الكاتب الصحفي مصطفى بكري
مصطفي بكري يكتب : ناصر 67.. هزيمة الهزيمة
بوابة أخبار اليوم
السبت، 02 ديسمبر 2017 - 01:48 ص
قراءة في المحاضر السرية »3«
عبدالناصر يؤكد: اعتدوا علينا في 67 لفرض الصلح مع إسرائيل وتحويل مصر لمستعمرة أمريكية وإسقاط النظام
أبلغت القيادة العسكرية بأن العدوان سيقع في 5 يونيو قبل الموعد بعدة أيام ولكنهم أخذوا الموضوع ببساطة
المصريون ولاد »نكتة» وهذا دليل علي قوة معنوياتهم
عصام حسونة يقول: عشنا »مناحة» وطنية في 9 و10 يونيو كمال الدين رفعـت يقول: لازم نضرب إسرائيل فورًا وعبدالنــاصر يــرد: لازم نوطي راسنا شوية
عبدالناصر: الجزائر أرسلت كل المدفعية والدبابات والطائرات وزعلانين علي مصر
تواصل »أخبار اليوم» نشر حلقات كتاب »ناصر 67» الذي سيصدر قريبًا عن »المكتبة الأكاديمية» في الذكري المئوية لميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر )15 يناير 2018(
حيث تتضمن الحلقات تفاصيل هامة من المحاضر السرية لاجتماعات مجلس الوزراء واللجنة التنفيذية العليا، التيحصل عليها الكاتب الزميل مصطفي بكري من د. هدي عبدالناصر كريمة الرئيس الراحل.
وفي هذه الحلقة يتواصل الحديث عن الأيام الأولي لنكسة 1967
لم تكن هزيمة 1967 هي نهاية المطاف للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بل كانت اختبارًا مهمًا لعزيمة وصمود مصركلها قيادةً وشعبًا.
لقد تحمَّل الزعيم الراحل منذ البداية المسئوليةَ السياسيةَ عن الهزيمة، وقرر التنحي، إلا أن الشعب المصري العظيم خرج إلي الشارع مصممًا علي استكمال المسيرة ومواجهة التحديات وتكليف الرئيس عبدالناصر بالاستمرار حتي إزالة آثارالعدوان.
لقد ظلت هزيمة 1967 -وما زالت- مثارَ جدل واسع في كافة الأوساط، حيث اعتبر البعض أن »موت عبدالناصر» لم يكن في الثامن والعشرين من سبتمبر 1970، وإنما الموت الحقيقي حدث في الخامس من يونيو 1967
إن أحدًا لا يستطيع أن ينكر أو يتجاهل الآثارَ الخطيرةَ التي خلَّفتها هزيمة 1967 سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًاواجتماعيًا ونفسيًا علي الشعب المصري والأمة العربية جمعاء، إلا أن عبدالناصر استطاع قيادةَ الشعب والأمة في هذاالوقت لإعادة بناء ما دمرته الحرب، والصمود في مواجهة التحديات التي فرضت علي مصر من الخارج والداخل عليالسواء.
لقد رفض عبدالناصر الاستسلامَ للهزيمة، وصمم علي إعادة البناء وتحقيق الانتصار، وهو ما عبَّر عنه منذ البداية خلال الجلسة الأولي لمجلس الوزراء التي عُقدت في 20 يونيو 1967 بقوله: »لن نستسلم إلي اليأس ولا إلي الحزن، بل العكس اللي حصل يخلينا أشد إصرارًا لبناء أنفسنا ورفض الاستسلام لإسرائيل وأمريكا».
وتكشف محاضر مجلس الوزراء التي أعقبت هزيمة 1967، وتحديدًا في الجلسات التي عُقدت في 20 يونيو و2 يوليوو22 يوليو و24 يوليو و26 يوليو، أن عبدالناصر كان واعيًا بحقيقة المخطط وآليات المواجهة، حيث ناقش فيها بكل صراحة ووضوح الأسبابَ التي أدت إلي الهزيمة.
وعندما قرأت هذه المحاضر وغيرها من الأوراق -التي حصلت عليها من الدكتورة هدي جمال عبدالناصر- أدركت أن كثيرًامن الحقائق لاتزال غائبة عن المثقفين والمؤرخين وعامة الناس، ولذلك قررت نشر بعض من هذه الوثائق المهمة التي بذلت فيها كريمة الزعيم الراحل جهدًا كبيرًا في تفريغ شرائط التسجيل المتهالكة والتي مضي عليها عقود ليست بالقليلة.
لقد تضمن محضر اجتماع مجلس الوزراء الأول الذي انعقد بعد الهزيمة في 20 يونيو 1967 مناقشاتٍ موسعةً بين الزعيم الراحل -بوصفه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء آنذاك- وبين أعضاء المجلس حول أسباب الهزيمة التي أوجزهاعبد الناصر في الآتي:
- أن الهزيمة لا تعني نهاية المطاف، وأن جيوشًا عديدة خسرت جولات، لكنها لم تُهزم إلي الأبد أو تستسلم للأمر الواقع،بل إنها قاومت وتحدت، واستطاعت أن تحقق النصر، وأن مصر قادرة علي تجاوز الهزيمة ونتائجها.
- أن ما حدث لا يدعونا إلي الاستسلام لليأس، بل يجعلنا أشد إصرارًا لبناء أنفسنا وبناء قواتنا المسلحة.
- أن الهدف من العدوان الذي وقع علي البلاد هو فرض الصلح مع إسرائيل وتحويل مصر إلي مستعمرة أمريكية وإسقاط نظامها الوطني.
- أن قرار عبدالناصر بالتنحي عن السلطة كان هدفه إنقاذ البلاد؛ لأنه كان يدرك أن رأسه هو المطلوب، ولذلك قام بترشيح زكريا محيي الدين لتولي رئاسة الجمهورية، باعتبار أنه أكثر اعتدالًا منه، وقادر علي التعامل مع التحديات المفروضة فيهذا الوقت.
- أن عبدالناصر كان يدرك أن عدوان 1967 كان مُعَدًا له من زمن طويل، وأن إسرائيل قد حصلت في هذه الفترة علي كافةأنواع الأسلحة المطلوبة التي تستطيع من خلالها تدمير الجيش المصري.
- أن عبدالناصر أكد خلال مناقشته لأسباب الهزيمة في محضر اجتماع مجلس الوزراء في 20 يونيو 1967، »أن القيادات العسكرية المصرية لم تكن لديها قناعة بأن إسرائيل ستهاجم مصر وبعضَ البلدان العربية الأخري، بالرغم من كونه حضر اجتماع القيادة العليا للقوات المسلحة يوم الجمعة 2 يونيو، وأبلغهم أن إسرائيل ستهاجم مصر يوم 5يونيو، وأن أول عملية سوف تستهدف ضرب الطيران والمطارات.
- أن عبدالناصر أكد في محضر الاجتماع نفسه: أنه أبلغ شعراوي جمعة وزير الداخلية في نفس التوقيت بموعدالعدوان، وقال له: »أنا شايف كل الناس واخدة الموضوع ببساطة، وإننا لابد أن نبدأ بعملية المواجهة من الآن».
- إنه بالرغم من تحذيراته إلا أنه فوجئ عندما قام الإسرائيليون بالهجوم لم تكن هناك طائرة واحدة لمواجهة الطيران الإسرائيلي، لأن الطيارين المصريين كانوا منشغلين في حفلة حتي الرابعة صباحًا، ولذلك ضُربت كل المطارات المصرية فيوقت واحد.
- أن عبدالناصر لجأ في هذه الفترة إلي السوڤييت مضطرا لحماية بلاده وقد جسد ذلك بقوله: »لقد أثبت هذا العدوان الذي وقع علي مصر أنه لا يوجد لدينا دفاع جوي في هذه الفترة، ولذلك طلبت من الروس أن يرسلوا لنا أفرادًا بمعداتهم لتولي الدفاع الجوي عن مصر، وإلا فإننا كنا سنصبح مستباحين للطيران الإسرائيلي.
- أن عبدالناصر أوضح أسباب قراره بالتنحي بقوله: »لقد كان الخيار المفروض علينا في هذه الفترة إما أن نقبل بشروط أمريكا وإما يبهدلونا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وكان القبول بالشروط مستحيلًا، وهذا هو ما دفعني إلي طلب التنحي في 9 يونيو، لأنني لا أستطيع أن أقبل كلام أمريكا».
- لقد اعترف عبدالناصر في هذه الفترة بانخفاض الروح المعنوية، وقال: »طبعًا الروح المعنوية منحطَّة جدًا، وبنحاول بكل الوسائل إن إحنا نرفع الروح المعنوية، لأن الضربة كانت جامدة جدًا.
- عندما اقترح السيد عبدالمحسن أبو النور وزير الدولة ضرورة إعداد المقاومة الشعبية لمواجهة أي غزو إسرائيلي للقاهرة،قال له عبدالناصر بكل حسم: »أنا باخدك دلوقتي أعيِّنك قائدًا للمقاومة الشعبية، وسيب إصلاح الأراضي لسيد مرعي»،وكان ذلك مؤشرًا علي جدية المواجهة منذ الأيام الأولي التي تلت النكسة.
- وفي الجلسة نفسها اقترح كمال الدين رفعت ضرب اليهود في سيناء وبدء التعبئة، فردَّ عليه عبدالناصر بالقول تحديدًا: »رأيي لازم نوطي راسنا شوية لغاية ما ييجي لنا شوية أسلحة، ونسكت ولا نعبئ ولا يبان علينا إننا واخدين ضربة مدوخانا ولا نعبئ إعلام ولا حاجة، خلينا كدة ساكتين، وأول ما تُقف قواتنا علي رجليها شوية، ونعرف إننا قادرين جديًا علي الدفاع عن غرب القنال، وعندنا من الأسلحة ما يكفي والدفاع الجوي، نبتدي نعمل هذا الكلام، ولا يمكن دلوقتيأتحدث عن تحرير سيناء، وأنا مش واثق من الدفاع عن القاهرة«، وكان ذلك أيضا يعني فهما عميقًا من عبد الناصرلحقائق الواقع علي الأرض.
ولم يكن عبد الناصر مغامرًا بدليل أنه عندما تساءل محمود رياض وزير الخارجية: هل هناك استبعاد للحلول الدبلوماسية؟ رد عليه بقوله: »لو عملوا معانا اتصال هنعمل، لكن هل هنسلم؟ لا.
- صارح عبدالناصر الحاضرين في هذه الجلسة، بأن الرئيس الأمريكي ليندون جونسون أبلغ مصر وقال: »متهاجموش إسرائيل وهيَّ مش هتهاجمكم، ثم بعد هجوم إسرائيل سكت خالص». وهو أمر يكشف أبعاد المؤامرة والدور الأمريكيالمساند للعدوان.
- وعندما قال عبدالناصر: »إنه لا توجد اتصالات مع الأمريكان، وهم يطلبون منا التسليم بلا قيد ولا شرط«، وعندما قال: »حتي لو سلِّمنا بلا قيد وبلا شرط فلن يقبلوا، لأنهم يريدون تغيير النظام«، »إن الكونجرس كله مع إسرائيل والتعبئةكلها لصالح إسرائيل، وحتي لو أراد الرئيس جونسون أي حل سياسي فلن يستطيع». فهو هنا كان يؤكد علي فهمه لطبيعة العلاقة القوية بين أمريكا وإسرائيل.
- لقد ثمَّن عبد الناصر في هذا الاجتماع موقف الجزائر من بين كل الدول العربية وقال: »الجزائر باعتين المدفعية كلها،والدبابات كلها، والطيارات كلها، والقوات كلها، وقال الجزائريون مستعدون وحزاني وزعلانين من خبر إيقاف القتال، ولماراح خبر إيقاف القتال ليومين قعد أحد الجزائريين يعيط قدام السفير، وحالته كانت وحشة».
- لقد كاشف عبدالناصر الجميع في هذا الاجتماع وقال لمجلس الوزراء: »أنا قلت لكم الموقف بصراحة، واللي عايز يهرب بجلده من دلوقتي يعملها، أنا مش متشائم، أنا متفائل، هنعدي إن شاء الله وربنا إدانا درس، في رأيي سننتصر إن شاءالله، لازم نجتمع ونبحث المواد التموينية ونعلن اقتصادنا اقتصاد حرب، ويكون هناك تقشف، ما نقعدش نعيط، الناس عندها أمل، منكفَّرش الناس بدون داعي وشوفوا مشاكل الناس.
وكان هذا الحديث يعني أن عبد الناصر قرر المواجهة حتي النهاية وكان يدرك أن المواجهة توجب المصارحة وبث روح الأمل في النفوس
• • •
وخلال الاجتماع التالي لمجلس الوزراء الذي انعقد برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر في 2 يوليو 1967، تركز الحديث حول أربع نقاط متعلقة بالموقف العسكري والروح المعنوية وإعادة تنظيم القوات المسلحة وزيارة بادجورني في الفترة من21-23 يونيو والموقف السياسي، ناهيك عن العديد من المواقف الأخري، وكان في مقدمتها الوضع الاقتصادي.
- لقد فاجأ عبدالناصر الحاضرين بقوله: »إنه ابتداء من يوم 27 يوليو لدينا القدرة علي الدفاع عن الضفة الغربية لقنال السويس، وقال قبل ذلك لم تكن هناك قوة دفاعية، وكان الطريق من السويس إلي القاهرة مفتوحًا أمام الأعداء، وكذلك الحال بالنسبة للطريق بين القاهرة والإسماعيلية، لقد نجحنا في أن نعوض ما خسرناه في الطيران، والتسليح الكامل في الدبابات، والاتحاد السوفيتي أمدنا بكل ما نحتاجه.
- وكشف عبدالناصر أن السوفيت أرسلوا له خطابًا في اليوم الثاني للتنحي، وقال إنهم طالبوه بالعودة وتعهدوابتعويض مصر عن كل الأسلحة التي خسرتها مجانًا.
- وأكد أن الروح المعنوية لدي المصريين أصبحت عالية، خاصة بعد معركة بورفؤاد التي لقَّن فيها المصريون القوات الإسرائيلية درسًا قويًا.
- وتعهد عبدالناصر إعادة تنظيم القوات المسلحة تنظيمًا كاملًا حتي تستطيع مواجهة الأعداء، وتحدث في هذا حديثًامطولا مستعينًا بخبرة السوفيت في هذا اللمجال.
-و كشف عبدالناصر خلال المناقشات داخل مجلس الوزراء عن تفاصيل زيارة »بادجورني» وقال: إننا طلبنا منه معاونتنافي مدِّنا بالأسلحة ومعاونتنا من الناحية الفنية، وقال: إنني ركزت معه علي الدفاع الجوي، وقال: إنه وعدني بإرسال طيارات وطيارين، بحيث يتولون مسئولية الدفاع عن مصر وليس الهجوم علي إسرائيل.
- وتحدث ناصر عن الأوضاع الاقتصادية وقال: إن الاتحاد السوفيتي مستعد لمساعدتنا وتقديم معونات اقتصادية لمصر،وقال: إنهم سيبحثون الأمر ويردون علينا.
- قال عبدالناصر إنه بعد حوالي 25 يومًا من العدوان حدث تغير في الموقف العالمي وأن دولًا عديدة تطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها، لكنه قال: إن إسرائيل لن تنسحب إلا بعد موافقة أمريكا، وأمريكا لها أهداف كبيرةفي منطقة الشرق الأوسط تريد تحقيقها.
كان عبدالناصر يري أن المعركة ليست هينة، وأنها طويلة، وقال إن المباحثات في أمريكا مع د. محمود فوزي تمحورت في طلبين:
-الاعتراف بإسرائيل كحقيقة واقعة.
حق إسرائيل في عبور خليج العقبة.
وقال: إن الحل الوحيد أمامنا هو فقط إعادة بناء قواتنا المسلحة علي أساس صحيح وسليم، وبعدها نتحرك لاستردادسيناء.
- لقد أكد عبدالناصر: »إن الشعب المصري ميزته أنه »ينكِّت» علي أي حاجة مش عاجباه، وهذا يدل علي أنه شعب روحه المعنوية قوية جدًا، وزي ما نكِّت من 100 سنة، برضه بينكِّت النهاردة، وهينكت بعد 100 سنة، مهما مرت بيه الشدائد،وأنا الحقيقة لما كنت باسمع النكت اللي بتتقال كنت بقول إن معنويات الشعب كويسة، طبعًا اللي باين إن الناس حزينة،لكن روحها المعنوية قوية».
- لقد تطرق الحديث في هذا الاجتماع للأزمة الاقتصادية فتحدث سيد مرعي وزير الزراعة عن محصولي القطن والأرزوغيرهما، وناقش عبد الناصر ووزراءه في هذا الملف بعين الخبير والمتابع لكل السلع التموينية والزراعية، وأيضا إيرادات السياحة والديون المطلوبة من الدولة.
أما في اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد برئاسة عبدالناصر في 22 يوليو 1967 فقد تحدث الزعيم الراحل في بدايته عن ضرورة تنظيم عملية الإنفاق الشخصي لمسئولي الدولة المصرية، وقال: »يجب أن نأخذ قرارًا بأن نواب الرئيس كل منهم يكون عنده عربيتان فقط، والوزراء كل واحد عنده عربية واحدة«، وقال: »مثلًا يقال إن عبدالقادر حاتم عنده 6 عربيات،فهل هذا الكلام صحيح؟ هذا الكلام يجب أن ينفَّذ من بكرة نواب الرئيس كل واحد له عربتان والوزير فقط سيارة واحدة».
واستكمل حديثه المفاجئ بالقول ويجب إلغاء 50٪ من بدل التمثيل : بالنسبة للكل، وكان كلامه يحمل أكثر من معني!!
وفي هذا الاجتماع أيضا دار حوار طويل في هذا الاجتماع حول قرار وقف إطلاق النار والحل السياسي المطروح، وكان الرأي أنه لا يجب الاستعجال في الحل السياسي وإنما يتوجب إصلاح الجبهة الداخلية أولًا، ويكون عندنا برنامج عمل ونثبت للعالم أننا في هذه الشدة نقدر نقف علي رجلينا، الوقوف اللي يقدر يخلينا نساوم، كما قال عبد الناصر حرفيا.
وراح عبدالناصر يشرح وجهة نظره بالقول: »والله أنا يوم 8 يونيو كنت مستعد أقبل حاجات أكتر من كدة لعدة أسباب أهمها أنه كان عندي معلومات أن اليهود هيعبروا القناة ويحتلوا الضفة الغربية، ولكن الصمود شيء مهم وأساسي«،وقال: »كلما يقوي الخط الدفاعي يبقي ممكن موقفنا السياسي يكون أصلب».
- ولم يجد عصام حسونة وزير العدل من الحديث مطولًا عن الجبهة الداخلية وأسباب خروج الجماهير في تظاهرات عارمة ترفض تنحي عبدالناصر، وقال: »لقد كنا في مناحة وطنية، البلد انتفضت فجأة، ونزل الملايين إلي الشارع، وقال إن إحساسي الشخصي أن الناس كلها حست إن (الأب العاقل) بيترك البيت في المحنة، وقال حسونة مفاجئا الجميع: إن القول بأن البلد موحدة غير صحيح، والقول بأن البلد مستعدة أن تغير القيم التي عاشت عليها كذا سنة بسهولة غيرصحيح ومستحيل أيضًا».
وبعد الحديث المطول لوزير العدل، تم رفع جلسة الاجتماع علي أن تنعقد يوم 24 يوليو 1967، وفي نهاية الجلسة كان عبدالناصر كعادته واضحًا وصريحًا، حيث قال: »الفترة دي الواحد حاسس بوحدة، الواحد يحب يسمع، وأنا كنت بلحّ عليكم الأول، الواحد عاوز ناس كتير تتكلم، لأن العملية عملية الحقيقة صعبة جدًا، كل ما اتكلمت مع الناس علي أساس مدروس برضه مش علي أساس عاطفي، ممكن إن إحنا نحقق حاجات أكتر».
عبدالناصر يؤكد: اعتدوا علينا في 67 لفرض الصلح مع إسرائيل وتحويل مصر لمستعمرة أمريكية وإسقاط النظام
أبلغت القيادة العسكرية بأن العدوان سيقع في 5 يونيو قبل الموعد بعدة أيام ولكنهم أخذوا الموضوع ببساطة
المصريون ولاد »نكتة» وهذا دليل علي قوة معنوياتهم
عصام حسونة يقول: عشنا »مناحة» وطنية في 9 و10 يونيو كمال الدين رفعـت يقول: لازم نضرب إسرائيل فورًا وعبدالنــاصر يــرد: لازم نوطي راسنا شوية
عبدالناصر: الجزائر أرسلت كل المدفعية والدبابات والطائرات وزعلانين علي مصر
تواصل »أخبار اليوم» نشر حلقات كتاب »ناصر 67» الذي سيصدر قريبًا عن »المكتبة الأكاديمية» في الذكري المئوية لميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر )15 يناير 2018(
حيث تتضمن الحلقات تفاصيل هامة من المحاضر السرية لاجتماعات مجلس الوزراء واللجنة التنفيذية العليا، التيحصل عليها الكاتب الزميل مصطفي بكري من د. هدي عبدالناصر كريمة الرئيس الراحل.
وفي هذه الحلقة يتواصل الحديث عن الأيام الأولي لنكسة 1967
لم تكن هزيمة 1967 هي نهاية المطاف للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بل كانت اختبارًا مهمًا لعزيمة وصمود مصركلها قيادةً وشعبًا.
لقد تحمَّل الزعيم الراحل منذ البداية المسئوليةَ السياسيةَ عن الهزيمة، وقرر التنحي، إلا أن الشعب المصري العظيم خرج إلي الشارع مصممًا علي استكمال المسيرة ومواجهة التحديات وتكليف الرئيس عبدالناصر بالاستمرار حتي إزالة آثارالعدوان.
لقد ظلت هزيمة 1967 -وما زالت- مثارَ جدل واسع في كافة الأوساط، حيث اعتبر البعض أن »موت عبدالناصر» لم يكن في الثامن والعشرين من سبتمبر 1970، وإنما الموت الحقيقي حدث في الخامس من يونيو 1967
إن أحدًا لا يستطيع أن ينكر أو يتجاهل الآثارَ الخطيرةَ التي خلَّفتها هزيمة 1967 سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًاواجتماعيًا ونفسيًا علي الشعب المصري والأمة العربية جمعاء، إلا أن عبدالناصر استطاع قيادةَ الشعب والأمة في هذاالوقت لإعادة بناء ما دمرته الحرب، والصمود في مواجهة التحديات التي فرضت علي مصر من الخارج والداخل عليالسواء.
لقد رفض عبدالناصر الاستسلامَ للهزيمة، وصمم علي إعادة البناء وتحقيق الانتصار، وهو ما عبَّر عنه منذ البداية خلال الجلسة الأولي لمجلس الوزراء التي عُقدت في 20 يونيو 1967 بقوله: »لن نستسلم إلي اليأس ولا إلي الحزن، بل العكس اللي حصل يخلينا أشد إصرارًا لبناء أنفسنا ورفض الاستسلام لإسرائيل وأمريكا».
وتكشف محاضر مجلس الوزراء التي أعقبت هزيمة 1967، وتحديدًا في الجلسات التي عُقدت في 20 يونيو و2 يوليوو22 يوليو و24 يوليو و26 يوليو، أن عبدالناصر كان واعيًا بحقيقة المخطط وآليات المواجهة، حيث ناقش فيها بكل صراحة ووضوح الأسبابَ التي أدت إلي الهزيمة.
وعندما قرأت هذه المحاضر وغيرها من الأوراق -التي حصلت عليها من الدكتورة هدي جمال عبدالناصر- أدركت أن كثيرًامن الحقائق لاتزال غائبة عن المثقفين والمؤرخين وعامة الناس، ولذلك قررت نشر بعض من هذه الوثائق المهمة التي بذلت فيها كريمة الزعيم الراحل جهدًا كبيرًا في تفريغ شرائط التسجيل المتهالكة والتي مضي عليها عقود ليست بالقليلة.
لقد تضمن محضر اجتماع مجلس الوزراء الأول الذي انعقد بعد الهزيمة في 20 يونيو 1967 مناقشاتٍ موسعةً بين الزعيم الراحل -بوصفه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء آنذاك- وبين أعضاء المجلس حول أسباب الهزيمة التي أوجزهاعبد الناصر في الآتي:
- أن الهزيمة لا تعني نهاية المطاف، وأن جيوشًا عديدة خسرت جولات، لكنها لم تُهزم إلي الأبد أو تستسلم للأمر الواقع،بل إنها قاومت وتحدت، واستطاعت أن تحقق النصر، وأن مصر قادرة علي تجاوز الهزيمة ونتائجها.
- أن ما حدث لا يدعونا إلي الاستسلام لليأس، بل يجعلنا أشد إصرارًا لبناء أنفسنا وبناء قواتنا المسلحة.
- أن الهدف من العدوان الذي وقع علي البلاد هو فرض الصلح مع إسرائيل وتحويل مصر إلي مستعمرة أمريكية وإسقاط نظامها الوطني.
- أن قرار عبدالناصر بالتنحي عن السلطة كان هدفه إنقاذ البلاد؛ لأنه كان يدرك أن رأسه هو المطلوب، ولذلك قام بترشيح زكريا محيي الدين لتولي رئاسة الجمهورية، باعتبار أنه أكثر اعتدالًا منه، وقادر علي التعامل مع التحديات المفروضة فيهذا الوقت.
- أن عبدالناصر كان يدرك أن عدوان 1967 كان مُعَدًا له من زمن طويل، وأن إسرائيل قد حصلت في هذه الفترة علي كافةأنواع الأسلحة المطلوبة التي تستطيع من خلالها تدمير الجيش المصري.
- أن عبدالناصر أكد خلال مناقشته لأسباب الهزيمة في محضر اجتماع مجلس الوزراء في 20 يونيو 1967، »أن القيادات العسكرية المصرية لم تكن لديها قناعة بأن إسرائيل ستهاجم مصر وبعضَ البلدان العربية الأخري، بالرغم من كونه حضر اجتماع القيادة العليا للقوات المسلحة يوم الجمعة 2 يونيو، وأبلغهم أن إسرائيل ستهاجم مصر يوم 5يونيو، وأن أول عملية سوف تستهدف ضرب الطيران والمطارات.
- أن عبدالناصر أكد في محضر الاجتماع نفسه: أنه أبلغ شعراوي جمعة وزير الداخلية في نفس التوقيت بموعدالعدوان، وقال له: »أنا شايف كل الناس واخدة الموضوع ببساطة، وإننا لابد أن نبدأ بعملية المواجهة من الآن».
- إنه بالرغم من تحذيراته إلا أنه فوجئ عندما قام الإسرائيليون بالهجوم لم تكن هناك طائرة واحدة لمواجهة الطيران الإسرائيلي، لأن الطيارين المصريين كانوا منشغلين في حفلة حتي الرابعة صباحًا، ولذلك ضُربت كل المطارات المصرية فيوقت واحد.
- أن عبدالناصر لجأ في هذه الفترة إلي السوڤييت مضطرا لحماية بلاده وقد جسد ذلك بقوله: »لقد أثبت هذا العدوان الذي وقع علي مصر أنه لا يوجد لدينا دفاع جوي في هذه الفترة، ولذلك طلبت من الروس أن يرسلوا لنا أفرادًا بمعداتهم لتولي الدفاع الجوي عن مصر، وإلا فإننا كنا سنصبح مستباحين للطيران الإسرائيلي.
- أن عبدالناصر أوضح أسباب قراره بالتنحي بقوله: »لقد كان الخيار المفروض علينا في هذه الفترة إما أن نقبل بشروط أمريكا وإما يبهدلونا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وكان القبول بالشروط مستحيلًا، وهذا هو ما دفعني إلي طلب التنحي في 9 يونيو، لأنني لا أستطيع أن أقبل كلام أمريكا».
- لقد اعترف عبدالناصر في هذه الفترة بانخفاض الروح المعنوية، وقال: »طبعًا الروح المعنوية منحطَّة جدًا، وبنحاول بكل الوسائل إن إحنا نرفع الروح المعنوية، لأن الضربة كانت جامدة جدًا.
- عندما اقترح السيد عبدالمحسن أبو النور وزير الدولة ضرورة إعداد المقاومة الشعبية لمواجهة أي غزو إسرائيلي للقاهرة،قال له عبدالناصر بكل حسم: »أنا باخدك دلوقتي أعيِّنك قائدًا للمقاومة الشعبية، وسيب إصلاح الأراضي لسيد مرعي»،وكان ذلك مؤشرًا علي جدية المواجهة منذ الأيام الأولي التي تلت النكسة.
- وفي الجلسة نفسها اقترح كمال الدين رفعت ضرب اليهود في سيناء وبدء التعبئة، فردَّ عليه عبدالناصر بالقول تحديدًا: »رأيي لازم نوطي راسنا شوية لغاية ما ييجي لنا شوية أسلحة، ونسكت ولا نعبئ ولا يبان علينا إننا واخدين ضربة مدوخانا ولا نعبئ إعلام ولا حاجة، خلينا كدة ساكتين، وأول ما تُقف قواتنا علي رجليها شوية، ونعرف إننا قادرين جديًا علي الدفاع عن غرب القنال، وعندنا من الأسلحة ما يكفي والدفاع الجوي، نبتدي نعمل هذا الكلام، ولا يمكن دلوقتيأتحدث عن تحرير سيناء، وأنا مش واثق من الدفاع عن القاهرة«، وكان ذلك أيضا يعني فهما عميقًا من عبد الناصرلحقائق الواقع علي الأرض.
ولم يكن عبد الناصر مغامرًا بدليل أنه عندما تساءل محمود رياض وزير الخارجية: هل هناك استبعاد للحلول الدبلوماسية؟ رد عليه بقوله: »لو عملوا معانا اتصال هنعمل، لكن هل هنسلم؟ لا.
- صارح عبدالناصر الحاضرين في هذه الجلسة، بأن الرئيس الأمريكي ليندون جونسون أبلغ مصر وقال: »متهاجموش إسرائيل وهيَّ مش هتهاجمكم، ثم بعد هجوم إسرائيل سكت خالص». وهو أمر يكشف أبعاد المؤامرة والدور الأمريكيالمساند للعدوان.
- وعندما قال عبدالناصر: »إنه لا توجد اتصالات مع الأمريكان، وهم يطلبون منا التسليم بلا قيد ولا شرط«، وعندما قال: »حتي لو سلِّمنا بلا قيد وبلا شرط فلن يقبلوا، لأنهم يريدون تغيير النظام«، »إن الكونجرس كله مع إسرائيل والتعبئةكلها لصالح إسرائيل، وحتي لو أراد الرئيس جونسون أي حل سياسي فلن يستطيع». فهو هنا كان يؤكد علي فهمه لطبيعة العلاقة القوية بين أمريكا وإسرائيل.
- لقد ثمَّن عبد الناصر في هذا الاجتماع موقف الجزائر من بين كل الدول العربية وقال: »الجزائر باعتين المدفعية كلها،والدبابات كلها، والطيارات كلها، والقوات كلها، وقال الجزائريون مستعدون وحزاني وزعلانين من خبر إيقاف القتال، ولماراح خبر إيقاف القتال ليومين قعد أحد الجزائريين يعيط قدام السفير، وحالته كانت وحشة».
- لقد كاشف عبدالناصر الجميع في هذا الاجتماع وقال لمجلس الوزراء: »أنا قلت لكم الموقف بصراحة، واللي عايز يهرب بجلده من دلوقتي يعملها، أنا مش متشائم، أنا متفائل، هنعدي إن شاء الله وربنا إدانا درس، في رأيي سننتصر إن شاءالله، لازم نجتمع ونبحث المواد التموينية ونعلن اقتصادنا اقتصاد حرب، ويكون هناك تقشف، ما نقعدش نعيط، الناس عندها أمل، منكفَّرش الناس بدون داعي وشوفوا مشاكل الناس.
وكان هذا الحديث يعني أن عبد الناصر قرر المواجهة حتي النهاية وكان يدرك أن المواجهة توجب المصارحة وبث روح الأمل في النفوس
• • •
وخلال الاجتماع التالي لمجلس الوزراء الذي انعقد برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر في 2 يوليو 1967، تركز الحديث حول أربع نقاط متعلقة بالموقف العسكري والروح المعنوية وإعادة تنظيم القوات المسلحة وزيارة بادجورني في الفترة من21-23 يونيو والموقف السياسي، ناهيك عن العديد من المواقف الأخري، وكان في مقدمتها الوضع الاقتصادي.
- لقد فاجأ عبدالناصر الحاضرين بقوله: »إنه ابتداء من يوم 27 يوليو لدينا القدرة علي الدفاع عن الضفة الغربية لقنال السويس، وقال قبل ذلك لم تكن هناك قوة دفاعية، وكان الطريق من السويس إلي القاهرة مفتوحًا أمام الأعداء، وكذلك الحال بالنسبة للطريق بين القاهرة والإسماعيلية، لقد نجحنا في أن نعوض ما خسرناه في الطيران، والتسليح الكامل في الدبابات، والاتحاد السوفيتي أمدنا بكل ما نحتاجه.
- وكشف عبدالناصر أن السوفيت أرسلوا له خطابًا في اليوم الثاني للتنحي، وقال إنهم طالبوه بالعودة وتعهدوابتعويض مصر عن كل الأسلحة التي خسرتها مجانًا.
- وأكد أن الروح المعنوية لدي المصريين أصبحت عالية، خاصة بعد معركة بورفؤاد التي لقَّن فيها المصريون القوات الإسرائيلية درسًا قويًا.
- وتعهد عبدالناصر إعادة تنظيم القوات المسلحة تنظيمًا كاملًا حتي تستطيع مواجهة الأعداء، وتحدث في هذا حديثًامطولا مستعينًا بخبرة السوفيت في هذا اللمجال.
-و كشف عبدالناصر خلال المناقشات داخل مجلس الوزراء عن تفاصيل زيارة »بادجورني» وقال: إننا طلبنا منه معاونتنافي مدِّنا بالأسلحة ومعاونتنا من الناحية الفنية، وقال: إنني ركزت معه علي الدفاع الجوي، وقال: إنه وعدني بإرسال طيارات وطيارين، بحيث يتولون مسئولية الدفاع عن مصر وليس الهجوم علي إسرائيل.
- وتحدث ناصر عن الأوضاع الاقتصادية وقال: إن الاتحاد السوفيتي مستعد لمساعدتنا وتقديم معونات اقتصادية لمصر،وقال: إنهم سيبحثون الأمر ويردون علينا.
- قال عبدالناصر إنه بعد حوالي 25 يومًا من العدوان حدث تغير في الموقف العالمي وأن دولًا عديدة تطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها، لكنه قال: إن إسرائيل لن تنسحب إلا بعد موافقة أمريكا، وأمريكا لها أهداف كبيرةفي منطقة الشرق الأوسط تريد تحقيقها.
كان عبدالناصر يري أن المعركة ليست هينة، وأنها طويلة، وقال إن المباحثات في أمريكا مع د. محمود فوزي تمحورت في طلبين:
-الاعتراف بإسرائيل كحقيقة واقعة.
حق إسرائيل في عبور خليج العقبة.
وقال: إن الحل الوحيد أمامنا هو فقط إعادة بناء قواتنا المسلحة علي أساس صحيح وسليم، وبعدها نتحرك لاستردادسيناء.
- لقد أكد عبدالناصر: »إن الشعب المصري ميزته أنه »ينكِّت» علي أي حاجة مش عاجباه، وهذا يدل علي أنه شعب روحه المعنوية قوية جدًا، وزي ما نكِّت من 100 سنة، برضه بينكِّت النهاردة، وهينكت بعد 100 سنة، مهما مرت بيه الشدائد،وأنا الحقيقة لما كنت باسمع النكت اللي بتتقال كنت بقول إن معنويات الشعب كويسة، طبعًا اللي باين إن الناس حزينة،لكن روحها المعنوية قوية».
- لقد تطرق الحديث في هذا الاجتماع للأزمة الاقتصادية فتحدث سيد مرعي وزير الزراعة عن محصولي القطن والأرزوغيرهما، وناقش عبد الناصر ووزراءه في هذا الملف بعين الخبير والمتابع لكل السلع التموينية والزراعية، وأيضا إيرادات السياحة والديون المطلوبة من الدولة.
أما في اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد برئاسة عبدالناصر في 22 يوليو 1967 فقد تحدث الزعيم الراحل في بدايته عن ضرورة تنظيم عملية الإنفاق الشخصي لمسئولي الدولة المصرية، وقال: »يجب أن نأخذ قرارًا بأن نواب الرئيس كل منهم يكون عنده عربيتان فقط، والوزراء كل واحد عنده عربية واحدة«، وقال: »مثلًا يقال إن عبدالقادر حاتم عنده 6 عربيات،فهل هذا الكلام صحيح؟ هذا الكلام يجب أن ينفَّذ من بكرة نواب الرئيس كل واحد له عربتان والوزير فقط سيارة واحدة».
واستكمل حديثه المفاجئ بالقول ويجب إلغاء 50٪ من بدل التمثيل : بالنسبة للكل، وكان كلامه يحمل أكثر من معني!!
وفي هذا الاجتماع أيضا دار حوار طويل في هذا الاجتماع حول قرار وقف إطلاق النار والحل السياسي المطروح، وكان الرأي أنه لا يجب الاستعجال في الحل السياسي وإنما يتوجب إصلاح الجبهة الداخلية أولًا، ويكون عندنا برنامج عمل ونثبت للعالم أننا في هذه الشدة نقدر نقف علي رجلينا، الوقوف اللي يقدر يخلينا نساوم، كما قال عبد الناصر حرفيا.
وراح عبدالناصر يشرح وجهة نظره بالقول: »والله أنا يوم 8 يونيو كنت مستعد أقبل حاجات أكتر من كدة لعدة أسباب أهمها أنه كان عندي معلومات أن اليهود هيعبروا القناة ويحتلوا الضفة الغربية، ولكن الصمود شيء مهم وأساسي«،وقال: »كلما يقوي الخط الدفاعي يبقي ممكن موقفنا السياسي يكون أصلب».
- ولم يجد عصام حسونة وزير العدل من الحديث مطولًا عن الجبهة الداخلية وأسباب خروج الجماهير في تظاهرات عارمة ترفض تنحي عبدالناصر، وقال: »لقد كنا في مناحة وطنية، البلد انتفضت فجأة، ونزل الملايين إلي الشارع، وقال إن إحساسي الشخصي أن الناس كلها حست إن (الأب العاقل) بيترك البيت في المحنة، وقال حسونة مفاجئا الجميع: إن القول بأن البلد موحدة غير صحيح، والقول بأن البلد مستعدة أن تغير القيم التي عاشت عليها كذا سنة بسهولة غيرصحيح ومستحيل أيضًا».
وبعد الحديث المطول لوزير العدل، تم رفع جلسة الاجتماع علي أن تنعقد يوم 24 يوليو 1967، وفي نهاية الجلسة كان عبدالناصر كعادته واضحًا وصريحًا، حيث قال: »الفترة دي الواحد حاسس بوحدة، الواحد يحب يسمع، وأنا كنت بلحّ عليكم الأول، الواحد عاوز ناس كتير تتكلم، لأن العملية عملية الحقيقة صعبة جدًا، كل ما اتكلمت مع الناس علي أساس مدروس برضه مش علي أساس عاطفي، ممكن إن إحنا نحقق حاجات أكتر».
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة
خالد ميري يكتب: العدالة لأصحاب المعاشات
ياسر رزق يكتب: مصر وروسيا.. صداقة لا تعرف الأجندات الخفية
عمرو الخياط يكتب من موسكو: الوعي النووي
كرم جبر يكتب: ومازال الشيطان يحكم
مصطفى بكري يكتب: ناصر 67 .. هزيمة الهزيمة
ياسر رزق يكتب: إيجابيات وخيارات في مواجهة إعلان ترامب
كرم جبر يكتب: شخصيات وأحداث الفريق أحمد شفيق
عادل حمودة يكتب: أزمة تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة تدخل في نفق مظلم !
عمرو الخياط يكتب: أحمد شفيق.. الترشح من أجل الانسحاب