أحمد سعد
أحمد سعد


على أمـل اللقاء

أحمد سعد

الأربعاء، 08 يناير 2020 - 09:50 م

منذ أن وطئت قدماى المبنى الصحفى بمؤسسة أخبار اليوم، فى نهار شتوى دافئ، قاصدا القسم القضائى كنت أترصد حضور الأستاذة خديجة عفيفى أملا فى لقائها لما اسمعه عنها من جدية ومهنية فى عملها، فبادرتنى فور وصولها بسؤال «أنت بقيت معنا هنا» ربما لمست قسوتها قبل حنيتها، لكن سرعان ما تبدل الأمر لتنادينى ثانية لتناول القهوة بمكتبها وغادرنا سويا إلى المحكمة التى كانت ربما لا تتركها قبل السابعة وربما التاسعة مساء بعد انتهاء الجلسات نهائيًا.
حرصها على عملها ومهنيتها فى التأكد من كل معلومة تساق إليها أبرز ما كنت أتعلمه صباح كل يوم منها، وكانت دائمة السؤال علينا والنقاش معنا فى أمور عملنا، وتذليل أى معوقات قد تقابلنا فى المحاكم بحكم خبرتها فيها، فانبثق أمل لدينا أنه مازال هناك جيل يعمل بجد ويحرص على تعليم من بعده.
لا أستطيع أن أنسى ذلك اليوم حين شعرت بتعب فى مقر الجريدة وأصرت على النزول من بيتها رغم مرضها للحضور للعمل، فرافقتها إلى مستشفى الجلاء العسكرى لتجرى الفحوصات طوال اليوم وتم حجزها، وكان همها أثناء الكشف والفحص السؤال عن العمل وإرسال الموضوعات للجريدة.
علاقة أمومة تجاهى شعرت بها منذ ذلك اليوم لتفاجئنى كثيرًا بنزولها للمحكمة أثناء وجودى بها لدعمى فى دوائر الجنايات، والجريدة، وتفاجئنى أيضًا بالاحتفال بعيد مولدى فى الجريدة والكثير والكثير.
حين تغيب كنت أعلم إصابتها بمكروه لأتصل بها لأجد أن ما منعها من الحضور هو وجودها بالمستشفى لتأخذ جرعات العلاج الكيماوى لتقاوم مرضا خبيثا استشرى فى جسدها، وسرعان ما أجدها صباح اليوم التالى تأتى الجريدة وتسأل عنى، وحين زرتها فى المستشفى وجدتها ترقد على السرير وتضع اللاب توب بجوارها وتكتب موضوعات صحفية للجريدة لأتساءل ما هذا؟ لتجيبنى حق الجورنال عليّ، محاولة أن تتغلب على الورم الخبيث بالعمل والأمل فى الشفاء.
الكرامة وحب العمل واحترامه والمهنية والأمل فى الغد قيم تعلمتها على يدها رغم دخولى الجريدة فى فبراير 2016 ومكوثى معها عاما فى القسم القضائى لكن ذلك لا يمنع أننى وجدت أمًا ثانية كانت دائمة السؤال علىّ حتى بعد تركى للقسم الذى تشاركنا فيه معظم أوقاتنا.
قبل شهر طال غيابها، اذهب لمكتبها على أمل رؤيتها لكن المكتب خالٍ، نتصل بها للإطمئنان عليها ونأمل لقاءها لكن مرضها وحجزها فى الرعاية المركزة قبل أيام، مع ضغط العمل أجَّل اللقاء أكثر من مرة، إلى أن غادرت الرعاية بالمستشفى إلى منزلها، هاتفتها قبل وفاتها بيوم واحد لزيارتها بمنزلها مع زميلى محمد سعد رئيس القسم القضائى إلا أنها لم تجب وكأن الأمر قد انتهى، أكتب هذه الكلمات وأشعر بتقصير تجاهها لكن مازلت على أمل اللقاء.
أحمد سعد

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة