صورة من الرحلة
صورة من الرحلة


انفراد.. «الأخبار» أول صحيفة مصرية داخل معتقل «جوانتنامو»

عاطف عبداللطيف

الثلاثاء، 06 فبراير 2018 - 02:30 ص

«جوانتانامو».. من في العالم أجمع لا يعرف هذا الاسم.. المكان الذي سيذكره ويتوقف عنده التاريخ طويلًا.. إنه المعتقل الذي أنشأته الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر الشهيرة، ليصبح أشهر معتقل في العالم، وينضم إلى غيره من المعتقلات الشهيرة بالتاريخ.

حكايات وروايات كثيرة تم تناولها في العالم بصفة عامة وبالدول الإسلامية والعربية بشكلٍ خاصٍ، حول معتقل «جوانتانامو».. ما بين حديث التعذيب، والاحتجاز دون سندٍ قانونىٍ.

 وما بين تأكيدات حول إغلاق المعتقل أطلقها الرئيس الأمركى السابق باراك أوباما، لكنها لم تنفذ، وقصص وتقارير وموضوعات صحفية وإعلامية حول الحياة داخل معتقل جوانتانامو، إلا أن كل هذه الروايات لا تستند إلى سندٍ حقيقيٍ، أو شاهدٌ على الطبيعة.

 لذلك حاولت «الأخبار» الاقتراب من الممنوع، واختراق المحظور، وتحدى الخيال، برصدٍ من أرض الواقع، سعت ومنذ شهور لزيارة أشهر معتقل في التاريخ، لتنقل لقارئها العزيز ما يجرى داخل جوانتانامو بالكلمة والصورة، وبعد أسابيع من المحاولة، نجحنا في تحقيق هذا السبق الصحفي الكبير لجريدتنا العريقة، لنكون أول صحيفة مصرية وعربية تزور معتقل «جوانتانامو».

بداية الرحلة

استغرقت الرحلة من قاعدة «أ. ب.» العسكرية في ولاية فيرجينيا إلى قاعدة «ج. ن. ب» العسكرية في خليج جوانتانامو في كوبا ثلاث ساعات و45 دقيقة.

ولم يكن الطريق إلى جوانتانامو سهلًا بطبيعة الحال، لما تطلبه ذلك من إجراءات أمنية وموافقات وترتيبات خاصة استغرقت وقتًا ليس بالقليل حتى نتمكن من الصعود على متن الطائرة العسكرية التي تم تخصيصها لنا لهذا الغرض.

 ورغم كثرة الموافقات المطلوبة إلا أنه لم يكن هناك صعوبة في الإجراءات إلا أن البنتاجون تولى استخراج تلك التصاريح، لم أتمكن من إعداد حقائبي ومتعلقاتي بشكل جيد وأظن أنني نسيت بعض أشيائي بالمنزل، فقد جاءت الموافقة النهائية قبل ساعات من التاريخ المقرر للسفر، والذي تم تحديده بصورة مبدئية تحسبًا لأي تغيير قد يؤدى إلى تعديله.

 وبرغم سوء الأحوال الجوية إلا أن تاريخ المغادرة لم يتغير، وفى يوم السفر تحركت من المنزل قبل الميعاد المحدد لنا بأربعين دقيقة.

وصلت إلى البوابة الرئيسية للقاعدة العسكرية التي سننطلق منها بالطائرة العسكرية «ت. أ» إلى خليج جوانتانامو، كان في انتظاري ضابط بالجيش الأمريكي، يجلس داخل سيارة فورد سوداء، لا أذكر اسمه أو رتبته، اصطحبني في سيارته إلى بوابات العبور الأمنية حيث أظهر هويته لضباط الأمن بالبوابة، وأظهرت أنا جواز سفري.

 بعد عبور بوابات الأمن أصبحنا داخل القاعدة العسكرية، وتوجهنا بعد ذلك إلى مكان يشبه صالات السفر في المطارات المدنية ولكنه أصغر في الحجم، واصطحبني الضابط إلى حيث يتم استخراج بطاقات الصعود للطائرة.

 كل شيءٍ كان معدًا مسبقًا وبمجرد إطلاعهم على جواز سفري قاموا بطبع جميع الموافقات الأمنية والعسكرية التي تم استخراجها لي مسبقًا، وبعد دقيقتين حصلت على ما يشبه بطاقة الصعود للطائرة.

بعد إنهاء الإجراءات توجهنا إلى الطريق المؤدي لمكان الطائرة بعد أن عبرنا بثلاث بوابات أمنية تشبه تلك الموجودة في المطارات المدنية، بعد ذلك توجهنا إلى عربة عسكرية كانت تنتظرنا، نقلتنا إلى الممر الموجود به الطائرة.

 في تمام الثالثة وخمس وخمسين دقيقة عصرًا صعدنا على متن الطائرة العسكرية «ت.أ». ظننت أننا سنحصل على بعض الأختام أو التصاريح التي تحمل اسم الحكومة الكوبية، خاصة أن معتقل جوانتانامو داخل الأراضى الكوبية وهى دولة أجنبية، إلا أن شيئًا من ذلك لم يحدث وبدا الأمر وكأننا نغادر من ولاية إلى أخرى داخل الأراضي الأمريكية.

 والسبب في ذلك يرجع إلى وقوع المعتقل داخل قاعدة جوانتانامو البحرية العسكرية التابعة للولايات المتحدة والتي استأجرتها الحكومة الأمريكية من الحكومة الكوبية عام 1903.

لم يكن هناك أختام في جوازات السفر ولم نحصل على بطاقات عبور كما هو الحال في المطارات المدنية.

في تمام الساعة الرابعة وعشر دقائق حلقت الطائرة في الهواء متجهة إلى خليج جوانتانامو بدولة كوبا، خمسة عشر دقيقة استغرقها طاقم الطائرة حتى يستعدوا للإقلاع.

 لم يكن هناك إجراءات أو قواعد غير مألوفة على متن الطائرة بخلاف تلك الإرشادات المتعارف عليها في جميع الطائرات المدنية في أنحاء العالم.

اصطحبني في تلك الرحلة زميلان من بعض الصحف الأمريكية الشهيرة دار بيننا حديث مقتضب في بداية الرحلة ثم انصرف كل منا لمراجعة برنامج الرحلة المعدة لنا.

 وبالرغم من اعتيادي على السفر مسافات بعيدة، إلا أنني شعرت بقلق وتوتر شديدين لحظة صعودي على متن الطائرة العسكرية، وليس لذلك سببٌ واضحٌ في ذهني.

 كان الطقس غير مواتٍ للملاحة الجوية وشهدت الدقائق الأولى من الإقلاع بعض الاهتزازات العنيفة للطائرة جعلتها تتمايل في بعض الأحيان بعد أن استقرت الطائرة في مسارها المحدد نحو كوبا، انصرفت إلى كتاب أحضرته معي لأستعين به على تحمل ملل السفر منفردًا.

 وقبل الانتهاء من الفصل الثالث من كتاب « الفقر والربح للمدينة الأمريكية»، سمعت الرسالة التي كان ينتظرها كل من كان على متن الطائرة وهى «نحن الآن على وشك الهبوط في قاعدة ج. ن. ب» في كوبا.

هبوط الطائرة

 في تمام الثامنة وخمس دقائق هبطت الطائرة على إحدى ضفتي خليج جوانتانامو بكوبا، قبل أن تستقر الطائرة على الأرض قام كلٌ منا بجمع متعلقاته استعدادًا للخروج.

 وبعد دقائق معدودة وقفت الطائرة وبدأنا في النزول، وبمجرد فتح باب الطائرة شعرت بموجة من الحرارة تلفح وجهي وتهب علينا من الخارج، كان الطقس حارًا جدا ودرجة الرطوبة مرتفعة.

قمنا بتخفيف ملابسنا التي كنا نرتديها، وبدأنا نستمتع بالهواء الدافئ الذي افتقدناه طوال الشهرين الماضيين في الولايات المتحدة التي تشهد هذا العام موجة حادة من الصقيع.

كان في انتظارنا أحد ضباط وزارة الدفاع الأمريكية، اصطحبنا إلى صالة الوصول حيث أنهينا إجراءات الوصول وتسجيل أسمائنا بقائمة تضمنت كل من كان على متن الطائرة.

توجهنا بعد ذلك بصحبة الضابط إلى أتوبيس خاص تابع للجيش الأمريكي حيث انتقل بنا إلى ضفة خليج جوانتانامو ثم مركب عسكري كان في انتظارنا لينقلنا إلى الجانب الآخر من الخليج، لم تستغرق مدة العبور بين ضفتي الخليج سوى دقائق معدودة، استمتعت فيها بالنظر إلى النجوم اللامعة في السماء الصافية.

عند الضفة الأخرى من الخليج كان في انتظارنا قائد بوزارة الدفاع تدعى سارة هيجين، اصطحبتنا إلى حيث التقطنا حقائب السفر التي تم تخزينها في شاحنة عسكرية وتم نقلها إلى مركب مستقل للناحية الأخرى من الخليج، لتبدأ رحلتنا في معتقل جوانتنامو.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة