رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني
رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني


حوار| رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني: مصر السد المنيع في وجه «سماسرة» صفقة القرن

أحمد الشريف

الخميس، 26 يوليه 2018 - 01:32 م


►| رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني:
◄| وقوف مصر إلى جانبنا يعزز من صمود القيادة والشعب الفلسطيني
◄| سقوط حجر صخري ضخم من سور المسجد الأقصى ناتج عن حفريات تخريبية متعمدة من الاحتلال
◄| أناشد الرئيس السيسي التدخل العاجل لوقف جريمة تهويد المسجد الأقصى
◄| نحن أمام ملامح نكبة فلسطينية كبرى
◄| قرار القومية اليهودية عنصري وتطهير عرقي للفلسطينيين
◄| التاريخ لن يرحم من سيعيق تحقيق المصالحة الفلسطينية
◄| البعض تورط في لعب دور «السمسار» لتمرير صفقة القرن ومصر السد المنيع
◄| القاهرة الوحيدة التي تملك مفاتيح حل المصالحة الفلسطينية والقادرة على تحقيقها


«يا قدس يا حزنا يسافر في جوانحنا.. ويكبر كالنّخيل.. من أرض يافا للجليل .. في كلّ شبر كم قتيل .. يا قدس يا جرحا بلون الدم، أو لون الأصيل.. أمّي على باب المخيّم تحتضر والموت يأكل وجهها الرحب الجميل.. أمي تقول وصوتها متقطّع: «كف يدق المستحيل.. جهّز خيولك يا بني وأقتل عدوّك قبل أن تغدو قتيل».. كلمات تنزع من غفوتنا عن القضية الأم لوطننا العربي الفتيل، فإما أن يستفيق القادة العرب تجاه ما يحاك لفلسطين في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الأمة، وإما أن تغدو قوميتنا قتيل..

 

تطورات وتداعيات خطيرة تمر بها عملية السلام والقضية الفلسطينية برمتها، فمن خروج الولايات المتحدة الأمريكية من المعادلة بعد قرار نقل سفارتها إلى القدس، مرورا بانشغال الوطن العربي بالصراعات الدائرة في عدد من الدول العربية التي ربما انعكست بالسلب على التركيز على القضية الأم، هذا بخلاف التصعيد الذي تنتهجه إدارة الاحتلال تجاه الفلسطينيين خلال الفترة الحالية ما يعطي مؤشرات بأن الأوضاع قد تشتعل بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة إن لم يتحرك المجتمع الدولي ومن قبلهم القادة العرب، قبل أن ينفجر الوضع ويأكل في طريقه الأخضر واليابس..
كل هذا وذاك دفع «بوابة أخبار اليوم»، لإجراء هذا الحوار مع القيادي والمؤرخ والمفكر الفلسطيني اللواء د. محمد أبو سمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني وعضو المجلس الوطني الفلسطيني؛ وإليكم نص الحوار..


في البداية، دعنا نبدأ مما انتهت إليه الأوضاع في فلسطين، كيف تنظر إلى اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك ضمن أسبوع من الاقتحامات المكثفة، دعت إليها منظمات يهودية متطرفة؟


بالفعل تكثفت هذا الأسبوع اقتحامات قطعان المستوطنين الإرهابيين الصهاينة للمسجد الأقصى المبارك، وللحرم القدسي الشريف بكافة مرافقه وساحاته وباحاته وقاعاته ومساجده وأماكنه الشريفة الطاهرة المقدسة، وذلك بالتزامن مع ما يزعمونه كذبا وزورا وبهتانا وافتراءً «أسبوع دمار وخراب الهيكل المزعوم !!»، حيث أنه لا يوجد في التاريخ اليهودي كله شيء اسمه «هيكل سليمان»، عدا عن وجود أية علاقة لمن يزعمون أنهم يهودا بسيدنا النبي سليمان «عليه السلام»، وبنفس الوقت، لم يكن في أي وقتٍ من الأوقات والأزمنة والحقب التاريخية هناك أي وجود أو عبور لليهود على أرض فلسطين المقدسة والطاهرة، وهي بفعل ما أخبرنا به القرآن الكريم، وما أخبرتنا به السيرة النبوية المشرفة، وما ورد لنا في الأثر النبوي الشريف، وكذلك ما ورثناه من حقائق ومعطيات تاريخية وحضارية وواقعية عن الحقبة والحضارة الإسلامية منذ البعثة النبوية الشريفة مرورا بجميع الخلفاء والصحابة والتابعين وتابعي التابعين والسلاطين والأمراء والعلماء «رضوان الله عليهم أجمعين»، حتى احتلال القدس الغربية في نكبة عام 1948، واحتلال القدس الشرقية والمسجد الأقصى المبارك وبقية أرض فلسطين الحبيبة اثر نكبة عام 1967.

 

فقد كانت فلسطين منذ ما قبل البعثة النبوية الشريفة محرمةً على اليهود، وكذلك حرمت على سيدنا موسى «عليه السلام» ومن تبعه من بني إسرائيل، وأما الذين يزعمون اليوم أنهم يهوداً فلا علاقة لهم بالديانة اليهودية الموسوية أو أية ديانة سماوية أو أي من الأنبياء «عليهم الصلاة والسلام»، إنَّما هم بقايا قبائل من غجر الخزر وغجر أوروبا ومن عبدة الأوثان في أفريقيا والهند وغيرها، تهودوا بحثاً عن الملاذ الآمن لهم من سطوة وظلم الحكم القيصري في روسيا، وطمعا بمكاسب يحققونها في رحاب وظلال سماحة وعدالة الإسلام، أو طمعاً في حياةٍ رغيدة في أوروبا، أو بحثاً عن مكاسب شخصية وجماعية لمن تهود من عبدة الأوثان في الهند وأفريقيا وغيرها.

 

وحسب بحثي المتعمق في التاريخ وتاريخ الحضارات وعلوم الآثار والتنقيب والتكوين الديمجرافي والجيوسياسي، وكذلك علوم وأبحاث الأنثروبولوجيا والإيكيولوجيا، فلم تطأ قدم يهودي أو متهوِّد أرض فلسطين المقدسة منذ نشأة البشرية، ومنذ الاستيطان البشري العربي الكنعاني الأصيل لفلسطين قبل ما يزيد على مليون سنة، وإنَّما بدأ مشروع الاستيطان اليهودي - الصهيوني في الظهور العلني كفكرة ومشروع مع القرن الثامن عشر، وتنامي هذا المشروع والحُلُم الصهيوني أكثر مع الحملة الفرنسية الاستعمارية عام 1798، لمصر وبلاد الشام وفلسطين، حيث اصطحب نابليون بونابرت معه بعض المستشارين اليهود، ووعدهم إن ساعدوه في تحقيق حلمه الاستعماري المجنون بمنحهم فلسطين وطنا قوميا لهم، وإثر هزيمته النكراء وفشل مشروعه الاستعماري الاستيطاني في المنطقة، ظل يتودد لزعماء اليهود - المتهودين، ويعدهم إن ساعدوه في تحقيق حلمه الاستعماري في تمكينهم من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، ولبقيت الفكرة والمشروع تراوح مكانها في عقول اليهود، وأوروبا الاستعمارية، من أجل التخلص من الوجود اليهودي في أوروبا، وبنفس الوقت استخدامهم رأس حربة للمشروع الاستعماري الغربي في المنطقة العربية والإسلامية، وجعل الكيان اليهودي الصهيوني، الخنجر السرطاني الذي يزرعونه في قلب الأمة فلسطين، من أجل تمزيق وتفتيت الأمة، وقطع التواصل والتماسك الجيوسياسي والديمجرافي والحضاري للأمة، وفصل الشرق العربي الإسلامي عن الغرب العربي الإسلامي، وفصل قارتي أسيا وأفريقيا عن بعضهما البعض، ومن أجل ذلك نشأت لاحقاً الحركة الصهيونية والمؤسسات والمنظمات الصهيونية العنصرية التابعة لها.

 

 
برأيك، ما الأسباب وراء تكرار وتصاعد اقتحامات المستوطنين للمسجد خلال الفترة الحالية؟
تكثيف وتكرار وتصاعد هجمات قطعان ووحوش المستوطنين، وبحماية من أجهزة أمن وقوات وجيش وشرطة العدو الصهيوني، لا يأتي إلا من أجل التعجيل بالسيطرة اليهودية الصهيونية الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، في ظل حالة التشرذم والتمزق والانقسام الفلسطيني والعربي والإسلامي، وفي ظل ما تشهده بعض الدول العربية الشقيقة من مؤامرات كبرى تهدد وحدة الأمة العربية والإسلامية، وتهدد وحدة  الدول والكيانات السياسية العربية والإسلامية، وبرأي أنَّ عصابات الإرهاب التكفيري الوحشي التي تستهدف الأمن القومي العربي والدول العربية الشقيقة، وعلى رأسها مصر الشقيقة الكبرى وسوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرهم، هي الوجه الآخر لعصابات قطعان الإرهاب الاستيطاني الصهيوني.


كيف تقرأ سقوط حجر صخري ضخم من سور المسجد الأقصى المبارك، من جهته الجنوبية الغربية أرضا؟، وهل ذلك يؤكد وجود حفريات تجري أسفل القسم الشمالي من منطقة المتحف الإسلامي الواقعة في الجزء الغربي من المسجد المبارك قرب باب المغاربة؛ ما يدلل على نشاطات سرية وجهود لربط الأنفاق المتعددة أسفل محيطه خاصة في منطقة القصور الأموية أسفل منطقة مبنى المتحف الإسلامي.. وكيف يمكن التعاطي مع ذلك؟


الأمر جلل وخطير للغاية، وما أثار امتعاض وحفيظة الأوقاف الإسلامية المسؤولة عن إدارة المسجد الأقصى المبارك، والهيئة الإسلامية العليا، والسلطة الوطنية الفلسطينية، وجميع الهيئات الوطنية الفلسطينية الإسلامية والمسيحية، وخشيت جميعها من أن يتبع هذه الجريمة المُبيتة انهيارات أخرى نتيجة الحفريات التي تقوم بها سلطات العدو والاحتلال الصهيوني.

 

وهذا الانهيار الخطير بالتأكيد ناتج عن الكم الهائل والكبير من الحفريات المنهجية التخريبية المتعمدة تحت وبجوار كافة مرافق وأقسام ومساجد وقاعات وساحات ومعالم الحرم القدسي الشريف - المسجد الأقصى المبارك والتي يقوم بها الصهاينة المجرمين على مدار الساعة، وإنني أصرخ بالنداء عبر منبركم، ومن قلب قاهرة المعز وقلب العروبة والإسلام النابض، أنَّ المسجد الأقصى المبارك في خطرٍ شديد وحقيقي، وقد بدأ التحضير العملي ليس فقط لتقسيم المسجد الأقصى المبارك مكانياً وزمانيا، وتهويد كامل المسجد الأقصى المبارك، إنَّما أيضاً هدمه وتدميره، وبناء مكانه أو في جزء رئيس منه الهيكل المزعوم، وإنني أناشد من جانبي جميع قادة وزعماء الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتدخل العاجل لوقف جريمة القرن الصهيونية - الأمريكية، التي تهدف وتسعى جدياً لهدم وتدمير وتهودي المسجد الأقصى المبارك.

 

وبنفس الوقت أناشد قادة حركتي فتح وحماس وجميع الفصائل الفلسطينية، للتعجيل بالاستجابة للتدخل المصري الكريم والرعاية المصرية الجليلة لملف المصالحة، وانجاز وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بالقاهرة حول المصالحة، فقد حان الوقت لإنهاء الانقسام الفلسطيني اللعين والبغيض، والذي يعطي الفرصة للعدو الصهيوني للاستفراد بأهلنا المرابطين في القدس الشريف، وبقضيتنا وشعبنا، ويهدد كافة ما حققته القيادة والثورة والقضية الفلسطينية من مكاسب وانجازات تاريخية، وأيضاً يهدد الانقسام الأسود القضية الفلسطينية برمتها.

 

وما يحدث الآن من تهديدات صهيونية تلمودية جدية للقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، ولأهلنا في القدس الشريف، وخصوصاً على ضوء قانون العنصرية الصهيوني الجديد «قانون الهوية»، تستدعي من الكل الفلسطيني، والكل الإسلامي والعربي توحيد الصفوف والطاقات والجهود، من أجل حماية المسجد الأقصى المبارك من مخاطر الهدم والتهويد، وحماية القدس الشريف من التهويد الكامل ومن خطر جريمة العصر - الاستيطان اليهودي الصهيوني الإجرامي؛ الذي هو جريمة حرب كاملة الأركان، وكذلك حماية شعبنا في القدس المحتلة من خطر التطهير العرقي العنصر الديمجرافي، وسعي العدو لطردهم وترحيلهم جميعا خارج القدس المحتلة، مما يعني التحضير لصناعة نكبة جديدة للفلسطينيين في القدس المحتلة والضفة والقطاع وداخل المناطق المحتلة عام 1948، هذه النكبة ستكون أكثر وأصعب خطورةً من كافة النكبات السابقة، لأنَّها تسعى إلى تمكين الكيان الصهيوني من السيطرة الكاملة على جميع المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة خصوصا، وفلسطين عموما، وتهويد العدو للضفة الغربية المحتلة، تمهيداً لتهويد جميع فلسطين، وطرد جميع من هم ليسوا يهوداً من أرض فلسطين التاريخية.

 

على الشعب الفلسطيني وقيادته، وفصائله وكافة قواه، وعلى قادة وشعوب الأمة الإسلامية والعربية، أن يدركوا أننا نقف على أعتاب أخطر مرحلة في الصراع العربي - الإسرائيلي الصهيوني، وأمام ملامح نكبة فلسطينية كبرى.. فالحذر الحذر.. المسجد الأقصى المبارك وكل القدس وجميع فلسطين في خطرٍ شديد.

 

كيف تقرأ قرار الكنيست بشأن الدولة القومية اليهودية؟
هذا القرار، هو قرار عنصري، من أجل تنفيذ المخطط القديم الجديد للعدو الصهيوني، الساعي إلى تنفيذ أوسع وأكبر وأخطر عملية تهجير قسري و«ترانسفير» وتطهير عرقي للفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، والقدس المحتلة في المرحلة الأولى، وفي المرحلة من مساحات كبيرة جدا في الضفة الغربية المحتلة، تمهيداً لتهويد كامل للقدس المحتلة، وكامل الضفة الغربية المحتلة وضمها للكيان الصهيوني، ومن ثم السيطرة الصهيونية اليهودية التلمودية التامة على المسجد الأقصى المبارك، وتهيئة المناخات من أجل هدمه وتدميره، والاستمرار في السياسة العنصرية بتهويد كافة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة خصوصا، وفلسطين عموما.

 

ويأتي هذا القرار العنصري الإجرامي في ظل الانزياح الصهيوني نحو المزيد من التطرف والتوحش والعنصرية واليمينية، وتنامي وتماثر الدعوات في صفوف العدو لتنقية الدولة الصهيونية الاستعمارية من الوجود لغير اليهود بداخلها، وجعلها خالصة نقية لليهود فقط، وبنفس الوقت جعلها دولة جميع اليهود في العالم. 

 

تأثير القرار على القضية الفلسطينية في ظل الانقسام الفلسطيني والتناحر العربي العربي؟
بالتأكيد تأثير هذا القرار كبير وخطير على القضية الفلسطينية، فهو من أخطر القرارات التي اتخذها الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة، ويعمل على تجهيز وتهيئة الأجواء لصناعة نكبة فلسطينية جديدة، لا تقل خطورتها عما سبقها من مصائب ونكبات للشعب الفلسطيني المظلوم.

 

وتزداد بالطبع خطورة القرار العنصري الصهيوني، في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني الأسود، وفي ظل حالة التناحر والنزيف العربي، والحروب والمؤامرات التي تنفذها عصابات الإرهاب التكفيري لصالح العدو الصهيوني في العديد من الدول العربية الشقيقة، وفي مقدمتها مصر الشقيقة الكبرى وسوريا الشقيقة وليبيا والعراق واليمن وغيرهم من البلاد الشقيقة. 

 

وما أحوجنا للوحدة الفلسطينية ورص الصفوف، وكذلك وحدة أمتنا العربية والإسلامية، وحماية مكونات الدولة والجغرافيا الوطنية، فمن يسعى للمساس بالدولة الوطنية، يقدم أكبر خدمة للعدو الصهيوني، وكل قطرة دم مصرية أو سورية أو عربية يتسبب الإرهاب الإجرامي التكفيري بسفكها، إنَّما يحقق ذلك لصالح العدو الصهيوني وجميع أعداء الأمة ، لتسهيل تنفيذ أجندات المؤامرة الكبرى على القضية الفلسطينية.


هل مسألة تدويل القضية مطروحة بعد فشل الحلول السياسية والدبلوماسية؟ 
لا أعتقد أنَّ مسالة التدويل مطروحة أو مقبولة، إنماَّ ما تسعى لتحقيقه القيادة الفلسطينية، هو توفير الحماية الدولية للعب الفلسطيني من الجرائم اليومية التي يرتكبها الجيش الصهيوني المجرم والمتوحش والقاتل، وتقديم ملفات جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها جيش العدو وقادته وضباطه وجنوده، وقيادات الكيان الصهيوني إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 

هل القرار يجبر الفلسطينيين على المصالحة لاتخاذ قرار وتحرك موحد؟
نعم يجب أن يجبر القرار الصهيوني – الصهيوني، الفلسطينيين على التجاوب الفوري مع جهود القيادة المصرية الحكيمة الساعية بشكلٍ جدي وحقيقي لإنجاح وتحقيق وانجاز المصالحة الفلسطينية بشكلٍ كامل، فالخطر بات يتهدد الجميع جماهير وفصائل وتيارات وسلطة ونظام وكيان، وانجازات، وإلا فالتاريخ والشعب لن يرحم بعد اليوم من سيعيق تحقيق المصالحة الفلسطينية، التي باتت خيارا استراتيجيا، والوقت لا يحتمل المزيد من الجولات والمفاوضات والجلسات واللقاءات، المصالحة باتت الخيار الأكثر أهمية لمواجهة المؤامرة.


ما المطلوب من الدول العربية والمؤسسات الدولية والقوي الدولية الجديدة؟ 
الدعم المصري والعربي والإسلامي من أهم مقومات الصمود الفلسطيني والثبات والرباط والبقاء على أرض فلسطين العزيزة، والدعم الإقليمي والدولي والمؤسساتي أيضاً مهم من أجل توفير المناخات ووسائل وأدوات المعركة الدبلوماسية والسياسية والإعلامية والأممية للقيادة الفلسطينية ولمنظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، مع اعتراضنا الشديد على عبث الأطراف العربية والإقليمية بطريقة مؤذية وضارة بالشأن الفلسطيني، وخصوصاً محاولة هذه الأطراف التشويش على الدور المصري، والذي ننظر إليه كقيادة وطنية وإسلامية فلسطينية بمنتهى الاحترام والتقدير، وندرك يقيناً أنَّ الرئاسة والقيادة والحكومة والأجهزة السيادية المصرية حريصة ـ كل الحرص ـ على المصلحة الفلسطينية، كحرصنا نحن تماما. وإنَّ وقوف غالبية الأشقاء العرب والمسلمين والكثير من أصدقاء شعبنا وقضيتنا في شتى أنحاء العالم إلى جانبنا، يعزز من صمود القيادة الفلسطينية الشرعية، وصمود الشعب الفلسطيني البطل، ويساعدهما على حماية المقدسات والأرض والمكتسبات والانجازات الوطنية والتاريخية، ونحن في أمس الحاجة لمساعدة مصر الشقيقة الكبرى، وجميع الأشقاء العرب والمسلمين، وجميع الأصدقاء والحلفاء في شتى أنحاء العالم، وأيضاً جميع الهيئات والمؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية الأممية والإقليمية والعالمية.    


كيف ترى الجولة الجديدة من المفاوضات الفلسطينية في القاهرة؟
نأمل أن تأتي هذه الجولة بالخير والتفاؤل للمصالحة الفلسطينية، وأن تعطي دفعة جديدة نحو تجاوز كافة العقبات والمعوِّقات، التي أعاقت التقدم في ملف المصالحة خلال الشهور الماضية.

 

والمؤسف حقا أنّ هذه الجولة الجديدة تأتي في ظل حالة شديدة من التشاؤم واليأس والإحباط، تسيطر على الشارع الفلسطيني، وخصوصاً على أهلنا في قطاع غزة، وكذلك الخوف من تكرار جولات الفشل، وبالتالي تكريس المزيد من أشكال وعوامل الانقسام الفلسطيني الأسود، ووضع المزيد من العوائق، خصوصا في ظل التلاسن والحرب الإعلامية التي نشبت علنا، خلال الأيام الماضية، بين بعض قيادات حركة فتح، وبعض قيادات حركة حماس، والمؤسف أيضاً أنَّ الوضع الإنساني والمعيشي والاقتصادي والصحي والاجتماعي في قطاع غزة، هو في أسوأ حالاته منذ 12 عاما، بالإضافة إلى الحصار الصهيوني الظالم المفروض على القطاع منذ عام2006.

 

ورغم كل ذلك ، فإنَّ هذه الجولة من المفاوضات لها أهميتها الشديدة، فهي تأتي متزامنةً مع التهديدات الأمريكية والصهيونية للقيادة الفلسطينية، وللسلطة الوطنية الفلسطينية، بفرض العقوبات عليها في حال لم تتجاوب مع الخطة والمؤامرة الشيطانية «صفقة القرن»، والتي تعمل الإدارة الأمريكية على طرحها وفرض تنفيذها بالتهديد والوعيد للفلسطينيين ولبعض العرب، بينما يتورط البعض الآخر العربي والإقليمي في لعب دور «السمسار» لتمرير صفعة ولعنة العصر، وليس صفقة العصر، فيما تقف الشقيقة الكبرى مصر سدا منيعا أمام كافة المؤامرات الأمريكية والصهيونية والدولية التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتمنع صناعة نكبة فلسطينية جديدة من خلال منع تمرير الصفقة والمؤامرة الأمريكية - الصهيونية، ولكي تنجح جهود الشقيقة الكبرى مصر في منع تمرير مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية، لابد لها من إعادة توحيد الفلسطينيين، وانجاز المصالحة، وطي صفحة الانقسام الفلسطيني البغيض، ومن هنا جاءت دعوتها للفصائل الفلسطينية لبدء جولة جديدة من مفاوضات المصالحة، وأتوقع أن تختلف عن سابقاتها، لاختلاف الظروف والمعطيات والدوافع.

 

وهل القاهرة قادرة هذه المرة في دفع الفصائل للمصالحة لإنقاذ القضية؟
نعم القاهرة تستطيع أن تدفع وتقنع الفصائل على التوحد والتفاهم والعمل على إنقاذ القضية الفلسطينية من التصفية والتذويب، فالقاهرة تمتلك الكثير من الأوراق ووسائل وأدوات الضغط والإقناع، والشعب الفلسطيني وكافة القوى الفلسطيني تراهن كثيراً على دور القاهرة، واعتقادنا أنَّ القاهرة تملك العديد من مفاتيح الحل، ويجب أن تنجح هذه المرة في إزاحة وإزالة العقبات والعوائق التي تعيق تنفيذ اتفاق المصالحة الأخير، الذي تم توقيعه في القاهرة في شهر سبتمبر الماضي، خصوصاً أنَّ العامل الزمني لم يعد لصالح القضية الفلسطينية، ولا لصالح القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ولا لصالح الضفة والقطاع.

 

فحرب التهويد والاستيطان تسير بسرعة الضوء في القدس المحتلة والضفة الغربية، بينما تضاعفت كثيراً الأخطار التي تتهدد يومياً المسجد الأقصى المبارك، وتتهدد كافة المعالم والمقدسات الإسلامية والحضارية العربية في القدس المحتلة، فكل يقتحم ويدنس المسجد الأقصى المبارك المئات من قطعانه ووحوش المستوطنين الصهاينة بحماية جيش وشرطة ومخابرات العدو، وكل يوم أيضاً يسقط الشهداء والجرحى في الضفة والقطاع والقدس المحتلة، وهذا هو الوقت الأمثل من توحيد الصف الفلسطيني، ويجب أن تمنع مصر الفصائل الفلسطينية من الاستمرار في انقسامها وتشرذمها، ويتوجب على حركة حماس التجاوب مع الجهود المصرية، وإعادة قطاع غزة إلى السلطة والقيادة الفلسطينية الشرعية.

 

فالوضع في القطاع منذ بدء الانقسام الفلسطيني اللعين يوم 14/6/2007، أصبح كارثيا، ويحتاج الوضع من شدة قسوته وصعوبته إلى مجلدات للكتابة أو الحديث عنه، وتتحمل حماس مسؤولية هذا الوضع الكارثي الذي وصل إليه القطاع، بسبب انفصالها بالقطاع عن النظام السياسي الفلسطيني الشرعي، وتفردها في حكم القطاع، وعليها أن تدرك خسارتها للتفرد في حكم القطاع البائس، هو أكبر إنجاز سياسي تحققه لنفسها وللشعب الفلسطيني منذ 12عاما، والثمن الذي يمكنها أن تدفعه هي وحركة فتح بالذهاب إلى المصالحة الفلسطينية دونما شروط، هو أقل بكثير من الأثمان التي ستدفعانها مع الشعب الفلسطيني المظلوم والمقهور، في حال استمر الانقسام اللعين، فالوحدة باتت ضرورة وطنية وقومية وأخلاقية وإنسانية لإسقاط لعنة العصر الصهيو - أمريكي.


بعد مسيرات العودة .. كيف تقيم تلك التحركات الفلسطينية وهل أثمرت عن شىء إيجابي للقضية؟
هذه تجربة نضالية جديدة وفريدة من نوعها يخوضها الشعب الفلسطيني البطل، ويبتكر وسائل نضالية سلمية وشعبية جديدة وبسيطة لم يستعمل أغلبها الشعب الفلسطيني من قبل، وهذه المسيرات السلمية الشعبية الحاشدة للأسبوع الرابع على التوالي، وهي انتفاضة وثورة فلسطينية ضد كافة عوامل الإحباط واليأس والحصار التي تحيط بالشعب الفلسطيني عموما، وبأهلنا في قطاع غزة خصوصا.

 

وهذه الانتفاضة الباسلة داست بأقدام أطفالها البواسل وشبانها ونساءها وشيوخها ورجالها وفتياتها، كافة المؤامرة التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية، وخصوصا صفقة العصر - صفعة العصر، وكذلك داست كافة الحلول الوهمية البديلة عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وخصوصا مشروع دويلة وإمارة غزة، وأيضا نسفت كافة الأوهام الأمريكية والغربية والصهيونية لإلغاء حق العودة، ولإخراج القدس الشريف من دائرة الصراع، أو دائرة المفاوضات، والرسالة الأكثر أهمية التي توجهها هذه الانتفاضة الباسلة، هي رسالة لأطراف الانقسام الفلسطيني البغيض، أنَّه كفى انقساماً، ولابد من تحقيق وانجاز المصالحة الفلسطينية.. ولذلك في نظري، ورغم بشاعة ووحشية الإجرام والتوحش الصهيوني الذي يواجه المتظاهرين السلميين العزَّل الأبرياء بمنتهى القسوة والوحشية والبربرية، ورغم العدد الكبير جداً من الجرحى والشهداء، إلا أنَّ هذه الانتفاضة - الثورة ، تؤتي أُكُلُها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة