محررة البوابة مع مفتي الجمهورية
محررة البوابة مع مفتي الجمهورية


حوار| المفتي: لابد أن يكون الحج من مال حلال.. والحيض لا يؤثر على إحرام المرأة

إسراء كارم

الخميس، 01 أغسطس 2019 - 01:20 م

تستقبل المملكة العربية السعودية حجاج بيت الله الحرام، منذ ١٨ يوليو الماضي، وسط تنظيم أمني ورعاية كاملة من السلطات السعودية.. ومع الإقبال الكبير على السفر لأداء مناسك الحج، تكثر التساؤلات الخاصة بهذا التوقيت، والتي أجاب على أهمها مفتي جمهورية مصر العربية فضيلة العالم الدكتور شوقي علام، في حوار خاص مع «بوابة أخبار اليوم».

وإليكم نص الحوار..

- كيف يستحضر الحاج الروحانيات قبل الذهاب للحج؟

على الحاج أن يستعد لهذه الرحلة المباركة بالتوبة والاستغفار وأداء الحقوق إلى أصحابها قبل كل شئ، ثم يجعل حجه من مال حلال فلابد أن تكون أموال الحج "حلال" لأن الله طيبًا لا يقبل إلا طيبًا"، ثم يعقد الحاج النية لحج بيت الله الحرام وأداء الفريضة مخلصًا لله فلا يجعل في حجه رياء ولا سمعه.

وشعائر الحج ومناسكه كلها لها روحانيه كبيرة، ويجب أن تكون الأجواء كلها مهيئة للجو الإيماني لأداء الشعيرة وإشباع روحانيات المؤمن، فيبتعد الحاج عن الشحناء والبغضاء والجدال وفحش القول وغيرها من الأمور التي تلهي الحاج عن الاستمتاع بروحانيات الحج.

- ما هي الخطوات الصحيحة لأداء مناسك الحج؟

هناك عده خطوات على الحاج أن يتبعها ويؤديها خلال هذه الرحلة المباركة أولها الإلتزام بمواقيت الحج، فالإحرام بالحج له ميقات زماني وميقات مكاني:

فالميقات الزماني: من أول ليلة عيد الفطر في شوال إلى فجر يوم النحر، أي يجوز للمسلم أن يحرم بالحج من هذا الوقت، ويفوت الإحرام بالحج بعد فوات فجر يوم النحر.

أما الميقات المكاني: فيختلف بالنسبة لمن يقيم في مكة «أو داخل حدود الحرم» ومن يقيم خارج ذلك، وبيان ذلك: أن أهل مكة يحرمون منها.

ثانيًا: الإحرام وهو: نِيَّة أحد النسكين -الحجّ أو العمرة-، أو هما معًا، مفرِدًا، أو قارنًا، أو متمتعًا، وهو ركن من أركان الحج والعمرة، لا يصحان بدونه.

ثالثًا: الطواف، وهو عبادة يثاب عليها المسلم؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب أوالتطوع؛ قال تعالى: ? وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ? [الحج: 29]

رابعًا: السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط؛ تبدأ من الصفا، وتختم بالمروة، ويتشرط في السعي أن يكون بعد طواف؛ سواءٌ كان ركنًا أو واجبًا أو نفلًا.

خامسًا: المكث بمنى يوم التروية والمبيت بها ليلة عرفة، فيخرج الحاج يوم التروية «الثامن من ذي الحجة» إلى منى فيصلي الظهر بها، ويبيت بها ليلته، حتى يصلي الفجر؛ وذلك على سبيل الاستحباب لا الوجوب.

سادسًا: الوقوف بعرفة وهو ركن الحج الأكبر، والوقوف بعرفة يكون يوم التاسع من ذي الحجة، ولو لحظة، في أي جزء منها، ولو مارًّا، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع ويستمر وقت الوقوف إلى طلوع فجر يوم النحر «يوم العاشر من ذي الحجة».

سابعًا: الإفاضة إلى المزدلفة، حيث يتحرك الحاجّ من عرفة بعد غروب يوم التاسع حتى يصل إلى المزدلفة، ويجب المرور بالمزدلفة ولو لحظة عند بعض العلماء، ويسقط ذلك للعذر من غير فدية، فيصلي بالمزدلفة المغرب والعشاء جمع تأخير في وقت صلاة العشاء، ويتناول شيئًا من أكل أو شرب، ثم يبيت بالمزدلفة حتى يصلي الفجر بها، صباح يوم النحر «يوم العاشر من ذي الحجة»، ثم يرتحل من المزدلفة إلى المشعر الحرام، وإن لم يبت بها فلا شيء عليه على قول بعض الشافعية، وقول للإمام أحمد، وعند المالكية يكتفي الحاجّ بالمكث فيها بقدر ما يحط رحله ويجمع المغرب والعشاء.

ثامنًا: التحلل من الإحرام، والتحلل قسمان: التحلل الأول -أو الأصغر-: وتحل به محظورات الإحرام عدا النساء، ويحصل بالحلق عند الحنفية، وبالرمي عند المالكية والحنابلة، وبفعل شيئين من ثلاثةٍ مِن أعمال يوم النحر عند الشافعية «وهذه الثلاثة هي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة»

وللتحلل الثاني - أو الأكبر-: وتحل به كل محظورات الإحرام حتى النساء، ويحصل بطواف الإفاضة فقط بشرط الحلق عند الحنفية، وبالإفاضة مع السعي عند المالكية والحنابلة، وباستكمال الأعمال الثلاثة عند الشافعية.

تاسعًا: الهدي وهو اسم لما يُساق إلى الحرم تَقَرُّبًا، وإنما يجب على القارن والمتمتع، ولا يجب على المفرد إلا بفعل محظور أو تَرْكِ واجب. وهو كأضحية العيد؛ يشترط فيها أن لا يكون بها عيبٌ، أو مرضٌ، أو عورٌ وعرجٌ بيِّن.

ولا يجوز الأكل من الهدي إن كان واجبًا عليه بفعل محظور أو ترك واجب، وكذا إن نذر الهدي، أما إن كان الهدي متطوعًا به أو أضحية أو باعتباره من أنساك الحج -المتمتع والقارن- فلا مانع من الأكل منه.

أما عن محل ذبح الهَدْي: فالمُحْصَر يَذْبح في مكان إحصاره، وما عداه فالحرم كله محل للذبح، ولا يجزئ الذبح خارج الحرم، ولا يشترط أن يذبح الحاجّ هديه بنفسه، بل يجوز له أن يوكّل من يذبح عنه، أو يشتري صك الهدي.

عاشرًا: المبيت بمنى أيام التشريق حيث يعود الحاج يوم النحر «وهو اليوم العاشر» إلى منى ويبيت بها.

وفي أيام التشريق «من اليوم الحادي عشر من ذي الحجة إلى اليوم الثالث عشر» يبقى الحاج بمنى، حتى إذا زالت الشمس عن وسط السماء ظهرًا من أول أيام التشريق «اليوم الحادي عشر من ذي الحجة» ذهب إلى رمي الجمرات، ثم يبيت بمنى، حتى إذا زالت الشمس من اليوم الثاني من أيام التشريق «اليوم الثاني عشر من ذي الحجة» ذهب لرمي الجمرات أيضًا، علمًا بأنه يجوز الرمي في أي وقت من اليوم؛ سواء قبل الزوال أو بعده.

فإن تعجل واكتفى بيومين؛ نزل مكة بعد يومين فقط من رمي الجمرات، ولا يبقى إلى اليوم الثالث، وإن لم يتعجل؛ بات بمنى الليلة الثالثة، حتى إذا زالت الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق «اليوم الثالث عشر من ذي الحجة» ذهب لرمي الجمرات.

وإن ترك الحاج المبيت بمنى فلا شيء عليه على ما هو مذهب السادة الحنفية.

حادي عشر: طواف الوداع، وهو الطواف الذي يؤديه الآفاقي -أي الذي ليس من أهل مكّة-، قبل خروجه من الحرم إلى الديار، ويكون ذلك آخر عهده بالبيت، وهو سنة عند السادة المالكية وأحد قولي الإمام الشافعي.

- هل العجوز لا تحتاج إلى محرم؟ ولو كانت فتاة يتيمة ليس لها أخ وغير متزوجة.. هل يلزمها محرم؟

للمرأة أن تسافر إلى الحج أو أي غرض مشروع بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان في سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقات في شخصها أو دِينها؛ فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاريوغيره عن عَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال له: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ -أي المسافرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حَتَّى تَطُوفَ بالْكَعْبَةِ لَا تَخافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ»، وفي رواية الإمام أحمد: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ».

فمِن هذا الحديث برواياته أَخَذَ جماعةٌ من المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحدها إذا كانت آمنةً، وخصصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التي تُحَرِّم سفر المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهي محمولة على حالة انعدام الأمن التي كانت من لوازم سفر المرأة وحدها في العصور المتقدمة.

وقد أجاز جمهورُ الفقهاء للمرأة في حجِّ الفريضة أن تسافر بدون محرم إذا كانت مع نساء ثقات أو رفقة مأمونة؛ واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه، وقد أرسل معهنَّ عثمان بن عفان؛ ليحافظ عليهنَّ رضي الله عنه.

- هل يجوز الاستدانة من أجل الحج؟

لا يجب على المكلف الاقتراض للحج باتفاق الفقهاء؛ وإذا كان المكلَّف باقتراضه للحج سيُحَمِّل نفسَه أو مَن يعول فوق الطاقة ويعرض نفسه أو مَن يعول للفتن وما لا يقدرون على تحمّله فيترجح في حقه القولُ بالحرمة، أما إن كان تحصيل ما يَسُدّ به الدَّين سيُعَطِّله عن نوافل العبادات ومكارم الأخلاق ومعالي الأمور فيترجح في حقه القول بالكراهة، فإن لم يكن هذا ولا ذاك وكان يغلب على ظنه السداد بلا ضررٍ عليه وعلى مَن يعول جاز له القرض بلا حرمة ولا كراهة.

وعلى كل حال ومع اختلاف الحكم الشرعي باختلاف حال المقترض: فإن الذي يحج من مالٍ اقترضه يكون له ثواب الحج بإذن الله تعالى، وتسقط عنه الفريضة إن كانت حجته هي حجة الإسلام.

- ماذا تفعل المرأة إذا نزل عليها الدم أثناء الحج؟

الحيض أو النفاس لا يؤثران على إحرام المرأة أثناء الحج، فالمرأة تبقى مُحرمة إذا أصابها الحيض أو النفاس وتتجنب محظورات الإحرام، ولكنها لا تطوف بالبيت حتى تطهُر من الحيض أو النِّفاس وتغتسل منهما.

فإذا حاضت الحاجّة قبل طوافها الإفاضة، أو المعتمرة عمرةً مستقلة قبل طواف عمرتها، فإن لها أن تتحين وقت انقطاع دمها خلال الحيض أو تأخذ دواءً يمنع نزول الدم بما يسع زمن الطواف، ثم تغتسل وتطوف في فترة النقاء؛ أخذًا بقول التلفيق الذي يجعل النقاء بين الدمين في الحيض طهرًا؛ كما هو مذهب المالكية والحنابلة وقولٌ للشافعية، فإن لم تفعل ولم ينقطع دمها، ولم يمكنها الانتظار حتى تطهر؛ لعذر من الأعذار التي لا مناص منها، فالأحوط لها؛ كما يقول الشافعية، والذي يقتضيه يسر الشريعة؛ كما يقول المالكية، وهو الذي عليه العمل والفتوى: أن تقلد الحنفية في القول بصحة طواف الحائض؛ فيجوز لها حينئذٍ أن تُقْدِمَ على الطواف وتهجم عليه بعد أن تشد على نفسها ما تأمن به مِن تلويث الحرم، ولا إثم عليها؛ لأنها معذورة بما لا يدَ لها فيه ولا اختيار.

ويستحبُّ لها أن تذبح بدنة؛ خروجًا من خلاف مَن أوجبها مِن الحنفية، وإلّا فلتذبح شاة؛ كما هو عند الحنابلة في رواية، فإن شق عليها ذلك فلا حرج عليها ألّا تذبح أصلًا؛ أخذًا بما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها وجماعة من السلف، واختاره مَن قال مِن الفقهاء إن الطهارة للطواف سُنّة، أو هو واجب تسقط المؤاخذة به عند العذر، وهو رواية عن الإمام أحمد أفتى بها جمعٌ مِن أهل مذهبه.

ووقوف المرأة الحائض بعرفات جائز ولا شئ عليها، لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة عائشة «افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، وعن عائشة قالت : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر يأمر بأن تغتسل وتهل، فالحائض والنفساء تفعل كما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ويستحب الاغتسال قبل الوقوف بعرفة.

- هل الزواج أفضل أم الذهاب للحج؟

فالأصل أن يقدم الحج على الزواج؛ لأن الحجَّ فرض، والزواج سنة، وقد يكون الزواج فرضا في بعض الأحوال، وعليه: فنقول للسائل الكريم إذا خفت على ابنتك من ضياع، فرصة الزواج، أو كان من يتقدم لابنته شاب رضيت منه الخلق والدين، وكانت هناك ضرورة للزواج، فحينئذ يجوز تقديم الزواج على الحج. 

وإذا ما توافر عند الإنسان المسلم الزاد وأمن الطريق والقدرة البدنية فإنه يجب عليه المسارعة لأداء فريضة الحج، لأنه لا يدري ماذا يكون غدًا.

- ما هي أبرز الأخطاء التي يغفل عنها الحجاج؟

متى صار المسلمُ محرِمًا فلا يفعل بل ولا يقترب مما صار مُحَرَّمًا عليه بهذا الإحرام؛ وهو: تغطية الرأس، وحلق الشعر أو شدُّه من أي جزء من الجسد، ولا يقصُّ الأظافر، ولا يستخدم الطيب والروائح العطرية، ولا يخالط زوجته أو يفعل معها دواعي المخالطة؛ كاللمس والتقبيل بشهوة، ولا يلبس المخيط المحيط «المفصل على أي عضو من أعضاء الجسم»، ولا يتعرض لصيد البر الوحشي ولا لشجر الحرم.

ومن بين الأخطاء التى تقع فيها المرأة أثناء الحج، حرص بعض النساء على ارتداء القفازين أثناء الإحرام أو بعده.

فإحرام المرأة يكون فى كفيها ووجهها فبعد أن تُحرم المرأة لبيك اللهم بعمرة متمتعة الى الحج أو لبيك اللهم بحجة غير مسموح لها أن ترتدي شئيًا فى كفيها أو أن تغطي وجهها.

- ما هي نصائحكم للحجاج؟

أوصي جميعَ الحجاج وضيوف الرحمن المصريين بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يحفظ مصر وشعبها الكريم من كل سوء، وطالبهم بالالتزام بالقواعد والضوابط التي وضعتها سلطات المملكة العربية السعودية لإنجاح موسم الحج.

كما أوصيهم بضرورة الالتزام بالوصايا الشرعية، وعدم الوقوع في المخالفات والممارسات الخاطئة التي يتهاون بها الكثير، والمتمثلة في التخلف وعدم الالتزام بمواعيد العودة، ولوائح تحديد أعداد الحجيج التي جاءت للمصلحة العامة، حفاظًا على سلامة الحجاج وتيسير أدائهم للمناسك في سهولة ويسر.

هذه الأيام أيام غفران ورحمة فيجب ألا تضيع سدًى، مبشرًا حجيج بيت الله أن الله لن يُضل عبدًا التمس رضاه، ومؤكدًا أن تقوى الله خير زاد.

كما أدعوهم إلى مراعاة الالتفات إلى ما أقره مجمع البحوث الإسلامية، وأفتت به دار الإفتاء المصرية منذ سنوات من جواز رمي الجمرات طوال اليوم تخفيفًا على الحجاج خاصةً في حالات الزحام الشديد في هذا الزمان، مؤكدًا أن المشقة تجلب التيسير.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة