د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

استعدوا لفراق أحبائكم.. بـ «مناعة القطيع»

د.محمود عطية

الخميس، 19 مارس 2020 - 05:47 م

بلا أى تأثر بدى عليه قالها رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون فى مؤتمره الصحفى الخميس الماضى موجها حديثه للشعب الإنجليزى بمناسبة بدء تفشى وباء الكورونا فى بلاده: "استعدوا لفراق أحبائكم".. جاءت كلماته قاطعة باترة مصممة على ما يراه وما تفردت به بلاده بالخروج من الاتحاد الأوربى وتأخرها أسبوعا على الأقل فى فرض الإجراءات الحمائية ضد الوباء.. يبدو أن رئيس الوزراء البريطانى يفضلها حماية ضد تفشى الكورونا على طريقة البريكست أى متفردة حتى عن عباءة الاتحاد الأوربى فى طريقة التعاطى مع الوباء.. ولا يفرض حماية حديدية على البلاد..!
فالسيد جونسون يفضل نصيحة كبير مستشارى حكومته الذى لا يحبذ فرض حماية حاليا على الشعب البريطانى ويرى أنه من الأفضل أن يصاب 60% من الشعب الإنجليزى أى نحو 39 مليونا بالفيروس وذلك ليتمكن الشعب من اكتساب ما يسمى بـ"مناعة القطيع".. وترى "مناعة القطيع" أن تعرض عدد كبير من الشعب للأمراض المعدية تكسبه تحصينا بما يعنى أنه لم يعد من الممكن إصابتهم بالعدوى.. كما يعنى تقليل انتقال الفيروس بين الشعب.. ويفسر تلك الطريقة أنه عندما يدخل فيروس أو حتى بكتريا للجسم يقوم الجهاز المناعى بتكوين الأجسام المضادة المصممة لتدمير الجراثيم والفيروسات والبكتريا الغريبة عن جسم الإنسان.. وبعد تكوين الأجسام المضادة يبقى بعضها فى الجسم حتى بعد الشفاء ويتذكر الجسم كيفية صنعها مرة أخرى وهذا يوفر حماية طويلة الأمد أى تفضل الحماية الذاتية بدلا من الانتظار طويلا حتى يصل العالم ويطور الأمصال للوقابة من الفيروس.."فكره برضه"..!
وهكذا لم يغلق جونسون المدارس ولا الجامعات ولا رحلات الطيران ولا حتى أغلق الحدود.. ولم يهتم بأنه متأخر على الأقل أسبوعا فى اتخاذ أى خطوات وقائية لاحتواء تلك الكورونا، فى الوقت الذى أصيبت فيه أوروبا بالهلع والذعر فقد أعلنت إيطاليا واليونان والدنمارك وبولندا إغلاق كل الأنشطة الجماهيرية والأعمال التجارية والشركات والمدارس والجامعات فى كل البقاع التى شهدت ارتفاعا فى معدلات الإصابة.
ويبدو رئيس الورزاء مقتنعا بأن الكورونا سيقتلع أرواح بعض الأحباب فى أى الحالات وحسب توقع المسئولين فى حكومته سيموت حوالى 1% من المصابين فقط.. وهذا يعنى تقريبا موت 400 ألف فقط.. لكن هذا سيحمى كما يرون فى بريطانيا خلال الموجة الثانية من كورونا خلال الخريف والشتاء القادمين.. وذلك أفضل كما يرون من مدرسة العزل والحظر إلى أن يتم إيجاد لقاح والتى تثبت فشلها فى كثير من بلاد الاتحاد الأوربى الذى بات منطقة وباء عالمية.
لكن ولا شك أن وراء منطق عدم العزل بعدا اقتصاديا وقد لمح بذلك جونسون نفسه فى تصريح مقتضب حين قال الإغلاق يمكن أن يمحو 3% من الناتج المحلى الإجمالى لبريطانيا وتدخل البلاد فى مرحلة انكماش.
سبحان الله حتى أرواح البشر يمكن أن يتحكم فيها اقتصاديات السوق والمحافظة على الناتج المحلى.. ولايهم فقدان الأحباء..!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة