كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

التجديد.. القديم!

كرم جبر

الأحد، 01 مارس 2020 - 07:46 م

تجديد الخطاب الدينى لا يتحقق بعقد المؤتمرات والندوات، ولا باستعراض السجع والشعر والجناس، والإغراق فى مناقشات جدلية وفقهية، لا يفهم معظمها إلا من يتحدث بها، وشبعت بحثاً وقتلاً على مر التاريخ، دون الوصول إلى شاطئ آمن.
يتحقق التجديد إذا وضع علماء الأمة قضايا وهموم الأمة نصب أعينهم، وقاموا بمراجعة شاملة وجذرية وعميقة، للطرق والأساليب والمناهج، لتوصيل مبادئ الإسلام وأحكامه وتوجيهاته، ونشر رسالته السمحة التى تسعى إلى خير الإنسانية جمعاء، بنشر الحقائق ودحض الأباطيل وتفنيد الشبهات، دون خوف من سطوة المتشددين وإرهاب الألسنة.
تجديد الخطاب الدينى ليس بالخطب والمواعظ والدروس، وإنما رسالة تنويرية تستهدف العقول، والنفاذ إليها وتطهيرها من كل فكر يسىء للإسلام، ولا يستطيع أن يتصدى لهذه المهمة الصعبة، إلا من يمتلك القدرة والرغبة «معا»، فى زمن الهروب من المسئوليات.
الأمة تحتاج علماء منفتحين على المتغيرات التى يشهدها العالم، ولديهم الجرأة والشجاعة للتصدى للأفكار الرجعية المتشددة، التى تسيء للإسلام والمسلمين، علماء لا يخشون فى الحق لومة لائم، ويضعون نصب أعينهم مصلحة الأمة وإعلاء شأن الدين.
المعنيون بالأمر إما خائفون أو معارضون، خائفون من المتشددين، وغير قادرين على مواجهتهم، أو معارضون للتجديد، وراضون عن التجميد، ويتعاملون مع هذه القضية المهمة والخطيرة، بطريقة ذر الرماد فى العيون.
>>>
تحت خط الجهل!
مصر لن تنهض ولن يعلو شأنها، إلا إذا مدت يدها لمن هم تحت خط الجهل، فالفقر ليس البطالة والعشوائيات والعوز والاحتياج، لكنه أيضا الجهل الذى يسيطر على العقول، والخرافات التى أصبحت اللغة السائدة، وعلى منابر المساجد والكنائس، وفى الكتب والشرائط الصفراء والمواقع الإليكترونية، وفى لبن البقرة المبروكة.
التنمية الثقافية أصعب بكثير جدا من التنمية الاقتصادية، وشق الطرق وإنشاء المصانع وبناء المساكن، أسهل بكثير جدا، من تأسيس عقول سليمة تصون العلم والتقدم والحضارة والمدنية.. وتقدم الدول رهن ببناء الإنسان وتعظيم قيمته وتنمية ثقافته.
لن أتفلسف مثل علماء النفس وأقول إن السبب هو فشل الدفاعات النفسية الذى يولد عند الإنسان الانتحار العقلى.. ولن أقول إنه الاغتراب الناجم عن الجهل.. ولن أفعل مثل النخبة وأقول إن الجهل هو الحصاد للأنظمة الديكتاتورية التى حكمت مصر.
فى بلدنا الخرافات تعالج الأمراض، ونائب سابق أسس مدرسة لمصاحبة العفاريت التى تطفئ حرائق الجن، وأحد الفلكيين حضّر أرواح المشاهير على الهواء مباشرة، وعشنا أياماً كانت أم أيمن تحلم بأن مرسى جاى لابس ابيض فى ابيض، وبعض الفضائيات تخصص الساعات للدجالين الذين يقرأون المستقبل.
وأصبحت وسائل النصب والاحتيال والدجل والخرافات، هى أقصر طريق للشهرة وجلب الأموال، والضحك على الغلابة والطيبين، «مين بيضحك على مين؟»، هل يضحك الدجالون على الناس، أم يخدع الناس الدجالين؟.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة