صورة موضوعية
صورة موضوعية


تساقط أباطرة استغلال النفوذ.. الرقابة الإدارية الُسوط الُمسلط على مافيا الفساد

د.محمد كمال

الإثنين، 31 أغسطس 2020 - 07:11 ص

ربما كانت هيئة الرقابة الإدارية موجودة منذ عشرات السنين ضمن أجهزة الدولة الرقابية لكن عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور في مصر، منحها الرئيس الضوء الأخضر لتطبيق القانون بكل قوة وحزم على الكبير والصغير، ونجحت الجهود في تفعيل دور هيئة الرقابة الإدارية بكل قوة لتكون السيف المُسلط على رقاب الفاسدين، وخلال الشهور الأخيرة نجحت الرقابة الإدارية في توجيه ضربات قاسمة لمافيا الفساد الحكومي، لعل أخرها ما كشفت عنه الأجهزة الرقابية منذ أيام قلائل عن تورط مسئولين وموظفين حكوميين في الاستيلاء على أموال الدولة دون وجه حق واستغلال النفوذ.

حملة تطهير

انتهجت هيئة الرقابة الإدارية طريق تطهير جميع مؤسسات الدولة من خائني الأمانة ومستغلي النفوذ، أكثر من هذا وإمعاناً في طمأنة المواطنين وتشجيعهم على عدم السكوت على أي واقعة فساد قامت الهيئة بتخصيص خط تليفوني لتلقي بلاغات المواطنين وشكاواهم من أي واقعة فساد أو ابتزاز يتعرضون لها مع الحفاظ التام على سرية بياناتهم لتوفير أقصى درجات الأمان لهم، وشهدت مصر خلال السنوات الماضية سقوط عدد كبير من المسئولين الكبار بتهم استغلال نفوذ وفساد ورشوة، وأطلقت هيئة الرقابة الإدارية حملة تحمل شعار شارك وبلغ عن الفساد، كما نشرت الرقابة الإدارية أرقام التواصل للإبلاغ عن الفساد على أرقام 16528 شكاوى مجلس الوزراء و16100 هيئة الرقابة الإدارية.

 حاولنا في هذا التقرير رصد أبرز الضربات التي وجهتها الرقابة الإدارية لمافيا الفساد خلال الفترة الأخيرة فماذا وجدنا؟ 

فساد المسؤولين

*أعلنت هيئة الرقابة الإدارية توجيها ضربات لبؤر الفساد الحكومية، بعد ضبط مدير التسكين بحي باب الشعرية، وآخر يعمل مقاول بناء، حال تقاضيهما مبلغ 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة.

*ضبط مدير مدرسة تقاضى 100 ألف جنيه رشوة.. ورئيس شركة يتاجر بالنقد، حيث ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات التي تعمل في مجال التجارة الإلكترونية لقيامه بارتكاب جريمة الاتجار في النقد الأجنبي بالمخالفة لأحكام قانون البنك المركزي، وأسفرت تحريات الهيئة عن استغلاله أعمال التحويلات الإلكترونية الخاصة بالشراء من الخارج ‏والتعامل بالدولار الأمريكي داخل السوق المحلي بالمخالفة للقانون، وبالعرض على نيابة الشئون المالية والتجارية، اذنت بضبط المتهم.

*كما أسفرت أعمال التفتيش لمقرات الشركة عن ضبط الأجهزة الإلكترونية، و الحاسبات الآلية، ونقاط الدفع الإلكتروني، والمستندات التي تؤكد ارتكابه للجريمة، بالإضافة إلى بعض العملات الاجنبية المختلفة، وجاري التحقيق معه، ‏كما ألقت الهيئة القبض على مدير مدرسة لتقاضيه مبلغ 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة من أحد أولياء الأمور، مقابل قيامه بالإخلال بواجبات وظيفته واستغلال نفوذه لدى زملائه ومرؤوسيه في العمل بالتدخل لصالح الطالب نجل ولى الأمر بالمخالفة للقانون، وبعرض المتهم على النيابة العامة باشرت تحقيقاتها مع المتهم وقررت حبسه.

*الرقابة تضبط شركة صناعات دوائية تخزن أدوية منتهية الصلاحية، وقالت هيئة الرقابة الإدارية أنه وردت معلومات تفيد قيام احدى شركات الصناعات الدوائية باستخدام مخزن غير مرخص بمدينة أسيوط في تخزين أدوية غير مصرح بحيازتها وتوزيعها على الصيدليات لعدد من محافظات الصعيد بالمخالفة، وكذلك وجود كميات كبيرة من العدسات اللاصقة للعيون منتهية الصلاحية يتم بيعها وتداولها بنطاق محافظة الغربية، بتشكيل لجان فنية من إدارات التفتيش الصيدلي ومفتشي مديرية التموين بمحافظة أسيوط والغربية وبإشراف ورفقة أعضاء الهيئة تم التفتيش على مخزن الشركة بمحافظة أسيوط وضبط كميات كبيرة من الأدوية ومنها عقار "البريجابا المُخدر"، وأدوية اخرى تابعة لوزارة الصحة والتأمين الصحي، وكميات من المستحضرات الدوائية مجهولة المصدر، فضلا عن ضبط 15 ألف زجاجة وعلبة أدوية منتهية الصلاحية بعضها منذ عام 2007 و2008.

