اتهامات كثيرة ألقيت علي السلطات المعنية بأن تحركها في ملف إزالة الألغام من الساحل الشمالي الغربي بطيء واتهامات أخرى ألقيت علي الدول الأوربية التي زرعت الألغام حول تنصلها عن مسئوليه إزالة الغام زرعتها قواتها. الأسبوع الماضي زار وفد من السفراء الأوربيين منطقه العلمين في إطار احتفالهم السنوي بذكري الحرب العالمية الثانية وزيارة النصب التذكاري لضحاياهم وقد شهدت هذه الزيارة تخصيص منحه أوربية قدرها 4،5مليون يورو بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وذلك في إطار المرحلة الثانية من مشروع تطهير هذه المنطقة من الألغام. ويقول جيمس موران سفير الاتحاد الاوربي بالقاهرة إن الكم الكبير من مخلفات الذخيرة غير المتفجرة في هذه المنطقة يظل يمثل مخاطر كبيرة أمام تنمية الساحل الشمالي . وتابع : ساعدت الدول الأعضاء ممن شاركت بالحرب العالمية الثانية في رفع الألغام علي مدي السنوات الماضية ولكن هذه هي المرة الأولي التي يشارك فيها الإتحاد الأوروبي بنفسه في هذه المجهودات وهذه المساهمة الأكبر من نوعها . واعترف بأنه أدرك حجم مشكله الألغام في منطقه الساحل الشمالي الغربي حينما زارها بنفسه منذ عامين لإحياء الذكري السبعين لمعركة العلمين وبالرغم من إزالة الكثير منها علي مدار سنوات بمساهمه دول ومنظمات دوليه وبجهود لمهندسي الجيش المصري إلا أن المشكلة ما تزال قائمه وهناك ضحايا يسقطون يوميا نتيجة لها إلى جانب صعوبة تنميه تلك المنطقة.  ويضيف السفير فتحي الشاذلي مدير الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي بوزارة التعاون الدولي انه تم حتى الآن تطهير أكثر من 83الف فدان لحساب وزارتي الإسكان والزراعة ،وحتى الآن مازالت الوزارتين بصدد الاستفادة والتي لم تتحقق ميدانيا للان !  وأضاف : تلقينا طلبات من وزارات الزراعة والإسكان والبيئة لتطهير 290الف فدان والجيش هو الشريك الأساسي في هذا العمل حيث يتوقع الجيش تطهير هذه المساحة خلال ثلاث سنوات  وقال الشاذلي، إنه لم يتم تنمية أي من المناطق التي تم تطهيرها في السابق حتى الآن،، حيث طهرنا أماكن في منطقه الحمام ،وأماكن أخرى لصالح السكان قرب وادي النطرون وللأسف سرقها البدو لان المستفيدين لم يستفيدوا منها!  وأضاف السفير فتحي الشاذلي: "بدأ مشروع دعم خطة تنمية الساحل الشمالي الغربي والمرحلة الثانية من العمل المضاد للألغام منذ عام 2007 كشراكة جماعية بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة التخطيط ووزارة التعاون الدولي ووزارة الدفاع ، ويهدف إلي دعم تنمية الشارع الساحل الغربي والصحراء الداخلية ويتعامل مع مشكلة الوفيات والإصابات بسبب الألغام التي وصلت إلي 8313 697 حالة وفاة و7616 إصابة" طبقا لوزارة الخارجية . وقال إن مبلغ المنحة الأوربية الأخيرة سيذهب 60 في المائة منه لشراء الآلات التي يستخدمها سلاح المهندسين أما الشريك الأممي في هذا التعاون وهو إجناثيو آرتذا المدير القطري ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فيقول إن المنحة الأوربية تعتبر تلبيه لمسئوليه تاريخيه من جانب المشاركين في الحرب من اجل التعافي الكامل لمصر وليس فقط لتنميه مصر ودعم القدرات الاقتصادية لها، وقال إن حجم المخلفات التي خلفتها معركة العلمين كبير جدا ووفق التقديرات تزيد عن 2000 لغم وتطهيرها بلاشك سيستغرق وقتا . وتابع : إن البرنامج الذي يتم من خلاله مساعده مصر في إزالة الألغام بالتعاون مع الاتحاد الأوربي والذي يخصص فيه 4،5 مليون يورو ويستمر إلى عام 2017 ستوفر من خلاله آلات ومعدات لوزارة الدفاع  أما سفير بريطانيا بالقاهرة جون كاسن ،والتي كانت بلاده تقود فريق الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ،فيعترف أن مشكلة الألغام في منطقة العلمين تعتبر جزء من الإرث الخاص بالحرب العالمية الثانية والذي توارثه الجميع ولحل هذه المشكلة لابد من تضافر جميع الجهود. وقال :تدعم بريطانيا الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والتي بدأت عام 2007 للقضاء على الألغام في منطقة الساحل الشمالي الغربي لمصر،وسوف نشارك في المرحلة الثانية التي يقوم بها الإتحاد الأوروبي بالتعاون مع الأمم المتحدة مشيرا إلي أن بلاده تعد ثاني اكبر ممول لأنشطة الاتحاد الأوربي ،وقال إن هذه المنحة ستقوي من دور المؤسسة العسكرية في هذا العمل إلى جانب التوعية بمخاطر الألغام ومساعده الضحايا.  ووصف كاسن ذلك بأنه خطوه في طريق طويل ،واعتبر أن تعاون القطاع الخاص والمجتمع الدولي والمصريين مؤشرا للتفاؤل بحل هذه المشكلة،وكل إزالة للغم واحد هو علامة للأمل. وعلي الجانب الآخر يري السفير الألماني بمصر هانس يورج هابر ،والذي كانت بلاده تقود فريق المحور ،أن القانون الدولي لا يلزم الدول المتحاربة بإزالة الألغام من هذه المنطقة وذلك بالنسبة لمن شاركوا في الحرب العالمية الثانية وقال : ولكن لدواعي إنسانيه قررت المانيا المشاركة منذ عام 2005من خلال التعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ،وقدمت معدات للجانب المصري ،وبعد ذلك تم التعاون من خلال الاتحاد الأوربي باعتبار ألمانيا جزء منه. أما الجهة التي تقوم بالعمل الفعلي وهي القوات المسلحة فيتحدث منها العميد فتحي منصور بفوج تطهير الألغام بسلاح المهندسين ويقول انه تم للان تطهير 112الف فدان من 171الف فدان ومنذ 14 سنه يعمل الجيش في هذا الملف حيث يستخدم معدات تختلف عما تم استخدامه في سيناء حيث أن الأرض في الساحل صخريه بينما في سيناء رمليه مؤكدا علي الخبرة التي اكتسبها الجيش في مجال إزالة الألغام منذ عام 1974في تطهير أراضي سيناء،وساحل البحر الأحمر. وأكد قائلا : نحصل على أعلى شهادات الإشادات في الخارج حيث عملنا تطهير لمسرح العمليات في أعقاب حرب الكويت واشتركت مصر في ذلك مع جنسيات معظمهم إلا أنهم أنهوا التعاقد وغادروا بينما استمرت قواتنا المسلحة واوفقت ووفق معايير الجودة العالمية وبما يفوق حتى دولا متقدمه .  وكشف عن أن مصر بها 21% من حجم الألغام المزروعة علي مستوي العالم والحديث هنا عن الألغام والأجسام القابلة للانفجار أي من أسلحه صغيره إلي قنابل تزن 200رطلا. وأوضح أن هذه المشكلة كبيره وضخمه لأن هذه الألغام بمنطقه الساحل الشمالي الغربي زرعت منذ سنوات طويلة وتغيرت أماكنها بفعل التغيرات الجوية ،فالألغام علي عمق 10امتار وأكثر ،وتؤدي إلي إصابات وقتل للمدنيين بصفه متكررة ،وهناك ضحايا وإصابات من الجيش يجري الاحتفاظ بها ولا تعلن وهي كثيرة جدا. وعن التكلفة المتعلقة بعمليه التطهير قال منصور أن تكلفه مشروع إزالة الألغام عاليا جدا ولو نظرنا إليها لن نعمل ،،وعلي سبيل المثال فالفلبين حدد لها الخبراء الأجانب التكلفة بـ10مليار دولار وزمن التطهير ب300سنه! وتابع : نعمل حاليا في المرحلة الثانية لهذا المشروع والتي تتم وفقا لطلب أي هيئه أو مشروع والتكلفة تخصص من المشروع نفسه للتغلب علي مشكله التمويل العالية .  وقال : انه تم إزالة 23 مليون لغم للان بالرغم انه كان مقدرا أن الموجود 21مليون لغم وهو ما يشير إلى أن تقديرات الألغام عبارة عن حسابات ورقيه فالتقديرات اقل من الحقيقة والأرقام المتوارثة لا علاقة لها بالعمل علي ارض الواقع مشددا علي الاعتماد علي النفس وخبره القوات المسلحة في مجال إزالة الألغام . وأضاف:نفذنا أول مرحله وأي جهة تريد استخدام سطحي للمناطق المطهرة فلا مشكله ، أما المرحلة الثانية فالعمل يتم فيها بناء علي الطلب لعمل مصنع أو حفر أبار بترول. وقال : هذا المشروع وفقا لتقديرات الأمم المتحدة يحتاج 32مليون دولار والدولة لها تخطيط ورأينا دراسات ومجهود رائع لاستغلال كل شبر لكنه يحتاج استثمارات كبيره لذلك ننفذ علي مراحل. وقال : لدينا تعاون مع بعض الدول مثل ألمانيا وايطاليا وأمريكا وذلك في الدراسات ونظم العمل والتدريب والتكنولوجيا و لكن لا نستعين في العمل بهم مباشره لأسباب عسكريه وسياسيه فلا أحد يعمل غير القوات المسلحة "سلاح المهندسين"وذلك في عمليه التطهير ميدانيا . وعن دور الشركات الخاصة وإمكانية مساهمتها في عمليه التطهير قال منصور : من خبرتنا لم نجد أية إضافة يمكن أن تضيفها هذه الشركات.وتابع : خضنا تجربه مع إحداها منذ فترة ولمدة بسيطة واكتشفنا عدم وجود أيه إضافة لهم وهذا ليس للجودة أو الأمن. واستطرد : قد تكون لدينا خشيه وقوع الألغام في يد الإرهاب والتطرف لكننا حريصين كل الحرص علي اتخاذ كل التدابير حتى لا تقع في أيديهم.  تجهيزات كبيرة ويضيف العقيد وائل فاروق عبد الظاهر من سلاح المهندسين أن المرحلة الثانية والتي تجري حاليا يتم فيها استخدام المعدات الميكانيكية المجهزة علي اعلي مستوي تكنولوجي وتأميني ومجهزه بريموت كونتروك للتحكم بها عن بعد مما يعطي درجه عاليه من الأمان ،إلي جانب البدلة والحذاء والماسك الواقي و التي يرتديها العاملين في هذا الحقل ويتوافر منها 240 بدله من خلال المشروع والتي تختلف عن السدر الواقي لقوات للشرطة فثمنها ستة أضعافه. وقال إن هذه التجهيزات،البدلة والماسك والحذاء، تقلل الإصابات في حاله انفجار الألغام أثناء التطهير ولكنها لا تحمي من الإصابة ويسير بها المستخدم لمسافة 10كيلو يوميا !  وأضاف :ندخل في إنتاج مشترك مع دول لإنتاج بعض المعدات التي نستخدمها وكشف أن هناك بالفوج إسعاف مجهز للقيام بالإسعاف السريع لمصاب قبل نقله إلي المستشفي خاصة وأن الإزالة تتم في منطقه صحراويه بعيده عن الأعمار ،كما أن الفوج مزود بحجره للعمليات الجراحية على أعلى مستوى. أما الضحايا فلهم رأي آخر حيث يلقون اللوم علي الجمعيات الأهلية التي تعمل في مجال الألغام .  أحد ضحايا الألغام، مرتاح عوض، روى قصة فقده لساقه قائلا : جري ذلك منذ عام 2000بالقرب من الحدود مع ليبيا وكنت ارعي الأغنام في الصحراء وخلال إعدادي للشاي على النار حدث الانفجار وبعدها لم أدري بشيء.    وتابع: أنا متزوج وعندي أطفال ونتيجة هذه الإعاقة لم أستطع أن أمارس عملي مما اثر علي مشتوي معيشتي ،،فموردي الوحيد هو معاش الشئون الاجتماعية وقدره 240جنيه فقط إلى جانب منحه سنوية قدرها 750جنيه من الشؤون الاجتماعية ومره تصرف ومرات لا تصرف!والقي باللوم علي الجمعيات الأهلية التي تأخذ أموالا لمساعدتهم ولكنها تقصر في ذلك !  أما جويده حميده فيشير إلي مشكله أخري وهي الأطراف الصناعية التي تقدم لهم كمساعده ،حيث تم تركيب ساق صناعية له واغلب أجزائها صناعه صينيه ،تم تركيبها له عام 1993وبعد فتره قليله شرخت ولذلك لا يستطيع المشي بها لأنها تؤلمه. وناشد المعنيين بالاهتمام بهذه الإطراف الصناعية فبينما تتميز إجراءات التركيب بالسرعة إلا أن جوده الطراف ضعيفة جدا ولا يتم الصيانة الدورية لها وليست علي المواصفات المطلوبة، وطالب بالمساعدة في عمل مشروعات صغيره لمواجهه أزمة البطالة بعد إصابتهم وتوزيع قطع من الأراضي التي يقال انها طهرت لكي يزرعونها .  وقال انه بالرغم من أن هناك جمعيه لضحايا الألغام في مطروح الا انها تستخدم للاتجار بهم وعلي حد قوله "بشحتوا علينا" "والفلوس بتروح فين لا نعلم" !  برواز  المتحف والألغام المزالة  يضم فوج التطهير من الألغام متحفا يشمل المعدات الحربية والملابس وكافه المتعلقات للجنود التي شاركت بمعركة العلمين والتي جري العثور عليها خلال عمليه الإزالة ،،ومنها الخطابات التي كان يكتبها الجنود لأسرهم ومنها خطاب كان يشكي فيه احد الجنود لامه ويلات الحرب،، ومجموعه من الجرائد والتي كانت ترسل للجنود في البريد وكما أكد لنا مسئولي الفوج حاولت بعض الدول الحصول علي هذه المتعلقات بأي ثمن إلا أن ذلك قوبل بالرفض التام. وهناك أيضا موقعا مخصصا لوضع بعض الألغام والقطع الحربية القابلة للانفجار والتي تم العثور عليها وتم وضعها في مكان وشدد علينا قبل الدخول بعدم اللمس أو أن يشعل البعض السجائر.