جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

شاطئ الموت.. وطريق الحياة!!

جلال عارف

الأربعاء، 15 يوليه 2020 - 05:27 م

قبل ما يقرب من ربع قرن ذهبت إلى هذا الشاطئ القريب من منطقة العجمى بالإسكندرية. كان الهدوء مازال سيد الموقف، وما تبقى من أشجار النخيل يعطى للمنطقة ما يميزها. لم يكن هناك زحام لكن كان واضحاً أن هناك حركة عمران كبيرة وسريعة، عشرات العمارات الجديدة معظمها قيد التشطيب، والتزام كان فى ذلك الوقت عاماً بطراز  واحد فى البناء. لكن رؤية الشاطئ ومساحته الصغيرة والراية السوداء التى تحذر من نزول البحر كانت تطرح أسئلة عديدة من نوع: أين سيذهب السكان حين يتم شغل العمارات وحين يمتد العمران أكثر كما هو متوقع؟ وهل ستكون هناك الخدمات المطلوبة لمصيف واعد مثل حمامات السباحة والبحيرات الصناعية والمساحات الخضراء.. والأهم حواجز الأمواج التى تجعل البحر هناك صالحاً للسباحة الآمنة.
ساقتنى الظروف إلى المكان مرة أخرى فى زيارة سريعة بعد ما يقرب من عشر سنوات. كانت المفاجأة مذهلة. تحول الشاطئ الواعد الى منطقة عشوائية بكل معنى الكلمة. المنطقة التجارية أشبه بسوق العتبة، والمناطق الداخلية يسيطر عليها دخان الشيشة وأصوات الميكروفونات. والزحام فى كل مكان فوق الاحتمال. والأخطر أن أخبار الغرق فى مياهه حولت اسم الشاطئ الذى كان واعداً الى «شاطئ الموت»!!
قبل أيام شهد الشاطئ البائس حادثا مأساوياً راح ضحيته ١١ شاباً. تكررت نفس التصريحات التى نسمعها من أعوام عن الجهود التى  تبذل لتحسين الأوضاع ولتأمين الشاطئ، مع الاضافات التى فرضتها ظروف أزمة كورونا التى أغلقت كل الشواطئ العامة!!
إغلاق الشاطئ بالضبة والمفتاح لا ينبغى أن يرتبط بظروف كورونا، وإنما بتوفير التأمين الكامل وبناء حواجز الأمواج بصورة علمية وإعداد فرق إنقاذ مدربة.. إلخ.
ويبقى السؤال العام عن هذه القدرة الفائقة فى تحويل ما كان وعداً بشىء جميل الى مصيدة للموت أو الى رمز للعشوائية. إن نفس الفساد الذى أقام الأبراج بدون ترخيص، وحول الجراجات الى كافيهات ومطاعم، ونشر القبح فى مدننا الجميلة، وجعل عبء إصلاح ما أفسده أكبر من عبء البناء الجديد.
آن لكل ذلك أن يتوقف، وأصبح الأمر لا يحتمل إلا أن يدفع من أخطأ ثمن أخطائه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة