يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

تجارة الرعب

يوسف القعيد

الخميس، 20 أغسطس 2020 - 06:02 م

قبل أن ترسى البشرية على بر الأمان وترى لقاحاً أو علاجاً لكورونا «كوفيد19»، فوجئت الإنسانية بأخبار تحمل خطراً جديداً. فشبح الإنفلونزا الإسبانية أصبح يلوح فى الأفق بعد أن ارتفعت الإصابات هناك بشكل غير عادى.
كل صباح تطالعنا الصحف ووكالات الأنباء بأخبار الوباء. وتقدم أرقام من أصيبوا ومن كُتبت لهم النجاة. أو قُدِّر عليهم الموت. وأصبحوا شهداء كورونا. لكن الذين احترزوا واحتاطوا وحافظوا على صحتهم وابتعدوا عن مظان الوباء. يُنظر إليهم على أنهم قاموا بالمطلوب منهم. ولا يذكر أحد عنهم أى شىء.
وهكذا أصبحنا كل صباح وظهر وعصر ومساء تطالعنا أخبار الوباء الفتَّاك. ولا نملك سوى قراءتها وطلب السلامة والنجاة. خاصة إن كانوا من كبار السن مثل حالتى باعتبارهم الهدف الأول والأخير لما يجرى. أخيراً أصبح يبدو من وراء الأفق أمل مُبهج.
ففى الوقت الذى كانت منظمة الصحة العالمية تُحذِّر من المصابين بالفيروس دون أن يعرفوا بإصابتهم وينقلونه بذلك لعدد كبير من آلاف البشر. والأعداد تتوقف حول حركتهم وسط الناس وفى الزحام. باعتبار وكما علمنا أن كل إنسان يُعتبر ضحية جاهزة إن وصله الوباء.
أخيراً بشَّرتنا منظمة الصحة العالمية من قُرب التوصل إلى لقاح كورونا. وطالبت الناس أن ينضموا له ويحاولوا الحصول عليه مهما كانت الصعوبات. فهو طوق النجاة الوحيد. هذا الكلام يقال قبل أن يصبح اللقاح حقيقة مؤكدة. وأن يطرح فى الأسواق. وتحدثوا عن ثلاث دول فى العالم تتسابق وصولاً إلى اللقاح: روسيا الاتحادية، الولايات المتحدة الأمريكية، جمهورية الصين الشعبية.
ثم جرى استبعاد الصين من السباق. وأصبح لا يتسابق سوى أمريكا وروسيا. وأن التجارب النهائية على اللقاح تتم فى بعض دول العالم الثالث. توسعت بعض وكالات الأنباء فى نشر أسماء هذه الدول. والحمد لله أن مصر ليست من بينها. لأن نشر أسماء الدول التى يتم تجريب اللقاح بها تجعل أهالى هذا البلد أو ذاك كأنهم حيوانات تجارب. يتم تجريب اللقاح عليهم قبل طرحه فى الأسواق.
وأنا ليس لدىَّ مانع من تجريب اللقاح على البشر قبل تصنيعه وتعميمه وتحويله لتجارة رابحة. بشرط أن يتم التجريب بالعدل والقسطاس بين دول العالم الثالث والثانى. وصولاً إلى العالم الأول. فالبشر هم البشر. سواء كانوا فى أفقر دولة على ظهر الكوكب الأرضى. أو فى أغنى دولة. ولا يجب التفرقة بينهم مهما كانت الأسباب.
تعال نصل - ولو بالخيال الإنسانى فقط والخيال أحياناً رحمة بالناس - أن البشرية توصلت سواء روسيا أو أمريكا للقاح المنشود الذى يحلم به الناس. حاول معى أن تدرك حجم التجارة العالمية التى ستربط بين كل أجزاء الكرة الأرضية. ومدى الإقبال على الصيدليات حتى لمن لم يصبهم المرض.إما من باب الوقاية أو انطلاقاً من الفضول الإنسانى. وهذا يعنى مكاسب خيالية للدولة التى ستفوز بإنتاج اللقاح. أو ربما أصبحتا دولتين. فالمكاسب مضمونة والأرقام خيالية. ونحن أبناء العالم الثالث ضحايا فى كل الأحوال. أول من يدفع الثمن فى حالة انتشار الوباء. وربما ندفع الثمن عند انحساره. ويا ويلنا عندما يظهر اللقاح.
المهم أن أخبار مصر مطمئنة جداً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة