الرئيس الأمريكي بصحبة رئيس المجلس الرئاسي الليبي
الرئيس الأمريكي بصحبة رئيس المجلس الرئاسي الليبي


عصا «ترامب» السحرية في ليبيا.. رسالة أربكت حسابات المصالح

عبدالله علي عسكر

الأربعاء، 11 يوليه 2018 - 07:50 م

بين ليلة لم يأت ضحاها، تحولت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مسئولي المؤسسات الكبرى الفاعلة في الدولة الليبية، لـ«عصا سحرية» التهمت كل الخلافات التي باتت فجوتها تذهب بوحدة بلد يشهد صراعا مخيفا على السلطة منذ أحداث فبراير 2011، لكن يبدو التفسير الوحيد لتلك الرسالة هو تجاوز خلافات المتصارعين حدود الدولة إلى العالم بل تهديد المصالح الأمريكية ذاتها.

 

من مقعد المشاهدة للاشتباك

«ترامب» الذي ظلت إدارته تأخذ جانب المتفرج على الأحداث التي شهدتها منطقة الهلال النفطي والتي تمثل 95% من قوت الليبيين، وتصدرت عناوين النزاع في ذلك البلد منذ أكثر من 7 سنوات، قبل ساعات من دخول فجر اليوم الأربعاء الموافق 11 يوليو 2018 دخل الرئيس الأمريكي على خط الأزمة، فتحولت كل الخلافات بين أطراف الصراع إلى هباء منثور، لكن فيما يخص النفط، مع استمرار اشتعال الوضع في كافة الملفات الملتهبة الأخرى.

  

رسالة شديدة اللهجة

الرسالة التي أفصحت عنها عدة وسائل إعلام واسعة الانتشار في ليبيا، منها قناة «ليبيا 218» وصحيفة «المتوسط» أمس الثلاثاء، وجهت إلى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا فائز السراج، ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، واعتبرها العديد من الشخصيات العامة ووسائل الإعلام «رسالة تهديد»، لكن بعدها بساعات أعلنت «حكومة السراج»، حل الأزمة ورفع القوة القاهرة عن الموانئ واستئناف عمليات التصدير.

 

«ترامب» في رسالته التي وصفها العديد من الأوساط بـ«شديدة اللهجة» انتقد فيها المعالجة السياسية للقادة الليبيين لأزمة تراجع الإنتاج النفطي، حيث تضمن فحواها توعدا لرئيسي «النواب» و«الرئاسي» بالملاحقة الدولية عبر قوانين العقوبات المعمول بها في هذه الأطر كمرحلة أولى، تلحقها تهديدات مباشرة تصل حد استخدام القوة.

 

حل الأزمة واستئناف التصدير

وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق رفع حالة القوة القاهرة في موانئ رأس لانوف والسدرة والزويتينة والحريقة بعد أن تم استلامها صباح الأربعاء الموافق 11 يوليو 2018، وأكدت أن عمليات الإنتاج والتصدير ستعود إلى المستويات الطبيعية تدريجيا خلاف الساعات القليلة القادمة.

 

ودخل على الخط الساخن في الأزمة التي لا تخص القيادات المنقسمة في ليبيا فقط بل تخص كل الليبيين داخل البلاد وخارجها، آمر جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى والشرقية اللواء ناجي المغربي، ليعلن أيضا استئناف التصدير عبر الموانئ النفطية.

 

«المغربي» قال في تصريحات تلفزيونية: «إن قرار استئناف التصدير جاء بناء على قرار القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر»، مشيرا إلى إلغاء القرار الصادر في الـ 27 من شهر يونيو الماضي، القاضي بإيقاف استقبال البواخر لغرض التصدير من الموانئ النفطية.

 

كواليس الصراع

وفي بيان «مؤسسة النفط» أثنى رئيسها المهندس مصطفى صنع الله، على قرار القيادة العامة للجيش الليبي التي نازعها العداء منذ أيام، بوضع مصلحة الوطن فوق كل شيء، موجها الشكر لكل من المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجتمع الدولي على جهودهم في حل هذه الأزمة.

 

لا أحد يعلم ما الذي جرى في الكواليس، فرقاء الأمس توافقوا اليوم، فرئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي قدم له «صنع الله» الشكر لجهوده في حل الأزمة، رحب، منذ أيام، في حوار صحفي من القاهرة بقرار الجيش الوطني بتسليم الحقول والموانئ النفطية إلى المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة المؤقتة، متهما المؤسسة الوطنية لحكومة الوفاق بإنفاق موارد النفط على الجماعات الإرهابية وشراء أسلحة لهم.

 

«عقيلة صالح» أكد أن المواطن الليبي لم يستفد من ثروات بلاده النفطية طوال السنوات الماضية بسبب سياسات المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، واليوم دعا «صنع الله» إلى عقد جلسة حوار وطني حول التوزيع العادل للإيرادات النفطية في ليبيا، لأن هذه المسألة تمثّل أحد العوامل الرئيسية للأزمة، والحلّ الوحيد لمعالجتها هو الإلتزام بالشفافية.

 

إيران.. والهدف الأمريكي

الأكيد الذي يعلمه القاصي والداني أن تدخل الإدارة الأمريكية على خط الأزمة لم يكن من أجل صالح الليبيين، لكن الهدف يبدو ظاهرا من الرسالة، وهو العمل على زيادة إنتاج النفط الليبي لإرباك الحسابات الإيرانية في مطلب متكرر من واشنطن بزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار داخل منظمة أوبك، الأمر الذي لم يتردد في تضمينه بالرسالة.

 

أيضا اهتمام الرئيس الأمريكي بملف النفط مؤخرًا من خلال اتصال أجراه بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والموافقة على زيادة إنتاج النفط لتعويض نقص الإنتاج العالمي، وكذلك انتقاده لاتفاق أوبك الأخير، تؤكد أن حدة القلق ارتفعت عند الإدارة الأمريكية حول ما يحدث في الهلال النفطي.

 

الصلح المؤقت

وبعد رحلة «عناد» طويلة قادها «صنع الله» و«السراج» توقف تصدير النفط الليبي في بعض الشركات ما ألقى بظلاله على الحالة الاقتصادية للبلاد التي تكاد تترنح من تلقي الضربات المتتالية، وبعد اتهامات ديوان المحاسبة بسرقة وإهدار المال العام، أبدى اليوم رئيس المؤسسة الوطنية لنفط «الوفاق» تعهده بالعمل مع الجهات الوطنية المعنية لتعزيز الشفافية وحل الأزمة، لخدمة مصالح كل الليبيين.

 

خيوط كثيرة يبدو أنها مرتبطة بمصدر واحد، فأمس الثلاثاء 10 يوليو شهد حادثين، لا يمكن تركهما بمنأى عن المشهد، فمع إعلان الصديق عمر الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي، الترحيب بطلب «السراج»، بتشكيل لجنة فنية لمراجعة إيرادات ومصروفات المصرف، أرسل الأخير خطاباً عاجلاً لمجلس الأمن الدولي، يطلب فيه التحقيق في تمويل التنظيمات الإرهابية بأموال النفط، الأمر الذي يلوح بطلب الوصاية على النفط الليبي.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة