أمنية طلعت
أمنية طلعت


حبوا بعض

نانى شنودة

أمنية طلعت

الأربعاء، 08 يناير 2020 - 06:16 م

أستيقظ صباح السابع من يناير وأنا أفتقدك جداً. أهرش بأناملى مقدمة رأسى وتخرج تنهيدة ضعيفة من صدر امرأة عاشت أزماناً كثيرة وقابلت كثيرين جداً خبرت ألف نوع حياة وأقول: (هى الحياة كدة، عاشر يا ابن آدم مسيرك مفارق).
فى يوم من الأيام وأنا أعيش فى دولة الإمارات الحبيبة، عدت من العمل لأجد توءمىّ يلعبان أمام المنزل، كانت مفارقة عجيبة بالنسبة لي، فهذا لا يحدث عادة هناك. تساءلت باستغراب، فأجابنى ابني: (إحنا عندنا جيران مصريين جداد) وأشار نحو طفلين جميلين وقال: (مارك وماريو من مصر يا ماما). سلمت على الطفلين اللذين يبدو عليهما من بيت مصرى راقٍ وقلت بمجاملة (سلمولى على ماما)، ثم صعدت لمنزلى لأستريح بعد يوم عمل طويل.
لم أكن أعرف أن ماما تلك ستكون جارتى الحبيبة ثم صديقتى القريبة ثم أختى التى لم تلدها أمي. (نانى شنودة)، صعب جداً أن تراها ولا تقع فى هواها، نموذج أمثل للمرأة المصرية الجميلة والذكية والراقية والتى تتفانى فى خدمة بيتها ولا تستهدف سوى نجاح أبنائها. بمجرد أن تعارفنا غمرتنى بمحبتها، كانت تعرف تماماً مزاجى فى شرب القهوة فتصنع لى كوباً من النيسكافيه المغذى وتخبرنى أن مزاجى فى يضر بصحتي. ودون طلب منى بدأت ترعى ابناى أثناء غيابى فى العمل، فتذاكر لهما دروسهما الصعبة. كنت أعود من العمل فأسمع صراخ نانى وهى تذاكر للعيال الأربعة فأضحك وأمر عليها لآخذ محمد وميريت، فتغرف لى الطعام كى آكل، لأننى بالتأكيد جائعة ومنهكة.
لا أتذكر أننى نمت مستريحة ومطمئنة فى فراش أحد غير فراشي، لكننى كنت أنام ملء عينى فى فراش نانى وجوارها. نانى التى أصبحت هى وأخوها «رجائي» الذى يعيش فى دبي، عائلتى فى الغربة، أمضى معهما أعياد المسلمين وأعياد المسيحيين، وكانت ليلة عيد الميلاد القبطية، ليلتنا المميزة، فلقد كنت أذهب معهم لحضور القداس فى كنيسة جبل على بدبى وأعود معهم للإفطار الشهى الذى كانت نانى تتفنن فى إعداده، وفى يوم 7 يناير نحتفل جميعاً معاً.
عدت إلى مصر وهاجرت نانى وأسرتها إلى أمريكا، كانت لحظات وداعهم عام 2013 قاسية جداً، أعطيتها روايتى الجديدة حينذاك (نسائى الجميلات) واحتضنتها وقلبى يرتعش، لكننى قلت كلاماً محفوظاً منذ الأزل بأننا سنلتقى قريباً بالتأكيد.
لم تعد نانى منذ ذاك الوقت، وإن كانت وسائل التواصل الحديثة لم تفرقنا تماماً، لكننى ما زلت أستيقظ يوم 7 يناير وأنا أشم عبقها المريح فى أنفى وأدعو الله أن يكتب لنا اللقاء قريباً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة