بسبب الكورونا| تجمعات الأسواق قنابل موقوتة تهدد بالانتحار الجماعي
بسبب الكورونا| تجمعات الأسواق قنابل موقوتة تهدد بالانتحار الجماعي


بسبب الكورونا| تجمعات الأسواق قنابل موقوتة تهدد بالانتحار الجماعي

د.محمد كمال

الأربعاء، 29 أبريل 2020 - 04:44 ص

مليارات الجنيهات تضيع على الدولة سنويًا بسبب الأسواق العشوائية

البرلمان يتقدم باستجواب لمجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات مشدده ضد فوضى الأسواق

اتخذت مصر منذ منتصف شهر مارس الماضي العديد من الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد«كوفيد-19» والتي كان أبرزها تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات المصرية، لكن فور صدور هذا القرار فوجئنا جميعًا بزحام غير مبرر على المولات التجارية وأمام المسارح والسينمات وكأن الجميع في أجازة نهاية العام، رغم أن السبب الأساسي في تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وتخفيض العمالة في كل الجهات والمصالح العاملة هو منع التكدسات والتجمعات للسيطرة على فيروس كورونا الذي ينتقل عن طريق العدوى بطرق مختلفة أبرزها الزحام.

 

تجاوزات المواطنين دفعت مجلس الوزراء إلى إصدار قرار بفرض حظر التجوال ليبدأ من الساعة السابعة مساءًا وينتهي في السادسة صباحًا، قبل أن يتم تعديله الآن ليبدأ من التاسعة مساءًا وينتهي في السادسة صباحًا، لكن يبدو أن كثير المواطنين لديهم إصرار عجيب على الانتحار، حيث تكدست الشوارع وامتلأت الأسواق بالبشر ولعل المشهد في شوارع وأسواق العتبة والموسكي وشارع الأزهر والسوق الكبير بالإسكندرية خير شاهد على هذا الكلام، ما أجبر مجلس الوزراء لإصدار قرار بإغلاق عشرات الأسواق مثل سوق السيارات وسوق السيدة عائشة..الخ، حماية للمواطنين ولمنع التكدس والتجمعات، لكن رغم كل هذه الإجراءات مازال البعض يتحايل على الأمر وكأن الحكومة والمواطنين يمارسون سويًا لعبة القط والفأر، المشكلة الأكبر أن معظم هذه الأسواق إن لم يكن أغلبها تقريبًا يفتقد أغلب شروط الأمان..

منع التكدسات والتجمعات

يعد إلغاء التجمعات الجماهيرية وفقًا لتعليمات منظمة الصحة العالمية من أبرز الإجراءات التي تتخذها الدول، حال انتشار الأوبئة بها، وهو ما يعني وقف الدراسة بالمدارس والجامعات، وإلغاء المنافسات الرياضية المختلفة، بالإضافة إلى إغلاق المسارح والسينمات، وكذلك المولات، والأسواق التجارية، وإيقاف المواصلات كثيفة الارتياد، وتعد مشكلتي الأسواق والمواصلات العامة في مصر، إحدى أخطر الأزمات التي يمكن أن يواجهها المجتمع، إذا وصل انتشار فيروس كورونا إلى مرحلة الوباء، ليس فقط لأن حركة المواصلات ستتأثر بلا جدال، نظرا للزحام الشديد والتكدس المعتاد داخلها، ولكن أيضًا لأن هناك مواصلات ليس لها بديل مثل مترو الأنفاق، وصول انتشار المرض إلى مرحلة الوباء، سيجبر الدولة على اتخاذ قرار مزيد من الإجراءات الصعبة.

انتحار جماعي بالأسواق

وبالرغم من قرارات رئيس مجلس الوزراء بمنع التجمعات وتأكيد معظم المحافظات على رفع الباعة الجائلين من الشوارع الرئيسية  إلا أن الواقع عكس ذلك تمامًا لاسيما بعدما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأسواق مختلفة تظهر حجم الزحام والتكدس، بمئات المواطنين واقترابهم من بعضهم البعض بما لا يدع مسافة خطوة واحدة بين الشخص والآخر، بما يهدد بتسجيل مئات الحالات لإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد وتحول هذه الأسواق إلى بؤر لانتشار الفيروس.

أكد الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إلى رفق الحكومة بالتجار والعمالة غير المنتظمة ومنها الباعة الجائلون، حيث يعتمد أغلب هؤلاء الباعة على الدخل اليومي وهو ما جعل الحكومة تتعامل بإنسانية في عدم إغلاق الأسواق بالكلية ولكن عندما تهدد هذه الإنسانية حياة الآخرين، فإن الأمر يستوجب كل تحرك مسئول تجاه حمايتهم، مقترحًا استمرار تواجد الأسواق بطريقة تضمن عدم حدوث تجمعات كإشراف الأمن على دخول المواطنين بعد حصولهم علي أرقام وذلك لتفادي حدوث الكثافة والاختلاط الذي يهدد الأرواح، فوظيفة الدولة هي التنظيم وتحقيق الانضباط فممكن الناس تدخل الأسواق بأرقام تنظم المشهد وتضمن عدم التكدس.

زينة رمضان السبب

وعبر عرفه، عن استياءه من وجود تجمعات المواطنين بشكل غير مُنظم في أسواق الباعة الجائلين المنتشرة في ٢٧ محافظه رغم تحذير الدولة ممثله في الحكومة مرارًا وتكرار من وجود تلك التجمعات منها لانتشار فيروس كورونا المستجد، لافتًا أنه في الوقت الحالي التجمعات غير مُبررة، الغريب في الأمر أن المشتريات التي تسببت في هذه التجمعات المرعبة والتي غامر هؤلاء المواطنون بحياتهم وسلامتهم الصحية من أجلها فخرجوا من منازلهم وتوجهوا إلي العتبة والأزهر لاغتنامها هي «زينة رمضان وفوانيس رمضان ولبس العيد ومستلزمات جهاز العروسة» الأمر الذي يثير علامات الاستفهام، هل هذه المنتجات ضرورية لاستمرار الحياة؟ هل جديرة بمغادرة المنزل وتعريض حياتك لخطر الإصابة بالفيروس؟

وأضاف عرفه، انتشار الباعة الجائلين بهذه المناطق يعد مخالف للقانون حيث أن ٩٦٪ لا يحملون تراخيص ويحتلون الأرصفة والطرقات والحل يكمن في تطبيق قانون الباعة الجائلين ولابد من الإشادة هنا بالدور الملموس الإيجابي لبعض المحافظين بالتعاون مع الشرطة تجاه فض العديد من الأسواق العشوائية المخالفة للقانون في المحافظات حفاظا علي سلامه نصحه المواطنين من فيروس كورونا المستجد، مشيرًا أن إجمالي عدد الأسواق العشوائية يتخطى ٣٤٢٥ سوقاً عشوائيًا تم إهمالهم عبر العقود الماضية ولابد أن يقوم مجلس إدارة الصندوق العشوائيات بالتعاون مع المحافظين بوضع عدد من البرامج والمشروعات لتنفيذ خطة تطوير الأسواق العشوائية لشمل أوسع وأسرع منها تطوير الموقع وجمع المخلفات وتحسين المنتجات وإنشاء نقابة للباعة بالأسواق وفي تقديري أن عدم توفير أسواق للباعة الجائلين يضيع على الدولة سنويًا دخل بقيمه 92 مليار جنيه، مطالبًا جميع المحافظين في محافظات الجمهورية في توفير أماكن للباعة الجائلين من خلال إصدار تعليمات إلى رؤساء الأحياء وبدون تأخير بتوفير آماكن مخصصه لمزاولة أعمالهم حيث أنهم بالفعل حدد البعض منهم آماكن عديدة متوفرة تملكها الدولة ولكن ينقصها جدية بعض المسئولين في المحليات.

اقتصاد موازي

وأكد عرفه، أن ملف الباعة الجائلين يعد اقتصاد موازي للدولة يساعد على حركة التجارة الداخلية ولكن يحتاج إلى تنظيم حيث يبلغ متوسط مبيعاتهم 350 جنيه يوميًا للفرد بمعدل مليار و800 مليون جنيه شهريًا حيث يبلغ عددهم5 مليون ونصف بائع جائل في 27 محافظه ولابد أن يقوم مجلس المحافظين التابع لمجلس الوزراء بتفعيل قانون الباعة الجائلين رقم 105 لعام 2012م الذي يقضي بعدم بيع أي سلعه إلا بعد الحصول علي رخصه من الحي المختص وأن من يخالف ذلك يطبق عليه غرامه ٥٠٠ جنيه وحبس شهر في أول مره و٥٠٠٠ جنيه وحبس ٦ شهور في المرة الثانية، كما أن عدم تطبيق قانون الباعة الحائلين من قبل ٢٧ محافظ سبب أزمة في ربوع البلاد من حيث تشويه المنظر الحضاري وسرقة التيارات الكهربائية فضلا علي التكدس المروري وإعاقة المارة في مختلف الميادين والشوارع.

بيان عاجل لمجلس النواب

من جانبه قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إنه سيتقدم ببيان عاجل إلى مجلس النواب، موجهًا إلى رئاسة مجلس الوزراء، باتخاذ كافة الإجراءات الجادة والحازمة ضد الأسواق العشوائية في المحافظات، والتي تشهد العديد من الزحام للمواطنين في ظل انتشار فيروس كورونا، وذلك بعد مشاهد الزحام في العتبة وغيرها، واتخاذ إجراء قوى تجاه هؤلاء بإغلاق هذه الأماكن وتكثيف الرقابة عليها في تلك الفترة، في ظل ما تشهده عدد من الأسواق في المحافظات ازدحام وإقبال كبير من المواطنين، دون مراعاة تطبيق الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، والتي لم يراع فيها الباعة داخل السوق المسافات المتباعدة التي وضعتها الدولة لمنع والحد من انتشار الفيروس، كما لم يراع المواطنين أو الباعة ارتداء الكمامات الواقية، طالب عدد من النواب بإغلاق مستمر للأسواق وأن يشدد فيها الرقابة من الأجهزة المعنية حتى لا تكون قنبلة موقوتة في انتشار الفيروس.

وأضاف حمروش، أن مشهد الزحام في العتبة والحسين لم يكن هو مشهد فردى بل تشهده العديد من المحافظات، وهو ما يتطلب وقفة حقيقة وصارمة تجاه تلك المخالفات المستمرة، إضافة إلى تشديد العقوبات ضد كل من يحاول أن يخالف قرارات الحكومة، وهذا دور تنفيذي يتطلب تحرك جاد من المحافظين ورؤساء المدن والأحياء لوقف هذه الأزمة التي تلوح بالبلاد نتيجة الزحام المتكرر، لافتًا أن الفترة الحالية شهدت تسيب كبير وملحوظ في مشاهد الازدحام الشديد في الأسواق الشعبية بالعديد من القرى والمدن في المحافظات، وهو ما يتطلب تدخل سريع في الفترة الحالية واتخاذ القرارات الجادة للتعامل في المخالفات المستمرة، مشيرًا إلى أن هناك إجراءات قوية تتم بشكل مستمر من الحكومة ولكن هناك مخالفات تتم من بعض المواطنين وهو ما يؤثر بشكل كبير على هذه الجهود، خصوصًا أن ترك هذه الأمور بالوضع الحالي سيؤدى إلى أزمة كبيرة في انتشار الفيروس القاتل.

سيناريو الجائحة

من جانبها قالت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، في تصريحات رسمية إن مصر مستعدة لجميع الاحتمالات، بما نمتلكه من نظام صحي قوي يمسح للمستشفيات والمراكز الصحية المختلفة بمواجهة المرض وعلاج المصابين به مشيرة إلى أنه يجري التنسيق والتدريب بين جميع أجهزة الدولة، من أجل وضع السيناريو الأسوأ في الاعتبار وهو وفق ما يؤكد الخبراء سيناريو الجائحة، ويطلق الخبراء على المرحلة الثالثة، التي تشير إلى انتشار المرض بشكل كثيف ووصوله إلى مرحلة الوباء، اسم «سيناريو الرعب»، لما يسببه من خسائر مادية فادحة، بالإضافة إلى حالة الشلل التي تصيب الحياة العامة إثر تطبيق إجراءات المواجهة.

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة