محمد رمضان في مشهد من كليب السلطان
محمد رمضان في مشهد من كليب السلطان


«السلطان» .. عندما تتحول الأغنية إلى «مشروع دعائي» مُضلل

مصطفى حمدي

الإثنين، 28 أكتوبر 2019 - 03:19 م

ما المعيار الأدق لقياس نجاح أي مطرب ؟

هل هو عدد مبيعات الاسطوانات ؟ أم عدد الحفلات التي يحييها، وعدد الحضور الجماهيري فيها ؟

هل هو عدد المشاهدات عبر منصات الاستماع الرقمية المختلفة ؟ أم تصدر "تريند" السوشيال ميديا لفترة زمنية محددة ؟

إذن باعتبار كل ماسبق وسائل مناسبة لقياس النجاح والجماهيرية، هل هذه الوسائل قادرة على مد الخط الزمني لهذا النجاح كي نطلق على صاحبه لقب "رقم واحد"، بمعنى أدق هل طبيعة الوسائط الناقلة للمنتج الموسيقي الأن تضمن لشخص ما البقاء على القمة طوال الوقت بهذه المقاييس بعيدًا عن الاعتبارات الفنية الحقيقية والتي يأتي على رأسها قيمة الأغنية ومدى تأثيرا واستمرارها في وجدان الجمهور !

كل هذه الأسئلة تطرح نفسها دائمًا كلما بادر محمد رمضان بطرح أغنية جديدة، وبالطبع آخرها أغنية "السلطان" التي طرحها من أيام قليلة واقتربت مشاهداتها حتى كتابة هذه السطور من ثلاثة ملايين مشاهدة عبر موقع "يوتيوب" .

فنيًا لا جديد يمكن قوله أو كتابته عن "السلطان" ، فهي نسخة جديدة من أغنيات سابقة يمكن تصنيفها تحت مسمى أغاني "الدستراك" التي كان مغنو الراب يهجون فيها بعضهم البعض، ولكن بنظرة دقيقة لما يقدمه رمضان على مستوى الغناء بداية من "نمبر وان" ، مرورا بـ "الملك" ، "مافيا" ، و"بابا" سنجد أنه استحدث نوعًا جديدًا من الغناء يمكن تسميته بالـ"إيجو تراك" ، وهو الغناء للذات المتضخمة بشكل دعائي "مُضلل" ، نعم مُضلل، فاصرار محمد رمضان على ترسيخ كونه الأول في الوعي الجمعي لدى الجمهور ما هو إلا نوعًا من الدعاية المُضللة باستخدام الغناء، صحيح أن رمضان نجم وله شعبية طاغية لا يمكن انكارها ، و لكن في نفس الوقت لا أظن أنه لديه مشروع غنائي موسيقي حقيقي، بل يرى الأغنية مجرد وسيلة أسرع للترويج لمشروعه الدعائي القائم على منح نفسه الألقاب مثل "نمبر وان" ، "الاسطورة" ، "الملك" ، " السلطان" ، وقريبًا " البرنس" .

لاشك أن اتجاه رمضان للأغنية كان ذكيًا وأكثر ملائمة لهذا المشروع الدعائي غير الفني، ففي السينما لم يتمكن رمضان من احتلال الصدارة إلا في فترة غياب نجوم الشباك الكبار خلال السنوات التالية لعام 2011 ، تربع رمضان على عرش الايرادات مع تصديره صورة جديدة للبطل مثل "عبده موته" ، و"قلب الأسد"، لن أكرر كلامًا قيل كثيرًا عن أسباب هذا النجاح في ظل فوضى حقيقية سيطرت على الشارع المصري، ثم عاد أحمد السقا وكريم عبد العزيز وأحمد عز وانضم لهم أمير كرارة لتتغير معايير النجاح في شباك تذاكر السينما ويتوارى اسم رمضان الذي لم يعد "نمبر وان" في الايرادات، بدليل أن نجم مخضرم مثل كريم عبد العزيز جمع في عام واحد فقط ما يقرب من 170 مليون جنيهًا كإيرادات عن فيلمي "نادي الرجال السري" و " الفيل الأزرق 3 " الذي حقق بمفرده أعلى إيراد في تاريخ السينما المصرية.

على صعيد الدراما لم ينل رمضان ردود أفعال كبيرة وإيجابية على \مسلسلي "نسر الصعيد" ، و "زلزال" ، مقارنة بالنجاح الجماهيري الكبير لمسلسله "الأسطورة"، وذلك بالتزامن مع صعود أسهم أمير كرارة في مسلسل "كلبش" بأجزائه الثلاثة ليقدم صورة مغايرة و "إيجابية" للبطل الشعبي لاقت قبولًا حقيقيًا على الصعيد الجماهيري والرسمي طبعًا .

إذن ما الملعب الوحيد الذي تبقى  لرمضان كي يمارس من خلاله الدعاية المضللة القائمة على الغاء الآخر ومنح نفسه الألقاب؟ بالطبع الغناء، خاصة إذا اعترفنا أن أرقام المشاهدات عبر يوتيوب لم تعد وسيلة "نزيهة" و"أمينة" لقياس النجاح.

 كلنا نعلم أن المشاهدات أصبحت لعبة تديرها "كتائب" السوشيال ميديا التي يسخرها كثير من الفنانين للترويج لأعمالهم ، ولم يكن مدهشًا بالنسبة لي ما قالته النجمة الكبيرة أنغام منذ أيام في منتدى "مسك" للإعلام عندما اتهمت كثير من النجوم بشراء مشاهدات مدفوعة بالاف الدولارات لتصدر التريند والترويج لأنهم الأفضل !

ولو أقتنعنا بالمعيار "الرمضاني" لتقييم النجاح فهل المشاهدة لوحدها كافية لتحديد الشعبية ؟ فعلي سبيل المثال نال كليب "السلطان" على يوتيوب 187 ألف علامة اعجاب في مقابل 62 ألف علامة "عدم" إعجاب ، وهذه هي الشريحة الفعلية المتفاعلة مع الأغنية، مما يعني أن نسبة أكبر من ثلث المتفاعلين "بشدة" مع العمل لم يعجبهم، وهو رقم لا يمكن تجاهله أو إغفاله .

ماذا إذن عن محتوى أغنية السلطان ؟

هي كلمات والحان "أمير شيكو" وتوزيع "سمسم السامبا" و"دي جي فاتسام" ، موسيقيًا هي مهرجان تقليدي لم يمل إلى لون "الراب" الذي يفضله رمضان، واعتمد في الغناء على ترديد كلمة واحدة هي السلطان لترسيخ اللقب ونشره بين المستمعين ، تماما مثلما فعل في أغنية "مافيا" التي كان الترديد والتكرار أهم سبب في انتشارها ، من حق رمضان تقديم ما يشاء ، ولكن من حق الجمهور أن يفهم ويعي أن مايقدمه ليس مشروعًا فنيًا بل مشروع دعائي يستغل من خلاله وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لكونه الأول لما لذلك من انعكاسات مباشرة على أجره في السينما والتليفزيون وقيمته بين زملائه في الوسط الفني حتى لو لم تستند تلك القيمة لفن حقيقي .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة