سارة الذهبى
سارة الذهبى


يوميات الأخبار

استقيموا يرحمكم الله

بوابة أخبار اليوم

السبت، 15 أغسطس 2020 - 07:35 م

سارة الذهبى

وقد يكون أب مسبب لأولاده عُقد وكلاكيع لإنه بيهينهم وبيضربهم وبيجرحهم بالقول أو بالفعل أو بالاتنين سوا.

اتعودنا للأسف نشوف سيناريو عبثى متكرر فى كل مرة بيتوفى فيها شخص معروف نوعاً ما على مواقع التواصل الاجتماعي؛ سواء ممثل أو مغنى أو يوتيوبر أو حتى داعية...
سيناريو منتشر كالوباء فى كل العالم.. يعكس أن النفوس البشرية أصابها خلل نفسى وفكر متطرف مش عارفين سببه ايه !
مجرد ما شخص معروف بيتوفى بنلاقى جدال بلا داعى وملوش أى لازمة ومش وقته خالص بيتجلّى بوضوح من أول ما يتنشر خبر الوفاة لحد ما ضجة الخبر تهدى..
حرب مشتعلة بين طرفين؛ طرف بيترّحم على المتوفى وقلبه واجعه عليه وبيدعو الناس لحملات استغفار على الفيس بوك وصلاة الغائب على روح هذا الشخص اللى موته ساب أثر فى قلوبهم حتى لو كانوا مش عارفينه شخصياً..
وطرف آخر بلا رحمة بيستعجب ليه فى ناس بتترّحم على الشخص ده بالذات ؟ وهل يستحق هذا الكم من التعاطف؟ وليه ربنا كاتبله ان ناس كتير تفتكره بالشكل ده والعياذ بالله مع انه فى نظرهم شخص معملش انجازات فى حياته تخلى الناس تفتكره ؟
وليه فلان وعلان لما ماتوا قبله محدش عمل نفس اللى اتعمل للشخص ده؟
ويتهموا الناس المتعاطفة مع المتوفى ان ليهم ناس وناس،ويحاسبوهم ليه لم يُظهروا نفس التعاطف مع أى شخص اتوفى قبل كده !
والطرف الهجومى ده بيحزن جداً من جملة ( ما الذى بينك وبين الله يا فلان عشان الناس تدعيلك كل ده)!! وبتوجعهم أوي!
الجملة دى بيحاربوها بمنتهى الضراوة والشراسة،وبيستكتروا الدعاء على شخص ميت أصبح بين يدى الله!! متخيلين ضعف النفوس وصل لإيه والسواد اللى جوه القلوب!!
متخيلين ان فى ناس نصبّت نفسها آلهة بيحاسبوا الأموات على أعمالهم وبيحددوا من منظورهم السطحى هل ده شخص صالح يستحق الدعاء أم طالح ميستاهلش غير انه يتدفن فى صمت!
بيوزعوا صكوك دخول الجنة أو النار من نظرتهم السطحية كبشر!
بيحكموا ده ربنا رزقه بحُسن خاتمة أو ده من وجهة نظرهم مات بسوء خاتمة ؛ وكل ده من منظورهم هما برضه كإنهم يعلموا الغيب والعياذ بالله!!
العبث استمر لدرجة ان فى ناس بتدخل تشتم وتتطاول على اللى بيترّحم على المتوفى ويُلصقوا بيه تهم وانه تبع توجهات سياسية معينة أو منحاز لطائفة بعينها عشان بس بيرد على تعليقاتهم الجارحة بإنهم يتقوا الله ويذكروا محاسن الموتى وان المتوفى لا تجوز عليه الا الرحمة لإنه أصبح بين يدى الله عز وجل !
وفى ناس منهم بدأت تدعى على أحياء ان ربنا ياخدهم ويخلصوا منهم لمجرد انهم مختلفين معاهم فى الرأى أو مش عاجبهم المحتوى اللى بيقدموه!!
وبعضهم بيدعى ان يارب أمه قلبها يتحرق عليه عشان زهقنا منه وعايزين نخلص!! وبمنتهى البجاحة والتجرد من الانسانية بيكتبوا الكلام ده على الحسابات الشخصية للأشخاص اللى بيهاجموهم عينى عينك!
منتهى العجب ان البشر بقوا يتدخلوا فى اللى ملهمش فيه.. فى علاقة العبد بربه،فى رزق ربنا صرفه لعبد لحكمة لا يعلمها الا هو..
مش فاهمين ان فى دواخل فى علاقة العبد بربه مفيش حد يعرفها وان فى ناس قريبة مننا بنكتشف كم الخير اللى عملوه فى السر طول حياتهم بعد ما بيقابلوا وجه كريم ! مش قادرين يستوعبوا ان الحكم بالظاهر ناقص وظالم ومش دورنا كبشر اطلاقاً اننا نحكم على أى حد أياً كان !
ده حتى فى الكوارث والمصائب اللى بتحصل فى البلاد العربية والأجنبية بتلاقى ناس سايبة الكارثة وسايبة الضحايا وبيتغاضوا عن قسوة الأحداث وماسكين فى تفاهات كإن الرحمة بقت رفاهية بين البشر! وكإن الشماتة فى الموت بقت سلوك عادى ومبرر فى زمننا ده !
السوشيال ميديا زى ما فتحت علينا شبابيك بتطل على العالم كله بأفراحه وانجازاته وخلت كل حاجة بتحصل فى العالم بتوصلنا فى لمح البصر،ليها مساويء مرهقة نفسياً لأى انسان سوي!
فتحت علينا أبواب الابتلاءات والصراعات والكوارث والنكبات وبقينا بنشوفها لايف لحظة بلحظة وبنعيش تفاصيلها حتى لو مكناش نعرف مين أبطال القصص دي..
بقينا بنشيل هم مش همنا وحِمل مش حِملنا وللأسف فى ناس الضغوطات دى بتأثر على جودة حياتهم ونفسيتهم بجد ومش بيعرفوا يفصلوا اللى بيتابعوه على السوشيال ميديا عن مشاعرهم وتفاصيل حياتهم الشخصية!!
بقينا بنشيل هم مريض حتى لو منعرفوش..
ونتوجع على متوفى ولا عمرنا شوفناه..
وقلبنا يتحرق على انفجار مش فى بلدنا..
وانا فخورة ان لسه فى ناس جواها رحمة وبتتأثر وبتدعى لغيرها بظهر الغيب وبتتعاطف بل وكمان ممكن يتصدّقوا لمتوفى ميعرفوش الا اسمه من الفيس بوك لمجرد انهم رحماء بغيرهم،ولكن بحزن على ناس تانية على النقيض تماماً بتدور على أى جنازة عشان يشبعوا فيها لطم،بيدوروا على غيبيات لا يعلمها الا الله وينسوا انهم بشر وعبيد وان الموت مش كبير على حد وان فى يوم كل واحد فينا هيموت وهيكون فى عرض دعوة صادقة طالعة من القلب أو صدقة اتعملته وهو لسه نازل قبره!!
بحزن لما بلاقى شخصيات حاسدة بتتمنى زوال النعم من أقرب المقربين اليهم لإن نفوسهم غير سوّية ومستكترين أى حاجة على أى حد حتى لو كان شخص مسالم ويستاهل الخير وبيعاملهم بالمعروف!
الحسد وسواد النفوس والغل اللى بيظهروا ساعة الجد أصبحوا ظواهر مخيفة ومتفشية فى مجتمعاتنا بشكل غير مسبوق!
و فى أزمة أخلاقية لازم اتكلم عنها غير ان الناس بتنصّب نفسها آلهة وبيحكموا على خلق الله وهى تدنى مستوى الحوار على منصات التواصل الاجتماعى فى كل العالم مش بس فى دولة بعينها!! وطبعاً كلامى الجاى ده مش تعميم ولكنه رصد لظاهرة بيعانى منها الكثير والكثير وبتأذيهم نفسياً..
ليه مبقاش فى تقبل للآخر؟ ليه مفيش احترام عند البعض؟ ليه الأسهل عند البعض انه بدل ما يعرض رأيه ويتقّبل اختلافى معاه فى الرأى لازم يشتم ويغلط عشان يثبت ان هو الصح؟؟
ليه بقى فى شخصيات جبانة كتير بتتدارى ورا شاشات تليفوناتها وتغلط وعندهم ازدواجية شنيعة فى حياتهم،بمعنى انك لما تدخل تشوف معلومات عن الشخص الغلاّط ده بتلاقيه على قدر كبير من العلم وشغال فى مركز محترم والمفروض ان أهله تعبوا فى تربيته وتلاقيه مثالى بصورة مُلفتة على حسابه الشخصى اللى عليه أهله وصحابه لكن على أى صفحات أخرى مفيش حد بيسلم من تطاوله واساءاته!
مشكلة الشخص ده مش فى تعليق سلبى بيكتبه أو شتيمة بيهاجم بيها من يخالفه الرأى ولكن ده ناقوس خطر بينبهنا ان الشخص المؤذى ده مش شخص وهمي،ده انسان بشحمه ولحمه موجود فى حياتنا..
قد يكون أخ وقارف أخته وأمه فى عيشتهم لإنه سليط اللسان ومحدش قادر عليه لإنه اتربى غلط وشاف نماذج كده فى حياته ومحدش قوّمه وهو صغير لحد ما بقى وحش محدش قادر عليه لما كبر وقهر أبوه وأمه !
وقد يكون زوج مسفف مراته التراب وجايبلها مرض نفسى بسبب ضغطه عليها واهاناته الدايمة وانه علطول محسسها بالدونية..
وقد يكون أب مسبب لأولاده عُقد وكلاكيع لإنه بيهينهم وبيضربهم وبيجرحهم بالقول أو بالفعل أو بالاتنين سوا.. وقد يكون زميل فى الشغل غاوى مشاكل وتعاملاته غير مريحة مع زمايله وبيوقف المراكب السايرة للعملاء وقد يكون دول كلهم مع بعض!!!!
أصحاب التعليقات اللى كلها غلط وشتيمة وكِبر هما دول اللى بنحتك بيهم فى الشارع فى مواقف عابرة وبيأذونا،بيأذوكى لو بتركنى العربية وخدتى وقت شوية فيقرب منك ويشتمك بألفاظ خارجة أو يشتم راجل كبير قد أبوه عشان مخدش باله وهو بيعدّى الطريق!! أو بيتطاول على ست قد والدته فى كومنت على الفيس بوك ويهينها !
هما دول اللى بيطلعوا أجيال من الأطفال موصلش طولهم لركبتك وعندهم قاموس مقزز من الشتايم والألفاظ النابية ومش بيسلم منهم كبير أو صغير!!
المشكلة مش فى كومنت أو تعليق وبس..
ولا فى ان حد بيدعى على حد وبس...
ولا ان حد مستكتر دعاء لمتوفى وبس..
ولا ان حد نفسه وحشة وبيتمنى زوال النعمة من ايدك وانك تتقهر وتحزن ولو حضرتك موتت يبقى ريحت!!
المشكلة فى غياب الرحمة وتجرد البعض من مشاعر الانسانية وان فى ناس معتبرين نفسهم صنف تانى غير البشر والنماذج دى كل ما بتزيد كل ما بيزيد الخلل فى المجتمع وكل ما بتتفشى القسوة والنفوس السودا المُحبة للشر وللأذى وأظن بعد كده محدش يقدر يقول ( هى ٢٠٢٠ عايزة مننا ايه تاني) ويسبوا الدهر على أساس ان هو سبب مشاكلهم وينسوا ان المشكلة فى البشر... فينا.... فما نزل بلاء الا بذنب وكلنا بنشوف نماذج من الوحشية وانعدام الرحمة بين بنى البشر تخلينا لازم نراجع نفسنا وتربيتنا لولادنا لإن الموضوع كده زاد عن حده أوى وبقى مؤذى بشكل غير مسبوق وغير محتمل !

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة