القدس
القدس


فنده المستشار خفاجي..

حكم قضائي مصري لـ«ترامب»: القدس عربية بـ«القانون الدولي»

فايزة الجنبيهي

الخميس، 07 ديسمبر 2017 - 02:32 م

أكد المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل  وقراره بنقل سفارة بلاده إلى هناك، يعد مخالفة لما جرت عليه السياسة الأمريكية منذ فترة طويلة.

وقال المستشار خفاجي إن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وتحديدًا الدائرة الأولى بحيرة برئاسته، حكمت في القضية رقم 1920 لسنة 55 قضائية بجلسة 29 ديسمبر 2014 في البند رابعًا: «رفض الاستجابة للطلب الإسرائيلي المبدي لمنظمة اليونسكو بنقل ضريح الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة  من دمنهور إلى القدس إعمالا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية (لاهاي) باعتبار أن القدس أرض محتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة وتخرج عن سيادتها, وتلافياً لإضفاء شرعية يهودية الدولة بتكريس سلطة الاحتلال الإسرائيلي بتواجد هذا الضريح على أرض فلسطين العربية.

وقالت المحكمة إن المستقر عليه دوليًا, ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس الفلسطينية للجانب الغربي منها عام 1948 والجزء الشرقي منها عام 1967 فإن سلطة الاحتلال الإسرائيلي دأبت على الاستيطان بها وتهويدها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان, وأن معظم السواد الأعظم من أعضاء المجتمع الدولي انتهى إلى أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة – خاصة القدس الشرقية – تمثل خرقا لقواعد القانون الدولي, وانتهت منظمة الأمم المتحدة إلى أن بناء إسرائيل لتلك المستوطنات يشكل انتهاكا لأحكام المادة 49 في فقرتها السادسة من «اتفاقية جنيف الرابعة».

وتحظر هذه الاتفاقية على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها, وتبنى مجلس الأمن في منظمة الأمم المتحدة القرار رقم 448 في مارس 1979 واعتبرها غير قانونية؛ بل أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا  استشاريًا في عام 2004 انتهت فيه إلى أن بناء تلك المستوطنات غير شرعية، وهو ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة ذاته بان كي مون في أبريل 2012 حيال النشاط الاستيطاني لسلطات الاحتلال الإسرائيلية, فضلا عن انتهاكها لقواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة في المادة (53) من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة إلا إذا اعتبرت ضرورة للعمليات العسكرية.

وانتهك الاحتلال الإسرائيلي المادة (46) من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية في (لاهاي)، التي نصت على أنه: «ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها, وحياة الأشخاص والملكية الخاصة, وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية, ولا تجوز مصادرة الملكية الخاصة، وكذلك المادة (55) التي تنص على أنه «لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسئول إداري ومنتفع من المؤسسات والمباني العمومية والغابات والأراضي الزراعية التي تملكها الدولة المعادية، والتي توجد في البلد الواقع تحت الاحتلال، وينبغي عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وإدارتها وفقا لقواعد الانتفاع». 

وبحسب الحكم نفسه، فإنه في ضوء ما تقدم  من نصوص للمعاهدات السالفة، وما صدر عن أجهزة منظمة الأمم المتحدة, يبدو جليا أن القدس هي أرض فلسطين، وأن سلطة إسرائيل عليها هي سلطة احتلال, ويكون القصد من طلب الجانب الإسرائيلي هو استخدام نقل الرفات لرجل دين يهودي لتهويد القدس العربية, وإضفاء شرعية دولية على أن القدس عاصمة إسرائيل، وهي في الحق والعدل وطبقا لقواعد القانون الدولي – على نحو ما سلف - عاصمة فلسطين طبقا لأحكام القانون الدولي.
ومما لا مرية فيه أن مثل هذه المستوطنات تنال من حق الدولة الفلسطينية المستقبلية في السيادة والاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحق شعبها الأصيل مثله مثل كافة الشعوب في تقرير مصيره.

وبهذه المثابة فإن الأرض – القدس - محل الطلب الإسرائيلي لنقل رفات الحاخام اليهودي إليها, هي أرض مغتصبة من سلطة الاحتلال الإسرائيلي, والأرض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل في سيادتها, ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان, ولا يجوز – والحال كذلك – نقل الرفات إليها، ما يتعين معه الحكم برفض طلب إلزام الجهة الإدارية المختصة بنقل هذا الضريح إلى خارج جمهورية مصر العربية لإسرائيل استنادا إلى أن الإسلام  يحترم الأديان السماوية ويحترم موتاهم وينبذ نبش قبورهم, ودون الاستجابة للطلب الإسرائيلي المبدى لمنظمة اليونسكو بنقله إلى القدس طبقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية  لاهاي باعتبار أن القدس أرض مغتصبة من سلطة الاحتلال الإسرائيلي والأرض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل في سيادتها, ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان.

وأشارت المحكمة إلى أنه لا يفوت المحكمة أن تشير إلى أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي اتبعت – ولا تزال - سياسة التطهير العرقي للمناطق التي كانت تستولي عليها من مواطنيها الفلسطينيين بهدف إيجاد مجتمع متجانس عرقيا يقتصر على اليهود على أساس تكريس وتبرير العنصرية الأيدولوجية الإقصائية وإلغاء الوجود الفلسطيني وإخراجه من سياق التاريخ, ولم تستطع منظمة الأمم المتحدة ولا الدول الكبرى إيجاد حل عادل حتى الآن, وإذا لم تجد قواعد القانون الدولي  الاحترام الواجب من المنظمة المنوط بها تطبيق أحكامه فقد أضحى تناقضا في دور تفعيل قواعد القانون الدولي في الجماعة الدولية, ذلك أنه قد اتسع إطار قانون البشرية المشترك وتخطت دائرة قانون الأمم المتحدة في انفراجها كل ما عرفه التاريخ ومع ذلك فان ثقة البشر في جدوى القانون الدولي وفعاليته في حل مشاكلهم ثقة بدت تتناقص يوما بعد يوم.

 واختتمت المحكمة بأن الاستجابة لطلب إسرائيل بنقل رفات الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة من مصر إلى القدس  ليكون مزاراً دينياً في أرض فلسطين العربية، يعد محاولة منها لأن تعتبر نفسها المتحدث الرسمي الوحيد بلسان الديانة اليهودية فتتحول بذلك من كائن سياسي إلى كائن ديني, وهو الأمر المحظور دوليًا, وينجلي الهدف من لجوئها للمنظمة الدولية للسعي إلى إحراز انتصار معنوي على مصر ردا على هزيمة أكتوبر 1973، فهي تريد أن تدير صراعا من نوع جديد في المنطقة, وهو الصراع الحضاري, بعد أن عجزت عن حسم الصراع عسكريا بانتصار مصر في أكتوبر المجيد, وهو ما يجب أن تفطن إليه المنظمة الدولية وتتنزه عنه, ولا مرية في أن الادعاء إلى الترهيب بمعاداة السامية – وهو نوع من الترويع الفكري الجديد - أمر ترفضه الأعراف والتقاليد الدولية.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة