حكاية «إسطبل عنتر».. وأسرار «جبخانة محمد علي» ومدافع صلاح الدين
حكاية «إسطبل عنتر».. وأسرار «جبخانة محمد علي» ومدافع صلاح الدين


صور| حكاية «إسطبل عنتر».. وأسرار «جبخانة محمد علي» ومدافع صلاح الدين

أسامة حمدي

الثلاثاء، 27 أغسطس 2019 - 05:23 م

- محمد علي أنشأ «جبخانة» للذخيرة والبارود بـ«إسطبل عنتر».. وعنترة بن شداد لم يسكنها

- صلاح الدين كان يضع مدافعه بالمنطقة.. وسُميت بـ«الهجانة» لأن «عساكر» أقامت بها

- مشروع لتطوير «جبخانة محمد علي» وتحويلها لمزار أثري.. وسور مجرى العيون يشكو الإهمال

- نقل عشوائيات «إسطبل عنتر» لـ«الأسمرات».. ودراسة: المنطقة قِبلة تجار الأعضاء البشرية

 

بضع دقائق سيرا على الأقدام من محطة مترو الزهراء، لتصل منطقة «إسطبل عنتر» بمنطقة مصر القديمة أعلى سفح جبل المقطم بالقاهرة، إحدى أشهر المناطق العشوائية في مصر والتي زارتها «بوابة أخبار اليوم» ورصدت عملية إخلاء الدولة للعشوائيات بها وتعويض سكانها بوحدات سكنية في مشروع الأسمرات بالمقطم.

 

لكن هل فكرت من قبل في سبب تسمية «إسطبل عنتر» بهذا الاسم؟.. وما الآثار التي تحتويها تلك المنطقة العشوائية؟

 

سألنا الناس في «إسطبل عنتر» عن سبب تسمية المنطقة، فجاءت ردودهم أن عنترة بن شداد قد أنشأ إسطبلا لخيوله فيها، والبعض يرى أن سبب التسمية يعود لأن فيلم عنترة تم تصوير في المنطقة، والحقيقة أن جميع المورخين ينفون مجيء عنترة بن شداد للمنطقة وإقامته إسطبلا بها.

 

والحقيقة أن المنطقة في الأساس تُسمى بعزبة «الهجانة» أو «الجبخانة» أي مخزن السلاح والذخيرة، وتاريخيا ثبت أن صلاح الدين الأيوبي كان يضع مدافعه وذخيرته في هذه المنطقة، كما أنها كانت مصنعًا للبارود في عهد محمد علي ومقرا لذخيرته، كما كان يسكن المنطقة «عساكر» في فترات تاريخية لذلك سُميت بـ«الهجانة»، ولعل سبب تسميتها يعود لإسطبل عسكري قديم.

«جبخانة محمد علي»

بالقرب من «إسطبل عنتر» في منطقة «عزبة خيرالله» توجد «جبخانة محمد علي»، والتي تعتبر من الآثار القليلة الموجودة في العالم من ذلك النوع، حيث كانت تستخدم كمخزن للسلاح بعدما انفجر مخزن السلاح الذي يقع في القلعة لمرتين، ومن هنا قرر محمد على باشا إنشاء مبنى مماثل في صحراء مصر، بعيدا عن القلعة، لمنع وقوع خسائر قد تحدث للمرة الثالثة، مع توفير حماية له بـ4 أسوار عالية، واجتهد محمد علي بإنشائه بعيدا عن التجمعات السكانية في تلك الفترة، لكن مع الإهمال تحولت من مخزن للسلاح إلي مقلب قمامة ومرتعا للكلاب الضالة!

 

واعتمد بناء «الجبخانة» قديماً على بناء سور خارجي، حيث تتواجد بالمكان بعض الغرف خارج مبنى الجبخانة، تتصل ببعضها عن طريق ممر منخفض عن سطح الأرض، ويبلغ طول هذا الأثر حوالي 180 متراً، وعرضه حوالي 115 متراً، ويتوسطه فناء واسع، كما أن بها آبار ماء للتبريد ولتقليل درجة حرارة المكان، وصممت النوافذ والغرف لمنع نفوذ حرارة الشمس مع نفوذ الضوء الكافي، وذلك لتجنب اشتعال بارود المخزن، وكانت الآبار عبارة عن ممرات تحت الأرض اسمها (صهريج) ممتلئة بالمياه.

 

واكتسبت «جبخانة» محمد علي أهميتها التاريخية، منذ إنشائها في العام 1829، وهي مصطلح تركي أطلقه الأتراك على الأماكن التي كانت تستخدم لحفظ العتاد الحربي وتستعد فيها الجيوش للمعارك الحربية.

 

والمبنى كانت تشغله وحدات من الخيالة مما حقق له شيء من التأمين، حتى تركته الخيالة وظل في حماية فرد أمن واحد من الآثار، ومع وقوعه في منطقة عشوائية تنتشر بها ورش الخشب والمعادن تعرض الأثر لسرقة الأقفال والجنازير التي وفرتها "الآثار"، والتعدي على الأثر من الخارجين على القانون، فكانت النتيجة أن يصل  إلى حالة من التردي.

 

تطوير «الجبخانة»

وأعلنت وزارة الآثار عن خطة لترميم وصيانة الأثر، ولكن العقبة الأساسية في عدم توافر الاعتمادات المالية، حتى قررت محافظة القاهرة القيام بمشروع تطوير للمنطقة بما فيها الجبخانة الأثرية.

ويمول المشروع بـ25 مليون جنيه، من صندوق تطوير العشوائيات بمحافظة القاهرة، ويشمل عمل كوبري من المحور للمنطقة مما يسهل الوصول إليها، حيث تقع المنطقة بين القلعة والهرم مما يسهل الربط بين هذه المناطق وسهولة زيارتها بعد وضعها على الخريطة السياحية، كما سيتم عمل مركز للحرف التراثية واليدوية، ومركز شباب، ومسجد وإبعاد كافة الورش عن حرم الأثر.

 

أما عن «الجبخانة» نفسها فقد تم وضع بروتوكول تعاون مع المحافظة على أن يتم عمل مرحلة أولى لترميم الأرضيات وتوفير الإضاءات اللازمة، ومن الممكن أن تشمل هذه المرحلة التعامل على الجدران، ويلي ذلك مشروع تكميلي من الآثار لاستكمال أعمال الترميم وتهيئة الأثر للزيارة.

 

وهذا المشروع سيلحق به مشروع آخر، وهو عبارة عن كوبري ربط بين منطقة الجبخانة ومتحف الحضارة بالطريق الدائري والمتحف الكبير، وسيتم الانتهاء من المشروع في غضون عامين  لتستعيد منطقة الجبخانة الأثرية رونقها وما تستحق من اهتمام وعناية.

 

عشوائيات «إسطبل عنتر»

المنطقة منذ نشأتها في القرن العشرين أصبحت من أخطر المناطق السكنية العشوائية في مصر، لأنها بنيت بشكل مدرج من أسفل إلى أعلى الجبل غير المستقر جيولوجياً. وقامت الدولة، مؤخرا، بنقل سكانها وهدم العشوائيات وتوفير وحدات سكنية لهم في منطقة الأسمرات.

سور مجرى العيون

أيضا من أبرز المناطق الآثرية في «إسطبل عنتر» بقايا سور مجرى العيون، والتي أنشأها صلاح الدين، وأعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناءها كاملة على مرحلتين، وقد أنشأ خلالهما أربع سواق على النيل بفم الخليج لرفع الماء من خليج صغير عند حائط الرصد الذي يعرف اليوم باسم «إسطبل عنتر» تجاه مسجد أثر النبي، إلا أنه يعاني الإهمال أيضا.

تجارة الأعضاء البشرية

في مايو 2012، أكدت إحدى الدراسات التي نشرت بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن منطقتي «إسطبل عنتر» ومنشية ناصر بالقاهرة، مناطق أساسية مستهدفة من قبل عصابات الاتجار بالبشر، وأن منطقة «الحسينية وعزبة الشحاتين» بمحافظة الدقهلية، و«أبو هلال والسلخانة» بمحافظة المنيا، من أكثر المناطق المعرضة للاستهداف بالأقاليم من قبل نفس العصابات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة