التنمية في مواجهة الإرهاب.. منتدى غاز المتوسط تحرك استراتيجي مصري
التنمية في مواجهة الإرهاب.. منتدى غاز المتوسط تحرك استراتيجي مصري


التنمية في مواجهة الإرهاب.. منتدى غاز المتوسط تحرك استراتيجي مصري

بوابة أخبار اليوم

السبت، 29 فبراير 2020 - 04:16 ص

دراسة: بلال منظور

انعكست فى منطقة شرق المتوسط مشاهد سياسية وأمنية تتصف بالعداء من الجانب التركى؛ جاءت لأهداف توسعية وتعزيز النفوذ التركى فى المنطقة. الأمر الذى استدعى الدور المصرى لدفع هذا العداء التركى فى إطار عدد من التحركات المصرية على مختلف المجالات والمناطق الجغرافية وعمل مبادرات لوأد المشاكل الناتجة عن هذا العداء وتوظيفها فى خدمة التنمية للدولة المصرية. بعبارة أخرى، تتخذ الدولة المصرية من التنمية استراتيجية احتواء لسياسات تركيا فى شرق المتوسط وملف مكافحة الإرهاب. إذا تركز على التحرك المصرى فى الدائرة الأوروبية الغربية للنهوض بتلك الاستراتيجية لتطويق الأطماع التركية.

فى البداية، يفرد العرض أولوية للإشارة قبلاً إلى التهديدات التركية فى المنطقة، والتى على أساسها استدعى التحرك المصرى لاحتوائه ودفعه فى إطار استراتيجية التنمية.. تأتى السياسات التركية فى إطار عدد من التهديدات فى منطقة شرق المتوسط، أخذت أبعادا وقضايا محددة تعارضت مع مصالح بعض الفاعلين فى المنطقة، يمكن إيضاح هذه الملفات فيما يلي:


أولاً، التعدى التركى على المنطقة الاقتصادية الخالصة للسواحل القبرصية بشكل غير قانوني، وذلك بإرسال تركيا عددا من السفن للتنقيب عن النفط والغاز فى منطقة شرق المتوسط. وتعارض تركيا أى تنقيب عن الغاز يستبعد «جمهورية شمال قبرص التركية» (التى لا تحظى باعتراف دولى باستثناء تركيا)، وتطالب بتعليق أعمال التنقيب طالما لم يتم إيجاد حل لمشكلة الجزيرة المقسمة منذ عام 1974.


الإرهاب التركى


وفى سياق اكتشافات الغاز الجديدة فى منطقة شرق المتوسط، تعمل تركيا من خلال انتهاج سياسات العداء حجز حصتها من هذه الاكتشافات. إضافة إلى محاولةأنقرة ابتزاز أوروبا عبر إجبارها على مرور خطوط الغاز فى المتوسط عبر المياه الإقليمية التركية أو أراضيها. . فضلاً عن قيام تركيا بترسيم حدودها البحرية مع حكومة الوفاق الوطني، خلافاً للقانون الدولى للبحار (1982)، وتجدر الاشارة هنا إلى نقطتين أساسيتين: الأولى هى أن تركيا لم توقع على تلك المعاهدة الدولية، الثانية أنه لا يحق لـ «فايز السراج» (رئيس حكومة الوفاق الوطني) وحده التوقيع على أى معاهدة؛ وذلك استنادا إلى المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات. وقامت تركيا بهذا الإجراء مع ليبيا والتى لا تقع ضمن حدودها البحرية، بما يسمح لها بالقيام باستكشافات لموارد الغاز والنفط فى تلك المنطقة. كما أتى هذا الإجراء مصحوباً بعقد اتفاق عسكرى وأمنى مع حكومة الوفاق الوطنى فى ليبيا.


ثانياً، تصدير تركيا للإرهاب إلى ليبيا. فقد نقلت تركيا ما يقدر بحوالى ستة آلاف من المرتزقة من الأراضى السورية لدعم الميليشيات فى طرابلس. وذلك إلى جانب تزويد تركيا لتلك التنظيمات بالعداد والأسلحة. الأمر الذى أتى فى ظل الاتفاق العسكرى والأمنى المبرم بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية (الممثل فى شخص فايز السراج وحده)، فضلاً عن تفسير عمليات النقل تلك فى إطار الصفقة المبرمة بين تركيا وروسيا بشأن وقف إطلاق النار فى محافظة إدلب. وأعقب ذلك مباحثات بين رؤساء المخابرات التركية والسورية والروسية فى 13 يناير 2020، ركزت على تحرير محافظة إدلب آخر معقل للإرهاب فى سوريا، خاصة من مقاتلى القاعدة من أصول ليبية.


من هنا، لا يمكن فصل الصراع الدائر فى سوريا، خاصة قضية تحرير مدينة إدلب من الإرهاب، عن محاولة تركيا التدخل فى ليبيا، وتحديدًا فى مدينة طرابلس. ولتطبيق اتفاق سوتشى الخاص بخفض التصعيد وسحب الأسلحة الثقيلة، عملت تركيا على نقل الإرهابيين خارج إدلب، ونقلهم إلى طرابلس ومصراتة.


 ثالثاً، تهديد تركيا للدول الأوروبية بفتح باب اللاجئين والمهاجرين بالنفاذ إلى أراضيها، سواء من سوريا خاصة مدينة إدلب، أو من ليبيا ومدينة طرابلس. إذ تعد قضية اللاجئين هى ما يؤرق صانع القرار الأوروبي. فقد حاول أردوغان»تعزيز المخاوف الأوروبية من خلال تهديده المباشر بأن أوروبا ستواجه تهديدًا إرهابيًّا جديدًا إذا سقطت حكومة فايز السراج فى طرابلس». ويأتى هذا التهديد على غرار نفس التهديد الذى أطلقه ضد أوروبا بفتح الأبواب أمام 3.6 مليون  لاجئ للتوجه إليها فى سياق دوره فى الأزمة السورية.


رابعاً، إجراء تركيا عددا من المناورات البحرية فى منطقة شرق المتوسط، وصفتها تركيا بأنها الأكبر فى تاريخها. وجاءت تلك التحركات العسكرية بمثابة رسالة عدائية من أنقرة تجاه دول المنطقة. ففى عام 2019، أعلن الجيش التركى إجراء مناورات عسكرية بحرية مثل «الوطن الأزرق» و»الحوت الأزرق» و»ذئب البحر» ومناورة «شرق المتوسط».


التنمية.. المحرك المصرى


بناء على التهديدات السابق إيضاحها، لا ينحصر التعارض بين السياسات التركية والمصالح المصرية على البعُد الإيديولوجى فحسب نتيجة دعم تركيا لجماعة الإخوان الإرهابية. وإنما يأتى ذلك فى إطار تهديد تركيا للمصالح المصرية فى دائرة شرق المتوسط، والذى تقاطع مع عدد من القضايا التى تمثل تهديداً حقيقياً للدول الأوروبية تمثل فى ملفات الغاز والهجرة والوضع الأمنى فى ليبيا.. وانتهجت مصر استراتيجية احتواء وتطويق لسياسات التركية فى شرق المتوسط تحت إطار «التنمية» من خلال العمل مع الشركاء الأوروبيين من دول غرب أوروبا، وذلك من خلال عدد من التحركات:


جاءت أبرز تحركات الدولة المصرية من خلال إطلاق منتدى غاز شرق المتوسط باعتباره التجمع التنموى لدول ذلك الإقليم بغرض الاستفادة القصوى من موارد الغاز الطبيعى لديها، و»العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية، فضلاص عن تأمين احتياجات الدول الأعضاء من الطاقة لرفاهية شعوبهم.


ارتكزت التحركات المصرية لمواجهة وتطويق واحتواء العداء التركى على عدد من المقتربات غير الإيديولوجية أو حتى المبنية على بعد أحادى فحسب. وإنما استندت مصر فى تحركاتها بتقسيمها إلى عدد من الدوائر الفاعلة، كانت الدائرة الأوروبية هى محل اهتمام هذه الورقة. فالتحركات المصرية بنيت على قاعدة إعلاء فكر التنمية والتعاون الإقليمى المشترك باعتباره استراتيجية ناجعة لاحتواء العداء التركى، وهو يتسق فى ذات الوقت مع الاستراتيجية القومية للتنمية التى تتبناها مصر وبالتنسيق مع شركاء التنمية فى الإقليم. وأخيراً استثناء التحرك المدفوع بالتنمية إلى عدد من الاجراءات والتحركات الدبلوماسية السياسية والأمنية لتأمين الوضع وفرض الاستقرار حتى تستمر مشاريع التنمية فى العمل وبصورة جماعية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة