كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

وما أدراك ما « قعدة » البيوت !

كرم جبر

الثلاثاء، 14 أبريل 2020 - 06:25 م

معذورون آلاف البشر الذين تكدسوا فى العتبة والموسكي، لشراء احتياجات رمضان، فحين تحكم البطون تتعطل العقول، وكيف نلومهم واحتياجات البيوت لا تقبل التأخير؟
ومعذورون ركاب الأتوبيسات والمترو والميكروباص، فقد طال الانتظار، والرزق لا يذهب لمتعطل فى بيته، ولا يسعى إلا لمن يسعى إليه، خصوصاً العمالة غير المنتظمة.
ومعذورون الشباب المحبوسون، تحت ضغوط رهيبة من الآباء والأمهات خوفاً عليهم، فقد تم حرمانهم من أصدقائهم والذهاب إلى الأندية، والاستمتاع بالوقوف فى الشوارع والميادين.
ومعذورون الأزواج والزوجات، الذين وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه دون تمهيد، فكان عليهم أن يتشاجروا أو يتعايشوا، أو يعيشوا تجربة جديدة لم يمروا بها، رغم سنوات الزواج الطويلة.
لا نلوم أحداً ونلتمس للجميع العذر، غير أن الخطر رهيب، ولن نشعر بخطورته الحقيقية، إلا إذا انفلت الفيروس - لا قدر الله - وزحف على الناس فى بيوتهم، وأذاقهم العذاب الحقيقي.
ساعتها لا ينفع الندم، ولا تجدى الدموع.
الناس فى مصر «ما صدقوا»، فانطلقوا فى الشوارع والأسواق والميادين ووسائل المواصلات، وعادت الحياة إلى طبيعتها، قبل رحيل كورونا، أو وضعها تحت السيطرة التامة.
لكل هذه الاعتبارات جاءت الرغبة فى العودة إلى العمل بشكل تدريجى محكم، يسمح باستعادة الحياة، ولا يؤدى إلى تدهور الحياة، وهى معادلة صعبة جداً:
فتكلفة الإجراءات الاحترازية من كمامات ومطهرات وقفازات مكلفة جداً، ولا يقدر عليها كثير من الناس، فالبعض يتصور أن الكمامة متعددة الاستخدامات، رغم أنها لا تصلح إلا لمرة واحدة، وتكرار استخدامها يجعلها عديمة الجدوى.
وتطهير وسائل المواصلات وتعقيمها وأماكن العمل، يحتاج تكراراً مستمراً، وليس مرة واحدة والسلام، ولا سبيل إلا المتابعة المشددة دون تراخ أو تهاون.
والصعوبة أننا فى أيام «مفترجة»، أعياد المسيحيين وشم النسيم ثم رمضان، وهى أوقات الذروة والتكدس والبيع والشراء، فهل يقتنع الناس من داخلهم بضرورة الاستمرار فى حظر التجوال، حفاظاً على صحتهم وحياتهم، أم ينتظرون كارثة - لا قدر الله - ليقتنعوا ؟
هل يقتنع الناس بأنه من الأفضل عدم الخروج لشم النسيم تجنباً لانقطاع الأنفاس على أجهزة التنفس الصناعى لمن يسعده الحظ ويجدها؟
علينا أن نهيئ أنفسنا، فرمضان هذا العام دون عزومات أو زيارات، ولن نجد موائد الرحمن فى الشوارع، وستغلق المطاعم أبوابها، وإذا استمر حظر التجوال كما هو، فمعناه «لا سهر».
الموقف فى غاية الصعوبة والتعقيد.
كثير من مصادر الرزق فى رمضان تبدأ بعد الإفطار حتى صلاة الفجر، فى المقاهى والأسواق والمطاعم والباعة الجائلين، حيث تبدأ الحياة، وحظر التجوال يعنى وقف كل هذه الأنشطة.
والحل: ما لا يدرك كله لا يؤخذ كله.
فبعد كورونا لن تكون الحياة كما قبلها، ولن تغرد البلابل فوق الأغصان بحلو الأصوات، كورونا تحتاج سنوات طويلة حتى يتم إزالة آثار عدوانها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة