مصطفى عدلى
مصطفى عدلى


بدون إزعاج

ألعن من كورونا

مصطفى عدلي

السبت، 14 مارس 2020 - 06:42 م

مشهد رأسى من ليلة الجمعة الممطرة، الكثيرون جلسوا بين جدران منازلهم، خلف نوافذهم، ينظرون للسماء خوفا من تغيرات مناخية لم يشهدوها من قبل، آخرون كانوا أسوأ حظا، كتب عليهم أن يكونوا بين أحضان شوارع لم ترحم ضعفهم، تشردهم، حاولوا الهروب، فتشوا عن مأوى من صقيع شتاء لم يخجل من قلة حيلتهم، عجزوا عن إنقاذ أنفسهم، قرروا الفرار، لكن مصيرهم بات حتميا، أما انا فاختار لى القدر حكاية أخرى، ان أكون شاهد عيان على جريمة تؤكد موت الضمائر، هنا أعلى كوبرى المريوطية كنت حاضرا، فى مسار إجبارى لتشييع جثمان امرأة عجوز، تحركنا جميعًا، دقائق معدودة، سمعنا صرخات، عويلا، نجهل مصدره، لكنه قريب، توقف الركب، ترجلنا، اقتربنا اكثر، الصدمة نالت منا، أمامنا شقيقان يلفظان أنفاسهما الأخيرة، لم تمنحهما الكهرباء اللعينة حق الاستغاثة، انتهت رحلتهما غرقًا فوق كوبرى يؤسفنى ان أقول انه حديث الميلاد، تكلف ملايين الجنيهات، الذهول ألقى بظلاله، نظراتهما كانت تلاحق كل من حضر، حاولنا ان ننتشلهما ليس من الموت فقد رحلا إلى عالم بعيد، ولكن من مياه امطار ابتلعت كرامة مواطن مصرى، اقسم لكم ان بشاعة الموقف تكفى، لا شيء يشفع لموتهما بماس كهربائى، لا تقولوا انه القضاء والقدر، أؤمن برب العرش وملائكته وكتبه ورسله وقدره ولكن هذا من فعل شياطين البشر، من أغمضوا أعينهم ولم يعطوا الأمور حقها، من غاب دورهم عن صيانة أعمدة انارة امتصت أرواح العشرات من ابنائنا... صدقونى ازهاق الأرواح امر جلل، لو تعلمون عظيم، أيقن ان خزائنكم مليئة بالعبارات المعسولة، اخبركم انها لا قيمة لها عند أهل الضحايا، أدرك ان كلماتى لا تهمكم، لن تحرك ضمائركم، لن تجبركم على التخلى عن مكاتبكم الفخمة، المعطرة، أعلم ان فساد المحليات لا دين له، صدقونى مجتمعنا لا خوف عليه من وباء كورونا اللعين لانه اقل ضررا، اما انتم فعواقب اعمالكم وخيمة وأمراضكم مزمنة، تنهش أعمارنا منذ عصور، انتم الوباء الذى لا علاج له.. رحم الله من ماتوا فى شوارعنا الغارقة، وكل شتاء والسادة مسئولو المحليات بصحة وعافية وخير وسعادة فى مناصب لا يدركون مسئوليتها، لكنها تشبع بطونهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة