«المواعدة» على  فيسبوك.. «خاطبة مودرن» أم علاقات مزيفة؟- صورة تعبيرية
«المواعدة» على  فيسبوك.. «خاطبة مودرن» أم علاقات مزيفة؟- صورة تعبيرية


«المواعدة» على  فيسبوك.. «خاطبة مودرن» أم علاقات مزيفة؟

أسامة حمدي

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019 - 03:46 م

- «فيسبوك» يطلق خدمة «secret crush» للمعجب السري.. وتعميمها قريبا

- «عبدالله»: حب وزواج محكوم عليه بالفشل.. ويشجع على النصب والخداع

-«عبدالحميد»: نهايات مأساوية لضحايا الحب الإلكتروني.. وتلاعب بأحلام المراهقات

- خبيرة علم نفس: تزيد نسب الطلاق والزواج العرفي.. وهذا دور الأسرة والإعلام

 

أثار إعلان «فيسبوك»، مؤخرا، عن ميزة جديدة يضيفها مطلع العام القادم، تُسمى «مواعدة فيسبوك- Facebook Dating» بهدف المواعدة بسرية تامة أو البحث عن الحب الحقيقي أو شريك الحياة، ومن غير معرفة الأصدقاء الموجودين على حساب فيسبوك، وتقوم الخاصية الجديدة على أن يضيف المستخدم 9 أشخاص معجب بهم بشكل سري إلى قائمة «secret crush» لتظهر له منشوراتهم على حائطه دون علمهم، ومباشرة بعد إضافة أي معجب سري يقوم فيسبوك بإرسال تنبيه إليه يخبره بأن أحد الأشخاص أضافة إلى لائحته لكن دون كشف اسمه أو تفاصيله.

وفي حالة قيام المعجب السري بإضافة الشخص نفسه إلى لائحته هو الأخر فإن فيسبوك آنذاك سيكشف اسمي الطرفين ويخبرهما أنهما تطابقا وأنهما معجبان ببعضهما البعض ليتيح لهما التواصل فيما بينهما.

«الموقع الأزرق» أطلقها خدمة مجانية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك أصبحت هذه الميزة موجودة في 19 دولة في أمريكا الجنوبية وآسيا، وسيطرح هذه الخاصية خلال الأيام المقبلة بشكل مبدئي في أكثر من 14 دولة؛ أبرزها كولومبيا وكندا وتايلاند والأرجنتين وبعض دول آسيا وأن تعميمها سيتم بعد ذلك.

وتعمل الخدمة على تقريب الأشخاص المتشابهين في الاهتمامات من بعضهم. ويمكن من خلال الخاصية الجديدة إنشاء حساب خاص بالمواعدة منفصل عن الحساب الأساسي لفيسبوك، ما يتيح للشخص فرصة البحث عن شريك، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم كونهم أصدقاء على فيسبوك، والتواصل بين شخصين لن ينجح إلا إذا أراد الطرفان ذلك.

مُستخدمي الخاصية الجديدة لن يتمكنوا في البداية، من تبادل الصور أو مقاطع فيديو أو روابط. من جهته أعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، أن المواعدة "يجب أن تكون حول بناء علاقات حقيقية طويلة الأمد، وليس مغامرات سريعة".

وتأتي هذه الخطوة بعد تعرض فيسبوك منذ أكثر من عام لانتقادات شديدة بسبب إجراءات وصول البيانات الشخصية لطرف ثالث، وكانت فضيحة كامبريدج أناليتيكا، التي اخترقت فيها بيانات شخصية لـ87 مليون مستخدم، أثارت موجة غضب لدى المستخدمين. ولكن شركة فيسبوك تقول إن من انتهك معايير الاستخدام من خلال حسابه، أو الذي يُعتبر مشتبه به، لن يكون قادرا على استخدام ميزة المواعدة Dating.

وأعلنت فيسبوك أن العثور على شريك الحب أمر شخصي للغاية. لهذا السبب تأكدنا من أن التواصل بين الطرفين يتم بشكل سري. الأمن والخصوصية هما أهم الأشياء في المنتج الجديد، كما يستطيع المستخدمون الإبلاغ عن الآخرين وحظرهم، ويتمكن مستخدمو «انستجرام» أيضا من دمج منشوراتهم مباشرةً في ملفهم الشخصي في "فيسبوك داتينغ" وإمكانية إضافة قصص وتدوينات فيسبوك وإنستغرام معا إلى ملف تعريف المواعدة.

في هذا السياق، ناقشت «بوابة أخبار اليوم» الخبراء حول هذه الخاصية الجديدة، وتأثيرها على المجتمع، وخطورتها، وعيوب التعارف والزواج على «السوشيال ميديا»، وماذا لو حدث تسريب لبيانات المستخدمين في ظل هذه الخاصية، وهل يمكن أن يحدث حب حقيقي في الواقع الافتراضي.

الحب والزواج الإلكتروني

في البداية تقول الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إن الزواج يحتاج إلى أسس ومبادئ حتى يستمر، وليس من الصحيح أن يبدأ بالحب الإلكتروني والتعارف، فهو زواج محكوم عليه بالفشل لأن الزوجين يصطدموا بالواقع بعد الوصول للنهاية والإشباع من الطرف الآخر وامتلاكه.

وتابعت د. "إيمان"، حديثها لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن «مارك» يطبق خدمة التعارف والزواج عن طريق «تطبيق إلكتروني» فهل رشح نفسه أن يصبح "خاطبة" يوفق رأسين في الحلال؟ وبدلا من أن ابن الحلال يدخل من الباب يدخل عبر شبكات التواصل من خلف الشاشات! واصفة تلك الخطوة بـ"البدعة" وليس إبداعًا.

وذكرت أن الزواج عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي يعد انهيار كامل لقيم وعادات المجتمع ويشكل خطورة كبيرة على المراهقين الذين يبحثون عن الحب والتعارف فيقعون ضحايا لزواج الخداع والنصب، موضحة أنه أصبح سوق لتجارة الجنس ولا يمت لقواعد الزواج وأصوله وشرعيته في شيء.

وأكدت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، أن الزواج الإلكتروني هو ملاذ من لا حيلة لهم فكريا وثقافيا، ويمارس التعارف والزواج بعيد عن أعين الأسرة والأهل، ويتعرضون للفضائح بسبب المعلومات والصور والحوارات والدردشة المتبادلة، منوهة إلى أن تلك الميزة لا فرق بينها وبين تطبيقات تعارف أخرى ظهرت حديثا.

واستنكرت الخاصية الجديدة التي تشجع على التعارف، متساءلة أين "مارك" حين يخترق حساب الآخرين؟ والسرقات والجرائم عبر الفيسبوك؟ فإدعاء السرية والأمن والأمان في الخاصية الجديدة غير مؤكدة.

وأضافت د. "عبدالله"، أن الثقة تنعدم بسبب المنحرفين أخلاقيا والمبتذين وراغبين التسلية وقضاء وقت الفراغ والهروب من الزوجة والأولاد عبر الفيسبوك، موضحة أن الفتيات والأرامل والمطلقات ينظرون لهذه النوعية من التطبيقات أنها قد تتيح لهم الوصول إلى الشريك المناسب وأنها وسيلة سهلة للتعارف فيحدث ما لا يُحمد عقباه!

وأشارت إلى أن تلك التطبيقات شجعت المتزوجين على الطلاق أو البحث عن زوجه أخري، ومن تزوجوا عن طريق الإنترنت انتهت حياتهم بالطلاق.

ولفتت إلى أن الحب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي غير حقيقي، ولكن الحب الصادق الحقيقي يأتي عن طريق التفاعل والمواقف وبعد شهور عديدة من التعارف وليس عن طريق الشبكات الوهمية.

وحذرت من أن تلك التطبيقات قد تتسبب مستقبلا في زيادة نسب الطلاق والزواج العرفي وزواج القاصرات وزواج المتعة والزواج من أجنبيات، وقد تقع ضحايا بسبب المعلومات التي تكتب في التطبيق مضللة والصور الشخصية مزيفة أو غير الشكل الحقيقي فيحدث النفور والبغض والطلاق، فضلا عن انتهاك الخصوصية من قبل "الهاكرز".

ووصفت "عبدالله"، انهيار التقاليد والعادات الخاصة بأشكال الزواج في المجتمع العربي بسبب الاهتمام بالتكنولوجيا على حساب الدين والقيم والأخلاق، وانتشار التفكك الأسرى  والفجوة المجتمعية التي أحدثتها وسائل التواصل وباعدت بين أفراد المجتمع فانخفض التفاعل الاجتماعي بين أفراده وأصبحوا في عزلة اجتماعية وانتشروا عبر التواصل الوهمي عما يشبع رغباتهم العاطفية وغيرها.

ولفتت إلى أن استخدام الوسائل الإلكترونية بهدف الزواج يعد باب للشيطان وليس ابن الحلال، ويُنهي قدسيه الزواج بميثاقه الغليظ وانهيار شروط الزواج وقواعده وأسسه وهو أقل نجاحا من الزواج التقليدي الحقيقي.

وأضافت أن انحراف وخلل في قيم المجتمع دون الرجوع للأهل والشرع واقتحام للخصوصية ونشر ثقافة العولمة بشكلها السلبي الذي يهدد أمن وسلام المجتمع، ونجاح تلك التجارب في الغرب لا يعتبر مقياسا صحيحا يعتد به، ويضرب بجميع النسق المجتمعية واختلال الأدوار فهو غزو فكري ممنهج يحتاج إلى وعي وثقافة حتى نحد من انتشاره واستخدامه.

وأشارت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إلى أن أهمية دور الأسرة في التوعية والمراقبة والحوار مع الأبناء وحمايتهم من مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدة على أهمية شعور الأبناء بالحب والحنان ومشاركتهم الأوقات لتقوية الترابط الأسري والانتماء في نفوس الأبناء.

وشدد على أهمية دور الإعلام صاحب التأثير الأكبر لدى الجمهور لنشر الوعي بمخاطر تلك التطبيقات سواء القديمة منها والمستحدث لتأصيل القيم والعادات الحميدة ونبذ ما هو ضار منها، مؤكدة على زيادة الوازع الديني وشغل الفراغ بالمهارات الاجتماعية والهوايات والتثقيف.

«خاطبة مودرن»

أما الدكتورة اعتماد عبدالحميد، خبيرة علم الاجتماع والعلاقات الزوجية، فتقول إن الخاصية الجديدة للفيسبوك سيقوم بلعب دور "الخاطبة" وهي متوفرة قديما فما الجديد في تلك الخاصية؟!

وحذرت من مخاطر الخاصية الجديدة لأنها يمكن أن تستغل للتلاعب بالفتيات واستغلالهم والتلاعب بمشاعر المراهقات، مؤكدة أن الزواج الإلكتروني يفشل بسبب اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد والدين أيضا.

وأوضحت "عبدالحميد"، أن زيجات التواصل الاجتماعي فشلت، وكثير من الفتيات سافرن إلى دول أجنبية بحلم "عريس" من أمريكا أو أوربا وفشلوا ومنهن من أدمنت أو تسولت أو تم استغلالها، مشيرة إلى أن العلاقات في ظل العالم الافتراضي "وهمية" وغير معروف أهدافها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة