تعبيرية
تعبيرية


تحقيق| احذر.. «الفورمة» القاتلة !

محمد قنديل

الأحد، 17 نوفمبر 2019 - 10:29 م

«الحق فورمة الساحل».. «يلا نخس بسرعة من غير رياضة».. كلمات إعلانية تستخدمها مراكز التخسيس وصالات الجيم لجذب الشباب الباحث وراء عالم الرشاقة والتخسيس وتكوين العضلات، إلا أن حلم القوة البدنية والرشاقة يمكن أن يتحول إلى كابوس المرض وفقدان الحياة.

 

مع انتشار الكثير من المراكز غير المرخصة، وصالات الألعاب الرياضية العشوائية..  ووفقًا لدراسة طبية أجريت بجامعة هارفارد، فإن الأشخاص الذين يتناولون المكملات الغذائية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض بـ3 مرات أكثر من الأشخاص العاديين.

 

وفى الآونة الأخيرة كثرت حالات الوفاة بسبب تناول الأدوية والمكملات الغذائية بشكل عشوائى، ولعل أبرزها وفاة الفنان هيثم احمد زكى.. «الأخبار» تناقش فى هذا التحقيق أبعاد المشكلة، وتلقى الضوء على عمل مراكز التخسيس واللياقة العشوائية غير المرخصة.

 

مراكز تخسيس «تبيع أدوية الموت» .. والمكملات الغذائية المجهولة سعرها يصل لـ 3000 جنيه

 

تمثل مواقع التواصل الاجتماعى بيئة خصبة للعديد من المنتجات غير المعروفة وغير المصرح بها، وهى منتجات للتخسيس تحت مسميات وعلامات تجارية مختلفة، تعتمد العديد من مراكز التخسيس واللياقة البدنية على بيع هذه المنتجات «أون لاين» من خلال مندوب توصيل دون مقر معروف أو تصريح واضح من وزارة الصحة لهذه المنتجات.


تواصلنا مع احد مراكز التخسيس والذى يكتفى بـ «الكورسات» التى يروجها على شبكة الإنترنت تحت اسم « ت. ش».. ويعرض المركز عددا من المنتجات الخاصة بالتخسيس وأخرى للرشاقة بالإضافة للمكملات الغذائية، ويشمل برنامج التخسيس واللياقة الذى عرضه المركز علينا للتخسيس كبسولات ومنتجا آخر عبارة عن نقط وأعشاب للشرب، مع التأكيد على أن هذا الكورس قادر على التخسيس وانقاص الوزن فى فترة زمنية قصيرة.


وأعتمد الموقع على التواصل معنا فقط من خلال تطبيق « الواتس آب» فقط مع رفض الاتصال التليفونى أو امكانية الحضور إلى مقر خاص بالقائمين على كورس التخسيس وعند سؤالهم عن المقر أكدوا أن البيع فقط من خلال الموقع وأن التوصيل من خلال مندوبين شحن.


وكان الرد من خلال رسالة صوتية أن المنتج يصلح للرجال والسيدات لأنه يذهب مباشرة إلى الخلايا الدهنية بالجسم لتفتيتها من خلال منتجات الكورس المختلفة من كبسولات ونقط وأعشاب.

 

كما أكدت مندوبة المركز «الوهمي» والتى تواصلت معنا على «الواتس آب « فى رسائل صوتية أن الضغط المستقر لا يتأثر مع منتجات الشركة لأنها آمنة وطبيعية ولا تؤثر أى أمراض أخرى على عمل المنتج، دون أن تهتم بالسؤال عن معاناة المشترى من أمراض يمكن أن تتعارض مع المنتج المعروض للبيع.. فقط اكتفت بالتأكيد على أن هذه المنتجات مصرح بها عالمياً مع رفض الإشارة لطبيعة الجهة التى أعطت التصريح محلياً أو دولياً.

 

وعند السؤال عن السعر وطريقة الشحن، أكدت أن جميع المنتجات ألمانية وليست محلية، كما أن المركز يمكنه شحن جميع المنتجات إلى المحافظات المختلفة على أن تصل خلال ثلاثة أيام وتتراوح الأسعار بين ألف جنيه للكورس الواحد المكون من 3 منتجات، وتتنوع أسعار المنتجات من 300 و600 و800 جنيه وتصل بعض أسعارالمكملات الغذائية إلى 3 آلاف جنيه.


وعود واهية


رغبتها فى خسارة وزنها الزائد دفعها للبحث عن وسيلة طبية سريعة.. صادفت إحدى الصفحات الخاصة بترويج منتجات التخسيس على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وسرعان ما تواصل معها مسؤول الصفحة ليخبرها أنه يمتلك دواء تخسيس مناسبا لحالاتها سيترك تأثيرا إيجابيا فى فترة زمنية قصيرة.


سارة الرفاعى صاحبة الـ30 عاماً قامت بشراء دواء التخسيس بعد وعود واهية بسرعة فقدان الوزن وبدون استشارة طبية.. وتقول أنها اشترت علبتين من الدواء لها وزوجها بسعر 400 جنيه للعلبة وهى عبارة عن أقراص، ومع مرور الوقت ظهر عليها أثار جانبية خطيرة مثل زيادة سرعة ضربات القلب بشكل كبير، بالإضافة إلى عدم التوازن و»الدوخة»، واضطرابات الهضم مع صعوبة بالغة فى عملية الإخراج، مما دفعها للذهاب إلى طبيب والذى بدوره حظرها من الاستمرار بتناول دواء التخسيس مجهول المصدر.


الضبطيات الكثيرة التى تقوم بها الشرطة فى مواجهات مراكز التخسيس واللياقة غير المرخصة تشير إلى مدى انتشار هذه الأماكن، ففى منتصف يونيو الماضى نجحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، فى ضبط 4 مراكز للعلاج الطبيعى والسمنة والنحافة، يديرها أشخاص بدون ترخيص بالمعادي.. وفى مايو المنصرم تم ضبط 6 مراكز أخرى غير مرخصة فى منطقة المرج بمحافظة القاهرة.


ملوثة بالمنشطات


أدوية التخسيس والمكملات الغذائية غالباً ما تصرف بدون استشارة طبية أو متخصصين مما يفتح الباب أمام المنتجات مجهولة المصدر التى تشكل خطورة على صحة المواطنين..


يوضح د. عمرو ناجي، أخصائى التغذية العلاجية بمستشفى القوات المسلحة، أن المكملات الغذائية تنقسم لقسمين، النوع الأول يعمل على البناء العضلى مثل مجموعات الأحماض الأمينية أو البروتينات وتكون موجودة فى صالات الألعاب الرياضية ولا يوجد بها خطورة على صحة الإنسان، لكن تكمن الخطورة فى أن بعض تلك المكملات تكون ملوثة بالمنشطات، أما النوع الثانى الفيتامينات الذوابة فى الماء مثل فيتامين ب وجـ، والفيتامينات الذوابة فى الدهون وأشهرها فيتامين د، والجرعات الزائدة منها تسبب مشاكل صحية كبيرة، خاصة الذوابة فى الدهون لأنها تترسب فى الكبد ويؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان، لذلك يجب أن تكون تحت إشراف طبي.


ويتابع أخصائى التغذية العلاجية أن المكملات الغذائية التى توجد فى صالات الألعاب الرياضية أغلبها تكون منشطات وتكون على هيئة أقراص أو حقن، وأشهرها على الإطلاق عقار «الأفدرين» الذى يستخدم فى العناية المركزة لمرضى القلب ولا يتم استخدامه إلا بوصفة طبية.

 

بالإضافة إلى المنشطات التى تحتوى على المجموعة الهرمونية التى يتم اتخاذها بشكل مكثف جدًا بدون رقيب وتعطى شكلا رياضيا لمن يتناولها وتبرز تكوين العضلات له، ولكن لا يتم مراعاة أن اللعب فى النظام الهرمونى خطر للغاية، حيث أنه بعد توقف تناولها ستحدث مشاكل كبيرة على المدى البعيد مع الأجهزة الحيوية فى جسم الإنسان خاصة الكلى والكبد، لذلك لابد من التأكيد على ضرورة أن يتم وصف أى مكمل غذائى تحت إشراف طبى متخصص فى تغذية الرياضيين.


بدون رقابة


ويؤكد أن هناك بعض الفوضى فى الأدوية الموجودة فى السوق المصرى خاصة المكملات أو أدوية التخسيس مجهولة المصدر، ويكون تكوينها الأساسى من مادة «السيبوترامين» والتى تؤثر على مراكز إفراز هرمون «السيروتونين» مما يؤثر على مراكز الشبع فيؤدى إلى سد الشهية والتخسيس، ولكن تلك المادة تعتبر قاتلة ولها آثار ومدمرة على القلب قد تصل إلى توقفه.


ويشير ناجى إلى أن تلك الكارثة أصبحت منتشرة كثيرًا فى معظم الصيدليات وصالات الألعاب الرياضية، بل ووصلت أيضًا إلى وجود مراكز لياقة وتخسيس «أون لاين» على مواقع التواصل الاجتماعى بدون أطباء متخصصين أو رقابة.


ضوابط محددة


ويقول د. أيمن أبو العلا، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن بعض المكملات الغذائية تحتوى على هرمونات من أجل بناء العضلات وتستغلها النوادى الصحية والرياضية بالرغم من أضرارها وخطورتها على الصحة بدون وجود رقيب، وذلك يُعد مُجرم قانونًا من حيث مزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص، وأيضًا مُجرم فى منشور من وزارة الشباب والرياضة لمنع النوادى الرياضية من بيع أى منتجات أو أدوية، بالإضافة إلى قانون 206 لسنة 2017 الذى يمنع تداول أى أدوية أو عقاقير إلا تحت إشراف طبي.


ويؤكد أبو العلا أنه لابد من وجود وعى مجتمعى لحل تلك المشكلة التى تعد من أهم الخطوات لمواجهة تلك الخطورة، وأيضًا التفتيش والرقابة على الصالات الرياضية ومراكز التخسيس لمنع الاستخدام الخاطئ للمكملات والسيطرة على تداولها، ووضع ضوابط محددة لاستخدامها ومنع انتشارها العشوائى الذى قد يؤدى إلى حدوث العديد من الوفيات، لافتًا إلى أنه تم تقديم العديد من طلبات الإحاطة فى البرلمان من أجل تنبيه وزارة الصحة على ضرورة وجود رقابة على صالات الألعاب الرياضية ووضعها تحت التفتيش الصحي.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة