نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

لبنان الحزينة

نوال مصطفى

الأربعاء، 19 أغسطس 2020 - 06:22 م

تكتب الأحداث كل يوم فصلا جديدا أكثر مأساوية من سابقه فى رواية ست الدنيا بيروت. البلد التى تغنى بجمالها وسحر أجوائها وجبالها الشعراء والأدباء أضحت كيانا ينزف الدمع، ويبكى سنوات لن تعود. آخر الفصول كتبت بمداد الحسرة والألم بصدور قرار محكمة العدل الدولية بلاهاى فى قضية اغتيال رفيق الحريرى، الذى جاء مخيبا لمشاعر اللبنانيين أو معظمهم على الأقل.
قال رئيس المحكمة ديفيد راى فى ختام نص حكم استغرقت تلاوته ساعات «تعلن غرفة الدرجة الأولى سليم عياش مذنبا بما لا يرقى إليه الشك بصفته شريكا فى ارتكاب عمل إرهابى باستخدام مادة متفجرة. وقتل رفيق الحريرى عمدا، كما قتل 21 شخصا غيره، وأصاب 226 شخصا هم الجرحى الذين أصيبوا فى الانفجار الذى وقع يوم 14 فبراير 2005.
وقالت المحكمة إن اغتيال «الحريري» عملية إرهابية نُفذت لأهداف سياسية وليست شخصية، وأن «السياق السياسي» للأحداث فى لبنان قبيل اغتيال رفيق الحريرى بالغ الأهمية لتكوين صورة حول أسباب الاغتيال، وقالت»ربما» كان لسوريا وحزب الله اللبنانى دوافع لتصفية الحريرى وحلفائه السياسيين، غير أنه لا يوجد دليل مباشر على ضلوعهما فى تنفيذ عملية التفجير التى أدت إلى اغتيال الحريرى و21 شخصا آخرين.
كذلك تم استعراض الأدلة والقرائن والخلاصات التى توصلت إليها، وأهمها أن موكب رفيق الحريرى وكافة تحركاته خضعت لمراقبة مشددة لعدة أشهر قبل تنفيذ عملية اغتياله، وأن هذه المراقبة اللصيقة كشف عنها تحليل بيانات الاتصالات لأبراج ومحطات التليفون المحمول.
وأوضحت المحكمة أن هذه المراقبة وهذا الرصد، تم بمعرفة عناصر من «حزب الله» يقودهم مصطفى بدر الدين وهو قيادى عسكرى بارز فى الحزب، وأن الهواتف المحمولة التى استخدمت فى عملية الرصد، لم تُستخدم عقب التفجير الذى أودى بحياة رفيق الحريري.
وأن متابعة تنقلات ورصد تحركات رفيق الحريري، تؤكد أن عملية الترصد لم تكن من قبيل المصادفة، وأشارت إلى أن التحقيق الذى أجرته السلطات اللبنانية، اتسم بـ «الفوضوية» إلى جانب أن مسرح الجريمة طالته يد العبث، مؤكدة أن مصطفى بدر الدين تولى عملية رصد رفيق الحريرى وتنسيقها مع المتهم سليم عياش، وذلك فى إطار التمهيد لتنفيذ الاعتداء. غير أن مصطفى بدر الدين قتل فى تفجير استهدف أحد مراكز حزب الله داخل سوريا فى شهر مايو 2016. وسليم عياش لا يزال هاربا.
هذه المحكمة الدولية الخاصة تشكلت بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، تحت مسمى «المحكمة الخاصة بلبنان» ويقع مقرها الرئيسى فى مدينة لاهاى بهولندا، وبدأت عملها اعتبارا من شهر مارس 2009، وتحددت ولايتها بمحاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ جريمة اغتيال «الحريري».
واتهم بالاشتراك فى تنفيذ الجريمة 4 أشخاص آخرين هاربين يحاكمون حاليا فى إجراءات غيابية وهم كل من: سليم جميل عياش، وحسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا.
يصدر قرار محكمة لاهاى المخيب لآمال اللبنانيين الذين صبروا خمسة عشر عاما ليروا القصاص ويثأروا لدم شهيدهم وشهيد العرب رفيق الحريرى، وللأسف هذا ما لم يتحقق. بل إن صدور هذا الحكم بعد أسبوعين من الحادث الرهيب فى مرفأ بيروت الذى أدمى قلوب العالم كله وليس اللبنانيين فحسب جاء بمثابة نغز لكل الجراح مرة واحدة !

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة