الضحية
الضحية


نكشف ماذا حدث في جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟

حبيبة جمال

الجمعة، 03 مايو 2024 - 02:08 ص

فجر بيان النيابة العامة في القضية رقم ١٨٢٠، إداري قسم أول شبرا الخيمة، مفاجآت صادمة ومثيرة؛ فيما يتعلق بقضية الطفل أحمد، ابن شبرا الخيمة، الذي تم استدراجه وقتله ونزع أعضائه والتمثيل بجثمانه وتصوير عملية القتل ونزع الأعضاء، تلك القضية التي شغلت الرأي العام خلال الأيام الماضية، وذلك بعد دائرة بحث وتحقيق جرى تحت إشراف النائب العام المستشار محمد شوقى، ومعها امتدت إلى الإنتربول وفى النهاية تم حل لغز غموض الجريمة التي لا تزال التحقيقات مستمرة فيها.. تفاصيل تلك الجريمة البشعة منذ بدايتها وحتى لحظة سقوط المتهمين في قبضة العدالة نسردها في السطور التالية.

نبدأ من لحظة العثور على جثة الطفل مقطعة نصفين داخل إحدى الشقق السكنية، بعد اختفائه لمدة ٤ أيام؛ وذلك بعدما اشتم الأهالي رائحة كريهة تأتي من داخل تلك الشقة، وتم إبلاغ رجال المباحث.

توقفت سيارة مفتش المباحث أمام أحد العقارات بعزبة عثمان، ترجل من السيارة بعدما تم فرض سياج أمني مشدد لدرجة أن الأهالي اخذوا يقفون خلف الشريط الأصفر الذي أحاط به رجال الشرطة مدخل العقار ولم يستطع أحد تجاوزه؛ انتظارا لتعليمات رجال الشرطة الذين منعوا دخول أي فرد إلى داخل المبنى لحين انتهاء رجال البحث الجنائي من معاينة مسرح الجريمة. صعد مفتش المباحث ومعه رجال النيابة العقار، ودخلوا الشقة، وكان المشهد الصادم كالتالي؛ طفل نائم على السرير غارقًا في دمائه مقطع لنصفين، جميع أحشائه خارج جسده ووضعها داخل أكياس بلاستيكية، حتى قرنية عينيه لم تعد في مكانها، مشهد بشع ومأساوي، للوهلة الأولى كل من يرى هذا المشهد سيدرك أنها جريمة سرقة أعضاء بشرية، ولكن تلك الجريمة تحتاج لفريق طبي متخصص يعرف كيف ينتزع الأعضاء وكيف يحفظها، والغريب أن النيابة لم تعثر على أية شيء يشير لوجود فريق طبي هو من فعل ذلك، لكن التسرع في مثل هذه القضايا غير محمود؛ لذا تشكل فريق بحث لكشف لغز تلك الجريمة الغريبة والبشعة والاجابة عن سؤال مهم في البداية من هو الضحية؟!

اختفاء

الضحية هو طفل يدعى أحمد محمد، يبلغ من العمر ١٥ عاما، ويقيم في منطقة مجاورة لمكان العثور عليه، وأسرته حررت محضرًا باختفائه منذ ٤ أيام، استدعيت أسرة الطفل وبعد لحظات وصل والد الطفل ووالدته وشقيقه، الذين تعرفوا عليه وأكدوا أنه ابنهم، ولكن لم يتلقوا أي اتصال من مجهول لطلب فدية أو حتى لهم عداوات مع أحد ولكن..؛

كاميرات المراقبة تكشف دائما المستور، لذا لم يتردد رجال الأمن في معرفة كاميرات المراقبة المحيطة بالمكان وتفريغها فمؤكد سوف ترصد شيئا؛ وبالفعل كاميرات المراقبة كانت أول الخيوط التي بدأت تكشف تفاصيل تلك الجريمة البشعة ومرتكبيها، بعد حوالي ٣ ساعات من الفحص والتحري، أظهرت أن هناك «شابا» دخل العقار مع الطفل الضحية يوم اختفائه وتغيب حوالي ٤ ساعات ثم خرج بمفرده، وكان يبدو عليه الارتباك يتلفت يمينًا ويسارًا، على الفور عرضت الصورة على أهالي المنطقة وأسرة الضحية، الذين تعرفوا عليه؛ تبين أنه جار لهم، يدعى طارق؛ جاء منذ فترة للعمل داخل مقهى وأصبح صديقا مقربًا للطفل الضحية ودائمًا ما يصطحبه معه في كل مكان. أصدرت النيابة قرارًا بضبط وإحضار المتهم، وبعد جهود لم تتأخر تمكن رجال مباحث قسم أول شبرا الخيمة، من ضبطه مختبئًا داخل إحدى الشقق بالقرب من مستشفى الدمرداش، انطلقت قوة من المباحث وألقت القبض عليه وتم اقتياده للقسم، وأمام النيابة اعترف بكل هدوء بتفاصيل جريمته.

جريمة الفيديو كول

هنا كانت المفاجأة التي فجرتها تحقيقات النيابة، لم يكن ذلك الشاب هو المتهم الرئيسي في تلك الجريمة، بل هناك من عاونه من الخارج، مقابل خمسة ملايين جنيه، والذي تعرف عليه من خلال أحد جروبات الفيس بوك لتجارة الأعضاء.

التحقيقات والتحريات التي استمرت لمدة أسبوع أسفرت؛ عن أن الجريمة تمت بدافع وهمي، وهو تجارة الأعضاء، حيث تولى مراهق، لم يبلغ 16 عاما، تحريك خيوط القهوجي لتنفيذ مخططه الشيطاني، وإنما دافعه الحقيقي هو مجرد تصوير مقطع فيديو لجريمة سرقة أعضاء يحقق له ثراءً فاحشًا في وقت قليل دون مجهود منه، عن طريق آخر يتحكم فيه بعدما يغريه بملايين الجنيهات.

بيان رسمي أصدرته النيابة العامة، مساء يوم الماضي الخميس، أزال جميع علامات الاستفهام منذ العثور على جثة الطفل يوم الجمعة قبل الماضية، واختفائه قبلها بأربعة أيام، حيث كانت الهيئة البشعة التي عثر على جثة الطفل بها دليلًا يشير إلى جريمة سرقة أعضاء؛ حيث تبين وجود شق طولي من رقبته لآخر بطنه إضافة إلى نزع عينيه.

الجريمة تمت بتحريض من مراهق مصري يقيم في الكويت، طلب منه قتل طفل ونزع أعضائه مقابل مبلغ ٥ ملايين جنيه، فأغراه المال ووافق على طلبه، وبدأ في تصوير عدد من الأطفال وإرسال صورهم له، حتى وافق على المجني عليه، لكنه اشترط تصوير الجريمة عبر الفيديو كول حتى يتأكد من تنفيذ مخططه بحذافيره.

نفذ المتهم الجريمة أثناء تصويرها فيديو كول، وكان يشاهدها المتهم المحرض عبر الجانب الآخر من دولة الكويت، وفور انتهائه طلب منه إرسال المبلغ، لكنه فاجأه بخطة أخرى لقتل طفل ثانٍ من أجل إرسال المال إليه، لكن الشرطة كانت أسرع في الوصول إليه قبل أن تسقط فريسة أخرى بين يديه.

اعترافات المتهم أكدتها الرسائل المتبادلة بينه والمراهق المقيم خارج الأراضي المصرية؛ لتبدأ مهمة التقنيات الحديثة بوزارة الداخلية التي انتهت إلى أن مكالمات المراهق للمتهم تمت من شريحة هاتف مسجلة باسم والده، وهنا حان تدخل مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام ليخاطب السلطات الكويتية من أجل تسليم المراهق ووالده.

الإنتربول يتدخل

الإنتربول الدولي خلال ساعات قليلة كان يتسلم المتهم المخطط للجريمة ووالده، عبر مطار القاهرة، بعد إلقاء القبض عليهما وترحيلهما من الكويت، وأصبحا في قبضة رجال الأمن.

المتهم المراهق بعد مواجهته بقاتل الطفل أحمد قال: «أيوه أنا اللي اتفقت معاه على قتل طفل وسرقة أعضائه وتصوير الجريمة كلها بالفيديو كول، بس مش عشان تجارة أعضاء، لأن هو مش طبيب ولا متخصص، الهدف بس إني أحتفظ بالفيديو ده لأني هقدر أبيعه بعد كده لمواقع كتير بتدفع في النوعية دي من الفيديوهات مبالغ كبيرة جدا، وأنا كنت عايز أبقى مليونير من غير مجهود، بخطط ارسمها وحد غيري ينفذ.. وكررت الموضوع ده قبل كده كذا مرة».

لم تنته تحقيقات النيابة عند اعترافات المتهم المراهق، حيث يتم حاليا إجراء تحقيقات بشكل موسع حول اعترافاته بارتكاب جرائم مماثلة سابقا، فيما نفى والده علمه بجرائم ابنه.

بيان النائب العام

وفي إطار التحقيقات التي تُجريها النيابة العامة في القضيَّة رقم ١٨٢٠ لسنة ٢٠٢٤ إداري قسم أوّل شبرا الخيمة، بشأن العثور على جُثمان طفل يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا بإحدى الشُقَقِ السكنية المُستأجرة، فقد أسفرت معاينة النيابة العامة لمكان الحادث عن تواجد جثمان المجني عليه وقد انتزعت بعض أحشائه وجرى وضعها في كيس مجاور لجثته.

وتوصلت التحريات إلى مرتكب الواقعة، وبضبطه واستجوابه أقر بارتكابه إياها بطلب من مصري مقيم بدولة الكويت، كان قد تعرف إليه عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية، الذي طلب منه اختيار أحد الأطفال لسرقة أعضائه البشرية مقابل مبلغ خمسة ملايين جنيه.

وعقب اختياره ضحيته وعرضه عليه عبر تقنية «الفيديو كول»، طلب منه المذكور إزهاق روحه تمهيدًا لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء عن طريق تقنية «الفيديو كول» أيضًا، وأخبره بأنه سيتم إبلاغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن قام بتنفيذ ما طلب منه، كلفه بتكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، إلا أنه تم ضبطه قبل قيامه بذلك. ولم تعثر النيابة العامة بمعاينتها على أي تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود هو تجارة الأعضاء البشرية.

وأسفرت التحريات عن معرفة المتهم المصري المقيم بالكويت الذي استخدم في ارتكابها هاتفًا محمولًا مزودًا بشريحة اتصال يملكها والده.

وبناء على تعليمات المستشار النائب العام اضطلعت إدارة التعاون الدولي بمكتب النائب العام بالاتصال بالجهات المختصة بدولة الكويت، والإنتربول الدولي، والتي أسفرت عن ضبط المتهم ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية، حيث تم ترحيلهما إلى مصر، فباشرت النيابة العامة استجوابهما وصولًا لأسباب ارتكاب الجريمة، وقد أقر المتهم الأول- الذي جاوز الخامسة عشرة من عمره- أنه من أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، على نحو ما ورد بإقراره، قاصدًا من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه والتمثيل بجثمانه، وذلك حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة.

كما قرر أنه سبق وأن قام بهذا الفعل في مراتٍ سابقة، وجارٍ التحقق من صحة ذلك عن طريق فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالمتهم ووالده الذي ضبط معه وأنكر صلته بتلك الوقائع، وجارٍ استكمال التحقيقات.

هذه كانت التفاصيل الكاملة لتلك الجريمة التي هزت أرجاء محافظة القليوبية وكل من سمع عنها، وبالتأكيد التحقيقات ستكشف مفاجآت كثيرة في الأيام القادمة.

اقرأ  أيضا : برلماني عن واقعة «الدارك ويب»: والد الجاني شريك بالجريمة لغياب رقابته على نجله

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة