الكاتب الصحفي كرم جبر - رئيس الهيئة الوطنية للصحافة
الكاتب الصحفي كرم جبر - رئيس الهيئة الوطنية للصحافة


إنها مصر

كرم جبر يكتب: وكانت القاهرة جنة البساتين!

كرم جبر

الأحد، 18 أغسطس 2019 - 10:31 م

نصف مشاكلنا صنعها حكام وحكومات فى عهود سابقة، تركوا التعديات تغتال الأراضى الزراعية، وعندما ضاق بنا الحال، كانت زراعة الصحراء هى المنقذ، مع أنه من المفترض أن يحدث العكس.. نعمِّر الصحراء ونترك الأراضى الخضراء.


لو تركنا القاهرة تنعم بحدائقها وبساتينها، لكانت قادرة على إطعام سكانها ومحافظات الوجه البحرى الشهد، ولكن خنقتها العشوائيات، ودمر الغزو البشرى المراعى والحقول.


القاهرة كما يصفها المؤرخون فى عصور سابقة، كانت عظيمة وفخيمة، مناظرها عالية ومياهها جارية، وتحوطها الأشجار النضرة والأزهار والرياحين العطرة، والفواكه التى أغلبها من الحوامض.


< < <


فى المدارس كانوا يقولون لنا فى حصة التاريخ، إن الإنجليز اخترعوا أكذوبة أن مصر دولة زراعية ولا تصلح للصناعة، فكرهنا الإنجليز والزراعة، وأصبحت عدوة الشعب وحبيبة الاستعمار.


واستمر التدهور حتى جاء وقت نستورد كل شيء.. الفول والعدس والذرة والقمح والشعير والسمسم والفواكه والخضراوات، مع أن النيل يجرى فى البلاد من أقصاها إلى أقصاها.


ما شكل بلدنا لو فعلنا مثل الدول المحترمة، وجعلنا الصحراء لبناء المدن والمساكن، والأراضى الزراعية لإنتاج الطعام والغذاء؟
لم نفعل.. وعشنا فى فزاعة الفجوة الغذائية، وارتبطت لقمة العيش بالاستيراد، و8 مليارات دولار تتحملها موازنة الدولة سنوياً لشراء الفول والعدس والذرة وزيت الطعام من الخارج.


< < <


لا أنسى أبداً البلدوزرات الهمجية التى اجتاحت مدينتنا فى الستينات ونحن صغار، واغتالت الأشجار وردمت الترعة التى كانت تشق المدينة، لوضع أعمدة الإنارة ورصف الطريق، وكان يمكن أن يفعلوا ذلك دون تخريب، وأصبحت الآن عشوائيات فى عشوائيات، ولا تجد موضع قدم من التوك توك.


الفدان الذى يتم استصلاحه فى الأراضى الصحراوية، يتكلف أكثر من 250 ألف جنيه، ويحتاج عشر سنوات حتى يبدأ الإنتاج المعقول، ولم يكن هناك بديل سوى أن تتجه الدولة إلى الصحراء، لعلاج آثار الاعتداءات الهمجية على ثروات البلاد من الأراضى الزراعية.


< < <


الصوبات الزراعية فى قاعدة محمد نجيب التى افتتحها الرئيس منذ يومين، نموذج للجهود الخارقة التى تبذلها القوات المسلحة، لحماية أمن البلاد القومى، والدفاع عن لقمة العيش.


لم تكن صوبات بالمعنى التقليدى، وإنما بيوت زراعية الواحد من 3 إلى عشرة أفدنة، وفدان الصوبات ينتج ما يعادل عشرة أفدنة، والصوبات التى افتتحتها الدولة فى الشهور الأخيرة، توفر احتياجات ربع السكان، 25 مليون مصرى من الخضر والفواكه.


لو لم يحدث ذلك لأصبحت الأسعار عشرة أضعاف، وجربناه عندما وصل سعر كيلو البطاطس إلى 15 و20 جنيهاً، وهى غذاء شعبى، وضربت الطماطم أرقاما قياسية.


الدولة لم تتدخل إلا من أجل الناس، ولمساعدة المنتجين والقطاع الخاص فى تغطية الاحتياجات الضرورية، بدلاً من فتح أبواب الاستيراد على مصراعيها، وحدوث أزمات خانقة لا يمكن تجنبها.


شكراً لكل من يزرع عوداً أخضر، ولتقطع أيادى من يدمرون قوت الناس.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة