المستشار السابق لرئيس أفريقيا الوسطى: إبادة جماعية للمسلمين برعاية فرنسية

محمد سعيد إسماعيل مستشار رئيس افريقيا الوسطى السابق

الإثنين، 17 مارس 2014 - 05:21 ص

بوابة أخبار اليوم

مأساة تفوق الحدود يعيشها مسلمو أفريقيا الوسطى الذين ذاقوا شتى أنواع العذاب والقتل والحرق والتمثيل بالجثث على يد عصابات مسيحية مسلحة. وبينما يظن البعض أن ما يحدث هو فتنة دينية تجسدت في أبشع صورها إلا أن هناك حقائق أخرى غابت عن المشهد تتعلق بفكر المحتل الذي يغزو دول العالم الثالث بحثا عن ثرواتها ولازال يتحكم بساساتها ليحقق مصالحه. أنه ذلك الاستعمار الفرنسي الذي تحكم في الدول الأفريقية لعقود ونهب ثرواتها ولازال حتى اليوم يمتلك خيوط اللعبة السياسية في كثير من مستعمراته الأفريقية لتحقيق مصالحه. أفريقيا الوسطى البلد الإفريقية الغنية بالنفط واليورانيوم أبرمت عقودا مع أمريكا والصين وجنوب أفريقيا لبيع ثرواتها، وهو الأمر الذي لم ينال استحسان فرنسا أول دولة مصدرة لليورانيوم في العالم والتي تصدره ولا تمتلكه بل تأخذه من الدول الأفريقية.فأرادت أن تغير واقع البلاد عبر فتنة دينية قتلت عشرات الآلاف من المسلمين وقد تؤدي لتقسيم البلاد إلى نصفين. وبعيدا عن التحليلات السياسية أشارت آخر إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن من تبقى من مسلمين أفريقيا الوسطى في العاصمة أصبحوا أقل من ألف شخص من أصل 145 ألف شخص كانوا يعيشون في العاصمة وأن هنا قرى ومدن للمسلمين في الغرب أختفت تماما وقتل سكانها وتقدر أعدادا القتلى المسلمين بعشرات الآلاف في جرائم وصفت بأنها أبادة جماعية تعرض لها المسلمون منذ ديسمبر الماضي والتي أرتكبتها عصابات الأنتي بالاكا. وكي نفهم واقع ما حدث من جرائم في حق المسلمين ولازال يحدث حتى اليوم في أفريقيا الوسطى أجرينا هذا الحوار مع محمد سعيد إسماعيل المستشار السابق لرئيس أفريقيا الوسطى السابق لشئون العالم العربي والاسلامي وهو أحد الناجين من المذابح والذي يقدم شهادته عن أبشع جرائم الإبادة العرقية التي تعرض لها المسلمون في بلده. تشير التقارير الدولية انه كان هناك قرابة المليون مسلم في أفريقيا الوسطى قبل المذابح قتل منهم عشرات الآلاف فهل يوجد إحصائيات عن عدد القتلى؟ وما طبيعة الوضع الآن؟ تشير التقارير أن عدد المسلمين يمثل 15% من السكان في أفريقيا الوسطى ولكن هذه الأرقام والنسب غير صحيحة، لأن البلد لم تجرى بها إحصائيات دقيقة منذ عشرين عاما، وآخر تقرير للأمم المتحدة أشار أن عدد سكان أفريقيا الوسطى 4.5 مليون نسمة، ولكن الحقيقة أن عددهم يفوق 7 مليون نسمة 30% منهم مسلمين، ولا يوجد إحصائية دقيقة لأعداد المسلمين الذين قتلوا في أحداث العنف الأخيرة والأرقام المعلنة ليست دقيقة. ما الوضع الآن في أفريقيا الوسطى؟ الوضع الآن في بانجي العاصمة أنه لم يعد هناك مسلمين غير في حي واحد محاصر الآن من قبل الميلشيات المسيحية واختفى المسلمون تماما من الغرب والجنوب ولم يعد هناك مسلمين غير في الشمال والشرق حيث توجد السيليكا، أما عن طبيعة الجرائم التي تعرضوا لها فبدأت بالتعذيب والاغتصاب والقتل والتنكيل بالجثث وتقطيعها إلى أشلاء وحرق البعض أحياء ولم يسلم منها صغير او كبير وحرق أكثر من 350 مسجد ومزقت المصاحف وكانت تداس بالأقدام. في رأيك هل تسببت الأزمة السياسية التي عاشتها أفريقيا الوسطى منذ العام الماضي والتي انتهت بإستقالة اول رئيس مسلم في تاريخها إلى حدوث هذه المجازر في حق المسلمين؟ الموضوع بأكمله يتعلق بفرنسا التي أرادت أن تغير النظام في أفريقيا الوسطى فكان يجب أن يكون لها ذريعة، ومعروف عنها أنها احيانا تستخدم ذرائع قبلية وأحيان أخرى تستخدم ذرائع دينية، وما حدث في أفريقيا الوسطى هو إستخدامها للعنف الديني كأداة لتحقيق أهداف، وما فعلته فرنسا أنها حرضت قطاع طرق ولصوص على مهاجمة المسلمين وصدروا للعالم الصورة في البداية بأن ما يحدث في أفريقيا هو ثورة على الرئيس وسياساته الخاطئة، والحقيقة أنه قبل وصول ميشيل جوتوديا أول رئيس مسلم للحكم كان هناك رئيس آخر هو فرانسوا بوزيزي والذي وقع عقود بترول ويورانيوم مع الصين وجنوب أفريقيا. وهذا الكلام لم ينال استحسان فرنسا فساعدت قوات السيليكا في القيام بإنقلاب والاستيلاء على السلطة لغرض معين هو الاطاحة بالرئيس وعندما انتهى دورهم باستقالة الرئيس تم التضحية بهم واصبحت حرب على المسلمين، وتحالف سيليكا مكون من اربع مجموعات 3 منهم مسلمين والمجموعة الرابعة مسيحية، والسيليكا تمثل 5. % فقط من المسلمين في أفريقيا الوسطى، أما المسلمون الذين يقتلون الآن فهم تجار ورعاة ومزارعين ليس لهم أي علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد. ما طبيعة دور قوات حفظ السلام الموجودة في أفريقيا الوسطى؟ ولماذا لم تحمي المسلمين من هذه المذابح؟ قوات حفظ السلام الموجودة هي قوات أرسلها الآتحاد الأفريقي ولديها مشكلة نقص الأموال وقصور في الإمكانيات، لذا فأوروبا هي من تمدهم بالمساعدة و فرنسا هي من تخطط وتحركهم،وبالتالي فقوات حفظ السلام الأفريقية تؤدي الدور الذي ترسمه لها فرنسا دون أن تنتبه لخطورة ذلك. وفقا للاتفاقيات مع الاتحاد الافريقي سترحل القوات الفرنسية وقوامها 2000 جندي عن أفريقيا الوسطى بعد اشهر قليلة كيف سيكون وضع المسلمين حينها؟ القوات الفرنسية مدتها تنتهي بعد أربعة أشهر والمسلمون أقوى رغم أنهم أقلية، لذا ستئول إليهم الأمور في النهاية، فهل سيتناسون ما أرتكب في حقهم من مذابح أم ستدخل البلاد في موجة جديدة من العنف عنوانها الثأر والإنتقام؟، أعتقد أن الأزمة لن تنتهي بسهولة وربما يصل الأمر إلى تقسيم أفريقيا الوسطى إلى دولتين دولة مسلمة في الشمال ودولة مسيحية في الجنوب. ماذا عن منظمة الصليب الأحمر ألم تقم بأي دور حماية للمسلمين ؟ الصليب الأحمر عمال وسيارات نقل موتى، هذا هو تأثيرهم لكن لا ينقذون أحدا ولم يوقفوا ارتكاب جرائم. الصور والفيديوهات التي تعرض المأساة تشير إلى حالة كراهية غريبة جعلت المجرمين يمزقون الجثث ويأكلوها في بعض الأحيان..ما السبب في حدوث تلك الانتهاكات والجرائم الصارخة من وجهة نظرك؟ الموضوع ليس عداءا بين مسلمين ومسيحيين كما يصور البعض، الأمر يتعلق بتوصيل رسالة للحي بالخوف والهرب كي يصبح هناك واقعا جديدا، وأريد ان أؤكد ان المسيحي الحق لن يقتل لأن ديانته تحرم القتل كشأن كل الديانات السماوية، ومن يقتل هم عصابات مسلحة تحركها فرنسا، والمحرض أراد ان يوصل الكراهية لدرجة انتقامية بحيث ينتقم المسلمين من المسيحيين،لكن البلد بها تناغم بين الاثنين ولا يستطيع ان يعيش فيها طرف منفردا دون الآخر. هل هناك أي جهة محلية الآن تقوم بتوثيق الأعداد والجرائم التي أرتكبت من أجل محاسبة الجناة دوليا ومحليا؟ نحن كشعب نقوم بتجميع مستندات قدر المستطاع لأن الجرائم مستمرة،وهنا أشير إلى أننا نحاول تجميع المستندات كي نرفع قضايا أمام منظمات حقوق الإنسان ومحكمة جرائم الحرب الدولية. ماذا عن أعداد النازحين واللاجئين المسلمين؟ النازحين والهاربين من الأحداث وصل عددهم لأكثر من مليون شخص، ذهبوا للكاميرون والكونغو وتشاد التي تأوي أكبر عدد من النازحين الآن، لأنها وفرت طائرات لإنقاذهم وهم ليسوا مسلمين فقط. تقاعس المجتمع الدولي أدى لإرتكاب المزيد من الجرائم في حق المسلمين، صاحبه تقاعس أكبر من الدول الإسلامية فما الدور الذي كان يجب أن تقوم به الدول والمنظمات الاسلامية لمنع هذه المجازر من وجهة نظرك؟ في البداية يجب أن يعرف الجميع أن المسلمين في أفريقيا الوسطى ليسوا ضعافا، فهم في الشمال والشرق فقط لديهم 22 ألف مسلح وعدد الجيش في أفريقيا الوسطى خمسة آلاف جندي فقط، ومعنى ذلك أننا لا نحتاج دعم عسكري من الدول الإسلامية، ولكن نحتاج أن يطلب كلا من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي أن يتم تطبيق قرار مجلس الأمن بالعدل، أي ان يتم نزع السلاح من الجميع مسيحيين ومسلمين وأي ميليشيا ينزع عنها السلاح، كذلك يجب ان توفر قوات حفظ السلام الأمان للمواطنين العزل الذين لا يملكون السلاح وأن تأمن أماكن المقدسات الدينية والمحلات والمساكن والشركات، فالحرب بدأت بالقتل ونهب المحلات والشركات وتمزيق المصاحف وتدنيس المساجد، أما على الصعيد السياسي فيجب إثارة القضية في كل المحافل الدولية والمجازر التي حدثت ومحاسبة كل من أرتكب هذه الجرائم. كثيرا ما رددت عبارة زيف ما يقدمه الإعلام الغربي..ما هي الحقيقة التي يزيفها الإعلام الغربي؟ الإعلام الغربي يزور الحقائق لذا يجب ان يقوم الإعلام العربي والإسلامي بالتصدي لهذا الكذب عبر نشر الحقائق وتعريف الناس والرأي العام بالقضية، كيف يقولون أن الازمة بدأت من سيليكا والمسلمين ومن يقتلون اشخاص يدعون المسيحية والاعلام الغربي يصور الأمر أن الميليشيات المسيحية المسلحة أنشئت كرد فعل لما فعلته السيليكا من جرائم وهو كلام غير صحيح.