* أغسطس 2020 ضبط رئيس حي مصر القديمة لاتهامه بتلقي رشوة 400 ألف جنيه من متعهد قمامة من متعهدي القمامة المتعاقدين، مع الحي مقابل قيام رئيس الحي بالإخلال بواجبات وظيفته، وعدم إلغاء التعاقدات الخاصة بالمتعهدين وتمكينهم من صرف مستحقاتهم المالية المتأخرة لدى الحي، وتوصلت تحريات الهيئة، إلى اعتياد رئيس الحي ذلك الاجراء مستغلا سلطات وظيفته، وعقب اتخاذ كافة الإجراءات القانونية، اُلقى القبض عليه متلبساً بتقاضي المبلغ المالي من مُتعهد القمامة، وبعرض المتهمان على نيابة أمن الدولة العليا باشرت تحقيقاتها وقررت حبسهما على ذمة التحقيقات.

*الرقابة الإدارية تضبط مديرة التعليم الخاص بالعبور لاتهامها بتلقي رشوة من مدرسة دولية ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على كل من مديرة التعليم الخاص بإدارة العبور التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة القليوبية، ومسئول الأمن بذات الإدارة ومدير عام بأمن وزارة التربية والتعليم، وآخران هم كل من محاسب إحدى المدارس الخاصة الدولية بمدينة العبور، وصاحبة مكتب خاص تعمل في مجال تخليص الإجراءات، وذلك لطلب المتهمين من الأول حتى الثالث بمبلغ 1.4 مليون جنيه على سبيل الرشوة، وحصولهم على حوالي 700 ألف جنيه من إجمالي قيمة مبلغ الرشوة المتفق عليه مع المتهم الرابع وبوساطة المتهمة الخامسة مقابل قيامهم بنهب إجراءات زيادة كثافة الطلاب بالفصول القسم البريطاني بالمدرسة وتعديل بعض التقارير الصادرة عنها بالمخالفة للوائح المنظمة، وكذلك معاونتهم في الحصول على ترخيص إنشاء فصل للقسم الأمريكي، وبعرض المتهمين علي النيابة العامة المختصة قررت حبسهم جميعاً علي ذمة التحقيقات.

البرلمان يشيد بدور الرقابة الإدارية

*من جانبه أشاد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بجهود هيئة الرقابة الإدارية، مؤكدًا أنها استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية تحقيق إنجاز كبير في ضبط العمل ومحاربة الفساد، مؤكدا أن عدم موافقة المجلس على التعديل المُقترح من الحكومة على نص البند رقم 6 من المادة رقم 19 بمشروع قانون الجمارك الجديد، والذى يقضى بإعفاء ما تستورده هيئة الرقابة الإدارية من سيارات الركوب للاستعمال الرسمي من الضريبة الجمركية، لا تعني التقليل من عظمة ودور الهام الذى يقوم به هذا الجهاز في محاربة الفساد، وتقدمت الحكومة بطلب إعادة مداولة على نص البند 6، والذى كان ينص على إعفاء ما تستورده هيئة الرقابة الإدارية من بضائع للاستعمال الرسمي والتي يحددها رئيس الهيئة، واقترحت الحكومة إعفاء وسائل النقل وسيارات الركوب التي تستوردها الهيئة من الضريبة الجمركية، إلا أن النواب رفضوا المقترح.

اتفاقية مكافحة الفساد

يذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وقع على انضمام جمهورية مصر العربية لاتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته  بتاريخ 30 / 1 / 2017 وذلك خلال زيارته للعاصمة الأثيوبية أديس أبابا خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الإفريقية الثامنة والعشرين، وجاءت هذه الخطوة في إطار تأكيد القيادة السياسية المصرية على التوجه لزيادة التعاون الأفريقي في مجال مكافحة الفساد، كما عقد في شرم الشيخ المنتدى الأفريقي الأول لمكافحة الفساد شهر يونيو الماضي، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن مصر عازمة على تطهير مؤسساتها من الفساد كسر المستطاع بطبيعة الحال لا يوجد منظومة وربما لا توجد دولة لا تعاني من الفساد، لكن الفرق بين هذا أو ذاك هو مقدار الجدية في مكافحة الفساد من عدمه، ربما لم تشهد مصر منذ فترة كبيرة مكافحة قصوى للفساد بهذه الطريقة القوية، وبين يوم وآخر توجه الأجهزة الرقابية ضربات موجعه لمافيا الفساد والمتاجرين بالفضيلة والشرف، ويأتي على رأس هذه الجهات هيئة الرقابة الإدارية الذي أصبح السيف المسلط على رقبة كل من تسول له نفسه استغلال منصبه ووظيفته في التربح وتحقيق أموال وأرباح بطرق ملتوية وغير مشروعة.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى أصدر قرارًا جمهوريًا بتكليف الوزير حسن عبد الشافى أحمد بتولى أعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية اعتبارًا من اليوم 30 أغسطس 2020، خلفًا للواء شريف سيف الدين رئيس الهيئة السابق.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة