شيرين الكردي

الجمعة، 09 فبراير 2018 - 11:57 ص

"الراهب فالنتين" أول من عرف العالم بعيد الحب .. والحرب كانت وراء فرمان "تحريم الزواج" ، ولأن لا شيء أجمل من الحب، وليس هناك أرقى من المشاعر، والشعب المصري يحرص على الاحتفال بكل ما يبهج القلب ويحقق السعادة، فكان له الريادة في الاحتفال بعيد الحب.

ورغم أن المصريين القدماء أول من برعوا في مختلف نواحي الحياة، إلا أنهم لم يغفلوا ممارسة الحب، والتعبير عن مشاعرهم تجاه الحبيب، فتملتىء كتب التاريخ بأساطير وحكايات "روميو وجوليت الفراعنة"، وقصص المحبين التى سجلها التاريخ الرحيب .

عيد العشاق عند الفراعنة

في هذا السياق، يقول مجدى شاكر، كبير الأثريين، لـ"بوابة أخبار اليوم "، إن من أرض مصر ومنذ فجر التاريخ عرف العالم معنى الحب بكل معانيه، وقامت الحضارة المصرية على ركائز أساسية، تضمنها أول دستور مدون فى التاريخ وهو قانون الماعت أى العدل والصدق، وأهم ما فيه (أنا أنفتح على الحب بكل أشكاله).

وذكر أن المصرى القديم عاش فى بيئة كلها حب، ولم يعرف الكره، فقد أحب كل الناس وهنا بدأ فى أرض الحب.

إيزيس وأزوريس.. وتحريم الزواج

وتعد قصة أيزيس وأزوريس أبرز القصص الرومانسية على مر العصر الفرعوني، وبعدها بالأف السنين وفى أواخر القرن الثالث الميلادى حكم الأمبراطورية الرومانية كلوديس الثانى الذى حرم الزواج على جنوده، حتى لا يشغلم ذلك عن الحرب، بزعم أن الجنود المتزوجون لا يصلحون للحرب.

الراهب فالنتين

ويضيف "شاكر": ولكن راهب أسمه فالنتين تصدى لهذا الحكم الجائر، وشجع الشباب على الحب والزواج، وقام بعمل عقود الزواج سرا، وعندما علم الأمبراطور بذلك، حكم على الراهب فالنتين بالأعدام رجما وقطع رأسه، ونفذ ذلك يوم الرابع عشر من فبراير عام ٢٧٠م، ومن يومها أطلق عليه لقب قديس، وصار هذا اليوم يوما عالميا للحب وسمى عيد الفالنتين.

وتابع: هذا العيد عرفه المصريين القدماء قبل ذلك بكثير ضمن ٢٨٢عيدا، وكانوا حتفلون بالحب فى حياتهم طوال العام، وجعلوه يوما للاحتفال فى مدنية منف، فى اليوم الأول من الشهر الرابع من السنة، وكانت عندهم ألهه للحب، فقد كان الحب موضوعا دارت حوله كثير من الأساطير والأشعار، تظهر كلها احترام المصرى لطقوس الحياة الزوجية، ورقة التعبير عن المشاعر والعواطف، حتى أنه كان ينادى زوجته بلفظ محبوبتى وأختى، وهى تناديه بلفظ حبيبى وأخى، وكان يتمتع بحس مرهف نابعا من رقة وعذوبة الطبيعة والبيئة المصرية، التى وهبها له نهر النيل، فكان يحرص على تزيين منزله وقبره بالزهور خاصة زهرة اللوتس السوسن.

واستطرد: وكانت الزوجة أو الأبنة غالبا ما يتم تصويرها، وهى ممسكه بزهرة اللوتس أمام زوجها، كناية عن تجدد وبعث الحياة، واستعمل زهرة اللوتس كعنصر زخرفى، فى تزيين المعابد والمقابر وأدوات التجميل، وكان يعبر عن كلمة عيد بلفظ (حب)وسعيد بمعنى (نفر)، ورمز لها بالقلب والقصبة الهوائية بمعنى عيد سعيد، وكذلك عبر عن كلمة الحب بكلمة (مر) بمعنى حب ومحبوب، وصور الكلمة برمز الفأس، فكما تشق الفأس الأرض، يفتح الحب القلب، وكلمة مر، ربما أدركوا مبكرا أن الحب يكون مر أذا لم تكن نهايته جيدة، وأن كانت مرارته سبب شهرة كل العاشقين من المشاهير وكلمة، (مرتى)بمعنى محبوبتى ومازال المصريين يقولون كلمة مراتى على الزوجة.

وكان الفرعون منكاورع بن خفرع بن خوفو يتناجى مع زوجته بالشعر، ويقول لها (جسدى يرتاح وقلبى يضطرب كلما مشينا سويا، اسمع فى صوتك أوتار القيثارة فأرد اليك بانغام الناى المبتهج).

أجمل نساء الأرض

وتابع:وقد كان الفرعون رمسيس الثاني يقول عن زوجته نفرتارى "أنها أجمل الجميلات، سيدة القصر التى يبعث صوتها الموتى احياء من جديد" ، وبنى لها معبدا خاصا بها فى أبوسمبل، وقد قال أحدهما لحبيبته

أنت الأجمل بين النساء

أنت النجم المشرق فى مطلع سنة جديدة

أنت زخات المطر فى يوم الفيضان

أما أنا فغارق لرأسى تحت أمواج الحب

ويصف آخر حبيبته

ثغرك برعم زهرة

جبينك طوق من عاج

أما أنا فأوزة برية

سقطت راضية فى شرك حبك

حبك فى قلبى كبوصة فى أحضان الريح يطير بها كيفما يشاء من بستان الى بستان .

ومن قصائد الغزال فى نفس بردية يقول:_

قلبى يرتجف قلقا

حين أفكر فى حبى لك

إنه لا يتيح لى أن أتصرف تصرفا رشيدا

إذ إنه يختلج بشدة فى مكانه

إني ألتصق بك لتزداد معرفتى بحبك

يا أحب الناس يا مالكا قلبى

وهذا يقول لزوجته التى فارقته

فكم راسلت السماء فى حسنكى

ورسمت صور النجوم كوجهكي

فهل رق قلبك لتسمعى

فؤاد متيما غلبة أنين فراقكى

وهل قدر لقلبي أن يظل أسير حبكي.

أغاني الحب

ومن أغانى الحب عندهم من يقول لحبيبته :كما يذوب الملح فى الماء كما يختلط الماء واللبن حبك يتخلل كيانى يسرى فى وجدانى

وعندما تصل البنت لسن المراهقة وتحلم بالحب فتقول: كثير الرجال وسامة أن رغبتى فى السهر على ممتلكاتك كربة بيت وأن تستريح ذراعك فوق ذراعى وأن يغمرك حبى

وهذه فتاة أخرى تقول " لقد آثار حبيبة قلبى بصوته وتركنى فريسه لقلقى وتلهفى أنه يسكن قريبا من بيت والدتى ومع ذلك لا أعرف كيف اذهب إليه"، وهذا الذى يكتب على شقفة وجدت فى دير المدنية حيث يطلب من المعبود أوزير أن يجعل حبيبته تسير وارءه كالمعزة والا حطمت تماثيلك.

عصير المحبة

وأوضح أنه كان هناك نص قديم يشرح كيفية أعداد (شراب المحبة) ، يكفى للحصول على كمية من دم الأصبع المجاورة للخنصر باليد اليسرى والذى كان يسمى أصبع القلب وربما كان ذلك سببا فى وضع خاتم الزواج فى الأصبع البنصر فى الوقت الحالى.

صور العشاق

واستطرد: من المدهش صور الحب فى أغلب الصور والنقوش تختلف عن صور الحبيبين حاليا، فكانا دائما ينظر الحبيبين للأمام، أو كانت هى تجلس على يساره، تعبيرا عن قربها من قلبه، ويكفى أن رمز الحضارة المصرية هى زهرة اللوتس الذى أعتبروها رمزا للحياة وترجمة كلمة لوتس هى حب الجمال.