سقنن رع
سقنن رع


يوم الشهيد.. تعرف على حكاية أول شهيد مصري في التاريخ

شيرين الكردي

السبت، 10 مارس 2018 - 09:19 م

يخطئ كثير من الناس أن فكرة الشهادة في سبيل الدفاع عن الوطن شيء حديث، ولكن هذا المعنى يعد سلوكا فطريا مترسخا في عقل وكيان كل مصرى منذ أن خلقه الله على أرض هذا الوطن، فاعتبر أرضه هى جنته، وكأنه يتمنى أن ينقلها معه إلى العالم الآخر بعد موته، فلم يلجأ للعنف إلا فى سبيل الدفاع عن بلده، ومن هؤلاء نذكر عائلة «سقنن رع» الشهيد وأبو الشهيد.

في ذكرى يوم التاسع من مارس «يوم الشهيد»، يحكي لنا مجدي شاكر الخبير الأثري، لـ«بوابة أخبار اليوم»، عن قصة «سقنن رع تاعا الأول»، وهو أول شهيد مصرى فى التاريخ يستشهد فى سبيل الدفاع عن الوطن، حيث كان «الهكسوس» هم أول المحتلين لمصر، وفي هذا الأمر تصور بردية كتبها مصري يدعى «بنتاورة» خلال القرن الثالث عشر ق. م، أي بعد خـروج «الهكسوس» بنحو ثلاثة قرون أخبار حرب طردهم.

وأضاف «شاكر»: وروت البردية في مستهل حديثها «أن أرض مصــر كانت تئن تحت وطأة الوباء، وأنه لم يكن فيها سيد يعتبر ملك زمانه، فبينما حكم الملك سقنن رع في مدينة طيبة الجنوبية، حل الوباء القادم من الشرق واستولى على الشرق وكان ملكهم  إببي هذا متعصب للمعبود سوتيخ "ست"، ولم يقدر ربًّا سواه، وأقام له معبدًا عظيم الشأن بجانب قصره، وكان يبكر يوميًّا في تقديم القرابين إليه، واعتـاد رجال حاشيته على أن يحملوا إليه باقات الزهور، تقليدًا لما كان يجري في معبد با رع حرآختي المعبود المصري، وذلك على حين ناصر سقنن رع ملك طيبة الإله آمون.

وعمل «إببي»، ملك الهكسوس أن يستفز الملك المصري سقننرع إلى حرب صريحة، قبل أن يستكمل عدته لها، فجمع كتبته وحكماءه كما روت البردية، وشاورهم في الأمر، فأوحوا إليه بحيلة ماكرة ، واتبع إببي مشورتهم فأوفد رسولًا إلى سقننرع، يقول له: «أسكتوا أفرس الماء في البحيرة الشرقية بطيبة فضجيجها يحرمني النوم في نهاري وليلي، وأصواتها تطن في مسامع مدينتي»، وأغلب الظن أن إببي المقيم في شمال شرق الدلتا، كان يعني بضجيج أفراس النهر بطيبة في أقصى الصعيد نشاط سقننرع ورجاله واستعداداتهم العسكرية، وقد تعمد أن يلمزهم ويستثيرهم ويقلل من شأنهم».

 

وأضافت البردية أن سقننرع عامل الرسول كما تنبغي معاملة الرسل، فأكرمه وهاداه،  وأنه لم يكن في وسع ملك الهكسوس أن يعتبر نفسه ملكًا على مصر كلها، وأنه ضاق بنشاط أهل طيبة وقلق من النتائج التي يمكن أن تترتب عليه، وأن الطيبيين جعلوا من اختلاف المذهب الديني بينهم وبين الهكسوس سببًا لصبغ جهادهم ضدهم بصبغة مقدسة.

 

وخاض سقنن رع حرب انتهت باستشهاده حيث تم العثور على موميائه فى خبيئة الدير البحري فى  طيبة، وفى رأسه  الملك «سقنن رع»  خمسة جراح عميقة من ضربات سيف ومقمعة وبضعة سهام، ودل كل جرح منها على بداية الجهاد المسلح في عهد صاحبه واستبساله واستماتته واستشهاده، وتولى زعامة طيبة بعده ولده كامس وصورت جهاده  أحد  أنصاره. 

 

فوصفه :

« بأنه كان ملكًا فاضلًا، وأن الإله رع شاء أن يجعله ملكًا فعليًّا ووهبه الجرأة في الحق»، وذكر أنه ضاق بأحوال البلاد وقال ذات مرة في مجلس بلاطه: «كيف أقدر نفوذي هذا إذا كان هناك حاكم في "حة وعرة" وحاكم آخر في "كاش"؟ ولا زلت شريكًا "لهكسوسي" و "زنجي"!!، وكل منا يسيطر على رقعة من هذه البلاد؟ إني لا أكاد أبلغ منف، وقد سيطر "العدو" على منطقة الأشمونين؛ وما عاد أحد يأمن السلب والنهب والعبودية للبدو الآسيويين ».

 

وحاول «كامس» أن يستفز أهل بلاطه إلى الحرب، فقال لهم: «ولسوف أقاتل "العدو" وأبقر بطنه، وإن غايتي أن أحرر مصر وأستبيح دماء العامو»، وقال لأهل بلاطه: «سوف أحارب العامو "الهكسوس" وسوف يحالفني النجاح، وقد تباكى بعضكم، ولكن البلاد سوف ترحب بي، أنا الحاكم الجسور في طيبة، أنا كامس حامي حمى مصر". !! وبهذه الروح الوثابة انطلق كامس بجيشه المصري، وجند فريقًا من البجاويين النوبيين الذين دانوا بالولاء له، واستخدمهم في طليعة جيشه. وصدق ظنه في سواد شعبه، فهرع إليه أهل الشرق والغرب، كما قال، وأمدوا جيشه أينما حل بالمئونة والزاد». 

 

وبدأ بمصر الوسطى فطهرها من الهكسوس، وشجعه هذا على كفاح وشن حملة مفاجئة على أرض كاش الجنوبية .. وأجبر واليها الجديد على أن يوقف صداقته للهكسوس. ثم تحول على الشمال وعمل بأعوانه على قطع الإمدادات التي كانت تصل إلى الهكسوس عن طريق فروع النيل. وهنا انقسم الهكسوس على أنفسهم. وخرج بعضهم على طاعة ملكهم. وأحرز كامس نصرًا في بعض المواقع النهرية.

 وسار كفاح الملك العظيم «كامس»، على نهج مرسوم، فبدأ بتعبئة الحماس والمشاعر من أجل الكرامة وضد المحتلين، وعمل على تطهير الجبهة الداخلية وتأمين ظهره وزيادة أتباعه، ثم أحكم الحصار الاقتصادي على أعدائه وحاول أن يبث الفرقة بينهم، وهاجم بجيشه بعض مراكز تجمعهم، واستخدم الحرب النفسية ضدهم.

 

وليس من المستبعد أن تهديداته كانت تبلغ أسماع الهكسوس وتفعل فعلها فيهم. فلما طال المطال عليهم، حاول ملكهم أن يوقع كامس بين ما يشبه فكي الكماشة، فأرسل إلى حاكم كاش في الجنوب يدعوه ولده ويحرضه على كامس ويخوفه عاقبة أمره ويشجعه على مهاجمته من الجنوب حتى ينحصر بينهما وحينئذ يغلبانه ويقتسمان مصر معًا، كما قال وأرسل الهكسوسي رسله على طريق الواحات ليكونوا بمأمن من عيون كامس.

 

ولكن هؤلاء علموا بأمرهم وأرسل كامس سرية من جيشه ترصدت الرسل، واستولت على الرسالة، ثم أطلقتهم لينقلوا إلى ملكهم خيبة أمله وفشل مسعاهم، وخشي كامس أن يعيد الحليفان الكرة، فوضع بعض وحداته في مصر الوسطى والواحات، ورحل هو إلى عاصمته طيبة، وكان يوم عودته إليها يومًا مشهودًا.

 

وتوفي البطل المصرى الملك «كامس» في ظروف غير معروفة قبل أن يدخل معركته الفاصلة ضد الهكسوس، ثم خلفه أخوه أحمس، وأتم عمله وعمل أبيه، وانتفع باشتداد عزائم مواطنيه بعد انتصاراتهم تحت رايتيهما، فاستنفرهم ولبوا نداءه لاستكمال الجهاد والانتقام، وانتصر عليهم ولم يكتفى بل طاردهم  حتى  عقر عاصمتهم  فى فلسطين ولا ننسى دور زوجته أحمس نفرتارى وجدته تتى شرى وبهذا أنتصر أحمس لروح أخيه ووالده وحرر مصر من الهكسوس.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة