خالد مصطفي
خالد مصطفي


مكالمة هاتفية تنقذ «خالد».. قصة من داخل «صندوق حديد»

أمنية فرحات

الأربعاء، 01 يناير 2020 - 06:46 م

أحد عشر ألفا وثلاث مائة وخمسة عشر يوما قضاها في الشارع حفظته الحيوانات الضالة في الطرقات قبل البشر، لا يفصله عن السماء سوى صندوق حديدي يقل أو يزيد عن المساحة التي يضعها الناس لقبور الأموات أو لمأوى الحيوانات، يفترش فيه الأرض أو يفصله عنها بساط مهترئ من الفرش المتواضعة.. هذه هي حياة عاشها خالد مصطفى رجب.

 

تجاوز «رجب» عقده الرابع بنحو 6 سنوات من ا لعمر، لكن لا يتذكر منها سوى «المعاناة والآلام والحرمان»، ثلاثي القسوة الذي شكل صورة ذهنية للحياة لديه، حتى إذا رأى عيشا فيه راحة وكرامة هرب منه كأنه شر يلاحقه، يحتضن الرصيف ولا يرى أمنا أو آمنا في غيره، يمر عليه المارة أحدهم يقابله بمساعدة وآخر يكتفي منه بـ«مصمصة الشفاه».

 

 ربما تكون قد مررت عليه خلال سيرك في أحد الشوارع المؤدية لميدان التحرير بالعاصمة القاهرة، الليل عنده كالنهار، والبرد القارص والأمطار الشديدة عنده كالحرارة المرتفعة، كلها عوامل تركت في جسده علامات حتى صار لا يفرق بينها، روائح القمامة تعود عليها كما تعود البشر على استنشاق الهواء.

 

في لحظة حولت مجرى حياته «مكالمة هاتفية» على الخط الساخن لوزارة التضامن الاجتماعي لتمحو أثار ٣١ عاما قضاها في الشارع، قصة مأساة عاشها «رجب» بدأت بوفاة والديه، ليخرج إلى الشارع يواجه مصيره وحيدا لا مأوى له ولا كفيل يرعى طفولته.

 

صاحب كشك بيع صحف أمام سنترال باب اللوق سمح له بالإقامة داخل صندوق حديدى بجوار الكشك، ووكل لأحد أفراد أمن السنترال مهمة دورية يقوم بها يوميا وهي غلق الصندوق عليه من الخارج حتى الصباح ليأتي أحدهم إن تذكره ليفتح له باب الصندوق.


يقول «خالد مصطفى»: «تعذبت كثيرا فى حياتى من قسوة الشارع، والظروف الصعبة التي تعرضت لها، كنت أحد مصابي ثورة 25 يناير بحكم تواجدى فى الشارع، حيث أصابني طلق ناري فى قدمي، تمكنت من الحصول على معاش مصابى الثورة بمساعدة أهل الخير، بجانب مساعدات تأتي من هنا وهناك».

 

 في ذات يوم اقترح عليه أحد موظفى السنترال أن يتواصل مع فريق التدخل السريع التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، فيقول: «أعطوني رقم قالوا إنه "الخط الساخن"، فتواصلت معهم، حتى جاء الفريق، لكني وجدتني أرفض الذهاب معهم، حتى أقنعوني بأنهم سينقلونني إلى مكان ليس فيه برد قارص».

 

في دار «عقيلة السماع» بحلوان إحدى دور الرعاية الاجتماعية استقبلوه لإعادة تأهيله ودمجه فى المجتمع مرة أخرى، لكن كان رأيه في حياته الجديدة غريبا على غير المتوقع فيقول: «وجدت صعوبة فى الإقامة فى الدار، فأنا هنا آكل وأشاهد التليفزيون فقط، أبدأ يومي من الساعة السادسة صباحا، ثم أتناول وجبة الإفطار فى تمام الساعة الثامنة، وأتجول فى حديقة الدار».


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة