تنفيذ الأحكام في انتظار الشرطة القضائية - صورة توضيحية
تنفيذ الأحكام في انتظار الشرطة القضائية - صورة توضيحية


«تنفيذ الأحكام».. حقوق معطلة في انتظار «الشرطة القضائية»

أسامة حمدي

الثلاثاء، 26 يونيو 2018 - 06:11 م

  

- خبراء: زيادة الأعباء على الشرطة ونقص الأعداد والإمكانيات أسباب تأخر التنفيذ
- «تغيير محل الإقامة والوضع القانوني للعين ونقل الملكية والإشكالات» .. أبرز المعوقات
- أستاذة قانون تطالب بدفع الزوج مبلغ تأميني عند عقد القران يُصرف منه في حالة الطلاق
- «المحامين»: طالبنا بإنشاء شرطة قضائية أسوة بباقي الدول
- تعديل تشريعي لـ«النقض» للفصل في القضايا وعدم إحالتها لدائرة أخرى


سنوات طويلة يقضيها أصحاب الحقوق داخل أروقة المحاكم للحصول على أحكام قضائية نهائية تثبت حقوقهم.. فالقضايا يرفعها الأجداد ويستمر الأحفاد في البحث عن نتائجها.. وبعد طول انتظار ومعاناة مادية ونفسية يبدأ أصحاب الحقوق رحلة أخرى طويلة لتنفيذ الحكم القضائي الذين حصلوا عليه، فتأخُر تنفيذ الأحكام بات ظاهرة سائدة سببها معوقات قانونية وبشرية وواقعية تحول دون تنفيذ الكم الهائل من الأحكام القضائية المتأخرة.

 

«بوابة أخبار اليوم» ناقشت خبراء القانون في تلك المعوقات، والحلول والمقترحات لتحقيق العدالة الناجزة، فدون تنفيذ الأحكام القضائية تصبح العدالة حبراً على ورق، وتضييع هيبة الدولة باعتبار أن تنفيذ الأحكام يخلق الرادع الإجتماعى.

 

ضغوط كبيرة على الشرطة

 

في البداية يقول الدكتور أبو بكر الضوة، عضو مجلس نقابة المحامين والأمين العام المساعد للنقابة والمحامى بالنقض، إنه يوجد تخمة وتأخر كبير في تنفيذ الأحكام ولا توجد آلية لتنفيذها، وهناك أحكام تسقط غيابياً وتكون مهمة جداً سواء شيكات أو إيصالات أمانة أو حجز على عقار أو قتل، وذلك يؤدي دائماً إلى تهرب المجرمين وزيادة الجريمة في المجتمع نظراً لغياب الرادع المتمثل في تنفيذ الأحكام.

 

وتابع: «من الخطأ تحميل وزارة الداخلية تنفيذ ذلك الكم الهائل من الأحكام القضائية، فهناك ضغط كبير يقع عليها متمثلاً في المسئولية عن تنفيذ الأحكام والجوازات والأمن الوطني والجوانب الاقتصادية ومنع الجريمة، التشريفات للقيادات والمسئولين القادمين من الخارج ويُشارك بها رجال تنفيذ الأحكام، والتفتيش على المقاهي ليلاً لضبط المخالفين والمرور، وغيرها الكثير من المسئوليات فلابد أن تقصر في شيء مثل تنفيذ الأحكام».

 

الشرطة القضائية

 

واستطرد: «الحل يكمن في تخصيص شرطة قضائية، وطالبنا نحن أعضاء مجلس نقابة المحامين ومعنا النقيب سامح عاشور في جلسة بالبرلمان بهذا المطلب، والشرطة القضائية موجودة بالعالم كله إلا مصر، وتخضع لوزارة العدل ومهمتها الإشراف على المحاكم وتنفيذ الأحكام الصادرة والإشراف على السجون، ولا يوجد مبرر للتمسك باختصاص الشرطة المدنية التابعة لوزارة الداخلية بتنفيذ الأحكام القضائية».

 

الاستشكال ونقض الحكم

 

وتابع: « الاستشكال على الحكم الذي يقيمه المتهم في حالة الأحكام الجنائية لا يعطل تنفيذ الحكم لأن المحكمة لا تنظر الاستشكال إلا في حضور المتهم، وإذا وجدت المحكمة أنه غير جاد وهدفه المماطلة تؤمن عليه ولا تخلى سبيله، أما في حالة الاستشكال في الأحكام المدنية فالاستشكال الأول فقط له الأثر الواقف للحكم بمعنى أنه يعطل تنفيذ الحكم، أما باقي الاستشكالات المتتالية لا تعطل تنفيذ الحكم، وإنما يجوز في حالة تعدد الخصوم أن يقوم كل واحد منهم بعمل إشكال منفصل ويعطل تنفيذ الحكم القضائي». 

 

وأضاف: «الطعن بالنقض على الحكم في القضايا الجنائية لا يُنظر إلا في حضور المتهم، فالحكم بمجرد أن يكون نهائياً يصبح واجب النفاذ، ولكن هناك أموراً تعطل تنفيذ الأحكام بشكل مؤقت مثل تغيير محل الإقامة أو غلق العين محل التنفيذ مثل العقار أو تغيير الوضع القانوني للخصوم مثل تغيير معالم الأرض أو المبنى أو نقل ملكية العين محل التنفيذ للغير، لكن لو لدينا شرطة قضائية متفرغة لتنفيذ الأحكام ستتبع المتهم مهماً قام بالتلاعب وتُنفذ عليه الحكم».

 

الفساد وتأخر التنفيذ


ولفت إلى أن الفساد المتمثل في بعض الأفراد وقلم المحضرين يعد سبباً رئيسياً في تأخر تنفيذ الأحكام، ومن الممكن منع هذا الفساد بإنشاء جهة مختصة فقط بتنفيذ الأحكام وهى الشرطة القضائية.

 

الأحكام وشيكة السقوط


وطالب بسرعة تنفيذ الأحكام وشيكة السقوط مثل التي تسقط غيابياً بعد ثلاثة سنوات وتضيع معها الحقوق ويضطر صاحب الحق للعودة للدعوى المدنية التي تحتاج 5 سنوات أخرى على الأقل.

 

الفصل في الدعاوى


وأكد أنه صدر تعديل تشريعي لمحكمة النقض يُفيد بأنه عند قبول المحكمة الطعن بالنقض تتصدى هى لنظر الدعوى الجنائية وتفصل فيها بدلاً من إحالتها لدائرة أخرى تتولى نظر القضية من البداية كما كان في السابق، وذلك لتحقيق العدالة الناجزة، ولكن ذلك لا يُطبق بأثر رجعي على القضايا التي تم التقرير بها قبل إقرار القانون، حيث لا تزال عند قبول الطعن بالنقض تُحال إلى دائرة أخرى لمحكمة الجنايات أو جُنح مستأنفة، أما التعديل التشريعي الجديد سيكون له أثر فوري في القضايا التي تم التقرير بها بعد صدور القانون.

 

الدراسات الأمنية والتنفيذ


وصرح أن الدراسات الأمنية التي يُحال لها الحكم لتنفيذه عن طريق القوة الجبرية؛ إحدى الوسائل للتملص من التنفيذ فعند استخراج الصيغة التنفيذية للحكم والذهاب بها لإدارات تنفيذ الأحكام تُحيل الأمر لعمل دراسة أمنية مُدعين إمكانية التعرض لتجمهر الأهالي عند إخلاء العقار أو الأرض مثلاً وتطول المدة لثلاثة شهور على الأقل، مضيفاً أنه رغم التأخير الناتج عنها تؤدي وظائف إيجابية حيث تنزل قوات من الشرطة والمرافق والمطافئ وإدارات أخرى ويتم تنفيذ الحكم فهى ضمانة مهمة للتنفيذ رغم التعطيل المؤقت.

 

زيادة معدل الجريمة


وذكر أنه مع ثورة 25 يناير والانفلات الأمني الذي تزامن معها أثر في انتشار الجرائم والخلل الإجتماعى، وتوجد قضايا يتم تداولها في المحاكم منذ الثورة وحتى الآن، والكم الهائل من الأحكام القضائية الصادرة دليل على ذلك الخلل.

 

بنك ناصر


وطالب بسرعة الفصل في قضايا الأسرة، وزيادة ميزانية بنك ناصر الإجتماعى الذي يتم صرف النفقة منه للزوجة والأولاد، لأن هناك أحكام لا نستطيع تنفيذها بسبب التقيد بحد أقصى للصرف 500 جنيه، وهذه مسئولية الدولة.

 

معوقات بشرية


وقالت الدكتورة فادية أبو شهبة، أستاذة القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن معوقات تنفيذ الأحكام إما معوقات بشرية أو تشريعية، وأهم معوق بشري هو فساد المحضرين والإداريين القائمين على التنفيذ حيث يتلقون الرشاوى ولا يقوم بالإبلاغ أو يكتب «لم يُستدل على الشخص أو العنوان».

 

وتابعت: «يوجد تحايل المحامين مما يعوق تنفيذ الأحكام حيث ينصح موكله بقول إن العقار أو منقولات الزوجية التي أمرت المحكمة بالحجز عليها ليست ملكه أو يقوم بتغيير محل الإقامة أو السفر أو غلق شقة الزوجية أو تأجيرها وذلك بالتواطؤ مع أمناء الشرطة والمحضرين القائمين على التنفيذ حيث يبلغونه قبل موعد التنفيذ، وذلك بسبب العناد والحقد».

 

واستطردت: «وبالنسبة للرؤية حيث يكون الطفل في حضانة أمه ويطلب والده رؤيته وعندما تقوم أمه بالتنفيذ لا يلتزم والده بالموعد وتتحمل الأم سفر أو مواصلات بعيدة».

 

معوقات قانونية

 

وأضافت: « وتتمثل المعوقات القانونية في عدم قدرة القائمين على التنفيذ في حالة إغلاق شقة الزوجية كسر الأبواب أو فتحها، وكذلك إشكالات التنفيذ التي توقف تنفيذ الحكم وتخضع لقانون المرافعات المدنية والتجارية وتحتاج وقت طويل للحكم فيها أو تغيير الوضع القانوني للعين ببيعها لشخص آخر».

 

وتابعت: «أما معوقات أحكام النفقة عند تنفيذها نجد أن بنك ناصر الحد الأقصى للصرف لديه 500 جنيه حتى إذا كان المتجمد لديك مبالغ كبيرة وذلك بسبب ضعف الميزانية والتمويل لديه وتحتاج لإجراءات جديدة لصرف متجمد النفقة، وأيضاً بنك ناصر لا يصرف نفقة العدة والمتعة، وتحتاج لرفع دعوى مستقلة بإجراءات جديدة تطول وقتها، وأيضاً دعوى الحجز تحتاج إجراءات جديدة، لاسيما التكلفة المادية على الزوجة في مصروفات المحاكم وأتعاب المحامين».

 

مبلغ تأميني للزوجة

 

وأشارت إلى أن حلول تلك المعوقات البشرية والقانونية لتحقيق العدالة الناجزة تتمثل في زيادة ميزانية بنك ناصر الإجتماعى حتى يستطيع صرف النفقة حتى 1000 جنيه، عن طريق تخصيص مبلغ تأميني للبنك على كل دعوى تُرفع أمام محكمة الأسرة.

 

وطالبت بدفع الزوج مبلغ تأميني عند توقيع عقد الزواج ويُحفظ لدى الدولة حتى يُؤمن على مستقبل الزوجة وبدلاً من الجري وراءه لصرف مستحقات الزوجة فيتم السحب من ذلك المبلغ التأميني عند الطلاق، مضيفةً أنه لابد من إجراء لمنع الزوج من السفر إذا قام بخطف الطفل من أمه الحاضنة له، وجعل الأب رقم 3 في حضانة الطفل بعد الأم وأم الأم (الجدة) في حالة زواج الأم ووفاة الجدة تؤول حضانته لأبيه، عقاب مُشدد للزوج أو الزوجة الحاضنة الذين لا يلتزمون بموعد الرؤية للطفل.

 

إمكانيات الشرطة

 

وأوضح الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن أبرز معوقات تنفيذ الأحكام هو قِلة عدد أفراد الشرطة، وعدم وجود الإمكانيات التي تساعدهم في الوصول للمتهمين الهاربين من أحكام قضائية، كثرة عدد الأحكام مع التكدس الكبير في عدد القضايا الذي لا يتناسب مع أعدادهم.

 

وتابع: «المشرع المصري وضع عقوبة للامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي في حالة الأحكام الإدارية الصادرة ضد الجهات الحكومية ويكون الحبس فيها وجوبي والعزل من الوظيفة العامة وتُسمى جنحة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي».

 

واستطرد: «الحلول تتمثل في زيادة أعداد الشرطة وزيادة الإمكانيات التكنولوجية المتطورة للمساهمة في القبض على المتهمين والحصول على معلومات أكثر».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة