شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب


خلال حفل تكريم أوائل الشهادات الأزهرية

الطيب: طلاب الأزهر أمناء على دين الله وعليهم أن يظهروا رحمته في كل شيء

إسراء كارم

الثلاثاء، 08 أغسطس 2017 - 12:12 م

أعرب شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، عن سعادته بمشاركة رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد المتعال، في حفل تكريم أوائل الثانوية الأزهرية.
وهنأ "الطيب" – خلال كلمته بحفل التكريم – الثلاثاء 8 أغسطس، الطلاب المتفوقين، قائلا: " نهنئ الطلاب الأذكياء النجباء من كل قلوبنا على هذا الفوز العظيم بفضل اجتهادهم وصبرهم على مكابدة تحصيل العلم النافع".
وقال إن طالب الثانوية الأزهرية يدرس منهجا مزدوجا، يجمع فيه بين منهج وزارة التربية والتعليم كاملا وبين منهج الأزهر، مشيرا إلى أن مفهوم »العلم« لا ينحصر في علوم الدين واللغة فقط، بل يتعدد مصداقه ليشمل كل علم ينفع الإنسانية ويسعد البشرية ويحقق لها المنافع والمصالح.
وأضاف "الطيب" أن طلاب الأزهر أمناء على دين الله وعلى يسره وإنسانيته وعليهم أن يظهروا رحمته بالناس وبالحيوان والجماد وينشروا تعاليمه السمحة، خصوصا وأنهم يتفردون بأنهم يسندون ظهورهم إلى مؤسسة عريقة مضى عليها الآن أكثر من ألف عام.
وهذا هو نص كلمة شيخ الأزهر خلال حفل تكريم أوائل الشهادات الأزهرية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
معالي الأستاذ الدكتور/ علي عبد العال -رئيس مجلس النواب!
السيد/ محمود الشريف - وكيل مجلس النواب!




السادة النواب!




أصحاب الفضيلة علماء الأزهر الشريف!




بناتي وأبنائي أوائل الثانوية الأزهرية!




الحفل الكريم:




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد؛




فباسمكم وباسم الأزهر الشريف أتقدم بخالص الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور/ علي عبد العال-رئيس مجلس النواب، على مشاعره النبيلة الراقية، وحرصه على المشاركة في الاحتفال بتكريمكم، وتصميمه على تقديم بعض الجوائز لأوائل طلاب الشهادات الأزهرية المتفوقين هذا العام، هذه المشاركة التي لا تعبر عن مشاعر سيادته النبيلة فقط، بل تعبر عن مشاركة شعب مصر بأكمله، تعبيرا راقيا يليق بهذا الشعب الوفي العظيم.. ويرسل من خلاله برسالة كلها وفاء واحترام وتقدير للأزهر الشريف وطلابه وطالباته، وفيها تأكيد على أن هذا الشعب لن ينسى أبناءه ولن يبخسهم حقوقهم.




إن مشاركتكم لنا اليوم معالي الدكتور هي – في الواقع - تكريم لأكثر من مليوني طالب وطالبة من طلاب الأزهر الشريف في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، ولقرابة أربعمائة ألف طالب وطالبة في جامعة الأزهر، منهم ثلاثون ألف طالب وطالبة وافدون ووافدات من أكثر من 100 دولة.. فشكرا مرة أخرى سيادة رئيس مجلس النواب، وشكرا لشعب مصر الخلوق على هذه اللمسة المقدورة والمشكورة، وهذا الوفاء الحنو على أبنائه وبناته من طلبة الأزهر الشريف.




أما أنتم أيها الطلاب الأذكياء النجباء فإني –ومعي قيادات الأزهر-نهنئكم من كل قلوبنا على هذا الفوز العظيم الذي وفقكم الله إليه بفضل اجتهادكم وصبركم على مكابدة تحصيل العلم النافع من علوم الدين والدنيا، كما أهنئ أسركم الكريمة التي وقفت من خلفكم تدعمكم وتشجعكم وتحثكم على الجد والتعب وتحمل المشقة والمعاناة، وزرع الثقة في الله والتعود على الاعتماد على النفس.. فلهذه الأسر المصرية الأصيلة المسؤولة الجادة كل التقدير وكل التحية وكل الإجلال والاعتزاز والافتخار..




وإني إذ أهنئكم بناتي وأبنائي بما حققتموه من تفوق فإني لأهنئكم مرتين: مرة لأنكم حققتم هذا التفوق، ومرة ثانية لأنكم تفوقتم في منهج دراسي مثقل مزدوج إذا ما قيس بالمناهج الدراسية في التعليم غير الأزهري، لقد تفوقتم في كل المواد التي تفوق فيها أقرانكم، في القسم الأدبي أو العلمي، ثم انفردتم بتفوق آخر في مناهجكم الأزهرية في أصول الدين والشريعة واللغة العربية.. وهذه بطولة بكل المقاييس، وهي أجدر بأن يفرد لها تقدير خاص، نرجو أن نكون قد وفقنا اليوم في القيام ببعض حقه.. ولتذكرتكم معالي الأستاذ الدكتور، وتذكرة شعب مصر من ورائكم نبين لكم أن طالب الثانوية الأزهرية يدرس منهجا مزدوجا، يجمع فيه بين منهج وزارة التربية والتعليم كاملا وبين منهج الأزهر.. وأن الكتب المقررة في القسم العلمي والأدبي في التربية والتعليم هي بعينها الكتب المقررة بالقسمين: العلمي والأدبي بالأزهر.. وأن هؤلاء المكرمين الذين يجلسون أمامكم الآن، قد امتحنوا في أربعة عشر مقررا في الصف الثالث الثانوي بينما امتحن أقرانهم في التربية والتعليم في سبع مواد فقط.. ونتيجة لهذا التفاوت الكبير في المقررات استمر امتحان الثانوية الأزهرية شهرا كاملا يمتحن فيه الطالب في ثلاثة مواد في كل أسبوع، بينما استغرق امتحان الثانوية العامة ثلاثة أسابيع يمتحن الطالب فيها في مادتين فقط كل أسبوع – ولعل المقارنة المنصفة تغني في صمتها الوقور عن كل رد على الهازئين والساخرين.




بناتي وأبنائي!




سيروا على بركة الله، وواصلوا العزيمة والإصرار والاحتفاظ بهذا التفوق في كلياتكم التي ستختارونها سواء في الكليات الأزهرية الأصيلة، أو الكليات العملية والتقنية.. ولا تظنوا أن مفهوم «العلم» منحصر في علوم الدين واللغة فقط، بل يتعدد مصداقه ليشمل كل علم ينفع الإنسانية ويسعد البشرية ويحقق لها المنافع والمصالح المعتبرة عقلا وشرعا وأخلاقا.. وسوف تقابلكم مزعجات كثيرة على جانبي الطريق، تحاول أن تصرفكم عن أهدافكم الشريفة، فلا تلتفتوا إليها، وكونوا منها على حذر، وامضوا في طريق تحصيل العلم، فأنتم الأمناء على دين الله وعلى يسره وإنسانيته: أظهروا رحمته بالناس وبالحيوان والجماد، وانشروا تعاليمه السمحة، وبينوا للناس جماليات القرآن الكريم والسنة المطهرة، ودلوهم على سماحة شريعته الغراءة ولا تركنوا إلى المنغلقين الذين أداروا ظهورهم لفهم دين الله فهما صحيحا كما أراده الله ورسوله، ورهنوا عقولهم لدعاة على أبواب جهنم من الأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.. فأنتم أمل الأمة، ودعاة الحق والعدل، وبدعوتكم ينتشر السلام بين الناس جميعا، مهما اختلفت أديانهم وأعراقهم وعقائدهم.




واعلموا أنكم تتفردون من بين جامعات الدنيا كلها بأنكم تسندون ظهوركم إلى مؤسسة عريقة مضى عليها الآن أكثر من ألف عام وهي تنشر العلم والأدب والأخلاق وتوجه سلوك الناس إلى ما فيه خير الإنسانية ومصلحته.. واعلموا أن شيوخكم الأجلاء رغم تمسكهم بتراثهم الجليل العظيم فإنهم كانوا أول من انفتح من مصر كلها على ثقافة الغرب ونهل من علومه ومعارفه بعد أن ميزوا فيها بين ما يفيد وما لا يفيد، وإن كان لي من أمل أتطلع إليه وأتوسمه في محياكم الواعد الجاد، فهو أن تجمعوا في مسيرتكم العلمية بين التضلع من التراث والانفتاح على ثقافات الأمم وحكمتها وآدابها المعاصرة، وأن تميزوا فيها كما ميز أسلافكم بين نافع تنقلونه لأوطانكم وضار تنبذونه وتتركونه لأهله..




وإن الأزهر الشريف الذي أنجب الشيخ حسن العطار ورفاعة الطهطاوي وعياد الطنطاوي ومحمد عبده ومصطفى عبد الرازق ومحمد عبد الله دراز وغلاب، ولفيفا من شيوخ أصول الدين والشريعة واللغة العربية الذين درسوا في جامعات الغرب، هذا الأزهر لن يعقم أن ينجب أمثالهم من بينكم ليحملوا مشاعل الثقافة الإسلامية الصحيحة التي تعتمد على النقل بكل مقدساته والعقل في أرحب آفاقه وانطلاقاته.




وإذا كان لي من نصيحة أب وأستاذ فهي أن تحرصوا على تعلم لغة من اللغات الأجنبية تكون لكم نافذة على ما عند الآخرين..




ومن نعم الله عليكم أن يسر لكم الآن سبل تعلم الإنجليزية والفرنسية والألمانية على أيدي أهليها، وفي مراكز لتعلم اللغات في قلب جامعة الأزهر.




هذا ومن واجب الوفاء أن أؤكد لكم تقدير السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لدوركم ودور الأزهر الشريف، وأنه يعول عليكم كثيرا في نشر العلم الصحيح والفكر السوي. واجتثاث جذور التطرف والإرهاب والتصدي للفكر المنحرف.. وهو تقدير نبيل مشكور يشجع كل أزهري حر مخلص لمعهده المعمور أن يضاعف الجهد والعمل، وأن يمد في حبل الصبر على هؤلاء الذين لا يعملون ولا يريدون للناس أن يعملوا.




شكرا لحسن استماعكم.




والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة