صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


بشارة واكيم.. المحامي الذي أضحك الملايين ومات باكيًا

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 06 مايو 2020 - 02:48 م

من فرط إجادته لتجسيد شخصية أهل الشام في الكثير من الأفلام، اعتقد البعض أنه من جذور شامية، لكن الحقيقة غير ذلك فهو مصري الجنسية، وولد بحي الفجالة عام 1890، وينتمي لأسرة ميسورة الحال.. إنه الفنان بشارة واكيم الذي اكتشفت أسرته أنه يتردد خلسة على عروض وندوات الشيخ سلامة حجازي.

على الفور اجتمعت العائلة، وعقدت له مجلس تأديب لأنه وضع رأسها في الوحل بتلك الجريمة الشنعاء، وقرروا أن تفرض عليه الرقابة من ثلاثة رجال أشداء، ليس ذلك فحسب بل ذهب عميد العائلة إلى كاهن الكنيسة يطلب منه أن يصلي من أجل بشارة الذي تلبسه شيطان وأغواه لطريق المسرح، والفن، واستمر تحت هذا الحصار إلى أن تخرج من كلية الحقوق وحصل على الليسانس عام 1921، وأصبح محاميًا أمام المحاكم المختلطة يترافع فيها باللغة الفرنسية، وبعد مرور عامين قرر خلع روب المحاماة متمردًا على كل مايحيط به من قيود، وذهب إلى المخرج جورج أبيض كي يلحقه بفرقته، والذي وافق بعدما اكتشف موهبته، ومثل معه عروضا باللغة العربية والفرنسية على مسرح دار الأوبرا الملكية.

انقلبت الدنيا، واجتمعت العائلة التي كانت تعقد عليه الآمال بأنه يصبح وزيرًا أو سفيرًا، وانتهى الاجتماع لطرده من المنزل، وفسخ خطبته من قريبه له، والتي أحبها بشدة، ولكنهم قاموا بتزويجها من شخص آخر.

تعامل بشارة واكيم مع كل تلك المآسي التي تعرض لها بروح بروح السخرية والفكاهة، واستمرت القطيعة بينه وبين العائلة التي تبرأت منه إلى أن أصبح بطلا مطلقا في فرقة منيرة المهدية، وفي أحد الأيام وفي محاولة لاستقطاب عائلته قام بإرسال دعوة لهم لمشاهدة إحدى مسرحياته، وبعد مداولات واجتماعات وافقت العائلة لحضور العرض المسرحي، وبعد أن أسدل الستار بعد العرض لم يكف الجمهور عن التصفيق له، واندفع والده مهرولًا إلى خشبة المسرح واحتضنه، وأمسك بيده، وبعين مغرورقة بالدموع يقول: «بشارة ده ابني».

وبزغت نجوميته وشهرته، وانتقل بعد ذلك إلى مسرح رمسيس وشارك مؤسسه الفنان يوسف وهبي، في ترجمة واقتباس 22 مسرحية، واختطفته السينما في بداياتها، وأصبح واحدا من روادها وصناعها، ونجح في جمع التراجيديا والكوميديا مابين المسرح والسينما، ليصبح أيضًا من عباقرة الكوميديا المصرية.

وبعد رحيل صديقه نجيب الريحاني، خشي أن تغلق فرقته أبوابها، فانضم للفرقة لكي تبقى، وبمرور الوقت والأيام بدأ يهاجمه المرض، حيث فوجىء بمدير الفرقة يطلب منه أن يستريح في منزله، ويعتبر نفسه في إجازة مدفوعة الأجر، لأن صوته أصبح واهنًا، وحركته بطيئة على المسرح أثناء تجسيده للشخصيات، دمعت عيناه عندما علم أن زملاءه وتلاميذه في العرض هم من يقولون ذلك، فتقدم باستقالته، وانتقل لفرقة الكوميديا المصرية، وقدم من خلالها مسرحية «خطف مراتي» مع الفنانة كاميليا، لكن ظلت كلمات مدير فرقة الريحاني تتردد على مسامعه، وإلإساءة التي تلقاها من تلاميذه كانت سببًا في تدهور حالته الصحية والنفسية، وانسابت الدموع فوق وجنتيه، حتى أعلنت الصحف في صباح يوم 30 نوفمبر عام 1949 عن وفاته، ورحيله عن الدنيا وهو باكيًا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة