منى ماهر

الجمعة، 26 يناير 2018 - 07:22 م

جلست دينا ذات الـ 25 عاما تتصفح مواقع الإنترنت، وصفحات خبراء التجميل، وتشاهد صور عرائس سابقة، ولفت نظرها ارتداء معظم العرائس العدسات اللاصقة الملونة التي أضفت لهم المزيد من الجمال.

 

أسرعت للاتصال بصديقتها لسؤالها عن رأيها في أن ترتدي العدسات اللاصقة يوم خطوبتها، فأشارت صديقتها عليها بارتدائها، لأنها أصبحت موضة، كما أنها ستزيدها جمالا.

 

لم تتردد دينا، ولم تأخذ وقتا كبيرا للتفكير، فقد اقترب موعد الفرح، وأسرعت لأقرب محل كوافير تسأله عن العدسات وأسعارها، فقال لها إن الماكياج سيتكلف 350 جنيها، و400 إذا كان بالعدسات، وأكد لها أن كل البنات يرتدونها ولم يشتك أحد.

 

لم تكن الـ"50" جنيها المقابل الوحيد الذي دفعته دينا مقابل ارتداء العدسات مجهولة المصدر، فقد كان الثمن أكبر كثيرا، إذ كلفها "التهاب في العين وقرحة"..أخذ وقتا طويلا للعلاج".

 

كان ذلك مثال لحالة واحدة ممن تعرضوا للغش باسم التجميل، وكانوا ضحايا لسوق العدسات اللاصقة التجميلية الذي انتشر في مصر سواء في الأسواق على أرض الواقع، أو في الواقع الافتراضي.

 

وفي هذا التحقيق تكشف بوابة أخبار اليوم، كيف تدار تجارة العدسات التجميلية اللاصقة، ومدى تطبيق دور وزارة الصحة والرقابة على هذه المنتجات.

 

 

حارة اليهود

جولة صغيرة في حارة اليهود بمنطقة العتبة، كشفت مدى الاستهانة بالصحة، حيث تباع العدسات اللاصقة مثلها مثل أدوات التجميل والإكسسوارات دون دراية بأضرارها من البعض، وتجاهل هذه الأضرار من آخرون، والإدعاء تارة أخرى بأن هذه المنتجات مرخصة من وزارة الصحة.

قدمنا نفسنا للبائع على أننا أصحاب محل لأدوات التجميل، وسألناه عن سعر العدسات اللاصقة، فقال إن عنده الآن نوعين هما "فريش لوك" و"بيلا"، والعلبة بها 5 أزواج من العدسات بسعر 150 ج، أي أن الزوج الواحد من العدسات يتكلف 30ج.

 

 

باب اللوق

ولأن منطقة باب اللوق بوسط البلد تشتهر بمحلات الأدوات الطبية، وخصوصا النظارات، فكانت أيضا صرحا كبيرا لبيع العدسات اللاصقة في مراكز البصريات المنتشرة بها، البعض منهم يبيع الأصلية فقط، وآخرون يشتهرون ببيع العدسات المقلدة تحت مسمى "كوبي" وهاي كوبي".

وفي باب اللوق تتراوح أسعار العدسات بين 300 ج للأصلية، وتتدنى حتى 40 جنيها للعدسات المقلدة.

 

 

محلات أدوات التجميل

داخل محل لأدوات التجميل والإكسسوارات وقف أحمد يبيع بضائعه للزبائن، وعلى إحدى رفوف المحل كانت العدسات التجميلية تأخذ مكانها، بكافة أنواعها وألوانها، حيث أكد أن لهذه العدسات رواجا كبيرا وتقبل عليها الفتيات وتشتريها كأي أدوات تجميل، وتطلبن ألوان مختلفة وكثيرة، حيث سعرها الرخيص الذي بلغ 50ج.. وحينما سألناه عن مدى معرفته بأضرار هذه العدسات، كان رده "أنا مش وزارة الصحة هما عارفين إنها مضرة وبيطلبوها بالاسم وبيشتروها".

 

 

 

الكوافيرات

وفي محل كوافير بشبرا، تتربع العدسات على عرش أسعار الماكياج، حيث ترفع سعر الماكياج سواء سهرة أو عروس بمقدار 50 ج.

سألنا عاملات الكوافير عن مدى الإقبال على هذه العدسات، فقالوا إن معظم البنات يكون لديهم رغبة كبيرة في تغيير لون عيونهم خاصة في المناسبات والأفراح، ويطلبون تركيبها بسبب قلة سعرها، وأن القليل منهم من اشتكى من حدوث التهابات بعدها، لكن الباقي لم يحدث معهم شيء خصوصا من يستخدمها ليوم واحد فقط.

 

 

صفحات الفيسبوك

وكعادة الفيسبوك كموقع تواصل اجتماعي، فأصبح أيضا سوق كبير بلا أي نوع من الرقابة سواء صحية أو أمنية، ولذلك فكان الفيسبوك ساحة للتنافس بين تجار العدسات اللاصقة، والذين عرضو أنواعا كثيرة منها بأسعار متفاوتة ومتباينة، بدأت من 30 ج، حتى الـ150، وانتهاء بـ500 جنيه، تحت مسميات "الكوبي والهاي كوبي والأوريجنال".

وقالت نورهان سالم، إحدى تاجرات أدوات التجميل على مواقع التواصل الاجتماعي، إنها تعرض العدسات التجميلية للبيع بسعر 40 ج، وتقبل عليها الكثير من الفتيات، دون أن يسألن عن الجودة أو مدى الأضرار التي تسببها هذه العدسات للعين.

وأكدت نورهان معرفتها بمدى أضرار هذه العدسات، وأنها تستعمل عدسات أصلية بسعر غالي، ولا تستعمل العدسات التجميلية، مشيرة إلى أنها تبيع العدسات التجميلية لكثرة الإقبال عليها.

 

 

تجارب البنات

أميرة 16 عاما، قالت إنها بدأت تستعمل العدسات التجميلية منذ عامان، وأنها تسبب لها أحيانا التهابات، فتقوم بخلعها، حتى ترتاح عينها، ثم تعود لارتدائها مرة أخرى.

وقالت جهاد 30 عاما، إنها تدوام على ارتداء العدسات التجميلية منذ 10 أعوام ولا تستغنى عنها خصوصا في المناسبات، ولكنها حريصة على نظافتها بشكل تام حتى لا تؤذي عينها.

أما إسراء 21 عاما، فأكدت أنها كانت تستعمل العدسات التجميلية، حتى أصيبت بالتهاب في عصب العين، جعلها غير مسيطرة على عينها، ونصحها الطبيب بعدم ارتداء العدسات مطلقا، لأن حالةعينها أصبحت خطيرة.

 

 

 

حماية المستهلك..الفواتير الضمان الوحيد

أكدت سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك في مصر، ونائب رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك، أنه يجب على الفتيات عدم المخاطرة بصحتهم، خصوا إذا كانت متعلقة بالعين والنظر، متسائلة كيف يضعون شيئا في عينهم بهذه الأسعار وبدون استشارة ووصف الطبيب.

ونصحت الديب الفتيات بعدم شراء هذه المنتجات سواء عدسات لاصقة أو أي أدوات تجميل، دون الحصول على فاتورة شراء، تضمن لها الحصول على حقها إذا تعرضت لأذى بسبب هذه المنتجات.

وعن دور جهاز حماية المستهلك أكدت أن الجهاز يؤدي دوره إذا قدم المستهلك شكوى بخصوص منتج معين ومعه فاتورة بهذا المنتج ودليل على الأثر السلبي الذي وقع عليه من استعماله لهذا المنتج.

 

 

مباحث التموين

وفي عدة وقائع نجحت مباحث التموين في ضبط كميات كبيرة من العدسات المهربة من سداد الرسوم الجمركية وغير المسجلة بوزارة الصحة، وليست خاضعة لأى تحليل طبى من قبل الجهات المعنية بوزارة الصحة، والمحظور تداولها فى الأسواق.

وأكدت مباحث التموين أن لهذه العدسات لها أثر بالغ الضرر على الصحة العامة والاقتصاد القومي لطرحها للبيع إلى الجمهور للغش والتدليس على جمهور المستهلكين بهدف تحقيق أرباح طائلة غير مشروعة.

 

القانون

ويتم توجيه التهم للتجار طبقا للقانون رقم 1941 بشأن قمع الغش والتدليس وتعديلاته والقانون رقم 82 لسنة 2002، بشأن حماية الملكية الفكرية والقانون رقم 67 لسنة 2006 بشأن حماية المستهلك، وكذا قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 113 لسنة 1994 بحظر تداول السلع مجهولة المصدر.

 

 

 

طبيب عيون: تؤدي إلى فقدان البصر

وأكد د.أسامة فتحي استشاري أمراض العيون، أن استخدام العدسات اللاصقة، الذي أصبح شائعا في العقود الأخيرة، يؤدي إلى أضرار صحية عديدة مثل التسبب بتكون ندوب في القرنية، والتقرحات وحتى الإصابة بعدوى من جراثيم خطيرة يمكن أن تؤدي إلى فقدان البصر.

وقال إن العديد من الفتيات يستخدمون العدسات اللاصقة بشكل مؤقت أو دائم، سواء لغرض تسهيل الرؤية أو لأغراض جمالية، وأن العديد من الأبحاث والمعلومات الطبية في السنوات الأخيرة توصلت إلى النتيجة الواضحة والقائلة أنه بالإضافة إلى تسهيل الرؤية والعنصر الجمالي المرافقين لاستخدام العدسات اللاصقة، إلا أن أضرار العدسات اللاصقة تنطوي أيضا على مضاعفات عديدة.