صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


نصف البريطانيين متشائمون من 2025.. موجة من الكآبة تجتاح المملكة المتحدة

سامح فواز

الأحد، 29 ديسمبر 2024 - 01:03 م

كشف استطلاع جديد للرأي أجرته مؤسسة "مور إن كومون" البريطانية عن حالة غير مسبوقة من التشاؤم تجاه المستقبل في المملكة المتحدة، حيث أظهرت النتائج أن الغالبية العظمى من البريطانيين يتوقعون أن يكون عام 2025 أسوأ من سابقه، فب حين يأتي هذا الاستطلاع، الذي شمل أكثر من 2400 شخص، ليوجه ضربة قوية لطموحات زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، الذي يسعى جاهداً لرفع معنويات الأمة وسط تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة.

 

أرقام تعكس واقعاً مقلقاً

وفي تفاصيل مثيرة نشرتها صحيفة التليجراف البريطانية، فإن نصف المواطنين البريطانيين يعتقدون أن العام المقبل سيكون أسوأ من العام الحالي، في حين لم يتجاوز عدد المتفائلين نسبة 23% فقط. 

اقرأ أيضًا| تعيين بيتر ماندلسون سفيرا لبريطانيا لدى الولايات المتحدة

وتكشف الأرقام عن عمق الأزمة المعنوية التي تعيشها البلاد، إذ يرى 18% من المشاركين في الاستطلاع أن الأوضاع ستكون "أسوأ بكثير"، بينما يتوقع 27% فقط أن تظل الأمور على حالها دون تغيير. 

وتعكس هذه النتائج حالة من الإحباط العميق وفقدان الثقة في قدرة النظام السياسي على معالجة التحديات المتراكمة التي تواجه المملكة المتحدة.

وفي تحليل عميق للنتائج، يقول لوك تريل، المدير التنفيذي لمؤسسة "مور إن كومون"، إن هذا التشاؤم يعكس "شعوراً وطنياً عميقاً بالكآبة"، مضيفاً أن هذه الحالة نتجت عن مزيج من خيبة الأمل المستمرة في أداء الحكومة الحالية، وعدم قدرة حزب العمال على تقديم رؤية مقنعة لـ"أجندة التغيير" التي وعد بها. 

ويشير تريل إلى أن "الأمور ظلت سيئة لفترة طويلة لدرجة أن الناس يجدون صعوبة في تخيل أنها يمكن أن تتحسن".

 

الانقسام السياسي وتأثيره على النظرة المستقبلية

وتكشف نتائج الاستطلاع عن انقسام حاد في التوقعات المستقبلية بين مؤيدي الأحزاب المختلفة، فبينما يظهر مؤيدو حزب العمال قدراً أكبر من التفاؤل، حيث يعتقد 48% منهم أن العام القادم سيكون أفضل، مقابل 30% يرون العكس، تبرز مستويات قياسية من التشاؤم بين مؤيدي حزب الإصلاح البريطاني، إذ يتوقع 65% منهم تدهور الأوضاع في 2025. 

ولا يختلف الأمر كثيراً بين مؤيدي حزب المحافظين، حيث وصلت نسبة المتشائمين بينهم إلى 64%.

وفي سياق متصل، يواجه حزب العمال تحدياً كبيراً في إقناع الناخبين بقدرته على إحداث تغيير حقيقي، إذ أظهر الاستطلاع أن أكثر من ثلثي البريطانيين لا يثقون في قدرة حكومة كير ستارمر المحتملة على تحقيق وعودها الرئيسية، خاصة فيما يتعلق بخفض أعداد المهاجرين غير الشرعيين وتقليص قوائم انتظار المرضى في هيئة الصحة الوطنية. 
هذه النتائج تشير إلى أزمة ثقة عميقة بين المواطنين والطبقة السياسية بشكل عام.

مخاوف عالمية وتحديات مستقبلية

وتمتد المخاوف البريطانية إلى ما هو أبعد من الشأن المحلي، حيث يسود القلق من التحديات العالمية المتزايدة، وتشير صحيفة التليجراف إلى أن 57% من البريطانيين يتوقعون تسجيل درجات حرارة قياسية في عام 2025، في حين يخشى نصف المشاركين من التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمي.

وتزداد المخاوف حدة عندما يتعلق الأمر بالنزاعات الدولية، حيث يخشى أكثر من ثلث المشاركين (36%) من إمكانية تصاعد الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط إلى حرب عالمية، كما يسود شعور بالتشاؤم تجاه إمكانية حل هذه النزاعات، حيث لا يتوقع أكثر من 30% من المشاركين انتهاء الحرب في أوكرانيا أو الصراع في غزة خلال عام 2025.

اقرأ أيضًا| منها ضريبة الميراث على المزارعين| الوزراء البريطاني: لست نادما على قراراتي

 

نظرة تحليلية للمستقبل السياسي

ورغم حالة التشاؤم العامة، يبدو أن البريطانيين متفقون على استمرار السير كير ستارمر في منصبه كرئيس للوزراء حتى نهاية عام 2025، وذلك بأغلبية كبيرة بلغت 56% مقابل 29%. 

ومع ذلك، فإن هذا التوقع لا يعكس بالضرورة ثقة في قدرته على إحداث تغيير جوهري، حيث يرى 66% من المشاركين أن حزب العمال يمثل "امتداداً للنهج السابق" ولا يقدم بديلاً حقيقياً عن حكومة المحافظين.

وفي نظرة تقييمية لدقة التوقعات السابقة، تشير الصحيفة إلى أن توقعات البريطانيين لعام 2024 لم تكن دقيقة بالكامل، فبينما نجحوا في توقع فوز ستارمر في الانتخابات، أخطأوا في تقدير فرص دونالد ترامب في السباق الرئاسي الأمريكي. 

كما توقع البعض أحداثاً لم تتحقق، مثل غزو الصين لتايوان وترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا.

وتخلص الجارديان إلى أن حالة التشاؤم السائدة في بريطانيا تعكس أزمة عميقة تتجاوز مجرد القلق من المستقبل، لتصل إلى فقدان الثقة في قدرة النظام السياسي بأكمله على مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه البلاد. 

وتضع هذه النتائج حزب العمال وزعيمه كير ستارمر أمام تحدٍ كبير يتمثل في إقناع البريطانيين بقدرتهم على تحقيق التغيير الحقيقي الذي يتطلع إليه المواطنون.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة