السلطان قابوس
السلطان قابوس


سلطنة الحياد| كل الطرق تؤدي إلى مسقط

أحمد الشريف

الإثنين، 05 فبراير 2018 - 07:32 م

يقولون: «كل الطرق تؤدي إلى روما»؛ في إشارة إلى أنه كان معروفا في عصر الإمبراطورية الرومانية، أن روما مثلت الحياة بأكملها، وكانت كل الطرق في الإمبراطورية الرومانية إما تؤدي مباشرة إلى روما أو مرتبطة بطرق رئيسية تؤدي إليها، ومن هنا كانت فعلاً كل الطرق تؤدي إلى روما..

وفي عالم السياسة والدبلوماسية؛ فإن كل الطرق تؤدي دائما إلى سلطنة عمان؛ فلا يخفى على أحد أن السلطنة دأبت على انتهاج سياسات الحيادية؛ فهي حاضنة لكل التوجهات والانتماءات مهما كانت الخلافات؛ حيث كانت ولا تزال تفتح أراضيها للجميع لتصبح ملجأ من لا يجد من يستمع له..

وفي ظل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ إلى العاصمة العمانية مسقط؛ والتي تستمر لمدة 3 أيام؛ تبادر إلى ذهن البعض ما الأهمية التي تمثلها السلطنة، وما الدور الذي يمكن أن تلعبه في قضايا المنطقة؛ ولكن ما لا يعلمه البعض أنه من أبرز ما ميز الدبلوماسية العمانية منذ تولي السلطان قابوس مقاليد البلاد؛  في يوليو 1970؛ أنها الدولة صاحبة موقف الحياد الإيجابي الذي ساهم بعدة وساطات قربت وجهات النظر وساهمت في تركيب توازنات المنطقة.

«بوابة أخبار اليوم» تحاول في السطور القادمة؛ إلقاء الضوء على أبرز المواقف التي اتخذتها السلطنة؛ جعلتها أحد الدول الأبرز في احتضان كل الاختلافات السياسية؛ بل ولاعبا أساسيا في الوصول إلى تسويات أو تقاربات لها..


الاتفاق النووي الإيراني
عبر السلطان قابوس؛ مررت أمريكا أولى رسائلها إلى إيران للوصول إلى تفاهمات فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني؛ وعبره أيضا جاء الرد الإيراني لتحتضن مسقط فيما بعد المطبخ السياسي الذي أعد ركائز الاتفاق.
ومنذ 2011 رعت السلطنة مفاوضات سرية بين أمريكا وإيران التقى فيها المفاوضون الإيرانيون والأمريكيون في مسقط برعاية مباشرة من السلطان قابوس أُعلن عن بعضها، لكن بقي الجزء الأكبر منها في طي الكتمان، وتم التوصل إلى الاتفاق النووي الشهير في جنيف بين دول 5+1 والجمهورية الإسلامية الإيرانية في نوفمبر 2013، وقد بدا الدور العماني واضحا في عملية الاتفاق، وكنوع من الاعتراف بالجميل من قبل إيران، قام الرئيس روحاني بزيارة السلطنة في سنة 2014.

 

الأزمة اليمنية
الملف اليمني؛ وعلى خلاف دول الخليج تبدو السلطنة منفتحة تجاه جميع أطراف النزاع من مليشيات الحوثي إلى الحراك الجنوبي، وعبد ربه منصور هادي وغيرهم، ويعول عليها في رسم ملامح لتسوية الأزمة؛ فمعرفة عمان الدقيقة أيضا بالساحة السياسية اليمنية وصلاتها بالقبائل، ومن بينها قبائل منخرطة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يدفع الولايات المتحدة للإصغاء إليها، وقد يفسر ذلك قبول الولايات المتحدة بأن توقف ضربات الطائرات بدون طيار في اليمن، التي كانت تشنها من قواعدها في عمان.

 

الأزمة السورية
الدولة المغردة خارج السرب الخليجي؛ لم تُجر قدمها يوما إلى توتر الأجواء في الأزمة السورية، بل حافظت على سياساتها الحيادية تجاه هذا الملف؛ في محاولة منها لجعل أراضيها أرض خصبة لإنتاج المزيد من الهدوء والتفاهم والتقارب بين أطراف هذا الملف. و ما كان يعتبره مجلس التعاون الخليجي أنه تمرد عماني على قرارات المجلس في مخالفة عمان لقرار مقاطعة الحكومة السورية، اعتبره السلطان قابوس، أنه خيار صائب في متابعة النهج القومي. ولم تعمل عمان إلا على رفض التدخل في شؤون الدول الداخلية وعملت على تقديم الدعم السياسي لدمشق.

 

الأزمة الليبية
أما الأزمة الليبية؛ فالسلطنة احتضنت عام 2016 اجتماعا للفرقاء الليبيين؛ في محاولة تقريب وجهات النظر بينهم وعلى مدى ثلاثة أسابيع استقبلت صلالة الأطراف الليبية وتم التوصل إلى مسودة دستور ليبي، كما استقبل الوزير العماني المسؤول عن الشؤون الخارجية، يوسف بن علوي، مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا في حينها، وتمت مناقشة تطورات الأوضاع على الساحة الليبية، وجهود المبعوث الأممى مع الأطراف الليبية. وربما عزز دخول سلطنة عمان طرفا ثالثا في الأزمة الليبية جهودها الدبلوماسية في القارة الأفريقية.

 

الأزمة العربية القطرية
لجأت قطر إلى سلطنة عمان لتقوم بدور الوساطة بينها وبين مصر والسعودية والبحرين والإمارات، بعد قرار الدول الأربع سحب سفرائهم من الدوحة، وبعد يومين من قطع دول خليجية وعربية علاقاتها مع قطر، قام الوزير العماني يوسف بن علوي بزيارة سريعة للكويت والتقى الأمير الكويتي الذي أعلن عن جهود يبذلها لتقريب وجهات النظر بغية الوصول إلى حلّ سريع. كذلك زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مسقط والتقى يوسف بن علوي، في حين لم يصدر أي تعليق عن تدخل عماني لحل الأزمة الراهنة.
الزيارات المكوكية للدبلوماسيين ووزراء الخارجية إلى الغرب والتعليقات الأوروبية والأمريكية حول قطع العلاقات مع قطر، أثرت على مشاركة السلطنة في دور الوساطة بين أطراف النزاع، وإن كان لا يزال احتمال وجود مفاوضات دبلوماسية في مسقط، تجري بشكل غير مُعلن.

 

سويسرا الشرق
سلطنة عمان،؛ أو سويسرا الشرق، كما يحب البعض أن يطلق عليها؛ والتي يشار  إليها بأنها تزاحم جنيف في احتضانها لأطراف النزاعات المختلفة، وذلك لامتلاكها موقفا حياديا تجاه كل الأزمات، وهو ما ميزها عن محيطها وامتدادها الخليجي، وربما يمكن أن نختصر سياستها في تصريح وزيرها المسؤول عن الشؤون الخارجية العمانية يوسف بن علوي، في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية سنة 2015، قال فيه: «نحن لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك، بل نحاول أن ننقل لكلا الطرفين ما نعتقد أنه جيد لكليهما».
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة