عيدي أمين
عيدي أمين


بالصور|«عيدي أمين».. «سفاح أوغندا» الذي تحول من زعيم للاجئ

ناريمان فوزي

الأربعاء، 11 أبريل 2018 - 11:01 م

«سياسي وضابط وملاكم»..هكذا عرفت أشهر مواقع المعلومات زعيم أوغندا الأسبق عيدي أمين، ولكن هل من صفات أخرى يجب ذكرها؟ بالطبع نعم، فهو من أشهر الزعماء بالعالم، ربما اكتسب شهرة «مشينة» وصار اسمه على أغلفة الكتب العالمية «جزار أوغندا»، لكن سيرته بكل ما فيها تستحق السرد.

«أنا عسكري ولست سياسي»، كان هذا أصدق ما وصف به عيدي أمين نفسه، فهو لم يكن يجيد لعبة السياسة ولم تكن لديه حنكة أو دهاء، بل حتى لم يكن عسكري وطني فهو يجيد فقط القتل، الدم والعنف.

في الـ11 من إبريل عام 1979، نجح الأوغنديون في الإطاحة بالزعيم الديكتاتور بعد 8 سنوات من الحكم الدامي، عمت أرجاء أوغندا فرحة جعلت من هذا اليوم عيدا وطنيا، وطويت صفحة قاسية وحالة من الخوف والرعب في نفوس الجميع ليبدءوا عهدا جديدا.

تستعرض بوابة أخبار اليوم في هذا التقرير، محطات من حياة «جزار أوغندا»، منذ المولد وحتى الرحيل لاجئا وحيدا في المملكة العربية السعودية.

بداية، ولد عيدي أمين دادا في قبيلة تدعى «كاكوا» بقرية كوبوكو بأوغندا عام 1925، لم تكن طفولته مستقرة وذلك بسبب انفصال والده عن والدته، حيث ظل متنقلا ما بين والده في السودان ووالدته التي تعيش في مدينة أروا بأوغندا.

من طباخ بالجيش البريطاني إلى زعيم أوغندا

انضم إلى قوات الاحتلال البريطانية العسكرية، وذلك عندما عمل كطباخ في الجيش البريطاني أثناء احتلال بريطانيا لبلاده، حتى بلوغه العشرين من عمره فتم استدعاؤه إلى الخدمة العسكرية، وانضم إلى السلاح الملكي الأفريقي، حيث كان واحداً من أهم الجنود الأفارقة، لطاعته.

بعدها شارك أمين في إحباط ثورة «الماو ماو»  بكينيا وقمع المعارضين للحكومة، ولنجاحه في هذه المهمة تمت ترقيته إلى رتبة ملازم ثم إلى رتبة نقيب عام، وبعدها بعام واحد كان قد تولى قيادة الجيش الأوغندي.

كان توليه منصب قيادة الجيش الأوغندي مكافأة له من الرئيس أوبوتي آنذاك، لكن تلك الألفة بينهم لم تستمر حيث استغل عيدي منصبه الجديد في الهيمنة وممارسة السلطة، فقام باستخدام أموال الجيش وفقاً لأهوائه، الأمر الذي استفز أوبوتي مقررا القبض علي عيدي ومحاكمته، لكن الأخير سبقه فقام بانقلاب عسكري وعزل أوبوتي واستولى على السلطة.

1971..بداية عهد «إمبراطور الشر»

يروي المؤلفان الأمريكيان نيل بلاندفورد وبروس جونز في كتابيهما «أشرار العالم»، أنه بتولي عيدي أمين مقاليد الحكم في بلاده، صارت العاصمة الأوغندية كمبالا على موعد مع أبشع الفترات في تاريخها الحديث، ففي الشهور الأولي لاحظ سكان العاصمة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة كما لاحظ سكان الريف القريبين من بحيرة فيكتوريا إصابة تماسيح البحيرة بأعراض التخمة الشديدة.

ربما تلك الملحوظات قد تكون طبيعية خالية من أية شكوك، لكن فيما بعد كشف المهندسون القائمون على أعمال صيانة الكهرباء على كشف أبشع عمل قد تكون عرفته البشرية، فالسبب وراء تلك الظواهر هو قيام الديكتاتور بقتل عدد من معارضيه وإلقاء جثثهم في البحيرة بصفة دورية، حتى وصل عدد ضحاياه من أبناء شعبه لـ400 ألف خلال فترة حكمه.

الرئيس الأبدي المارشال الحاج «عيدي»

كانت قائمة ضحاياه تشمل العديد من المعارضين والسياسيين والنساء والرجال والشباب، كان يقتلهم بأبشع الوسائل ويجد لذة شاذة في تعذيبهم والتمثيل بجثثهم، ومن بين أبشع الجرائم التي ارتكبها أمين هي قيامه بقتل رئيس الأركان الأسبق بالجيش سليمان حسين حيث قام بنقله إلى إحدى السجون الشهيرة وجرى تعذيبه وضربه بطبان البنادق حتى الرأس حتى الموت ثم قطعت رأسه وحملت إلى القصر الجمهوري ليحتفظ بها «الديكتاتور الدموي» داخل ثلاجته.

ككافة الطغاة أطلق أمين على نفسه ألقاباً لا حصر لها، أشهرها «الرئيس الأبدي لأوغندا» و«المارشال» و«الحاج»، وأخيراً «آخر ملوك اسكتلندا» وذلك لحبه الشديد ومدى إعجابه باسكتلندا.

في يوم من الأيام، توجه عيدي أمين إلى شرق أوغندا، وهناك أعلن أن الله أوحى له بضرورة ترحيل أبناء الجالية الآسيوية المقيمين هناك وعددهم 50 ألف، معتبرهم سبب مشاكل البلاد ليتم ترحيلهم خلال 90 يوما.

إزاء تلك التصرفات الخطيرة، تدهورت الأوضاع الاقتصادية بأوغندا، وبدأ يظهر عجزه في دفع أجور رجال الشرطة والأمن لكنه أراد شراء ولائهم بالهدايا الفخمة والسيارات والملابس الغالية، لكن الشعب ظل يعاني وتفاقمت الأزمات وزاد معدل السرقات وجرائم القتل.

في عهده..العلاقات الخارجية «سيئة جدا»

في عام 1972، قام أمين بقطع علاقته ببريطانيا، وذلك بعد إدانة بريطانيا ورفضها لسياسته وتصرفه تجاه الآسيويين، فرأي عيدي أن الرد المثالي هو قطع العلاقات الدبلوماسية معها، لم يكتفي بهذا الأمر فقط بل طرد مواطنيها أيضاً.

وكنوع استفزاز لبريطانيا قام في إحدى مؤتمرات القمة الأفريقية التي عقدت في بلاده بدخول المؤتمر وهو محمولاً على الأكتاف، حيث كان جالساً على كرسي يحمله أربعة بريطانيين في رسالة هدفها إذلال بريطانيا أمام العالم.

من جهة أخرى، كان عيدي أمين يتعمد استفزاز تنزانيا بتصريحاته الدائمة عن نيته ورغبته في احتلالها، حتى زادت الحدة بين البلدين وبلغ التوتر أشده في أكتوبر عام 1978، حتى قام عيدي بدخول تنزانيا واحتلال مثلث كاجيرا، لم يصم ترئيس تنزانيا أمام هذا التطاول، فدبر له مكيدة أطاحت به، حيث قام بتنظيم صفوف المعارضة ودعمهم ومدهم بالسلاح، وبالفعل نجح الثوار في توحيد صفوفهم من خلال منظمة الجبهة الشعبية لتحرير أوغندا والتي يرأسها الرئيس المعزول أوبوتي في إسقاط عيدي أمين وطرده خارج البلاد.

رئيس في المنفى

طرد الديكتاتور عيدي أمين خارج بلاده بعد الإطاحة به، كانت الوجهة الأولى له هي ليبيا، حيث القذافي أحب الزعماء إليه، الذي كان يؤيد أفعاله وجرائمه تجاه شعبه، فضلاً عن إمداده بالمال وبالسلاح والبترول.

انتقل بعدها عيدي أمين  إلى السعودية، حيث أسكنه الملك فهد بن عبد العزيز إحدى فيلاته، ولم تكن استضافة الملك له مدفوعة بتأييد أو دعم، بل كانت تسلطاً ورغبة في تقييده، فقد كان شرط استضافته ألا يمارس أي عمل سياسي، ويكتفي بالحياة كمواطناً عادياً.

كانت السعودية آخر محطات عيدي أمين التي قضى فيها سنوات طويلة، يمارس حياته كمواطن عاديا، حتى وفاته إثر سكتة قلبية عام 2003.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة