القديرة شادية
القديرة شادية


وداعا .. معبودة الجماهير

أحمد رجب

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017 - 07:50 م

رحلت عن عالمنا الفنانة شادية الملقبة بـ«معبودة الجماهير» عن عمر يناهز 86 عاما، بعد صراع مع المرض، التي قدمت الكثير خلال مسيرتها الفنية.

مولدها
ولدت شادية، واسمها الحقيقي فاطمة أحمد شاكر، في منطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين، وترجع أصولها إلى محافظة الشرقية شرق القاهرة. كان والدها أحمد كمال مهندس زراعة وري، كان عمله في بدايات القرن العشرين يستدعي وجوده في قلب العاصمة المصرية القاهرة وعلى بعد خطوات من قصر عابدين. 

ولها شقيقة تدعى عفاف، عملت ممثلة ثم اعتزلت المجال الفني.

تزوجت ثلاث مرات، الأولى من المهندس عزيز فتحي والثانية من الفنان عماد حمدي لمدة ثلاث سنوات، ثم تزوجت من الفنان صلاح ذو الفقار، إلا أنها انفصلت عنه في العام 1969، ولم تنجب منه أبناء.

ولم تغلق شادية قلبها أمام الحب، لكنها واصلت الحياة لترتبط مجدداً، وهذه المرة مع الموسيقار الكبير فريد الأطرش الذي لم تكن تحب أغانيه، لكنها حينما اقتربت منه وجدت فيه صفات عدة شجعتها على التقرب إليه أكثر.

ووجدت الصحافة في ذلك الوقت العلاقة بين شادية والأطرش مادة خصبة، فراحت أخبارهما تملأ الصفحات وقد رحب الاثنان بذلك ورافقته شادية في حلقات سباق الخيل وسهراته المشهورة، وبدأ الاثنان يفكران بالزواج وسافر فريد من أجل إجراء الفحوصات الطبية وكان يرسل إليها البرقيات اليومية كعادة العشاق.

وبعد عودته من السفر، مارس الأطرش هوايته في السهر والحفلات، وهو ما أدى إلى انتهاء هذا الارتباط العاطفي، لأن شادية كانت تحتاج إلى بيت هادئ ترجع إليه آخر النهار ولا تقدر على سهرات فريد اليومية.
كانت شادية تعيش في شقة في العمارة نفسها التي يسكن بها فريد الأطرش، وهو ما جعل الشائعات تقول إنهما عقدا القران، وانتهزت شادية سفر فريد لتبيع الشقة ولتسكن في مكان آخر، محاولة بذلك إسدال الستار على قصة لم تكتمل.

البداية الفنية
بدأت »دلوعة السينما« مسيرتها الفنية في العام 1947، واستمرت حتى العام 1984، قدمت خلالها عدداً كبيراً من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأعمال الإذاعية.

بدايتها جاءت على يد المخرج أحمد بدرخان الذي كان يبحث عن وجوه جديدة، فتقدمت وأدت وغنّت ونالت إعجاب كل من كان في أستوديو مصر، إلا أن هذا المشروع توقف ولم يكتمل. ولكن في ذلك الوقت قامت بدور صغير في فيلم «أزهار وأشواك»، وبعد ذلك رشحها أحمد بدرخان لحلمي رفلة لتقوم بدور البطولة أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من بطولتها، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة «العقل في إجازة»، وقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ما جعل محمد فوزي يستعين بها بعد ذلك في أفلام عدة «الروح والجسد»، «الزوجة السابعة»، «صاحبة الملاليم» و«بنات حواء».

حققت نجاحات وإيرادات عالية للمنتج أنور وجدي في أفلام «ليلة العيد» العام 1949 و«ليلة الحنة» العام 1951، وتوالت نجاحاتها في أدوارها الخفيفة وثنائيتها مع كمال الشناوي التي حققت نجاحات وإيرادات كبيرة للمنتجين، وعلى حد تعبير كمال الشناوي نفسه «إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي»، ونذكر منها «حمامة السلام» العام 1947 و«عدل السماء» و«الروح والجسد» و«ساعة لقلبك» العام 1948، و«ظلموني الناس» العام 1950، وظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد على ربع قرن كما يؤكد الكاتب سعد الدين توفيق في كتابه «تاريخ السينما العربية». وتوالت نجاحاتها في الخمسينيات من القرن العشرين وثنائياتها مع عماد حمدي وكمال الشناوي في أفلام «أشكي لمين» العام 1951، «أقوى من الحب» العام 1954 و«إرحم حبي» العام 1959.

فرصة الذهبية
جاءت فرصة عمرها كما تقول في فيلم «المرأة المجهولة» لمحمود ذو الفقار في العام 1959، وهو من الأدوار التي أثبتت قدرتها العالية على تجسيد جميع الأدوار، وحينها كانت تبلغ 25 عاماً.

النقلة الأخرى في حياتها من خلال أفلامها كانت مع محمود ذو الفقار والتي أخرجت طاقاتها الكوميدية في فيلم «مراتي مدير عام» في العام 1966 و«كرامة زوجتي» في العام 1967 وفي فيلم «عفريت مراتي» العام 1968. وقدما أيضاً فيلم «أغلى من حياتي» في العام 1965، وهو أحد روائع الفنان محمود ذو الفقار الرومانسية وقدما من خلاله شخصيتي «أحمد ومنى» كأشهر عاشقين في السينما المصرية.
وكانت قد سبقت هذه الأفلام بفيلم يعد من أفضل أفلامها، وكانت بداية انطلاقتها في الدراما وهي لم تزل بعمر الورود بفيلم «أنا الحب» في العام 1954. وتوالت روائعها التي حفرت تاريخاً لها وللسينما المصرية أيضاً من خلال روايات الكاتب نجيب محفوظ بفيلم «اللص والكلاب» و«زقاق المدق» و«الطريق» في العام 1969.
قدمت «ميرامار»، «شيء من الخوف» وفيلم «نحن لا نزرع الشوك» في العام 1970، وتوالت أعمالها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين إلى أن ختمت مسيرتها الفنية في فيلم «لا تسألني من أنا» مع الفنانة مديحة يسري في العام 1984.

ابو الفنون ( المسرح )
وقفت شادية على خشبة المسرح لتقدم مسرحية «ريا وسكينة» مع سهير البابلي وعبد المنعم مدبولي وأحمد بدير وحسين كمال وبهجت قمر لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية.

هذه المسرحية هي التجربة الأولى والأخيرة في تاريخ المشوار الفني في حياتها على خشبة المسرح، وليس ذلك هو السبب الوحيد لأهمية المسرحية في مشوار حياتها الفنية، بل لأنها أدت هذه المسرحية بلون كوميدي، والسبب الآخر أنه أمام عمالقة المسرح ولم تقلّ عنهم تألقاً وإمتاعاً وكانت معهم على قدم وساق كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات، رغم أنه من المعروف عنها أنها من النوع الخجول في مواجهة الجمهور، والأمر هنا يختلف عن مواجهتها لجمهور المستمعين في الغناء، ولكنها كانت مبدعة ورائعة، ولم نشعر بفارق بينها وبين عملاقي المسرح الفنان عبد المنعم مدبولي والفنانة سهير البابلي واللذين أقرّا بأنهما لم يريا جمهوراً مثل جمهور مسرحية «ريا وسكينة» لأنه كان جمهورها الذي أتى من أجل عينيها.

من أشهر أفلامها
تجاوز رصيدها من الأفلام أكثر من 110 أفلام وهذا بعض منها: «أزهار وأشواك»، «العقل في إجازة»، «حمامة السلام»، «عدل السماء»، «الروح والجسد»، «نادية»، «كلام الناس»، «صاحبة الملاليم»، «ليلة العيد»، «ساعة لقلبك»، «مراتي مدير عام»، «الزوجة السابعة» و«الزوجة 13».

الاعتزال
اعتزلت عندما أكملت عامها الخمسين، وارتدت الحجاب وقالت عن ذلك: «لأنني في عزّ مجدي أفكر في الاعتزال. لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويداً رويداً... لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعوّد الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنوا بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها.
أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم، ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء، وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتزّ صورتي في خيال الناس». 
وقد كرّست حياتها بعد الاعتزال لرعاية الأطفال الأيتام، خصوصاً أنها لم ترزق بأطفال وكانت شغوفة لأن تكون أماً أو تسمع كلمة «ماما».

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة