الإهمال يغتال سور مجرى العيون
الإهمال يغتال سور مجرى العيون


«سرطان الإهمال» يضرب سور «مجرى العيون».. ولا عزاء لمحاولات التطوير |صور وفيديو

أحمد عيسى- محمد عيسوي

الخميس، 01 فبراير 2018 - 02:57 م

عندما يتحول الجمال إلى قبح.. وتطمس يد الإهمال هوية التاريخ والحضارة، وتفرط الإنسانية في آثارها، لا يصبح هناك مجال سوى الاستنكار والرفض.. ففي الوقت الذي تسارع فيه محافظة القاهرة الزمن من أجل الانتهاء من نقل «المدابغ» بمنطقة سور مجرى العيون بحي مصر القديمة، إلى مدينة «الروبيكي» للصناعات الجلدية، يتعرض سور «مجرى العيون» لهجمات شرسة من معدومي الوعي والضمير الذين يستغلون الإهمال وعدم الاهتمام بالمناطق الأثرية، ويكيلون الطعنات القاتلة لأثر هام وتاريخي من آثار القاهرة القديمة.

«سرطان الإهمال»

فبطول 4 كيلومترات يمتد السور التاريخي الذي يعرف باسم «قناطر المياه» والذي قام بإنشائه السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي.. تنتابك الحيرة والدهشة الممزوجة بالذعر لما وصل إليه حال السور، حيث أصبح مقلبا للقمامة وموقف للخيول نهارًا، فيما تتحول «عيون السور» ليلاً إلى أوكار لبيع وتعاطي المخدرات.

واللافت للنظر أن كل هذه المخالفات تقع على بعد أمتار من مستشفى سرطان الأطفال 57357.

«بوابة أخبار اليوم» قامت بجولة بالقرب من سور مجرى العيون، حيث رصدنا القمامة المنتشرة كالسرطان في جسد السور ومحيطه، مما يسبب تلوث صحي وبيئي.

«مشروع التطوير»

وخلال سنوات طوال عانى خلالها سور مجرى العيون التاريخي من الإهمال.. حاولت الحكومة إطلاق عدة مشاريع لتطوير هذا الأثر الهام، ولكن سرعان ما تتهدم عمليات التطوير وتفرض يد الإهمال سطوتها على المكان.

ومؤخرا وجه رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، بسرعة اتخاذ الإجراءات الخاصة بتنفيذ مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون، وذلك وفق رؤية متكاملة تشمل التطوير العمراني للمنطقة المحيطة بالسور، وتغيير الأنشطة المتداخلة مع المناطق السكنية، إلى جانب إعادة التأهيل والارتقاء الشامل بالمقومات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة المحيطة بالسور.

«قناطر المياه»

ومن الناحية التاريخية والمعمارية يعرف سور مجرى العيون باسم «قناطر المياه» والتي أنشأها صلاح الدين مؤسس الدولة الأيوبية في مصر الذي تولى الحكم من سنة 565 هجرية /1312 ميلادية إلى سنة 589 هجرية /1193 ميلادية ثم جددها السلطان الناصر محمد بن قلاون تجديدا كاملا سنة 712 هجرية/1312 ميلادية وأقام لها السلطان الغوري خلال فترة حكمه مأخذا للمياه به سواقي بالقرب من مسجد السيدة عائشة .

 ولم يبق من هذه القناطر العتيقة التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي شيء غير بقايا قليلة في بداية المجرى ناحية القلعة مواجهة لمسجد السيدة عائشة واندثر معظمها، والباقي منها لم يعد صالحا للقيام بوظيفته.

وكما ذكر المؤرخون كان الهدف من وراء بناء هذا السور هو مد قلعة صلاح الدين بمياه النيل لعدم كفاية مياه الآبار عن طريق رفع مياه النيل بالسواقي إلى مجرى السور ، بحيث تأخذ هذه السواقي المياه من النيل لتدفعها عبر مجرى مائي فوق مجموعة ضخمة من القناطر «العقود» الحجرية المدببة حتى يتم تخزينها في مجموعة كبيرة من الآبار مازالت باقية حتى يومنا هذا ثم تجري المياه إلى أن تصل إلى القلعة، وذلك لأن القلعة كانت مقر الحكم في مصر منذ العصر الأيوبي، ومن بين أهداف بناء هذا السور أيضا كبقية الأسوار الأخرى التي بناها صلاح الدين الأيوبي، تأمين وحماية مدينة القاهرة من الاعتداءات الخارجية.

يبلغ طول السور حوالي أربعة كيلومترات ويمتد من المنطقة المعروفة بفم الخليج على نهر النيل إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي بمنطقة الدراسة ويتواصل من الناحية الجنوبية مع أسوار القلعة التي أنشئت عام 1176 ميلادية والتي تطوق القاهرة القديمة من الجهات الشمالية والشرقية والغربية لتنتهي عند باب القنطرة على النيل. 

ويقول علماء الآثار أن المواد التي بنيت منها أسوار صلاح الدين الأيوبي ومنها سور مجرى العيون بنيت جميعها بالأحجار، وكانت الأبراج التي تتخلل الأسوار تتكون من طابقين وسطح علوي مكشوف تحاط حافته بمجموعة من الشرفات وتميزت أبواب الأسوار بأنها ذات مداخل منكسرة وتعلق عليها متاريس حديثة عبارة عن قضبان حديدية تنتهي من أسفلها بأسنان كالحراب وتنزلق هذه الأسنان بثقلها الكبير رأسيا لشد فتحة الباب عند الضرورة ، إضافة إلى السقطات التي توجد في المساحة المحصورة بين امتداد فتحة الباب والداخلة المعقودة، إضافة إلى ذلك كانت توجد أبواب سرية تقع خلف الأسوار بهدف خروج الجنود لشن هجمات مضادة على الأعداء عند تعرض القلاع أو الأسوار للحصار أو لهجوم.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة