صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


في ذكرى احتفالات أكتوبر..

"بوابة أخبار اليوم" ترصد قصة بطل الممر النقيب السيد درويش

محمد محمود فايد

الجمعة، 06 أكتوبر 2017 - 03:39 م

ولد في إحدى أيام الصيف نهاية الحرب العالمية الثانية حيث خرج إلى الحياة في مايو 1945 بمدينة الإسكندرية التي طالما كانت الصخرة الصلبة التي تحطم عليها المعتدين الغادرين على مصر.


هكذا اجتمع صراخ بطلنا( السيد درويش السيد) مع أزيز طائرات الألمان التي كانت تتغير على الإسكندرية ومضت الأيام إلى أن وقع العدوان الثلاثي على مصر في خريف عام 1956 وعاش  الطفل المؤامرة التي حاكتها إسرائيل وساندتها كلا من فرنسا و انجلترا لاحتلال جزء من أرضنا الحبيبة وبذلك فقد وجد أن المتنفس الوحيد له هو الاستمرار في دراسته حتى يلتحق بالكلية الحربية ومرت الأيام بما فيها من الم لما يحدث وظل على إصراره إلى أن تحقق الحلم الذي طالما راوده منذ الطفولة وانضم البطل إلى طلبة الكلية الحربية و عاش بينهم .

درس فنون القتال و تلقى أساليب الانضباط العسكري وطرق القيادة الواعية ورغم قسوة الحياة العسكرية إلا أنها كانت سبيله لتحقيق هدفه فقد كان من خيرة شباب الكلية في ذلك الوقت فكانت له مكانة مميزة سواء بين الطلبة أو أساتذة الكلية.


واستمر بهذه الكيفية إلى أن تخرج من الكلية الحربية في شهر يوليو عام 1969 حيث كان من أوائل الدفعة، سرعان ما قدم طلب التماس يطلب فيه الانضمام إلى قوات الصاعقة أملا في أن يكون واحدا من بين رجالها الأبطال الذي سمع عن أمجادهم و بطولاتهم في مواجهة العدو الغادر منذ عام 1967 .

وبالفعل صدق على طلبه و انضم إلى قوات الصاعقة وحصل على فرقة معلمي الصاعقة بدرجة ممتاز وتم ترشيحه معلما بمدرسة الصاعقة و لكن لم يجد بها طموحه وأمانيه فى سبيل النيل من الأعداء، ولكنه لم يستكين ففي إحدى لقاءات قائد قوات الصاعقة عقب الانتهاء من أداء بيان عملي لإحدى مهارات رجل الصاعقة طلب منه الانضمام إلى إحدى الوحدات بالجبهة أسوة بزملاء له.


وفى هذه اللحظة لم يسع قائد قوات الصاعقة إلا أن يلبى رغبته واصدر أوامره بان يلتحق فعلا بإحدى الكتائب على خط المواجهة مع العدو على القنال في منطقة( التينة ) وهناك سرعان ما ألف الرجال البطل حيث كان منهم من تعلم على يديه وعرف عنه الكثير من خصاله الحميدة وسرعان ما ظهرت أخلاقيات البطل وأصالته من خلال تصرفاته السليمة، حيث ظهر ذلك في إصراره على تنفيذ اخطر المهام  وأصعبها  فنال بذلك حب جنوده و إعجاب القادة  خلال فترة قصيرة.


وفى مطلع عام 1971 اختير البطل قائدا لإحدى الوحدات الفرعية الجديدة التي شكلت خصيصا للعمل ضد الأهداف الهامة في عمق دفاعات العدو، إلى أن جاء شهر يوليو من عام 1973.


حيث كان السيد المشير احمد إسماعيل فى زيارة لوحدات الصاعقة و كان ضمن برنامج الزيارة بيان عملي يقوم به البطل و رجاله و ما كاد ينتهي البطل من بيانه حتى تقدم منه سيادة المشير مصافحا و مشجعا  ومحييا له هو رجاله لما ظهر منهم من كفاءة متتالية عالية، وهكذا أصبحت وحدة البطل تعج بالحيوية والمهارة بما أولاهم من عناية وتدريب و مران .


ومرت الأيام وتم تكلف البطل ورجال وحدته بمهمة الأبرار جوا في مضيق وادي سدر و تنظيم عدة كمائن على محاور اقتراب العدو لعرقلة  تقدم احتياطياته المدرعة لمنعها من التدخل في معركة رؤوس الكباري لتشكيلات الجيش الثالث  الميداني باستخدام ثمانية عشر طائرة هليكوبتر .


وفى الخامس من أكتوبر تحركت الوحدة إلى منطقة الانتظار للتحميل وصلت الطائرات وتحرك الرجال وعبرت الطائرات خليج السويس ثم بدأت تطير فوق أرض سيناء وتدخلت الطائرات المقاتلة للعدو وضد طائرات الهليكوبتر مما تسبب في إصابة بعض طائراتنا وحوالي ثلث قوة الوحدة في الأفراد و المعدات ومنهم قيادة الوحدة و بالرغم من الخسائر الجسيمة التي منيت بها الوحدة أثناء عملية الأبرار فقد صمم الرجال الاستمرار وتنفيذ مهامهم وتم أبرار باقي الأفراد فى عدة مناطق متفرقة تبعد عن المنطقة المحددة لعملية الأبرار بحوالي 15-20 كم وبوصول الوحدة إلى أماكنها وجد (السيد درويش السيد) انه أصبح أقدم ضابطا فى الوحدة بعد استشهاد القائد ومساعده وعلى الفور تولى البطل القيادة ملتزما بمبدأ إذا سقط رجل قام آخر و بخبرته وجد البطل أن منطقة الأبرار المحددة أصبحت معروفة للعدو حيث كانت طائراته لا تزال تحلق فوقهم وأيقن أن العدو سوف يهاجم هذه المنطقة للقضاء عليهم .. وبالفعل لم تمض سوى دقائق حتى كانت المنطقة تقصف بعدد كبير من طائرات العدو بوابل من القنابل وسار الرجال بعد ذلك ما يقرب من عشرين كم سيرا على الأقدام في ارض صلبة وعرة ولكن بالصبر وعزيمة الأبطال التي لا تعرف اليأس  تم عمل كمائن   طبقا لما هو مقرر لها ...


وفى يوم الحادي عشر من أكتوبر عام 1973 أبلغت نقطة الإنذار البطل بظهور طلائع من مدرعات العدو فى اتجاه المضيق بقوة تقدر بحوالي لواء مدرع و ترك البطل معظم لواء العدو المدرع يتورط داخل الممر ثم اصدر أوامره بفتح النيران فانهالت الكمائن بمقذوفاتها ونيرانها تدمر دبابات العدو ..و تحول الممر إلى جحيم وتورط العدو نتيجة لمفاجأته و حاول العدو الخروج منها و لكن دون جدوى فقد حاول بعض أفراده تسلق الجبل ولكن تم اصطيادهم .


وعندما وجد العدو أن جميع مركباته و دباباته الواقعة في منطقة عمل الكمائن سيقضى عليها نهائيا فأيقن انه يدفع بقية قواته في اتجاه الممر سوف يقضى عليها لا محالة و بذلك انسحب يجر اذيال الخزى والعار تاركا خلفه 13 دبابة و 6 عربات نصف جنزير و عربتين خفيفتين و حاملا   معه خسائره الضخمة من قتلاه و جرحاه ...فاغتنم البطل التعيينات و المياه من مركبات العدو التي تركها فى منطقة الكمائن كما حصل على بعض الخرائط للمنطقة عليها خططه المستقبلية.


وبعد انسحاب قوات العدو قام البطل بإعادة تنظيم المجموعات وإعادة تحديد المهام لعلمه أن العدو سيعاود الكرة مرة أخرى وفعلا ظهرت في الجو طائرات هليكوبتر للعدو ظلت تحلق فوق أماكن المجموعات ظهرت طائرات الفانتوم واستمرت تقصف المنطقة بطريقة هستيرية في محاولة للقضاء على أفراد الوحدة ولجودة إخفاء وتمويه الرجال لمواقعهم ومستوى تدريبهم العالي كانت الخسائر لا تذكر رغم أنها استمرت 6 ساعات، بعد ذلك أبلته القيادة لا سلكيا بعد انتهاء المعركة بالاستمرار في تنفيذ مهمته وعدم الارتداد لحين صدور أوامر أخرى.


وبالفعل تقبل البطل وأفراده، الأمر برضاء تام وعمل البطل على رفع معنوياتهم   رغم انه لم ينتهي من المياه والتعيينات سوى كمية محدودة، وبالفعل ظلت القوة رابطة كالأسود ضد محاولات العدو لدخول هذا الممر.


وفى العشرين من أكتوبر وصل إليهم مندوب من القيادة يحمل رسالة مضمونها أن تقوم الوحدة بالتسلل حتى الوصول إلى منطقة عيون موسى وبالاستعانة بإحدى خرائط العدو التي استولى عليها البطل سابقا، فتمكن البطل من تحديد مواقع العدو وعين الطريق الذي تسلكه وحدته متجنبا الاصطدام بالعدو إذ أصبحت الذخيرة المتبقية معه لا تكفى للتعامل معه وهكذا تمكن البطل من قيادة وحدته و التسلل بها سيرا على الأقدام ليلا  بين مواقع العدو في اتجاه قواتنا للمسافة حوالى80كم على مدى ليليتين .


وتم الاتصال بالقوات في عيون موسى  فكان لدراسة البطل لوثائق العدو التي حصل عليها عظيم الأثر في اختيار طريق العودة وانتخاب انسب التوقيتات للتحرك حتى يتلافى اصطدامه بالعدو مما أدى إلى وصوله برجاله بسلام ..فقد كان لإصرار ضباط وصف وجنود الوحدة وبما بذلوه من جهد ومعاناة، وبما اتصف به هؤلاء الأبطال من تصميم وعناد و تعاون و عزم وكياسة.. كان لها كبير الأثر في تحقيق أهدافهم القتالية و الاحتفاظ بروحهم المعنوية و التى كان مقدرا لها مدة يومين في تعطيل المضيق ومنع وصول العدو لمدة 16 يوما.




أنهم رجال الصاعقة رجال التضحية والفداء وبطولة رجال يطلبون الشهادة من اجل وطنهم ويتمنوا الحياة له فتحيا مصر حرة كريمة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة