معتز رسلان خلال الحوار
معتز رسلان خلال الحوار


حوار| رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي: الحكومة تعمل بشفافية غير مسبوقة

أمير لاشين- حازم بدر

الأحد، 24 نوفمبر 2019 - 12:45 ص

- المسئولية المجتمعية لم تعد ترفاً.. وترويج الإنجازات أهم الأدوار

- الاهتمام بالتنمية المستدامة لا يلغى المساعدات العاجلة

- النجاح هو أن تفعل شيئاً من لا شىء..  ولا تقدم بدون دراسة

يعمل المهندس المدنى فى مكتبه ليخطط بلمسة فنية وجمالية ما سيبدو عليه المبنى، قبل أن ينتقل إلى موقع العمل بين ضجيج آلات البناء، مرتديا قبعته الشهيرة التى تقيه من حرارة الصيف وبرد الشتاء، ليخرج لنا فى النهاية بمبنى مكتمل الأركان.

 يحتاج هذا العمل إلى مقومات شخصية تجمع بين الصبر والنظام وقوة التحمل، والتحلى فى الوقت ذاته باللمسة الفنية الجمالية، وهو ما يبدو فى شخصية المهندس معتز رسلان، رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندي، الذى حصل على بكالوريوس الهندسة المدنية جامعة عين شمس فى عام 1975، ليشق طريقه فى عالم المال والأعمال، بدءا من مجال العقارات، قبل أن يتوسع نشاطه ليستثمر فى عدة مجالات منها السياحة والطيران والمدارس.

 يكفى أن تتجول بعينيك فى مكتبه وتستمع لحديثه، لتستطيع رسم ملامح شخصية المهندس المدنى التى أثقلتها التخصصات المختلفة التى قام بالاستثمار فيها، فالأثاث الذى يجمع بين الجمال والبساطة هو الذى يزين مكتبه، والحديث الهادئ والموضوعى القادر على الربط بين الأحداث بذكاء، والصابر على ما يطرحه محاوره من أسئلة، حتى لو كانت تقتحم المناطق الشائكة، هو السمة المميزه لأدائه.

 وخلال الحوار الذى امتد لنصف الساعة حول قضية «المسئولية المجتمعية لرجال الأعمال»، التى شدد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة، أجاب على « 14 « سؤالا طرحتها عليه «الأخبار»، ولم يرفض الرجل الإجابة على أى سؤال، حتى لو كان من النوعية التى لا يفضل الكثيرون الحديث عنها، مغلفا حديثه فى كثير من الإجابات بابتسامة نادرا ما تغادر وجهه.. وإلى نص الحوار.

 بداية: ما تقييمك لمدى التزام مجتمع المال والأعمال المصرى بأداء دوره فى «المسئولية المجتمعية»؟
تخرج الكلمات من فمه سريعة: المسئولية المجتمعية لرجال الأعمال لم تعد ترفا، وصارت أمرا أساسيا.. فبعد ثورة يناير 2011 مرت مصر بأوضاع اقتصادية صعبة على كافة المستويات، وتبذل الحكومة الحالية جهودا ضخمة لإصلاح تلك الأوضاع، وهذه الجهود تحتاج إلى الترويج خارجيا من خلال مجالس الأعمال المشتركة، وهذه مهمة خارجية أساسية لرجال الأعمال.
وإلى جانب هذه المهمة الخارجية، توجد مهمة أخرى داخلية، وهى مساعدة الحكومة فى القضاء على معاناة الفئات المتضررة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى أعقبت ثورة يناير، وأظن أن هناك استشعارا لأهمية هذه الأدوار الداخلية والخارجية فى مجتمع رجال الأعمال حاليا.
ربما لا يشاركك البعض هذا الشعور، ويرى أن هناك تقصيرا من رجال الأعمال؟
يومىء بالرفض قبل أن يقول : فى عهود سابقة لم يكن هناك شفافية فى أداء الحكومة، ولذلك لم يكن هناك حماس من رجال الأعمال لأداء مسئوليتهم المجتمعية سواء الداخلية والخارجية، ولكن أظن أن الجميع يشعر الآن بشفافية واضحة فى أداء الحكومة تجعل هناك رغبة صادقة فى تقديم كل الدعم لها.


وتستطيعون رؤية ذلك فى الجهد الذى تقوم به مجالس الأعمال فى الترويج للمتغيرات الإيجابية التى طرأت على مناخ الاستثمار فى مصر، وهو أمر مثلا لا يقوم به رجال الأعمال اللبنانيون، وقد تحدثت مع بعضهم حول ذلك، وخلصت فى النهاية إلى غياب الشفافية حيث يوجد انقسام ومحاصصة وطائفية لا يشجع رجال الأعمال على القيام بأى دور.
اتجاهان للمسئولية المجتمعية
 عند الحديث عن المسئولية المجتمعية الداخلية يوجد اتجاهان، أحدهما يميل إلى المساعدات العاجلة، والآخر يرفضها مفضلا التنمية المستدامة بمنطق « لا تعطنى سمكة ولكن علمنى كيف اصطاد»، وذلك بتمكين الفئات الأكثر احتياجا من الحصول على عمل مناسب أو اتقان مهارة يتكسبون منها، فإلى أى الاتجاهين تميل؟

يصمت لوهلة قبل أن يقول: وما التعارض بين الاثنين، فالاتجاهان مطلوبان، فهناك جهات تتخصص فى المساعدات العاجلة مثل بنك الطعام، وهناك جهات أخرى تتخصص فى الشكل الآخر من خلال انشاء معاهد تعليمية وتدريب حرفيين، وما إلى ذلك من الأنشطة.
 وماذا عن نشاطك فى الاتجاهين؟
نحاول بقدر الإمكان المساعدة فى اتجاه المساعدات العاجلة، لكن اهتمامنا الأكبر هو دعم الاتجاه الآخر من المساعدات، وخلال الزيارة الأخيرة لمجلس الاعمال المصرى الكندى لكندا نجحنا فى الحصول على تمويل لتقديم تدريب مهنى للفنيين يدعم النهضة الصناعية التى يشهدها البلد.
وهل يمكن اعتبار حصول مجلس الأعمال على هذا التمويل مسئولية مجتمعية؟
مجالس الأعمال مهمتها الأساسية هى الترويج لمصر، ونحن نقوم بذلك انطلاقا من الشعور بالمسئولية المجتمعية، ومن خلال مجلس الاعمال المصرى الكندى والمجلس المصرى للتعاون الدولى الذى اتشرف برئاستهما نسافر إلى خارج مصر مرتين فى العام على نفقتنا الشخصية ونصطحب معنا فى الرحلة مسئولين من الاستثمار وجهات أخرى للترويج لمصر وما يحدث فيها من تطوير بمناخ الاستثمار، وإذا نجحنا أثناء القيام بذلك فى الحصول على تمويل يساعد فى التنمية المجتمعية، كما حدث فى زيارتنا لكندا « يبقى خير وبركة»، وإذا لم ننجح يكفينا القيام بالمهمة الأساسية وهى الترويج.
الابتكار فى الأعمال
 سأنتقل معك لتصريحين صدرا عنك، وبدا لى متناقضين، فقد كان لك تصريح قبل سنوات قلت فيه إن «النجاح هو أن تفعل شيئا من لا شيء»، فهل فعل الشيء من لا شيء يتعارض مع أهمية دراسة أى مجال قبل الدخول فيه، وهو الأمر الذى أكدت عليه فى تصريح آخر؟

يشير إلى باب المكتب قبل أن يقول: حتى تستطيع أن تصل إلى الباب لابد أن تدرس كيف ستدور حول المنضدة التى نجلس عليها لتصل إليه من أقصر الطرق، وكذلك الأمر فى أى مجال، فأنت لن تستطيع أن تقتحمه قبل دراسته، وسواء كنت ستقتحم مجالا متداولا اقتحمه كثيرون قبلك، أو ستوجد مجالا جديدا، وهم ما يسمى بـ « الابتكار» فلابد من الدراسة، وهذا لا يتعارض مع مقولة إن النجاح هو أن تفعل شيئا من لاشيء، لانك حتى تفعل لابد أن تدرس.
وإلى أى اتجاه ترى بوصلة عالم الأعمال فى مصر تتجه.. هل هى إلى ما سميته بـ «الابتكار» أم الدخول فى مجالات تقليدية؟
للأسف نحن نفتقد للابتكار فى عالم الأعمال ونميل إلى التقليد، فعندما أسسنا شركة طيران، قام الآخرون بتقليدنا، وعندما اقتحمنا مجال شركات المياه لنكون ثانى شركة فى السوق، قلدنا أيضا الآخرين.
ولكنى أشعر من تصريحات سابقة لك بتفضيل مجال العقارات.. فهل أنا محق؟
العقارات بالنسبة لى هواية وولع قبل أن تكون عملا، وذلك بحكم الدراسة، لذلك أنا احب هذا المجال، والانسان عندما يحب شيئا ينجح فيه.
الإصرار على النجاح
وأنت تدرس الهندسة المدنية فى جامعة عين شمس، هل كنت تخطط لاقتحام مجال العمل الخاص، أم ان هذا الأمر جاء مصادفة؟

تخرج الكلمات من فمه سريعة قائلا: قرار العمل الخاص كان من اول يوم التحقت فيه بالكلية، والمسيرة لم تكن سهلة، فقد خسرت كثيرا وكسبت كثيرا أيضا، ولكن كان لدى اصرار على النجاح.
 ولكن لماذا فكرت فى اتجاه العمل الخاص على الرغم من أن السائد وقت تخرجك هو تفضيل الوظيفة؟
بالعكس فى السبعينيات وقت تخرجى لم تكن هناك شركات أجنبية كبيرة، وكان المتاح هو العمل الحكومى أوأن تؤسس «البيزنس» الخاص بك، أما الآن فوجود الشركات الأجنبية جعل الشباب يفكرون تفكيرا مختلفا، وهو أن يلتحقوا بإحدى الشركات الأجنبية يحصلون منها على الخبرة، ثم يتركونها لتأسيس البيزنس الخاص بهم، وبحكم طبيعة الفترة عند تخرجى فى الكلية اخترت مجال البيزنس.
مشروع بدون رأس مال
من خلال مسيرتك.. ما النصيحة التى تقدمها للشباب؟

ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة قبل أن يقول: اقول للشباب ان الوقت الحالي، هو الأنسب لمن يريد أن يجنى الملايين بدون رأس مال، ولكن الأمر يحتاج إلى ابتكار واصرار.. فأفكار مبتكرة مثل تطبيقات المحمول يمكنها جنى الملايين بدون رأس مال، ولكن الامر يحتاج إلى إصرار على النجاح والتفكير فى أفكار مبتكرة.
ولكن للأسف يوجد لدى المواطن المصرى معدل كسل مرتفع، وليس سرا ان انتاجية المواطن المصرى منخفضة، وهو ما يفرقنا عن مواطنين دول محيطة بنا مثل سوريا، وقد رأينا هنا فى مصر عندما جاء المواطن السورى إلى مصر كيف استطاع أن ينجح وأتمنى أن نغار من نشاطهم.. وأعود لأؤكد : نحن كشعب لدينا امكانيات عالية، ولكن ينقصنا الإصرار والعزم على النجاح.
 وما المجال الذى اقتحمته وندمت على ذلك؟
تخرج الكلمات من فمه سريعة: الطيران للأسف هو المجال الذى ندمت على الدخول فيه.. فقد كانت الفكرة رائعة ولكن الضربات الارهابية التى استهدفت السياحة فى وقت التسعينيات، لاسيما حادث الاقصر وما تبعه، أصابت القطاع بالانهيار، وهو ما انعكس على شركات الطيران.
شعور شخصى
 أعود لقضية المسئولية المجتمعية، ومطالبة البعض بأن تكون هناك وزارة مسئولة عنها، فهل أنت مع هذا التوجه؟

المسئولية المجتمعية مسألة شخصية، وشعور ذاتى ينبع من الشخص، ولا يجوز ان توضع تحت اطار وزاري، ثم ان وزارة التضامن الاجتماعى تقوم بدور فى التسجيل والتنسيق بين المؤسسات العاملة فى هذا المجال، وهذا دور مهم، فماذا ستقوم أى وزارة أخرى، هل مثلا ستجبر مؤسسة ما على فكرة معينة تقوم بتنفيذها؟.. لا أظن ان ذلك مستساغا، فالمسئولية المجتمعية أفكار تنفذها المؤسسات، والافكار  يجب ألا توضع فى اطار حكومي.
رغم ان حوارنا عن المسئولية المجتمعية وما يمكن أن تقدمه من نصائح للشباب من خلال خبرتك فى عالم المال والأعمال، إلا اننا لا يمكن أن نترك فرصة الحوار مع أحد أهم رجال الأعمال دون سؤاله عن الاصلاحات الاقتصادية الحالية ورأيه فيها؟
تشعر بالحماس الذى بدا على وجهه قبل أن يقول: انا معجب جدا بما يحدث فى البلد الآن.. فقد عانينا فى عصر حسنى مبارك، رغم حبى له على المستوى الشخصي، من غياب الشفافية، فكنت تتقدم لمناقصة وبعد أن تتقدم تعرف أن الاتجاه المحدد مسبقا أنها تخص شخص ما.. اما الآن أصبحت الفرص متساوية أمام الجميع وهذا أول شرط لنجاح أى اقتصاد، ويأتى بعد ذلك القضاء على الروتين والبيروقراطية، وهذان الشرطان أصبحا محققين بشكل كبير.


وبعد ذلك تأتى شروط أخرى مثل تخفيضات ضريبية تنافس الدول المجاورة، فمثلا إذا كنت ستحصل على ضرائب 20% من المستثمر ودول مجاورة تحصل على 10% فسيذهب المستثمر لتلك الدولة، ولكن فى المقام الأول وقبل أن تفعل أى شىء، يجب ان تكون هناك شفافية وغياب للبيروقراطية.
                           

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة