول محمد بابتسامة تخفى وراءها الكثير من الجهد: «أنا أقوم بصنع السندوتشات وأقدمها للزبائن، كل يوم بتعلم حاجة جديدة، أنا لا أشارك والدتى فى العمل، بل أنا أساس هذا المشروع، الذى يمثل شريان الحياة لى ولوالدتى».

محمد يعيش مع والدته، هيام أحمد، التى انفصلت عن والده منذ سنوات، ورغم الظروف، لم يتردد هذا الطفل فى أن يصبح سندًا لها، ويقف بجانبها يوميًا على العربة، يبدأ يومه منذ الصباح الباكر، حيث يتوجه إلى السوق لشراء الخضراوات والمستلزمات اللازمة، ثم يعود ليساعد أمه فى إعداد العربة والعمل عليها حتى الليل.

يقول محمد، «أنا أحب أساعد ماما لأنها تعبت كثيرًا من أجلى، أتمنى أن أكبر ويكون عندى كرفان أكل كبير وأصبح شيفًا مشهورا»، وهذا هو حلمى البسيط الذى أحمله رغم المسئوليات الكبيرة التى تقع على عاتقى.

ويضيف محمد : «أثناء يومى الدراسى أكون مركزًا جدا فى المدرسة، وأحاول أن أنهى واجباتى المدرسية فى المدرسة فى الحصص البسيطة مثل حصص المجالات التى لا يكون فيها مجهود كبير، وأيضا حصص الألعاب، وأقوم بإنهاء واجباتى المدرسية سريعا، وأستغل وقت عودتى من المدرسة، فى المذاكرة، أنا لا أعود للبيت بل أعود للعربة مشروعى وحلمى، وأقوم بمجرد وصولى بخلع حقيبتى، وأبدأ بالعمل، لأن والدتى تكون قد أنهكت فى العمل أثناء وجودى فى المدرسة».

وتابع محمد: «أنا فخور جدا بما أقوم به، أنا أحلم أن أكون مشهورا مثل الشيف بوراك، وأن أقدم الأطعمة فى المناطق المنكوبة والمناطق الفقيرة، وأطعم الفقراء بيدى وخاصة الأطفال، أنا أحلم وأبذل الجهد وكلى ثقة فى الله أنه لن يضيع تعبى وتعب والدتى أبدا، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا».

تقول هيام والدة محمد وهى تنظر له بفخر، إنه لا يعمل فقط على العربة، بل يتعامل أيضًا مع ضغوط أخرى، فأنا أعانى من مرض السكرى، وفى إحدى المرات فقدت وعيى، ليبادر محمد بمساعدتى ويثبت أنه رغم صغر سنه، قادر على تحمل المسئولية، ليقاطع محمد حديث والدته وهو يعد إحدى السندوتشات، «أنا قمت بعمل عصير لماما حينما تعبت، وشعرت وقتها أنى لابد أن أكون قويا من أجلها.»

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة