محمد درويش
محمد درويش


نقطة فى بحر

الصامولة.. فكِّت

بوابة أخبار اليوم

السبت، 07 سبتمبر 2019 - 06:07 م

محمد درويش

فى الأثر أن رجلا ذا شيبة وفى سماته الهيبة والوقار دخل على الإمام الشافعى فى حلقة للدرس وكان الإمام قد مد رجليه وهو وسط تلاميذه، استحى من الرجل وقام بسحب ساقيه وضمهما معا.
سأل الرجل سؤالا غثا لا يليق بمن هو فى عمره أو سمت الوقار الذى يبدو عليه وهنا أدرك الإمام أن الرجل لا يستحق الإجلال الذى استقبله به فقال مقولته الشهيرة التى صارت مثلا لنموذج حالة الرجل.
«آن للشافعى أن يمد رجليه».
تذكرت هذه الحكاية فى حوار مع الزميل أحمد عباس أحد الشباب النابه من صحفيى الأخبار وهو يصف موقف رجل غزا الشيب مفرقه ويبدو على وجهه سمات الوقار وتلخص وصف الزميل فى كلمتين:
«أصلها نعمت قوى».
فوجئت بهذا الوصف ولكى أبدد دهشتى سألته:
يعنى إيه؟
أجاب: هل تسمع عن صواميل المخ، ألم تشارك فى مواقف كثيرة يصف بها شخصا سواء كان من يصفه رجلا أو سيدة أو حتى شابا بأن «صواميل دماغه فكت» هذا الفك سببه نعومة الصامولة التى لم يعد يجدى معها أى مفتاح ميكانيكى لإعادة ربطها وتثبيتها فى مكانها.
انتهى الحوار مع الزميل وجالت بخاطرى مواقف عديدة كنت أبحث فيها عن تفسير لما قاله أو فعله «رجل كبارة» ويتنافى مع المنطق وأيضا مع الحق والعدل.
تذكرت ما قاله علماء النفس بأن الإنسان بعد السبعين عندما يصحو من نومه يظل فى سريره عدة ثوان وربما أكثر من دقيقة ليتذكر فيها أين مكان الحمام فى بيته الذى يقطنه منذ سنوات. وهو بداية حل الصامولة.
تذكرت بعضا ممن أوتوا حسن البيان وقدرتهم على اللحن فى القول ليصبح شكل ما يقولونه لا يتسرب منه الماء رغم أنه فى مضمونه بعيد تماما عن قيم الحق والعدل والخير.
تذكرت قوله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».
تذكرت من يستطيع أن يأخذ بسيف الحياء ما لا حق له فيه ولكنه بحسن البيان ولحن القول يستطيع أن يحصل منك على ما يريد وكأنك فى حالة تخدير لا تعى ولا تستطيع أن تقاومه.
وختاما لا نملك أمام هؤلاء الذين نعمت صواميل أمخاخهم إلا الصبر ودعاء  إلى الله لهم بالهداية ودعاء لنا بأن يثبت الله صواميلنا التى فى أدمغتنا ويقينا شر اللحن فى القول والأدمغة التى هوت صواميلها وصارت ناعمة على الآخر.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة